الذكاء الاصطناعي.. تحديات وتخوفات من التطور السريع

  • يتطلب نشر وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي الخبرة البشرية

لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على تعطيل جزء كبير من سوق العمل في السنوات القادمة، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 80 في المئة من الوظائف قد يتأثر. من المتوقع أن التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيحدث تغييرات عميقة في مختلف الصناعات وطبيعة العمل نفسه.

ومع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، قد يتم أتمتة بعض المهام والوظائف التي تكون متكررة ومتوقعة وقائمة على القواعد، مما يؤدي إلى تهجير وظيفي محتمل لأولئك الذين يشغلون هذه الأنشطة. يمكن للآلات والخوارزميات أن تؤدي هذه المهام بكفاءة ودقة أعلى، مما يقلل من الحاجة إلى الإنسان في تلك المجالات المحددة.

ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق فرصًا جديدة ويدفع نحو النمو الاقتصادي، على الرغم من أنه قد يحل محل بعض وظائف معينة. مع تحول المهام الروتينية إلى التلقائية، ستزداد الحاجة إلى أشخاص يتمتعون بمهارات فريدة للإنسان مثل الإبداع والتفكير النقدي والذكاء العاطفي وحل المشكلات المعقدة.

علاوة على ذلك، يتطلب نشر وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي الخبرة البشرية. ستصبح الأدوار المتعلقة بتصميم وتنفيذ وصيانة تقنيات الذكاء الاصطناعي أكثر أهمية. سيكون هناك حاجة لمتخصصين يمكنهم ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي.

في مقابلة مع وكالة فرانس برس أجريت على هامش “قمة الويب” في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، رأى الباحث الأمريكي بِن غورتزل أن الذكاء الاصطناعي قد يكون بديلًا من “80 في المئة من الوظائف” في السنوات المقبلة، لكنه اعتبر أنه “أمر جيد”.

الذكاء الاصطناعي قد يطيح بـ 80% من الوظائف.. فهل أنت مستعد؟

وأثار الباحث المولود في البرازيل ضجة هذا الأسبوع خلال “قمة الويب” (ويب ساميت) بعرضه الممرضة الآلية غرايس المصممة للاعتناء بكبار السنّ في دور رعايتهم.

ويعود الفضل إلى غورتزل في ما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي العام” (AIG)، وهي تكنولوجيا رئيسية تتمتع بقدرات معرفية بشرية، وهي قابلة للتطوير “في غضون بضع سنوات”. وهو أيضًا وراء منصة “سنغولاريتي نت” (SingularityNET) المخصصة للتطوير اللامركزي والمفتوح للذكاء الاصطناعي.

وفي ما يأتي نص المقابلة التي أجرتها معه فرانس برس:

ما الذي ينقص لتطوير نظام ذكاء اصطناعي يتمتع بقدرات معرفية بشرية؟

إذا كنا نريد آلات بذكاء البشر نفسه فعلًا، وقادرة على الاستجابة سريعًا لما هو غير متوقع، فينبعي أن تكون هذه الآلات قادرة على أن تفعل أكثر بكثير مما هي مبرمجة لأجله. لم نصل إلى هذا الحد بعد.لكن ثمة أسباب تحمل على الاعتقاد بأن حدوث ذلك ممكن، ليس بعد عقود، ولكن بعد سنوات فحسب.

ما رأيك في الجدل في شأن “تشات جي بي تي”؟ وهل ترى ضرورة تجميد الأبحاث ستة أشهر على ما يطالب به البعض؟

لا أعتقد أن المطلوب التوقف ستة أشهر، لأن هذا الذكاء الاصطناعي ليس خطيرًا (.). لا قدرة لديه على التفكير المعقد المتعدد الخطوات، على ما يفعل العلماء، ولا على ابتكار أشياء جديدة خارج البيانات التي يتلقاها. لا يمكنه وضع خطط لكيفية التعامل مع مواقف جديدة، كجائحة كوفيد-19 مثلًا.

ثمة من يدعو إلى وقف الأبحاث لأن هذا النوع من النُظُم يساهم في المعلومات المضلِلة. ولكن هل يعني ذلك أن من الضروري حظر الإنترنت؟ (.) أعتقد أننا يجب أن نعيش في مجتمع حر، وكما لا ينبغي حظر الإنترنت، لا ينبغي حظر هذا (+تشات جي بي تي+) أيضًا”.

هل يجدر بنا اعتبار حلول الذكاء الاصطناعي مكان بعض الوظائف خطرًا؟

أعتقد أن الزمن سيتجاوز 80 في المئة من الوظائف التي يتولاها البشر في ظل النُظُم الجديدة من نوع +تشات جي بي تي+ المتوقع طرحها، لكنني لا أرى خطرًا في ذلك، بل حسنة. إنه أمر جيد. سيجد الناس أشياء أفضل يقومون بها (.). من الممكن أتمتة كل المهام الإدارية تقريبًا.

ستتمثل المشكلة في المرحلة الانتقالية، عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في جعل الزمن يتجاوز الوظائف تباعًا (.) لا أعرف كيف سنحل المشاكل الاجتماعية الناتجة من ذلك.

بِن غورتزل

ما هي المساهمات التي يمكن أن تقدمها الروبوتات للمجتمع اليوم، وماذا يمكن أن تفعل في المستقبل بواسطة الذكاء الاصطناعي العام؟

يمكنها أن تفعل الكثير من الأشياء الجيدة، كالممرضة الآلية غرايس. ففي الولايات المتحدة، يشعر كثر من كبار السن بالوحدة في دور رعاية المسنين، إذ إن تلقيهم الطعام والرعاية الطبية وتمكنهم من مشاهدة التلفزيون لا يكفي ليوفر لهم ما يحتاجون إليه اجتماعيًا وعاطفيًا. لكنّ اعتماد روبوتات شبيهة بالبشر في هذه المراكز للإجابة عن أسئلتهم، والاستماع إلى قصصهم، ومساعدتهم على الاتصال بأبنائهم أو إجراء عمليات شراء عبر الإنترنت، يساهم في تحسين حياتهم”.

“في هذه الحالة، لا إلغاء لوظائف، إذ لا يوجد عدد كافٍ من المتقدمين للعمل في مجال التمريض. يمكن أن يكون التعليم أيضًا مجالًا مهمًا للروبوتات البشرية الشكل، وكذلك الأعمال المنزلية.

كيف يمكن تنظيم الذكاء الاصطناعي بحيث يكون له تأثير إيجابي على الناس؟

يجب أن تكون الحوكمة تشاركية، وإشراك السكان، بطريقة ما، وهذا ممكن تقنيًا. المشكلة هي أن الشركات التي تمول معظم الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي لا تهتم بالصالح العام. ما تريده هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح المالية للمساهمين فيها.