تشهد إدلب مظاهرات شبه يومية تطالب بإسقاط الجولاني وإطلاق سراح المعتقلين

لا يتواني الذراع الأمني في هيئة تحرير الشام التي تسيطر على مساحات واسعة في إدلب ومحيطها وهي إحدى آخر المعاقل الخارجة عن سيطرة دمشق، لا يتواني في تطبيق شتى أنواع الممارسات في تعذيب المعتقلين، حتى عناصر الهيئة أنفسهم لم يسلموا منها.

شهادة "مرعبة" من سيدة اُعتقلت مع أطفالها في سجون الجولاني.. ماذا كشفت؟

تتوالي يوميا تقريبا الشهادات التي تكشف صنوفا من التعذيب داخل سجون الهيئة التي يقودها أبو محمد الجولاني، لكن مقطع فيديو تداولته العديد من الحسابات المهتمة بمناهضة الهيئة كشف شهادة مرعبة لسيدة سورية تدعى نهى الأطرش.

وظهرت امراة وهي زوجة المعتقل في سجون الجولاني ” أحمد عباس مجلوبه” لتروي كيف اعتقلها الجهاز الأمني في الهيئة بينما كانت في زيارة لزوجها.

الفيديو الذي نشره حسابات عديدة على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” ومن بينها حساب أبو يحيى الشامي، أحد أبرز الكوادر الجهادية في شمال سوريا، ظهرت فيه السيدة، وهي تقول أن الجهاز الأمني قام باعتقالها مع اثنبن من اطفالها كانا معها لزيارة والدهما المعتقل.

تضيف “خلال فترة اعتقالي سمعت كيف يتم تعذيب الرجال والنساء اللائي يملأن السجن مع اختلاف أعمارهن بين فتيات في عمر الزهور لا يتعد عمرهن 14 او 16 عاما، وأمهات في سن كبير”.

كما كشفت السيدة أن الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام “حاول ابتزازها بعرضها مقابل الإفراج عن زوجها”.

شهادة "مرعبة" من سيدة اُعتقلت مع أطفالها في سجون الجولاني.. ماذا كشفت؟

نهى الأطرش، زوجة المعتقل أحمد عباس مجلوبة لدى هيئة تحرير الشام، مع أطفالها وهي تحمل صورة زوجها إلى جانب لافتات تحمل شعارات تطالب بإطلاق سراحه – أ ف ب

وفي تصريحات سابقة لوكالة فرانس برس، شرحت السيدة المنقبة بينما يحمل طفلاها الصغيران صور والدهما في منزلهم في إدلب “تمّ اعتقاله خمس مرات، آخر مرة في 2 كانون الأول/ديسمبر 2022، ولا يوجد أي سبب مثبت لاعتقاله”، موضحة أنهم مرة يتهمونه بالسرقة ومرة بالانتماء الى حزب متطرف مناوئ للهيئة.

ويعاني زوجها الذي كان يعمل في مجال الديكور، كما تروي، من إعاقة في قدمه نجمت عن إصابة بطلق ناري تعرض له “خلال توقيفه سابقا” لدى الهيئة.

شهادة "مرعبة" من سيدة اُعتقلت مع أطفالها في سجون الجولاني.. ماذا كشفت؟

وتقول “استنفدت ما لديّ من وسائل لإخراجه ولم يبق أمامي إلا التظاهر” مضيفة “أجهّز لافتات أطبع عليها صور زوجي وأصطحب أطفالي على أمل أن يفكّ الله أسره من هيئة تحرير الشام”.

زوجة مجلوبه ليست الوحيدة التي روت شهادتها في هذا الصدد، بل انتشرت مقاطع مصورة لعديد الأشخاص ممن تم الإفراج عنهم مؤخرا من سجون الجولاني، من بينهم شخص يدعى إبراهيم أبو دجانة والذي تحدث عن طرق التعذيب البشعة في السجون وكيف يتم إذلال المعتقلين داخل السجون.

 

وتلاحق هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي تصنّفه واشنطن إرهابياً، اتهامات من قبل سكان وعائلات معتقلين وحقوقيين بارتكاب انتهاكات داخل سجونها ترقى الى “جرائم حرب”، وفق الأمم المتحدة.

وزادت حدة الاتهامات بعد شنّ الهيئة منذ الصيف الماضي حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من مدنيين ومقاتلين من فصائل أخرى وقادة وعناصر من صفوفها بتهم الانضواء في “خلايا أمنية” و”العمالة للنظام” أو جهات خارجية، عدا عن تمنّعها عن تزويد عائلاتهم بمعلومات عنهم.

ومنذ شباط/فبراير، خرجت تظاهرات غير مسبوقة في مدن وبلدات عدة في إدلب، مطالبة بشكل منتظم بإطلاق سراح المعتقلين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويردّد المتظاهرون هتافات مناوئة لقائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني، في مشهد احتجاجي نادر في منطقة يقيم فيها ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون فروا مع تقدم المعارك في مناطق أخرى.

شهادة "مرعبة" من سيدة اُعتقلت مع أطفالها في سجون الجولاني.. ماذا كشفت؟

مقتل عبد القادر داخل سجن تابع لهيئة تحرير الشام

قبل أسابيع، علم أحمد الحكيم بالصدفة أن شقيقه المعتقل منذ أشهر بتهمة “العمالة” لحساب دمشق قضى جراء التعذيب داخل سجن تابع لهيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، في ممارسات أجّجت في الفترة الأخيرة احتجاجات في الشارع وتنديد حقوقيين.

ويقول أحمد لوكالة فرانس برس إن شقيقه عبد القادر (27 عاماً) تعرض لطرق تعذيب عدة “بينها الضرب حتى الإغماء بخرطوم، وتعليقه بيديه لأيام عدة بلا طعام أو شراب”.

ويضيف نقلاً عن معتقلين سابقين “لم يعترف بأي شيء، لذلك زادوا التعذيب عليه حتى قتل بين أيديهم”.

انتزاع اعترافات

في تقرير صدر الشهر الحالي، قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا إن لديها “أسبابا معقولة للاعتقاد بأن أفراد هيئة تحرير الشام ظلوا يرتكبون أعمالاً قد ترقى إلى جرائم الحرب المتمثلة في التعذيب والمعاملة القاسية والحرمان غير القانوني من الحرية، بما في ذلك بطريقة ترقى إلى الاختفاء القسري”.

شهادة "مرعبة" من سيدة اُعتقلت مع أطفالها في سجون الجولاني.. ماذا كشفت؟

ونقلت عن معتقل سابق احتجز لأكثر من مئة يوم تعرضه للضرب خلال احتجازه. ووصف كيف توفي محتجز آخر بعد تعرضه للضرب غياب الرعاية الطبية، وهو وصف يتسق مع ما ذكره آخرون جرت مقابلتهم عن كيفية ضرب المحتجزين بخراطيم المياه أثناء الاستجواب لانتزاع اعترافات منهم، وفق اللجنة.

ويقول بسام الأحمد من منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، مقرها باريس وتعنى بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا، لوكالة فرانس برس “ضاقت الناس ذرعاً بالانتهاكات التي ترتكبها هيئة تحرير الشام، على غرار الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل تحت التعذيب”.

ويشدّد على أهمية أن يبادر الأهالي والمنظمات الحقوقية إلى “جمع أدلة مستقلة موثوقة وذات مصداقية تمهيداً لتحقيق العدالة في المستقبل، سواء عبر استخدام الاختصاص العالمي أو ملاحقة أفراد من التنظيم أو في حال تحويل ملف سوريا الى المحكمة الجنائية”.