في جديد ملفات التجسس والتلاعب بالرأي العام، كشف تقرير حديث قيام روسيا بالتأثير على وسائل إعلام غربية بهدف تغيير الرأي العام ببعض القضايا البارزة التي يشهدها العالم، وذلك عبر التلاعب بتحليلات وآراء رصدت أحداث مستجدّة الشهر الماضي، في محاولة من موسكو لتشويه صورة الدول الغربية وحلف الناتو.

  • تقرير يكشف تنظيم روسيا حملات لتشويه صورة الدول الغربية والناتو
  • الحملات ركزت على القضايا الحساسة التي يشهدها العالم كملف أفغانستان
  • من أبرز المنصات المستهدفة شبكات اخبارية عالمية ومواقع تواصل اجتماعي
  • الحملات الروسية استغلّت تعليقات المتابعين بطريقة احتيالية
  • التقرير رصد 242 قصة نشرت تصريحات استفزازية مؤيدة لروسيا ومعادية للغرب

صحيفة “الغارديان” البريطانية نقلت عن معهد أبحاث الجريمة والأمن في جامعة “كارديف”، أنّ 32 موقعاً إعلامياً بارزاً في 16 دولة قد تمّ استهدافها من قبل روسيا، بما في ذلك منصّات Mail Online و Express و Times.

المعهد في تقريره الذي مُوّل من قبل مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، أكّد أنّ موسكو تدير عمليات كبرى للتأثير على الرأي العام، عبر نشر تعليقات على مقالات إعلامية غربية، وتشويه الحقائق فيها لدعم المصالح الروسية.

روسيا

جانب من التعليقات التي نشرتها صحيفة “الغارديان” البريطانية

وقال باحثون، أشرفوا على إصدار التقرير، إنّ التعليقات أُعيد صياغتها من قبل وسائل إعلام ناطقة بالروسية، وهو تكتيك تستخدمه موسكو منذ سنوات عديدة، إلّا أنّه تصاعد منذ العام 2018، ليركّز على قضايا حسّاسة في العالم.

التقرير البحثي تمّ من قبل برنامج أبحاث تحليلات الإتصالات المفتوحة المصدر في معهد أبحاث الجريمة والأمن في جامعة كارديف.

الكثير من التعليقات استخدمت ضمن حملة روسية منظمّة لتشكل قصصاً مشوّهة تخدم مصالح الكرملين

ومن أبرز الأمثلة على ما سبق، القصة التي أوردها موقع Mail Online الشهر الماضي، حول عودة طالبان إلى أفغانستان، وتضمّنت نحو 2500 تعليقاً من قبل الجمهور، بعضها استخدم للإستشهاد بمقال تمّ نشره من قبل منصات روسية تحت عنوان: “قارن البريطانيون صعود طالبان إلى السلطة بنهاية الحضارة الغربية”.

كما تمّ استهداف مواقع أخرى مثل شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية و “لو فيجارو” الفرنسية، و”دير شبيغل” و”دي فيلت” الألمانيتين، و”لا ستامبا” الإيطالية.

هكذا تستغل روسيا تعليقاتكم خدمةً لحملاتها التضليليةما أكّده معهد أبحاث الجريمة والأمن في جامعة “كارديف”، أنّ الكثير من التعليقات استخدمت ضمن حملة روسية منظمّة، لتشكل قصصاً مشوّهة تخدم مصالح الكرملين على حساب تزييف الحقائق، وتعليبها بما يتوافق مع الأهواء الروسية.

أظهر الباحثون مثالاً مترجماً لمقال على موقع RuEconomics الإلكتروني – معهد أبحاث الجريمة والأمن بجامعة “كارديف”وقال باحثو كارديف إنّ تلك كانت واحدة من 18 قصة حديثة عن سقوط كابول تمّ إنتاجها باستخدام تعليقات القرّاء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لدعم رواية روسيا حول نهاية الديمقراطية الليبرالية، وفشل الناتو، وهو ما يخدم مصالحها في أوكرانيا.

وأكّد فريق كارديف أنّ تلك المساعي كانت مجرّد الجزء الأخير من حملة طويلة الأمد، حيث تمّ تحديد 242 قصة تمّ فيها نشر تصريحات استفزازية مؤيّدة لروسيا أو معادية للغرب، كردِّ فعل على مقالات ذات صلة بروسيا.

واستخدم الباحثون تقنيات التعرّف على الأنماط لتحليل تعليقات القراء، ما يشير إلى أنّ بعض الحسابات تنشر محتوى مؤيداً للكرملين بطريقة منظمّة.

روسيا عملت على تضخيم القصص التي تمّ نشرها على نطاق واسع داخل روسيا وأوروبا

في حالات عديدة، اتهم بعض المتابعين للحملات الروسية، الروس بأنّهم “متصيّدون”، والتقطت بعد ذلك المؤسسات الإعلامية الروسية هذه التعليقات التي أخذت القصة الإخبارية الأصلية، واستخدمت التعليقات لإنشاء قصّة إخبارية باللغة الروسية، وتمّ نشرها بهدف حشد دعم واسع النطاق بين المواطنين الغربيين لروسيا أو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو لسياسة الكرملين.

القصص تلك تمّ نشرها على نطاق واسع داخل روسيا، وكذلك في دول أوروبية أخرى، لا سيما بلغاريا، ليتمّ بعد ذلك تضخيمها بشكل أكبر على منصات وسائل التواصل الإجتماعي، بما في ذلك منصة تلغرام.

وقال البروفيسور “مارتن إينيس”، لشبكة “بي بي سي” البريطانية الإخبارية، إنّ الحملة “المعقدة” تستفيد من حقيقة أنّه في حين أنّ مواقع التواصل الإجتماعي قد خصصت المزيد من الموارد لاكتشاف حملات التأثير، فإنّ المواقع التقليدية السائدة لديها إجراءات أمنية أقل لمنع الناس من إنشاء هويّات متعدّدة ومزيفة… فعلى سبيل المثال، تمّ العثور على حساب واحد قد قام بتغيير الموقع 69 مرّة وتغيير الاسم 549 مرّة منذ إنشائه في يونيو الماضي.

وأضاف: “كان هناك ميل للتفكير في عمليات التأثير على أنّها مجرّد تمحور حول استخدام حسابات وسائل التواصل الإجتماعي الوهمية على تويتر و فيسبوك وما شابه ذلك”. وأردف: “ما هو مهم في هذا البحث هو إظهار كيف يمكن التلاعب بأنواع أخرى من الوسائط وعلى نطاق التكنولوجيا الرقمية”.

وتسمح بعض المواقع الإعلامية للأشخاص بالتصويت على التعليقات أيضاً، ويقول الباحثون إنّ التعليقات المؤيدة للكرملين تلقت عدداً كبيراً بشكل غير عادي من “الأصوات المؤيّدة”.

تجدر الإشارة إلى أنّ روسيا نفت باستمرار تورّطها في عمليات الدعاية والمعلومات المضلّلة.

شاهدوا أيضاً: خاص بريغوجين ثعلب “ناعم” في السودان وفيسبوك يفسد حِيلَه