طلاب أوكرانيا يواجهون واقع الحرب بعد الغزو الروسي

ذهب الطلاب الجامعيين في أوكرانيا مساء الأربعاء الثالث والعشرين من فبراير 2022 إلى مخادعهم، على أمل أن يستيقظوا صباحًا للذهاب إلى جامعاتهم ومواصلة مسيرتهم التعليمية، ولكن حملت الساعات الأولى من فجر الخميس أنباءً سوف تبدل حياتهم بالكامل.

واستيقظت أوكرانيا والعالم أجمع على دوي الانفجارات جرّاء القصف الروسي، وارتفعت أصوات القنابل في العاصمة كييف ومدن أوكرانية عدة قرب خط الجبهة وعلى امتداد سواحل البلاد.

وبدلًا من استيقاظهم على صوت أجراس المنبه كما هو معتاد، صكّت آذان الطلاب انفجارات القنابل، وقبل أن يستوعبوا ما يحدث، وصلتهم الرسائل الرسمية بضرورة انضمامهم للجيش من أجل الدفاع عن أرضهم التي تتعرض لاعتداء عسكري روسي.

ما تأثير الحرب على طلاب أوكرانيا؟

ولمتابعة تأثير الحرب الجديدة التي فرضتها روسيا على الشعب الأوكراني والعالم أجمع، تحدثنا في أخبار الآن إلى ماريا شوفالوفا، وهي أستاذة جامعية في الجامعة الوطنية لأكاديمية كييف موهيلا، لنقل الصورة من أقرب زاوية ممكنة، ومعرفة مدى تأثير الحرب وتبعاتها على الطلاب والشباب والحياة الجامعية في البلاد.

وبداية، أخبرتنا شوفالوفا أنها تجري المقابلة مع أخبار الآن من مخبأها في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث أصبح على الشعب الأوكراني اللجوء إلى المخابئ للنجاة من القصف الروسي المتواصل.

وعند سؤالها عن الأحوال في الشارع الأوكراني مع توالي القصف والعدوان الروسي، أجابت ماريا: نحن الآن جميعًا في أوكرانيا بمختلف المستويات التعليمية والاجتماعية نعلم مسؤوليتنا وواجباتنا للدفاع عن وطننا، ونريد دعم أوروبا والعالم الحر للوقوف بجانبنا من أجل صد هذا العدوان الروسي“.

قصص مؤثرة لطلاب أوكرانيا الذين انتقلوا من الجامعة إلى ساحة الحرب

كما شاركت ماريا مع أخبار الآن بعض القصص المؤثرة للطلاب، الذين حرصت على وداعهم بمكالمات هاتفية قبيل انضمامهم للجيش الأوكراني.

ومن بين القصص التي شاركتها ماريا معنا، تبرز قصة الشاب بوغدان، وهو آخر طالب هاتفته قبل بداية مقابلتها مع أخبار الآن.

وعن بوغدان ومشاعره قبل انضمامه لمعسكرات الجيش، قالت ماريا: أود أن أحكي قصة تلميذي بوغدان.. إنه شخص رائع، لقد تلقينا رسائل محيرة للغاية وإشعارات رسائل مرعبة من الصباح الباكر“.

”سأموت من أجل بلادي“.. طلاب أوكرانيا من الجامعة للحرب

وأضافت: ”ما أثار إعجابي أن والد تلميذي كان يخدم أيضًا في الجيش، ونحن نخوض حربًا لمدة 8 سنوات. هذه الحرب بدأت قبل 8 سنوات، وطوال الوقت نحن نعرف من نتعامل معه، والآن يؤمن العالم بنا أيضًا“.

وتابعت ماريا: ”تلميذي بوجدان أرسل لي رسالة تفيد بأنه سيموت من أجل بلاده. ويريد مساعدة الولايات المتحدة وأوروبا لأوكرانيا، ويقول إنه سيموت من أجل وطنه، وسيكون من المحزن ألا تساعده أوروبا والولايات المتحدة. هل يمكنك أن تتخيل؟“.

أما القصة الأخرى فهي تحوي في مضمونها مفارقة عجيبة ومؤلمة، حيث أنها لطالب من بيلاروسيا، انضم إلى الجامعة في كييف بعد مغادرته لبلاده.

وكان على هذا الطالب العودة إلى بيلاروسيا من أجل إحضار بعض الأوراق المطلوبة في الجامعة، لكن فور عودته لبلاده تم استدعاءه من جانب الجيش البيلاروسي.

وأضافت ماريا أن هذا الشاب الصغير سوف يكون عليه التعامل مع موقف درامي مؤلم، إذ سيتحتم عليه القتال ضد أصدقائه في الجامعة الذي انضموا للجيش الأوكراني، في حال دخول جيش بيلاروسيا على خط الحرب.

وقالت ماريا: أحد طلابي هو لاجئ من بيلاروسيا، لقد غيّر البلد الذي يعيش فيه بسبب نظام لوكاشينكو السياسي، لم يكن قادرًا على العيش بحرية في بلده“.

وأضافت: ”لقد جاء إلى أوكرانيا وتقوم أكاديمية موهيلا التابعة لجامعتنا بدعم الأشخاص من بيلاروسيا، وسنكون سعداء لمواصلة القيام بذلك في المستقبل“.

وواصلت: ”وقد وصل إلى وطنه ليأخذ بعض الأوراق التي يحتاجها، كما تعلمون، وثائق مختلفة. ودُعيَ للخدمة العسكرية. الآن، هو يتعامل مع الجيش في بيلاروسيا، عليه أن يفعل أي شيء يمكنه كي لا يخدم في الجيش البيلاروسي، لأن هذا يعني أن هذا الشخص قد يُجبر على القتال ضد الأوكرانيين، وضد زملائه، وضد أستاذته“. 

”سأموت من أجل بلادي“.. طلاب أوكرانيا من الجامعة للحرب

وتابعت: ”هذا أمر صادم. أنا دائمًا على اتصال معه، لا أعرف ما إذا كنت قادرة على فعل الكثير من أجله، لكنني بالتأكيد أحاول التأكد من أنه ليس وحده“.

واختتمت ماريا تصريحاتها عن هذا الطالب قائلة: آمل أن يكون كل شيء على ما يرام وأن يعود إلى أوكرانيا ليس كجندي بل كطالب“.

وعن ما يحدث الآن في أوكرانيا وكيف يمكن وصفه، قالت ماريا: ”ما يحدث في أوكرانيا الآن هو معركة ضخمة من أجل الديمقراطية لم نشهد مثل هذا الكفاح من أجل الديمقراطية لفترة طويلة. ونحن نبذل قصارى جهدنا للعيش في دولة حرة وللحفاظ على الديمقراطية في أوروبا والعالم“.

كما وجّهت ماريا رسالة للمجتمع الدولي من أجل إنقاذ الشعب الأوكراني ودعمه في وجه العدوان الروسي، وقالت: أعزائي في العالم المتحضر.. لقد فعلتم الكثير من أجلنا. والناس الرائعون الذين يساعدون أوكرانيا. لكن في الوقت الحالي، نحن بحاجة ماسّة إلى عقوبات“.

وأضافت: ”نحن نقاتل من أجل مستقبلنا. سنناضل من أجل الديمقراطية ونناضل من أجلكم. لذا من فضلكم انضموا إلينا وافعلوا ما يمكنكم لدعم الجيش الأوكراني. من فضلكم، يمكنكم أيضًا جعل حياتي وحياة طلابي أكثر أمانًا“.

كما وجّهت ماريا رسالة للشعب الروسي، حيث أردفت: ”والمواطنون الأعزاء في روسيا.. لا أريد أن أموت بسبب روسيا وصواريخها. لذا من فضلكم اخرجوا إلى شوارعكم.. اخرجوا إلى الميادين. ولديكم صوت ولديكم خيار.. من فضلكم.. من فضلكم قوموا بذلك، نحن بحاجة لذلك وأنتم أيضًا. إنه بالتأكيد ليس الوقت المناسب لأن تكون سلبيًا“.

”سأموت من أجل بلادي“.. طلاب أوكرانيا من الجامعة للحرب

وتابعت: ”لدينا حقًا فرصة لمستقبل جميل وسلمي وناجح ولكننا نحتاج إلى مساعدتكم. نحن بحاجة إلى عقوبات على روسيا وسلاح. من الغريب حقًا أن تطلب من الناس ذلك، لكني أرى كيف سينقذ السلاح حياتنا بالفعل ونحن نحمي أنفسنا. الرجاء مساعدتنا لحماية أنفسنا“.