ما طبيعة العلاقة بين حماس وداعش؟

شنت حركة حماس، وتحديدًا الجناح العسكري للحركة ما يُسمى بـ (كتائب القسام) في 7 أكتوبر هجومًا مفاجئًا واسعًا ضخمًا على مستوطنات إسرائيل في غلاف غزة، تزامن ذلك بقصف صاروخي على مناطق متفرقة في إسرائيل، وقد كان الهجوم صادمًا للعالم أجمع وليس فقط لإسرائيل.

ومن هنا انطلقت سلسلة الروايات الإسرائيلية إعلاميًا وعسكريًا أو حتى من حكومة نتنياهو رسميًا، ومن أبرزها “مشاركة داعش في هجوم حماس على إسرائيل” أو حتى المقارنة بينهما، وخصوصًا بعد ظهور علم داعش، في مستوطنة كيبوتس الزراعية والعسكرية، والتي كانت مسرحًا لهجوم وعمليات كتائب القسام.

مقارنة: الفوارق والعلاقة بين داعش وحماس

داعش لديه طريقًا فكريًا ضيقًا عن بقية الجماعات المتشددة، ويتبع أجندة أكثر جموداً؛ حيث يقوم على أفكار ومعتقدات تقليدية جدًا لا تحتمل المرونة ولا التأقلم، ولذلك يصرح وبشكلٍ رسمي بكفر وردة حركة حماس وعموم الفصائل الفلسطينية، كما في صحيفة النبأ العدد(113).

هذا على الجانب الفكري فهو محتد جدًا، وتعتقد داعش أن قتال حماس جهادٌ مقدس كما هو قتال الإسرائيليين، ولهذا كتبت الشاعرة والكاتبة البارزة في تنظيم داعش أحلام النصر مقالًا تعلق فيه على هجوم حماس قائلة: “لم تقم حماس إلا بأوامر إيران التي اختلفت مصالحها مع إسرائيل فجأة” وأضافت “إلى كل من فرح بما قامت به حماس إن الكفر ملةٌ واحدة”، كما دعت جنود حماس إلى التوبة، قائلةً: “إن كل من انتسب لحماس فهو مرتد”، وختمت قائلةً:”إنكم اليوم بيدقٌ بأيديهم، تخدمون مصالحهم التي تقاطعت مع إسرائيل”.

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

أما على الجانب العسكري أو الميداني فإنّ لحماس، والجماعات المُناصرة لداعش في غزة العديد من المواجهات والحروب الصغيرة، كما قامت حماس خلال السنوات الماضية بسلسلة من الاعتقالات لكلٍ من أنصار التنظيم أو لأفراد الجماعات الموالية لتنظيم داعش، وآخرها مطلع العام الجاري 29 مارس حيث شنت حماس حملةً واسعة، واعتقلت عددًا كبير من جنود وقيادات لواء التوحيد الموالي لتنظيم داعش، وقامت بمصادرة عددًا كبيرًا من الصواريخ وأدوات التصنيع المحلي.

وعمومًا طبيعة تفكير حماس تختلف جذريًا عن طريقة تفكير داعش، ولا توجد نقاط مشتركة حتى ينطلقون منها في عمل موحَّد ضد إسرائيل، وقد صرح شرعيٌّ بارزٌ في داعش لـ(أخبار الآن): “لا خلاف عندنا في مواجهة وقتال اليهود، ولكن قطعًا نرى عدم شرعية القتال تحت راية حماس، ومن فعل ذلك فهو مرتد، ويعتبر قتالًا تحت راية جاهلية، ولهذا من تمكن أن يقاتل بشكل منفرد مستغلًا الأحداث كما فعل بعض الأنصار، فهذا ما نَحُثُّ الإخوة عليه”.

وأضاف قائلًا:”حتى الفرح عندنا بما قامت بهِ حماس مُحرم ولا يجوز، وإنما فرحنا يكون فرحًا بهلاك الكفار بعضهم ببعض (حماس) و (اليهود)، وهذا هو موقفنا الشرعي”، وعلى هذا فإن الحديث عن تنسيق بين داعش وحماس في هجوم 7 أكتوبر هو سراب أحلام وهذيان ليس إلاَّ، وقد أشار لذلك القيادي السابق في حماس (موسى أبو مرزوق) في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز، قائلًا:”إن مقاتلي حماس لم يُعدموا مدنيين أو يرتكبوا فضائع”، مفسرًا ذلك: “أن مثل هذا العنف ربما يكون قد ارتكبه مسلحون ومدنيون فلسطينيون آخرون كانوا قد التحقوا بمقاتلي حماس من خلال فتحات الجدار الأمني أثناء الهجوم”.

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

حقيقة مشاركة داعش في هجوم 7 أكتوبر

أولًا: لا يوجد كيانًا لتنظيم داعش في غزة، وإنما توجد بعض الجماعات التي أعلنت ولائها لداعش، وهكذا مناصرون ما يسمون بــ”الذئاب المنفردة”، ومن أبرز الجماعات في غزة ولاءً لداعش جماعة جيش الإسلام، والتي أصدرت عام 2015 مرئيًا جاء في مطلعهِ “إهداء إلى خليفة المسلمين إبراهيم بن عود القرشي”، وفي خضم الإصدار المرئي تطرق لمعتقد الجماعة معتبرين “حماس” و “الإخوان المسلمين” عمومًا “طائفة كُفر وردة”، واجبٌ قتالهم.

أما لواء التوحيد في علاقته بتنظيم داعش فإن صح التوصيف هي علاقة غامضة، ومع أن اللواء لم يُظهر موقفًا رسميًا لعلاقتهِ بداعش إلا أنّه يتودد كثيرًا لتنظيم داعش وتحديدًا ولاية سيناء، وهكذا جُند لواء التوحيد أغلبهم من مناصرين داعش ويعمل جزءٌ كبير منهم في الإعلام المناصر لداعش، فيما لوحظ مؤخرًا تزايد أعداد مناصري التنظيم في غزة.

ثانيًا: الحديث عن مشاركة أنصار داعش أو أفراد من الجماعات المتشددة عمومًا أو الموالية لداعش، كانت مشاركة فردية، وتمكن فيما بعد عناصر “جماعة جيش الإسلام” وعناصر “لواء التوحيد”  أو حتى الذئاب المنفردة لداعش من تشكيل عددًا من المفارز في اليوم الثاني والتي كان لها تأثيرٌ غير متوقع مع قلة الإمكانيات، وعلى ذلك فقد قُتل العشرات من هؤلاء وتحديدًا أنصار داعش، ومن أبرزهم القيادي عُبادة المقدسي، وعمار الكرد، ومنتصر قديح، وجميل نصرالله، وآخر يُكنى بأبي عمر أمونة، وأبي إبراهيم، وغيرهم.

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

عمار كرد

 

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

عُبادة المقدسي

ثالثًا: الحديث عن وجود علم وراية داعش في خضم المعارك والمواجهات المباشرة في إحدى القرى التي كانت مسرحًا للهجوم، فإنها وبحسب مصدر جهاديّ: الراية كان يحملها المدعو كرم بسام إسماعيل أبو مطير، وهو من أبرز أنصار التنظيم في غزة، وقد ظهر في بعض المقاطع وهو يقاتل بشراسة في إحدى المستوطنات الإسرائيلية، وقد قاتل ومعه عدد من الأنصار أو ما تسمى بــ”الذئاب المنفردة” بشكل مستقل عن مقاتلي حماس، ومستغلين الفتحات في الجدار الأمني، كما أشار لذلك موسى أبو مرزوق، وقد قتل أبو مطير وشقيقه في اليوم الثالث من الهجوم.

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

كرم أبو مطير

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

كرم أبو مطير كما ظهر في إحدى فيديوهات الهجوم

وكالعادة يستغل داعش أيًا من الحروب والفوضى لينهض بنفسهِ أو على الأقل يجد له أرضًا ينطلق منها، وهذا ما أكدتهُ صحيفة النبأ الأسبوعية الرسمية لتنظيم داعش في العدد (413) تحت مقالة بعنوان: “خطوات عملية لقتال اليهود”، ويأتي هذا المقال كأول تعليق رسمي لداعش على أحداث غزة وذلك بعد أسبوعين منذُ انطلاق المواجهات بين إسرائيل وحماس.

وتحدثت الصحيفة عن أن النصر لن يأتي بالقتال تحت “راية المحور الإيراني” وفي ذلك إشارة لحماس مع أنه ولأول مرة تتطرق صحيفة النبأ لأحداث فلسطينة أو إسرائيلية دون تسمية حماس، هذا وقد شنت المؤسسات والحسابات المناصرة المرتبطة بديوان الإعلام التابع له، حملات دعائية تحريضية منذ انطلاق الهجوم، ضد حماس وأيضًا تحريضًا للمشاركة في قتال ضد إسرائيل، واستغلال كلًا من ضعفهم وانشغال الطرفين ببعضهما.

حماس وداعش.. حلفاء أم أعداء؟

فأنصار داعش لم يشاركوا مع حماس بترتيبٍ مسبق، ولن يحدث ذلك أبدًا فذلك ردة وكفر في معتقد التنظيم، وكل من قاتل بشكل فردي أو على شكل مجموعات ومفارز كانوا في استقلال تام عن قيادة وإدارة كتائب القسام، فيما يؤكد مصدر خاص في غزة عن وقوع عدد من الأسرى الإسرائيليين مع جماعة جيش الإسلام ولواء التوحيد والذئاب المُنفردة، والذين يقدر عددهم بشكل تقريبي (15) أسير.