تلاحق لعنة البؤس والتهجير والموت جماعة الروهينغا منذ عقود، فمأساتهم هي أحد أكثر الأزمات الإنسانية إيلاماً ومهانة عبر التاريخ، إذ واجه هؤلاء القتل والقمع والبطش والعنف بسبب دينهم وعرقهم، وقد بلغ التمييز حدّ نزع هويتهم وطردهم.

  • لعنة البؤس والتهجير والموت يلاحق الروهينغا منذ عقود ومأساتهم وصفت الأعظم
  • المسؤول الأممي توم أندروز لأخبار الآن: جريمة الروهينغا الوحيدة عرقهم ودينهم
  • أندروز: لدينا ادلّة واضحة على انتهاكات المجلس العسكري والقتل الذي يمارسه
  • أمين عام المجلس النرويجي للاجئين يان إيجلاند لأخبار الآن: الروهينغا بلا مستقبل
  • إيجلاند: من المحتمل أن يكون الروهينغا أكبر مجتمع ليس له وطن على الأرض

سُلخ الروهينغا عن بيوتهم وأرض أجدادهم في ولاية راخين وهم يعيشون اليوم في بنغلاديش ضمن مخيّمات اللجوء، في مواجهة يوميّة مع تاريخ دموي يستعيدون مشاهده بأسى، وفي مواجهة مع واقع قاسٍ لا مفرّ منه.

فهل يمكن لهؤلاء وسط كلّ تلك الظروف أن يأملوا بعد بمستقبل أكثر إنسانية لهم ولأطفالهم؟ ما هو وضعهم الإنساني اليوم ضمن المخيمات في بنغلاديش وما الذي يفعله المجتمع الدولي لأجل قضيتهم؟ أي دور تضطلع به روسيا والصين في تعميق أزمتهم؟ وما هي المحطات المفصلية في تاريخهم التي قادت إلى تلك النهاية المأساوية؟

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

لاجئون من الروهينغا يسيرون في مخيم جامتولي في كوكس بازار – بنغلاديش عام 2018\ رويترز

لمحة تاريخية على أزمة الروهينغا

كانت أقلية الروهينغا المسلمة تعيش شمال إقليم راخين (أراكان سابقاً)، وتعود جذور أزمتهم إلى ما قبل قيام الدولة المعاصرة في ميانمار (بورما سابقاً)، وذلك بعدما حرّض الاستعمار البريطاني البوذيين على قتلهم وتعذيبهم، مؤسساً بذلك لأزمة إنسانية وسياسيّة متفاقمة ومستمرة منذ عقود. ونتيجة للتحريض البريطاني، قام البوذيون بعدما مدّهم البريطانيون بالسلاح، بارتكاب مذبحة بحقّ الروهينغا عام 1942 وقد فتكوا خلالها بالآلاف. رحل الإستعمار البريطاني عن ميانمار العام 1948، لكنّه خلّف وراءه إرثاً عنيفاً إذ أخذت الانتهاكات ضدّ الروهينغا تتزايد.

سعى النظام العسكري لبناء وتأسيس مفهوم جديد للقومية، وكانت جماعة الروهينغا ضحيّته نتيجة لاختلافها من حيث الشكل بسبب البشرة الداكنة لأفرادها، وبسبب ديانة الجماعة المختلفة عن باقي السكان، ما جعلهم بنظر النظام العسكري أقرب إلى بنغلاديشمنهم إلى بورما. أدّى كل ذلك بجماعة الروهينغا إلى تقديم التماس لضمّها إلى بنغلاديش خلال تقسيم العام 1947.

العام 1962 استولى انقلاب عسكري على السلطة، ومن أجل تثبيت أركانه استخدم الدين كعامل أساسي يحدّد على أساسه ما إذا كان الشخص مواطناً أصيلاً تابعاً للدولة، مستنداً إلى البوذية لتبرير القومية المقترحة. وفي العام 1974، جُرّد الروهينغا من هويتهم وصنفتهم الدولة بالأجانب، ما أدّى إلى فرار أعداد كبيرة منهم إلى البلدان المجاورة هرباً من العنف الذي يبرره ذلك التشريع.

وفي العام 1982، سنّت الدولة قانون المواطنة ليس لاستبعاد الروهينغا من الحصول على الجنسية فحسب، بل حرمانهم من الحق بالعيش ضمن الدولة ما لم يكن لديهم دليل دامغ يُظهر أن أجدادهم عاشوا في البلاد قبل الإستقلال، وكان الحصول على وثائق الجنسية لمعظم المجتمعات مستحيل. وقد ترتّب على قانون المواطنة حرمان مسلمي الروهينغا من تملّك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلّد الوظائف في الجيش والهيئات الحكومية، كما حرموا من حقّ التصويت في الانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة الأنشطة السياسية.

كذلك فرضت الحكومات المتعاقبة في ميانمار ضرائب باهظة على المسلمين ومنعتهم من مواصلة التعليم العالي، وحدّت من حريّة تنقلهم وسفرهم وحتى زواجهم. وقد أشارت تقارير إلى أنّ السلطات قامت العام 1988 بإنشاء قرى نموذجية شمال راخين لتشجيع أُسَر البوذيين على الإستيطان في تلك المناطق بدلاً من المسلمين.

شهدت أزمة الروهينغا منعطفاً كبيراً يوم التاسع من أكتوبر 2016 عندما أعلنت الحكومة عن أوّل هجوم مسلّح شارك فيه المئات على مراكز للشرطة الحدودية مع بنغلاديش بالأسلحة البيضاء والمصنّعة منزلياً، متهمةً تنظيمات روهينغية كان لها وجود تاريخي خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات بالمسؤولية عنه. واستمرّت تلك المواجهات الدمويّة والعنيفة حتى أغسطس العام 2017، وقد فرّ أكثر من 898 ألف رجل وإمرأة وطفل عبر الحدود إلى كوكس بازار في بنغلاديش، وانضمّوا إلى ما يقدّر بنحو 212 ألف لاجئ كانوا قد سبقوهم إلى المنطقة.

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

مخيم كوتوبالونغ للاجئين في كوكس بازار – بنغلاديش حيث يعيش نحو مليون لاجىء من الروهينغا في ظروف إنسانية مزرية \ رويترز

أوضاع مأساوية في المخيّمات

لم تنتهِ مأساة الروهينغا مع إيوائهم في المخيّمات في بنغلاديش، فالموت لحق بهم إلى هناك حيث اندلع حريق في 8 مارس الفائت في المخيم 5 في مجمع كوكس بازار للاجئين. وهو الحريق السادس في المخيمات في العام  الجاري، وقد كان الأكثر دموية إذ انتشرت النيران بسرعة وابتلعت الملاجئ المصنوعة من الخيزران والقماش المشمع، وتركت أثراً من الدمار لا يزال واضحاً حتى اليوم. نتيجة لذلك الحريق، تضرّر ودُمّر نحو 400 ملجأ، وفقد 2500 شخص منازلهم، كما تضرّرت نقاط الخدمة الحيوية والبنية التحتية التي كانت في الأساس مهترئة. وقد ضاعفت تلك الحرائق من معاناة الروهينغا الذين باتوا على موعد سنوي مع الحرائق، ففي مارس العام 2021 خلَّفت الحرائق 400 مفقود و500 جريح تاركة 45,000 لاجئ من دون خيمة تؤويهم.

نظرًا لموقعها الجغرافي في بنغلادش، فإنّها مخيمات اللاجئين في كوكس بازار معرّضة بشكل خاص للكوارث الطبيعية. 

ويقول أمين عام المجلس النرويجي للاجئين يان إيجلاند (Jan Egeland)، في حديث خاص لـ”أخبار الآن“، إنّ أوضاع الروهينغا “مليئة بالبؤس واليأس لأنّ ما نراه الآن هو أنّ الحياة جامدة وليس هناك مستقبل إذ إن 96 % من الشباب الذين قابلناهم في المجلس النرويجي للاجئين في كوكس بازار حيث نحن ناشطون ليس لديهم عمل، هم محبطون ويائسون وغير قادرين على التأقلم مع الوضع الحالي، لذلك نحن نستغل ذكرى مرور 5 أعوام على تهجيرهم لنقول إنّه على العالم أن يأخذ مبادرة أخرى لمساعدتهم على تأمين العودة الآمنة والكريمة إلى ديارهم في راخين في ميانمار”. وأضاف “من المحتمل أن يكون الروهينغا أكبر مجتمع ليس له وطن موجود على الكرة الأرضية، إنّه أمر سيء بالنسبة لهم وللعالم، وعلينا أن نحل تلك المشكلة لا أن نحجب أنفسنا عنها”.

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

يشكو اللاجئون سوء أوضاعهم: خسرنا كلّ شيء حتى الأمل بالعودة

ولفت إلى أنّ المجلس النرويجي يحاول تحسين الظروف المعيشية للروهينغا، “فنحن نحاول توفير التعليم لهم، كما أنّنا نقدم لهم المياه أيضاً ونهتم بالصرف الصحي ونحاول توفير مأوى أفضل. لقد حاولنا حتى توفير سبل العيش لكن مواردنا محدودة للغاية”. وناشد ايجلاند دول الخليج وغيرها “كي تساعدنا في توفير الأمل والمستقبل للروهينغا، إنّهم إخواننا في الإنسانية ولقد نسيهم وأهملهم العالم بأسره”. وشدّد على أن “التعليم قليل جدّاً لديهم وكذلك التدريب المهني، ولا توجد سبل عيش للشباب بعد التعليم الثانوي والإبتدائي، ونحن نحاول توفيرها قدر المستطاع”.

والمؤسف بحسب إيجلاند أنّه “لا يوجد مستقبل لهم في الوقت الحالي في بنغلاديش لذلك على الجهود أن تركّز على إمكانية عودتهم الآمنة والكريمة إلى راخين كما يجب أن تكون العودة طوعية إلى جانب توفير الحماية لهم وأن يكون هناك مساعدة إنمائيّة”. ولفت إلى وجوب “أن يكون هناك سبل يمكن من خلالها التأكد بأن يكونوا آمنين في راخين”، مؤكداً أنه “لا يمكننا أن نيأس من المحاولة”.

وكان أيجلاند زار راخين وقد تحدّث لنا عن أوضاع الروهينغا هناك فـ”البعض يعيش حياةً طبيعية نسبياً، لكنّ الكثير منهم في راخين يعيشون في مخيّمات النزوح الداخلي ولا يمكنهم العودة إلى منازلهم الموجودة داخل البلاد، وبالتالي لا بدّ من تأمين الحماية لهم ومساعدتهم لاستعادة حياتهم الطبيعية”. وأضاف “في الوقت الحالي ليس من الآمن كما ليس من الممكن عودة مليون لاجئ في بنغلاديش إلى ديارهم”.

تجدر الإشارة إلى أنّه نحو مليون لاجىء من الروهينغا يعيشون في مخيمات موقتة في أكواخ من الخشب والصفيح، موزعين على 34 مخيّماً جنوبَ شرق بنغلادش، من دون عمل، في ظروف سيئة، وكذلك من دون تعليم يذكر.

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

موقع الصراع المسلّح وهو موقع معني بمناطق النزاعات، يشير إلى أنّه قتل أكثر من 11000 شخص في ميانمار في النصف الأول من العام 2022

رعب وخوف… ومقاومة

ويتحدّث المقرّر الأممي لحقوق الإنسان في ميانمار توم أندروز (Tom Andrews)، عن الإنقلاب وتداعياته لـ”أخبار الآن“، ويقول: “أوّلاً وقبل كلّ شيء، فإنّ المجلس العسكري يدّعي أنّه يدمّر الديمقراطية من أجل إنقاذها. حتّى وإن كانت المزاعم بوجود مخالفات إنتخابية صحيحة، فإنّ ذلك لا يبرر بأيّ شكل من الأشكال حصول انقلاب غير قانوني ينتهك الدستور الذي كتبوه بأنفسهم”.

وأضاف: “في الواقع لم نرَ بعد الدليل الذين يدّعون وجوده لتبرير أفعالهم، ولا أعتقد أنّ أيّ شيء يقولونه أو يفعلونه يمكن أن يبرّر ذلك الإنقلاب. إنّ كلّ ما نراه هو من أسوأ ما يحصل في تاريخ البشرية، وأحد أسوأ أشكاله هو ما تقوم به قوات المجلس العسكري وذلك الإنقلاب غير الشرعي”، لافتاً إلى أنّ كلّ العنف الذي كانت مسؤولة تلك القوات عنه مازال يحصل في كلّ أنحاء البلاد، حيث يُقتل الأطفال حرفياً في منازلهم، وحيث يمرون في الشوارع ويدمرون الممتلكات ويطلقون النيران على المنازل. إنّ الناس يعيشون في رعب وخوف، لكن أفضل ما نراه في كلّ ذلك هي المقاومة، فالمعارضة المميزة انطلقت من مجموعة أطباء وممرضين وطاقم الطوارىء وعمّال الطبابة والمثقفين، الذين اتخذوا خطوات ناجحة جدّاً في كلّ أنحاء البلاد ضدّ النظام”.

في ولاية راخين التي تضمّ أيضاً غالبية بوذية، مازال هناك نحو 600 ألف آخرين من الروهينغا، وقد كانت تلك المنطقة بؤرة نزاع لعقود طويلة في بورما.

وشدّد المسؤول الأممي على أنّ النظام كان أيضاً “مسؤولاً عن القوات التي ارتكبت هجمات الإبادة الجماعية ضدّ أقلية الروهينغا العرقية العام 2017، وهو مَنْ دفع أكثر من 750 ألف شخصاً إلى الهروب من ميانمار للنجاة بحياتهم عبر الحدود مع بنغلادش”. وتابع: “كانت جريمتهم الوحيدة تحدّرهم من ذلك العرق وعبادتهم لذلك الإله الذي يصلون له، لكنّهم تعرّضوا للوحشية من قبل ذلك النظام تحت إشراف الرجل المسؤول عن القوات العسكرية اليوم، وما نعرفه عن ذلك الرجل أنه جنرال، وليس لديه وقواته أيّ حدود للوحشية”.

وكان أندروز واضحاً في ما يخصّ الدعم الشعبي، إذ قال إنّ “الأمم المتحدة قويّة على قدر ما تريد لها الدول الأعضاء أن تكون قويّة، بمعنى آخر أنّ المسألة تحتاج إلى إرادة سياسية من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لدفعها إلى الأمام، وبالتالي إذا كان أعضاء مجلس الأمن خصوصاً الأعضاء الدائمون، لا يريدون قراراً للمضي قدماً، فإنّ الأمر لن يمضي قدماً، وإذا كانت دول العالم لا تريد الضغط على المجلس العسكري فإنّ ذلك الأمر لن يحصل”.

وقد طالب بحلول دولية تنظر فوراً إلى أوضاع الروهينغا “سواء كان ذلك من خلال الآلية الرسمية للأمم المتحدة أو خارج تلك الآلية من خلال عمل ثنائي منسق، فإنّه يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بخطوات تصعيدية، وأنا أوافق أنّه قد مرّ وقت طويل منذ وقوع ذلك الإنقلاب، ونحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة ولا بدّ من اتخاذها الآن”.

 

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

بما أنّنا بصدد الحديث عن أعرق منظمة أممية، نتوقف عند عبارات دائماً ما تتردد دائماً على مسامع العالم:

  • الدعم من المجتمع الدولي سيظل حاسماً في تقديم خدمات الحماية والمساعدة للاجئين الروهينغا.
  • أثناء وجودهم في بنغلاديش من المهم أن يتمكن اللاجئون الروهينغا من العيش بأمان وكرامة.

هي عبارات فضفاضة وعناوين كبيرة وعريضة، لكن في النتيجة الروهينغا يعيشون في أسوأ الظروف، فيما المأساة وصفت بأنّها أهمُ مأساة عالمياً على الصعيد الإنساني.

الدّور الصيني – الروسي في الأزمة

وسط كل ذلك، ثمّة ايادٍ خفية تحاول تسيير الأمور بما يتوافق مع أجندتها، ومن هؤلاء معسكر روسيا والصين، فما دورهما؟ في ذلك السياق، تشير معلومات كثيرة إلى دور كلّ من روسيا والصين في مفاقمة أزمة الروهينغا، وقد طرحت “أخبار الآن“، على السياسي في حكومة ميانمار المعارضة للمجلس العسكري أونغ كياو مو (Aung Kyaw Moe) سؤالاً حول الدور الروسي والصيني في أزمة ميانمار فأجاب بأنّ “المجلس العسكري هو شارٍ مهم للمعدات العسكرية الروسية، وكونه زبون مهم لا بدّ أن يعامل بطريقة مميزة تليق به. إلى ذلك، ليس لدى روسيا خيارات كثيرة لبيع أسلحتها وطبعاً هي تراقب ما يحصل وتدعم مَنْ تظن أنّه سيشتري معداتها العسكرية حول العالم”. وأضاف “لقد حصلت زيارات عديدة منذ الإنقلاب لرئيس المجلس العسكري إلى روسيا، كما أنّ عدداً من البعثات الروسية زارت ميانمار مرّات عديدة، وطبعاً إن المعدّات التي يستخدمونها للقتل وسفك الدماء في ميانمار معظمها روسي، فذلك هو إذاً دور روسيا”.

ولفت من جهة أخرى إلى أنّ “لدى روسيا والصين مصالح مشتركة في ميانمار من الناحية العسكرية والإقتصادية، فالإستثمارات الصينية مهمّة في ميانمار، وتلك الإستثمارات مرتبطة بالأمور العسكرية بطريقة غير مسؤولة، كما أنّها تستثمر الموارد الطبيعية للبلاد لكن فوائد تلك الإستثمارات لا يستفيد منها الشعب، ذلك فضلاً عن الدعم العسكري والأمني الذي تقدّمه للمجلس العسكري”.

ما حصل في راخين يفوق كلّ احتمال، فأيّ مستقبل يمكن للروهينغا توقّعه لجماعتهم وشبابهم وأطفالهم وسط هذا الكم الهائل من البؤس والظلم، فهم يعيشون بلا وطن، وبلا مأوى أو هويّة، يكبّلهم الواقع فارضاً عليهم انتظار الموت.

الروهينغا منسيّون على هامش الحياة.. أقلية لفظها الوطن وتعيش بلا مستقبل

“نساء الروهينغا يتعرضن للعبودية الجنسية”

مؤخراً أعدّ المقرّر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني بأشكال العبودية المعاصرة، تومويا أوبوكاتا (Tomoya Obokata)، تقريراً خاصاً لمناسبة العيد الثلاثين للإعلان حول حماية الأقليات، وفي ذلك السياق قال لـ”أخبار الآن“، إنّه “في ما يتعلق بالروهينغا، لاحظت حالات من العبودية الجنسية والعنف التي تعرّضت لها نساء وفتيات، وقد سجّلت حالات مماثلة وتناقلها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تقريره الخاص حول حالة حقوق الإنسان في ميانمار. أظن أن تلك الحالات موثّقة جيّداً وهي من ضمن اختصاصي. كما تعلمون، أنا مقرر خاص حول أشكال العبودية المعاصرة، وبالتالي يمكنني فقط أن أنظر في مسائل مرتبطة بعملي مباشرةً، فأنا غير قادر على النظر في مسائل أخرى ولكن العنف المبني على الجندر والعنف الجنسي مرتفع في النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية. لقد ذكرت أنّه في موضوع الروهينغا، وقعت النساء والفتيات ضحية تلك الأمور التي سجّلت كذلك في إقليم تيغراي في إثيوبيا وبحق النساء الإيزيديات اللواتي عشن الإتجار بالبشر والعبودية الجنسية، وفي أفريقيا على يدّ مجموعات إرهابية إلى ما هنالك. وبالتالي تثير تلك المسائل قلقي كثيراً”.

 

وتابع: “أعتقد أنّ الأمم المتحدة قادرة على التحرّك أكثر، كما أعتبر أنّ المنظمات الإقليمية لديها دور عليها أن تلعبه على غرار منظمة آسيان، أي رابطة دول جنوب شرق آسيا. بنظري تلك المنظمات الإقليمية قادرة على التحرك أكثر للعمل مع السلطات في ميانمار لضمان حماية وتعزيز حقوق الإنسان الخاصة بكل فرد في ذلك البلد. كما أنّ النازحين كما تعلمون الذين أجبروا على مغادرة البلاد والعيش في مخيم كوكس بازار وبنغلادش، برأيي لا بدّ من معالجة ذلك الوضع الخطير. أنا أعتقد أنّ تلك المسألة تقع على عاتق الأسرة الدولية ككل لأنّها خليط يجمع المنظمات الدولية ودول أعضاء في الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية وفاعلين في المجتمع المدني وناشطين إنسانيين”.

ميشيل باشليت.. زيارة أممية غير مجدية

ربّما ميشيل باشليت، المفوضة السامية لحقوق الإنسان استفاقت متأخرة على معاناة تلك الأقلية وما يجري في بنغلادش وميانمار، وهي تختتم مسيرتها الأممية التي وصفت بالفاشلة بخطوات قاصرة وغير فاعلة. على العموم، ما عانت منه أقلية الروهينغا في ميانمار من فظائع في ظل حكم أونغ سان سو تشي، مازال ماثلاً اليوم أمام تلك الأقلية، لذلك يرفضون حكم العسكر، وقد واجهوه بقوة إبّان الإنقلاب الأخير.

مؤخراً، قال المسؤول الأممي بابار بالوش، إنّ الوكالات الإنسانية تسعى للحصول على أكثر من ثماني مئةٍ وواحد وثمانين مليون دولار، لدعم ما يقرب من 1.4 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من تسع مئة وثماني عشرة ألفَ  لاجئ من الروهينغا في كوكس بازار وبهاسان شار، لكن حتى اليوم فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل طويل الأجل للكارثة الإنسانية.

أخبار الآن” وفي إطار اهتمامها بأزمات العالم، لا سيما قضايا الأقليات، تسلطّ اليوم الضوء على تلك المأساة، علّ العالم السياسي ومراكز القرار تلتفت إلى تلك الأقلية، وإبعادها عن وضعها في إطار أوراق الضغط واللعبة السياسية الدولية، نحن نعرض ما لدينا، نعلم أنّ الحل ليس بجعبتنا، لكن من الخطير ان لا يكون بحوزتهم ايضاً.

شاهدواً ايضاً: تتار القرم المسلمون.. من الإبادة السوفيتية إلى غزو بوتين ثمّ المواجهة