إقفال مؤسسات وتسريح عمال.. تونس تدفع ضريبة الغزو الصيني لأسواقها

يواصل رجال الأعمال وأصحاب المؤسّسات الصناعيّة والتجاريّة في تونس رفع الصوت ضدّ الغزو الصيني لأسواقهم، وضدّ الحصار الذي يفرضه ذلك الغزو على منتجاتهم، إذ مع إغراق الأسواق التونسيّة بالبضائع الصينيّة الرخيصة والمهرّبة، يصبح من الصعب لا بل من المستحيل تسويق المنتجات التونسيّة وبيعها ما أدّى إلى إقفال العديد من المؤسّسات وتسريح عدد كبير من العمال ووضع العائلات التونسيّة أمام تحدٍ معيشي صعب بسبب الخلل الصيني الطارئ على العجلة الإقتصاديّة التونسيّة.

فما الذي يطالب به أصحاب تلك المؤسّسات؟ وكيف يمكن للدّولة التونسيّة أن تضع حدّاً لكل تلك العوامل الطارئة على اقتصادها؟

تونس

تشكّل حال معز الزوش وهو صاحب شركة ملابس جاهزة، حال شريحة كبيرة من المؤسّسات الصناعيّة والتجاريّة في تونس، وقد شرح لأخبار الآن طبيعة الهواجس التي تقلق المعنيّين في القطاعات المختلفة “فأكثر ما يقلقنا هي البضاعة الصينيّة الخالية من المواصفات العالمية والتي يتمّ تصنيعها بظروف سيّئة مرتبطة بأوضاع العمل وباستخدام مواد غير مطابقة للمواصفات في عمليّة التصنيع. هذه البضائع هي أكثر ما يقلقنا علماً أن البضائع التي تدخل عن طريق التهريب هي أكثر ما يضرّ بالسوق التونسيّة وأكثر ما يضرّ بالمواطن وبالمصانع أيضاً، فتلك المنافسة غير نزيهة”.

استغلال الصين للإيغور

لم يعد خافياً على العالم استغلال الصين للإيغور عبر فرض ساعات طويلة من العمل شبه المجاني عليهم دون مراعاة لأدنى حقوقهم الإنسانيّة، وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح عن طريق الإنتاج الرخيص للسلع.

وكان للزوش رأي في ذلك إذ قال: “تعتبر الصين اليوم مصنع العالم، لكن لا تعمل كل مصانعها بطرق شرعيّة ومطابقة للمواصفات، فثمّة بعض الفئات الهشّة والفقيرة في المجتمع التي تقبل بكل الظروف مقابل الحصول على عمل، وإن بعض رجال الأعمال يستغلون ذلك لتوظيف تلك الفئة المهمّشة بأرخص الأثمان دون أن يعطونهم أبسط حقوقهم، ما يؤدّي إلى إنتاج بضائع رخيصة. إن ذلك يضرّ بالفئات الفقيرة والمهمّشة وبالأقليات، كأقليات الإيغور في الصين مثلاً، فنحن نعلم عن الإضطهاد الذي يتعرّضون له كمسلمين فهم فئة غير مرغوب بها في الصين ومن الممكن أن بعض رجال الأعمال يجدون في ذلك فرصة لاستغلالهم استغلالاً فاحشاً عبر فرض العمل المتواصل عليهم والذي يتجاوز الساعات القانونية، وذلك للدخول في منافسة غير نزيهة وهي منافسة مبنية على باطل”.

وأضاف “على رجل الأعمال أن يكون إنساني فالبشر إذا ما انعدموا من الإنسانية لا يعودوا بشر، وهؤلاء العمال الذين يعملون لدينا هم بشر مثلنا، والعمل في المصنع لا يقوم على رجل الأعمال فقط فالعمّال هم من ينهضون بالمهنة وإذا كانوا يتعرّضون لمعاملة سيّئة وللإضطهاد والإستغلال لا أتخيل أن المصنع سيتقدّم. فأنا كرجل أعمال، أعامل الموظفين معاملة جيّدة وأحاول أن أوفّر لهم كل حقوقهم كما أحاول أن أوفّر لهم ظروفاً جيّدة للعمل وهذا كله ثمن النجاح”.

واعتبر الزوش أنه من واجب الجميع رفع الوعي حول قضية الإيغور والتحدّث عنها في الإعلام “وواجبنا أيضاً كمسلمين أن نشعر بغيرة تجاه كل المسلمين الموجودين في كامل بقاع العالم. يجب أن تكون ظروف عملهم جيّدة ولا يجب أن يتمّ استغلالهم، ففي الأساس هم مهمّشون وفقراء ولا يجوز أن نأتي نحن ونزيد مشاكلهم فهذا غير معقول”.

وأوضح أن الصين “تعتمد طرق ملتوية وغير نزيهة للمنافسة، وقد تمكنت عبر تلك المنافسة غير النزيهة أن تكون السوق الأكبر في العالم وذلك عن طريق استغلال الطبقة الهشة والأقليات والناس الفقراء”.

المطلوب على المستوى التونسي

تؤثّر البضائع الصينيّة سلباً على القطاعات التونسيّة المختلفة وقد تساءل الزوش “إذا غزت المنتجات الصينيّة أسواقنا فما الذي نبيعه نحن؟ فنحن لا يمكننا أن ننافس مؤسّسة تنتج مليون قطعة في الوقت الذي أقوم فيه أنا بإنتاج 500 قطعة مثلاً، لا مجال للمقارنة حتى. على الدّولة أن تضع ترسانة من القوانين لحماية المصنّع التونسي كي نصل إلى نتيجة جيّدة فتتحسن ظروف البلاد اقتصادياً“.

تونس

وأضاف “أنا اليوم تضرّرت كمؤسسة إذ لم يعد باستطاعتي بيع البضائع التي أقوم بإنتاجها في الوقت الذي تعرض فيه المتاجر التونسيّة البضائع التركيّة والصينيّة، علماً أن تلك البضائع تدخل بطرق ملتوية وغير قانونية وعن طريق التهريب، فأمام كل تلك العوامل لم يعد باستطاعتنا بيع بضائعنا على الرغم من أن بضائعنا ذات جودة ومصنّعة بمواصفات عالميّة، حتى أن الماركات العالميّة يتمّ تصنيعها في تونس وبالتالي لا يجوز ألا نتمكن نحن من بيع بضائعنا في تونس، هذا يعني أن على الدّولة أن تتحرك”.

واقترح الزوش على الدولة بعض الحلول التي بإمكانها إخراج تونس من تلك الأزمة أبرزها “وضع ترسانة قوانين تنظم قطاع الإستيراد وتتابع الدورة التجاريّة، على أن تضبط الدولة مسالك التهريب، عندها ستصبح البضاعة التونسية مطلوبة وسيكون في الإمكان ترويجها في السوق التونسية وحتى في السوق الخارجيّة”.

وأخيراً طالب الحكومة الصينيّة وغيرها من الحكومات بـ”تنظيم قطاعات العمل ومراقبة المصانع والسعي لمنح الحقوق للعمال، وإلزام المؤسسات بتوفير الظروف الجيّدة للعمل”. كما نصح العمّال بـ”المكافحة من أجل الحصول على حقوقهم ومستحقاتهم وأعتقد أن تضافر الجهود من شأنه أن يحقق نتائج إيجابيّة”.

شاهدوا أيضا: الإستعمار الصيني يتسلّل إلى أفريقيا بأشكال مختلفة