هل مازال حراس الدين ينشط في سوريا؟

أصدر فرع تنظيم القاعدة في سوريا “حراس الدين” في 31 كانون الثاني / يناير 2023، بيانًا من خلال وسائل الإعلام الرسمية، وذلك بعد أكثر من ستة أشهر عن آخر بيان له والذي حمل عنوان: “ألاّ اشهدوا أن دمهم هدر” (العنوان مأخوذ من حديث كما تفعل المنظمات الجهادية في كثير من الأحيان).

البيان كان على صفحتين أستغل فيها التنظيم بعض الأحداث الأخيرة التي تسببت في موجات غضب “بين المسلمين” على مواقع التواصل الإجتماعي مثل حرق القرآن في بلجيكا والسويد، وقام بإدانة ووصف هذه الأفعال بـ “المريبة والإجرامية”.

نشر هذا البيان يعكس بشكل غير مباشر العديد من الإشارات المثيرة للاهتمام، أول إشارة أنه لم ينشر أحد من داخل القاعدة حتى الآن تصريحات تدين ما حدث.

وكان حراس الدين هو أول من فعل ذلك، رغم التأخير الكبير، كما لم تنشر سوى جماعة طالبان الباكستانية وداعش خراسان بيانات إدانة.

أما الإشارة الثانية، فتكمن في أن حراس الدين وبعد أشهر من عدم قيامه بعمليات عسكرية ونشر دعاية، قرر الخروج عن صمته لنشر بيان عام للغاية، دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن أوضاع التنظيم أو الدعوة للانتقام أو تهديدات.

وبالنسبة للإشارة الثالثة فإن القاعدة بفروعها (باستثناء جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وجماعة الشباب والقاعدة في شبه الجزيرة العربية) نشرت مرة أخرى مواد دعائية لا تفيد مقاتليها وأنصارها في فهم الوضع الذي يعيشه التنظيم، فالبيان أكد صعوبة الوضع والارتباك داخل القاعدة.

حراس الدين.. فرع القاعدة في بلاد الشام يصارع من أجل البقاء

كيف يتموضع حراس الدين الآن؟

يقود التنظيم حاليًا فاروق السوري المعروف بأبي همام الشامي، وهو من قدامى المقاتلين في تنظيم القاعدة منذ عام 1998 ومن أهم قادة مجلس شورى التنظيم الذي يضم حاليًا سامي العريدي الزعيم الديني ورئيس الهيئة الشرعية وأبو عبد الرحمن المكي، وتجدر الإشارة إلى أن قيادتهم مخفية تمامًا.

لا يسمح الوضع الحالي لحراس الدين بالانخراط في أنشطة خارج الحدود الإقليمية أو أنشطة عسكرية داخل حدود سوريا، حيث تواصل هيئة تحرير الشام مراقبة تنظيم القاعدة عن كثب، إذ أن زعيم هيئة تحرير الشام الجولاني جاد في القضاء نهائياً على حراس الدين من المشهد السوري إذ أنه لا يزال يعتبره تهديداً أيديولوجياً وعقائدياً.

حراس الدين.. فرع القاعدة في بلاد الشام يصارع من أجل البقاء

القيادي فاروق السوري الملقب بأبي همام الشامي

وتمكنت هيئة تحرير الشام من تفكيك معظم شبكات حراس الدين في سوريا، مما جعل السياق السوري لم يعد ملائماً.

وهدف هيئة تحرير الشام هو تفكيك الشبكات الجهادية في سوريا، والتي لم تتماشى معها ومع غرفة عملياتها (في الواقع ، أنصار الإسلام هي أيضًا من بين الجماعات المستهدفة) لذلك سيستمر الجولاني في مواجهتهم ومحاصرتهم بالاعتقالات والهجمات حتى يجبرهم على الاستسلام.

بعد اشتباكات متكررة مع هيئة تحرير الشام ولا سيما معارك عرب سعيد، تلقى حراس الدين تعليمات من أيمن الظواهري بعدم الانخراط في القتال ضد هيئة تحرير الشام. وهكذا، بدأوا نهجًا جديدًا، يقوم على نقل أنشطتهم إلى مناطق النظام والمناطق الشرقية، وتجنب الأنشطة في مناطق إدلب وهيئة تحرير الشام.

وبدأ حراس الدين في انتهاج سياسة عدم تبني عمليات عسكرية في دمشق وأماكن أخرى، مثل الرقة، لأسباب سياسية وأمنية.

حراس الدين.. فرع القاعدة في بلاد الشام يصارع من أجل البقاء

وكان آخر بيان عن هجوم شنه حراس الدين، في أغسطس 2021، حيث أعلن مسؤوليته عن تفجير حافلة تنقل جنودًا من الجيش السوري داخل دمشق.

ووقعت عدة هجمات مماثلة في الأشهر الأخيرة ، لكن دون أي إعلان مسؤولية، لكن كانت هناك شكوك في أن العمليات نفذت من قبل خلايا حراس الدين التي تتبع استراتيجية تلقّي التعليمات وعدم تبني العمليات.

وأكدت بعض المصادر أن حراس الدين نفذوا خلال العام الماضي عمليات عسكرية في الرقة ضد الروس وبالقرب من دمشق.

حراس الدين.. فرع القاعدة في بلاد الشام يصارع من أجل البقاء

الخلاصة

على الرغم من البيان المنشور مؤخرًا وبعض الهجمات المشتبه بها، فمن الواضح حاليًا أن حراس الدين غير قادر على تمويل أو تنفيذ العمليات بشكل مستمر، إذ يمكنهم إجراء عمليات بسيطة (مثل العبوات الناسفة أو الاغتيالات) عن بُعد بين فترة وأخرى وأحيانًا استخدام تكتيك هجمات “الجهاد الفردي” ، لكن أن يعملوا كتنظيم فهذا غير وارد إذ أنهم يعيشون شللاً شبه تام.

في الوقت الحالي، يبدو أن حراس الدين لديه موارد ضئيلة وأسلحة قليلة، والقيادة ليست فعالة بما فيه الكفاية فداخليًا يختلفون حول الأيديولوجية وقيادة العمليات كما هو الحال مع هيئة تحرير الشام في موقفها تجاه تركيا، كما قللت الهجمات الأخيرة على القيادة الأمريكية من قدرة حراس الدين على أن يشكل تهديدًا للقوات الأمريكية.

يدرك المسؤولون الأمنيون في هيئة تحرير الشام التطورات الأخيرة داخل الهيئة، لكنهم يبدون حتى الآن غير مستعدين للتدخل، لأنهم يفضلون إبقائهم في ظل قيادة ضعيفة بدلاً من حظرها ومحاربتها، التي تفسح له باب إعادة الهيكلة أيديولوجياً ودعائياً، وبالتالي من الممكن أن يتمكنوا من تولي زمام الأمور و إعادة الهيكلة.

ومع ذلك فإن حراس الدين لا يزال متواجد، وربما في حالة صعود سيف العدل إلى قيادة القاعدة، يمكن أن يستعيد الفرع السوري زمام الأمور والدعم اللوجستي والمالي، وكذلك الدعاية.