تعتبر مناورات الجيش الصيني في محيط تايوان أهم مناورات عسكرية في تاريخه، والتي أتت ردّاً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، للجزيرة التي تعتبرها بكين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها. وفور بدء المناورات، أكّد الجيش التايواني أنّه يستعد للحرب من دون السعي إليها كما قالت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، إنّ “وزارة الدفاع الوطني تؤكّد أنّها ستلتزم مبدأ الإستعداد للحرب من دون السعي لها”.

  • جيش تايوان حذر جدّاً في اتخاذ أي ردّ فعل مباشر يمكن أن يتطور لحوادث عسكرية ليست في الحسبان
  • بكين تؤكد جهوزيتها للرد على ما تعتبره استفزازات، وتايوان تقول: جيشنا لديه القدرة على ضمان أمن تايوان
  • الصحافي التايواني ويليام يانغ لأخبار الآن: الصين تستخدم أسلحة واستراتيجيات جديدة وأكثر عدوانية

أخبار الآن أجرت لقاءً خاصاً مع الصحافي التايواني وليام يانغ (William yang) الذي شرح تفاصيل المشهد الحالي على الأرض، فقال إنّ “الوضع طبيعي في العاصمة تايبيه مثل أيّ نهار آخر، لكن من الواضح أنّه مع مرور الوقت، ومع انتشار المزيد من الأخبار عن تحرّكات الصين العسكرية طوال اليوم، بدأ الناس ينتبهون أكثر لتلك التحركات، لكن ذلك لم يغيّر حتى الآن إيقاع الحياة اليومية، أو يعطّل أسلوب حياة الجميع، لكن من الواضح أنّ الناس حذرون ويتابعون عن كثب كلّ التطورات والأحداث”.

وقد وصف موقع وزارة الدفاع التايوانية بتغريدة على تويتر التدريبات الصينية بأنّها حصار جوي وبحري لتايوان، كما تظهر التغريدة أدناه.

الجيش الصيني أجرى مناورات محدودة ويجهز لأخرى موسّعة، فيما علّق الجيش التايواني بالقول إنّ “الصين تحاول تهديد موانئنا ومدننا الرئيسية، مؤكّداً أنّه يمتلك القدرة على حماية أمن تايوان. وقد عبرت مقاتلات صينية طراز “su-35” مضيق تايوان، وردّت المدفعية التايوانية بطلقات تحذيرية. وبثّت إحدى وكالات الأنباء صورة تظهر تمركز القوات حول تايوان من كلّ الإتجاهات، حيث ستكون المناورات في 6 مناطق محيطة بها.

تايوان تتأهب وجيشها يدرس خطواته.. ماذا يجري في الجزيرة بعد مناورات الصين؟

مروحية عسكرية صينية تحلق فوق جزيرة بينغتان، إحدى أقرب نقاط البر الرئيسي لتايوان – Getty

القدرات العسكرية لكل من الجيش الصيني والتايواني

وفق موقع “غلوبال فاير باور“، فإنّ الجيش الصيني يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى 139 جيشاً في العالم، حسب إحصاءات 2021. ويمتلك الجيش الصيني قدرات عسكرية هائلة، أبرزها تجاوز عدد جنوده 3.3 مليون جندي، ويصلح للخدمة العسكرية 617 مليون فرد، ويصل إلى سنّ التجنيد سنوياً 20 مليوناً.

الجيش الصيني يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى 139 جيشاً في العالم

أمّا الأسطول فيصنف في المرتبة الأولى عالمياً بـ777 وحدة بحرية، بينما تصنف القوات الجوية في المرتبة الثالثة بـ3 آلاف و260 طائرة، إضافة إلى القوات البرية التي تضمّ آلاف الدبابات والمدافع وراجمات الصواريخ وعشرات آلاف المدرعات.

وتقدّر التقارير العسكرية أنّ لدى الصين 350 رأسا نووياً، بما في ذلك 204 صواريخ طويلة المدى يتمّ إطلاقها من منصات إطلاق أرضية و48 على الغواصات، و20 قنبلة جاذبية يتم إسقاطها من الطائرات، فضلاً عن آلاف الصواريخ العابرة للقارات.

قدرات الجيش التايواني

في المقابل، يصنّف الجيش التايواني في المرتبة 22 بين أقوى الجيوش، ويمتلك أكثر من 1.8 مليون جندي، ويصل 300 ألف إلى سنّ التجنيد سنوياً. أمّا القوات الجوية فتُصنّف في المرتبة رقم 14 عالمياً بـ739 طائرة، بينما الأسطول في المرتبة 22 بـ117 وحدة بحرية.

وتعتزم القوات الجوية امتلاك 66 طائرة من طراز “إيه تي-5 بريف إيجل” فائقة القدرات، بحلول العام 2026، أنتجتها شركة حكومية محلية. وتعتمد القوّات المسلّحة التايوانية في الغالب على العتاد الأمريكي، لكن الرئيسة تساي إنغ-ون أعطت أولوية لتطوير صناعة دفاعية وطنية. وفي ما يخصّ القوات البرية، فتضمّ أكثر من 1100 دبابة وآلاف المدرعات، إضافة إلى المدافع الميدانية وذاتية الحركة وراجمات الصواريخ.

ووفق تقارير، فإنّ تايوان تعلم أنه لا يمكنها الصمود في وجه الجيش الصيني، ولهذا تتجهز بتكتيكات قتالية تعتمد عدم مركزية الإتصالات، واستخدام أكبر قدر من العتاد العسكري المتحرك الذي يسهل إخفاؤه خلال الحرب.

المسافة بين المكان الذي تحصل فيه التدريبات العسكرية وجزيرة تايوان أقرب بكثير من السابق

في ذلك الصدد، إعتبر الصحافي يانغ أنّ الجيش التايواني لا يرى أنّ هناك خطراً من حصول اجتياح عسكري حتى الآن، فقال: “الجيش التايواني يعتبر أنّ تحرّكات الصين العسكرية مجرّد عرض لقوّتها ولقدراتها العسكرية أكثر ممّا هو قرار فعلي بالإستيلاء على أراضي تايوان. بالإضافة إلى كلّ ما يقال، فإنّ الكثير من تلك الأسلحة والإستراتيجيات التي تستخدمتها الصين هذه المرّة، جديدة نوعا ماً وأكثر عدوانية، فالمسافة بين المكان الذي تحصل فيه التدريبات العسكرية وجزيرة تايوان أقرب بكثير من السابق، وهي تحيط بالجزيرة من كلّ الجوانب، ومدّة التدريبات العسكرية طويلة بشكل غير مسبوق، وأظن أنّ أهم نقطة هي التهديدات المستمرة التي يقوم بها الجيش الصيني، بما فيها إرسال طائراته الحربية وبوارجه عبر الخط المركزي لمضيق تايوان، وذلك أمر لا يقومون به في العادة”.

تايوان تتأهب وجيشها يدرس خطواته.. ماذا يجري في الجزيرة بعد مناورات الصين؟

هل تايوان حذرة لأي ردّة فعل غير مدروسة؟

في ذلك السياق، يقول يانغ لـ”أخبار الآن“: إنّهم يقومون بالمراقبة والتعقّب والتحضير، وقد قاموا بتفعيل أنظمة الدفاع، كما أنّهم يقيمون الوضع، وأعتقد أنّه عندما يبلغ التهديد الصيني درجة معينة، سيكون هناك ردّ معين. برأيي أنّ الجيش التايواني حذر جدّاً أيضاً حيال ردّه على أيّ تصرف لأن أيّ ردّ فعل مباشر يمكن أن يتطور إلى حوادث عسكرية ليست في الحسبان، وإذا ما حدث ذلك، فإنّ بعض الخبراء يقدرون أنّ يؤدّي ذلك إلى اتساع رقعة الصراع العسكري، واقحام الدول المجاورة فيه وأعتقد أنّ تايوان تحاول أن تضع خطة محكمة لضمان عدم تأثر الشعب التايواني أو الأراضي التايوانية بتلك التدريبات العسكرية، وفي الوقت نفسه أنا واثق من أنّ تايوان تحاول تعديل استراتيجياتها”.

وتابع: “أعتقد أنّ للصين هدفين، الأوّل هو أنّها تريد أن تقول لتايوان وللولايات المتحدة إنّه عندما تحذّر الصين شخصية سياسية أمريكية معينة من زيارة تايوان، فهو أو هي يجب أن لا يزور تايوان، وستكون لذلك تداعيات خطيرة، وذلك هو ما يقصدونه بعواقب جدية، وهم يلتزمون بكلمتهم، لكن بعض الخبراء يقولون إنّ الصين أخطأت في تقدير تأثير زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان وقد بدا تحذيرهم جدي جداً و الآن عليهم الالتزام بكلمتهم و بتحذيرهم و هذا تحليل آخر، أنا أعتقد أيضاً أنّ الصين عندما تحدثت عن أهداف تلك التدريبات والإستراتيجية التي يتبعونها، أعتقد أنّ تلك الأمور ستطبق في المستقبل عندما تقرر أن تستخدم الجيش لتتوحد مع تايوان اذن هناك عدة احتمالات عما تريد الصين تحقيقه ولكن بالاجمال تلك إشارة سياسية مهمة لتايوان”.

هناك عدة احتمالات عما تريد الصين تحقيقه ولكن بالاجمال تلك إشارة سياسية مهمة لتايوان

كانت هناك عدّة أزمات في مضيق تايوان، آخرها العام 1995، عُرف ذلك الحادث باسم المضيق الثالث لأزمة تايوان، وأعقب إعلان الجزيرة أنّها ستجري أوّل انتخابات رئاسية ديمقراطية. استعرضت الصين قوّتها العسكرية مع أشهر من التدريبات العسكرية، بما في ذلك إطلاق الصواريخ على بعد 35 ميلاً من موانئ تايوان، في حين أنّ هناك تاريخاً من العروض العسكرية في مضيق تايوان، قالت هسياو إنّه يبدو أنّ التجارب الصاروخية التي خططت لها الصين ردّاً على زيارة بيلوسي، ستكون أقرب إلى الجزيرة هذه المرة.

ومنذ أن تولّى الرئيس الصيني شي جين بينغ السلطة العام 2012، أوضح أنّ إعادة التوحيد مع تايوان على رأس جدول أعماله. ومع ذلك، يقول بعض الخبراء إنّ ردّ شي على زيارة بيلوسي من المرجح أن يكون حول القضايا المحلية في الصين بقدر ما يتعلق بتأكيد السلطة.

شاهدوا أيضاً: وثائقي تايوان.. الابنة العاقة لبكين والمدللة لواشنطن من سيحظى بها؟