COP28.. تعهدات تاريخية ومساهمات مالية لمواجهة أزمة المناخ

وصل قطار مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 في مدينة دبي الإماراتية لمحطته النهائية بالتوصل إلى “اتفاق الإمارات” التاريخي للمناخ والذي يضع العالم على مسار العمل المناخي الصحيح للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض.

وصادق ممثلو 197 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي بـCOP28 على اتفاق دولي تاريخي غير مسبوق للتصدي لتداعيات التغير المناخي، والذي يشكل نقطة تحول استثنائية في مسيرة العمل المناخي الدولي.

وعقد مؤتمر الأطراف جلسة مهمة لعرض صيغة النص النهائية التي تم التوصل إليها، ووصفت بالتاريخية فيما تعهد 198 طرفا بالإجماع على الحد من الانبعاثات الكربونية مما ساهم في الوصول لمستهدفات COP28 وتجاوز الطموحات المحددة.

وحقق COP28 نتيجةً تحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية استجابةً للحصيلة العالمية بما يتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ، فيما شهد مؤتمر الأطراف جهودا تفاوضية ودبلوماسية قامت بها رئاسة المؤتمر على مدار العام للتواصل مع كافة الأطراف تمهيداً للمؤتمر.

وتضمن نص الاتفاقية النهائية 196 بندًا موزعًا على 21 صفحة، ويعد أحدث نص أصدرته رئاسة مؤتمر الأطراف COP28.

وتطرق مشروع الاتفاق الذي نشر بعد مناقشات استمرت طوال الليل، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة، إلى جميع أنواع الوقود الأحفوري المسؤولة إلى حد كبير عن تغير المناخ، في القرار الذي تم اعتماده بالتوافق.

وأقر الاتفاق بأن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مع عدم وجود تجاوز لهذا الحد يتطلب تخفيضات عميقة وسريعة ومستدامة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 43% بحلول عام 2030 و60% بحلول عام 2035 مقارنة بمستوى عام 2019 والوصول إلى صافي “صفر” انبعاثات كربون بحلول عام 2050.

وكشف الاتفاق أن ذلك يستلزم الحاجة إلى إجراء تخفيضات عميقة وسريعة ومستدامة في الاحتباس الحراري وانبعاثات الغاز بما يتماشى مع مسارات 1.5 درجة مئوية ويدعو الأطراف إلى المساهمة في ما يلي:

  • مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي بمقدار ثلاثة أضعاف ومضاعفة المتوسط العالمي المعدل السنوي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030.
  • تسريع الجهود الرامية إلى التخفيض التدريجي للطاقة المعتمدة على الفحم.
  • تسريع الجهود المبذولة على الصعيد العالمي نحو نظم طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام الوقود الخالي من الكربون والمنخفض الكربون قبل فترة طويلة من منتصف القرن أو بحلول منتصفه.
  • التحول من استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة بطريقة عادلة ومنظمـة بطريقة عادلة، وتسريع العمل في هذا العقد الحرج، وذلك لتحقيق صافي “صفر” انبعاثات بحلول عام 2050.
  • تسريع وتيرة التكنولوجيات الخالية من الانبعاثات والمنخفضة الانبعاثات.
  • خفض الانبعاقثات إلى حد كبير، بما في ذلك على وجه الخصوص انبعاثات غاز الميثان بحلول عام 2030.
  • الإسراع في خفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البري على نطاق واسع  بما في ذلك من خلال تطوير البنية التحتية والنشر السريع للمركبات ذات الانبعاثات الصفرية والمنخفضة.
  • الإلغاء التدريجي للدعم غير الفعال للوقود الأحفوري، والذي لا يعالج مشكلة الفقر في مجال الطاقة أو العدالة في التحول في أقرب وقت ممكن.

حزمة تاريخية

وأعلن رئيس “كوب 28” الدكتور سلطان الجابر التوصل إلى اتفاق نهائي، وصفه بأنه “حزمة تاريخية”.

وقال الجابر بعد يوم من تمديد موعد انتهاء مؤتمر “كوب 28”: “لقد عملنا طوال الليل للتوصل إلى مسودة اتفاق نهائي»، لافتاً في مؤتمر صحافي إلى أن “الخطة متوازنة وتتصدى للانبعاثات وتسد الفجوات فيما يتعلق بمسألة التكيف مع أنظمة الطاقة”.

وأضاف: “منحنا العالم خطة للإبقاء على معدل 1.5 درجة مئوية في المتناول… وحققنا التغير المحوري بعد الاستماع إلى كافة الأطراف”.

واعتبر رئيس COP 28، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه “تاريخي” في مواجهة ظاهرة تغير المناخ، مشيراً إلى أن المؤتمر نجح في توفير حلول تمويلية لمواجهة تغير المناخ.

وأشار إلى “أننا استطعنا معاً توجيه العالم نحو المسار الصحيح”، كما حض الجميع على اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيق الاتفاق الذي “لا يكون جيداً إلا بقدر تنفيذه”.

لماذا يوصف بـ”التاريخي”؟

نجح COP28 في تطوير منظومة مؤتمرات الأطراف وإدراج بنود شاملة تتعلق بالوقود التقليدي لأول مرة في نص الاتفاق النهائي مما يفيد كلاً من البلدان الصغيرة النامية والدول ذات الاقتصادات الكبيرة ويساهم في تحقيق تقدم جوهري نحو تنفيذ الأهداف المناخية العالمية وتوفير الاستثمارات اللازمة لتحقيقها، وفق وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.

COP28

كما نجح مؤتمر COP28 في عدة أمور أبرزها:

  • كسر جمود العمل المناخي والتوصل إلى توافق بين الدول الأطراف التي ظلت عالقة لفترات طويلة في المؤتمرات السابقة.
  • نجح COP28 في تمهيد الطريق لتحقيق إنجازات في مؤتمرات الأطراف القادمة.
  • البناء على ما تم التوصل إليه في COP27 الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ بمصر، من خلال تفعيل الصندوق العالمي للمناخي وتأمين تعهدات مبكرة من الدول لتمويله.
  • تمهيد الطريق لتحقيق إنجازات في مؤتمرات الأطراف القادمة والربط بين مختلف مؤتمرات الأطراف التابعة للأمم المتحدة في مجالات المناخ وحماية الطبيعة.
  • تعزيز مساهمة المرأة في قضايا التغير المناخي والبحث عن حلول مستدامة عالمياً لهذا التحدي.

إنجازات استثنائية

جمع COP28 أكثر من 83.9 مليار دولار، ليدشن مرحلة جديدة من العمل المناخي، بالإضافة إلى أنه نجح في إدراج بنود شاملة تتعلق بالوقود التقليدي لأول مرة، كما قدم خطة عمل محكمة للحفاظ على إمكانية تفادي تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، استنادا إلى الحقائق العلمية.

المؤتمر قدم كذلك استجابة شاملة لنتائج الحصيلة العالمية، كما ساهم في إطلاق مجموعة من الإعلانات والتعهدات الأولى من نوعها التي تشمل الانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وإعلانات COP28 بشأن الصحة، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة لمبادرات لخفض الانبعاثات من الصناعات كثيفة الانبعاثات.

الإعلان عن تعهدات دولية بقيمة 3.5 مليار دولار لتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، كان من بين الغنجازات التي حققها كوب 28 فضلا عن الإعلان عن تقديم 129.3 مليون دولار لصندوق البلدان الأقل نمواً.

COP28

ويركز صندوق للاستثمار المناخي برأس مال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، الذي أطلقته دولة الإمارات تحت اسم “ألتيرّا”، على جذب وتحفيز التمويل الخاص ويهدف الصندوق إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار إضافية على مستوى العالم.

إلى ذلك أعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنوياً (للسنتين 2024 و2025) لتمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى عن زيادة إضافية في الدعم المقدم للعمل المناخي بقيمة تتجاوز 22.6 مليار دولار.

تعهدات لدعم العمل المناخي والصحة

ولأن النسخة الحالية باتت تاريخية فلم تخل من عديد التعهدات التي تدعم العمل المناخي والصحة، حيث تم إقرار تعهد لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ومضاعفة كفاءة الطاقة من جانب 130 دولة، بالإضافة إلى آخر بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي من جانب 150 دولة، فضلا عن عدة إقرارات أخرى أبرزها:

  • إقرار إعلان COP28 الإمارات بشأن مراعاة المساواة بين الجنسين في التحولات الداعمة للعمل المناخي من جانب 77 دولة.
  • إقرار تعهد تحالف “الشراكات متعددة المستويات عالية الطموح” (CHAMP) من جانب 67 دولة.
  • شهِد ميثاق COP28 لخفض انبعاثات قطاع النفط والغاز انضمام 52 شركة، تمثل 40% من إنتاج النفط العالمي.
  • إقرار مسرّع الانتقال الصناعي من جانب 35 شركة و6 اتحادات صناعية، بما في ذلك الرابطة العالمية للصلب، والمعهد الدولي للألمنيوم، والتحالف العالمي للطاقة المتجددة، الجمعية العالمية للإسمنت والخرسانة، والمبادرة المناخية لقطاع النفط والغاز، والاتحاد الدولي للنقل الجوي.
  • إقرار “البيان المشترك لـCOP28 بشأن المناخ والطبيعة والإنسان” وحصوله على دعم 18 دولة و11 شراكة للتنوع البيولوجي.

COP28

خطوات لدعم الطبيعة

ويهدف انضمام 30 دولة إلى “تحالف القُرم من أجل المناخ” الذي أُطلق بالشراكة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا في COP27 إلى بناء زخم عالمي لتعزيز العمل المناخي، ليصبح بذلك إجمالي الدول الأعضاء في التحالف 37 دولة تضم أكثر من 60% من أشجار القُرم في العالم.

كما وقعت 21 دولة رسمياً على مبادرة “تنمية القُرم”، وهي جهد تعاوني بين التحالف العالمي لأشجار القرم ومكتب رواد الأمم المتحدة للمناخ، بهدف حماية وتنمية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030 بتمويل قيمته 4 مليارات دولار.

وشهدت نسخة كوب 28 إطلاق مبادرة تنمية المحيطات الهادفة لدعم الحياة البحرية بالتزامن مع خفض الانبعاثات، كما تبنت أنماطا زراعية مستدامة وذكية مناخياً تستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة كالزراعة المحمية والمائية والعضوية، والعمودية، وتوفير حلول مستدامة.

إلى تلك الخطوات يضاف الاهتمام بالبحوث العلمية في المجال الزراعي، وذلك للتغلب على التحديات التي تواجه هذا القطاع، مثل (ندرة موارد المياه، والأراضي غير الصالحة للزراعة، وملوحة التربة، وارتفاع درجات الحرارة).