“تحرير الشام” تسعى للتخلص من ثوبها الإرهابي

  • تسعى هيئة تحرير الشام إلى إظهار أنها أصبحت حركة معتدلة.
  • تحاول “الهيئة” لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي لشطبها من قوائم الإرهاب العالمية.
  • الجولاني بطلّة “على الموضة”.. محاولة جديدة لتليمع صورة القاعدة في سوريا.

تسعى جماعة “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على منطقة إدلب في شمال غربي سوريا إلى إظهار أنها أصبحت حركة معتدلة، وذلك بغرض الحصول على الدعم من السكان المحليين واعتراف الولايات المتحدة وبقية دول العالم كمنظمة سياسية لا علاقة لها بالتطرف والقمع، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست“.

وكانت تلك الحركة، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة، قد أعلنت انشقاقها عن تنظيم القاعدة وأنها لم تعد تتبع له، ومع ذلك فإنها لا تزال مصنفة جماعة إرهابية في الولايات المتحدة وعلى قوائم الأمم المتحدة والعديد من دول العالم.

في مقابلة مع أخبار الآن حول هذا الموضوع قال عروة عجوب، المحلل في شؤون التنظيمات الإرهابية “إن هدف هيئة تحرير الشام من خلال هذه المساعي رفع نفسها من قوائم الإرهاب العالمية والإعتراف بها دولياً من خلال تحييد التيار الراديكالي داخل الجماعة وتقديم حوكمة للسكان الموجدين داخل مناطق سيطرتها.

وبحسب عجوب فإن تحرير الشام بدأت هذه المساعي في نهاية عام 2016 وبداية عام 2017 عندما انفصلت الجماعة عن تنظيم القاعدة كما تحاول التأقلم مع شكل التفاهمات السياسية الموجودة على الأرض وبالتالي إعادة تقديم نفسها بشكل جديد من أجل ذلك.

طلة مودرن للجولاني

بلحية قصيرة وشعر متساو وشارب مهذب وجاكيت عصري، ظهر زعيم هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا” في سوريا أبو محمد الجولاني، إلى جانب لافتة كتب عليها “بحضور رئيس حكومة الإنقاذ السورية تم افتتاح أول مشروع حكومي شعبي في المناطق المحررة.. طريق حلب – باب الهوى”.

وأثارت صورة الجولاني بـ”طلة مودرن” سخرية المتابعين على مواقع التواصل، الذين وصفوه بأنها “هيئة جديدة للهيئة”.

حملة تلميع الصورة

حول هذا الظهور سألنا عروة عجوب المحلل في شؤون التنظيمات الإرهابية ما هي الرسالة التي يريد أن يرسلها زعيم جماعة تحرير الشام.

قال عجوب: “إن ظهور الجولاني لم يعد جديداً في إدلب فقد ظهر عدة مرات في الأسواق العامة وبين الناس وذلك لإرسال رسالة إلى العالم الغربي أنه لديه قاعدة شعبية بأنه يدير المنطقة بشكل فعال وهناك دلالة كبيرة على ماتسميه هيئة تحرير الشام الشراكة بين الهيئة وحكومة الإنقاذ لتصوير العلاقة بينهما على أنها علاقة شراكة أكثر من أنها علاقة رئيس ومرؤوس”.

الجولاني يسعى لإظهار امتلاكه قاعدة شعبية

ويضيف عجوب أن الهيئة هي التي تسيطر على إدلب بشكل كبير وبالتالي حكومة الإنقاذ تقوم بعمل مدني ولكن يجب أن لاننسى أن العلاقة هي علاقة سيطرة والرسالة التي أراد إرسالها الجولاني هي أنه محبوب لدى الناس وأن العلاقة مع حكومة الإنقاذ تشاركية.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يمكن القول إن جماعة تحرير الشام نبذت الإرهاب فعلا؟

يقول عروة عجوب إن الهيئة مازالت مُصنفة في قوائم الإرهاب العالمية لكن هل فعلا خضعت هيئة تحرير الشام لتغيرات جذرية في داخلها على الصعيد الأيديولوجي والتنظيمي يقول عجوب نعم خضعت الهيئة لهذه التغيرات، فبالتالي الهيئة لم تعد جزءا من التيارات كداعش والقاعدة وغيرها وبالإضافة إلى أنه دائما ما تقوم بتضبيق الخناق على هذه الجماعات من خلال اعتقال قادتها وقتل بعض خلاياها وبالتالي موضوع الإرهاب لا يرتبط فقط بسلوك الهيئة إنما مرتبط بالتفاهمات الدولية حول إدلب والملف السوري.

بعد "طلة الجولاني الجديدة".. هل تنجح "تحرير الشام" في تلميع صورتها أمام المجتمع الدولي؟

الجولاني يفتتح مشروعا جديدا في إدلب

وبالنظر إلى واقع الحال، ومحاولات الجولاني المتكررة لعرض نفسه على المجتمع الدولي، كزعيم تيار سياسي، وليس كقائد لجماعة ارتكبت عشرات العمليات في سوريا، وبالنظر إلى طموحاته في الحصول على اعتراف دولي فلماذا لا يعلن صراحة نبذ العنف؟

عروة عجوب المحلل في شؤون التنظيمات الإرهابية يقول “إنه ليس من الضروري أن يكون هناك ارتباط بين المفهومين والجولاني يحاول إظهار صورة الهيئة على أنها منظمة أقل تطرفاً من المنظمات الأخرى والتغيرات واضحة بالنسبة للهيئة لكن يبدو أن الهيئة تحتاج إلى جهود أخرى وهذه الجهود مرتبطة ليس فقط بالداخل السوري إنما في الخارج أو من خلال علاقتها مع الدول الفعالة في المنطقة”.

خصوصية “تحرير الشام”

عروة عجوب أشار إلى أنه من المهم النظر إلى هيئة تحرير الشام على أنها  جماعة لها وضعها الخاص بمعنى أنه لم يشهد التاريخ للحركات الجهادية المُعاصرة أن كانت جماعة جزءا من تنظيم من أكثر التنظيمات وحشية وإرهابية بالعالم مثل داعش ومن ثم إلى جماعة أخرى مثل القاعدة ومن ثم الطلاق من القاعدة، وتقديم نفسها على أنها منظمة محلية؟

ويكمل: “لم  يسبق لصانع القرار الغربي أو الدولي بالتعامل مع هذه الحالة وما نراه اليوم بأن الهيئة تقوم بتقديم نفسها على أنها شريك للمجتمع الدولي بحربها على الإرهاب من خلال القضاء على الجماعات الإرهابية المتطرفة ومن خلال تقديم درجة محددة من الاستقرار في إدلب”.

بعد "طلة الجولاني الجديدة".. هل تنجح "تحرير الشام" في تلميع صورتها أمام المجتمع الدولي؟

الهيئة شعرت بقرب النهاية

 

وبحسب الخبير في الجماعات الجهادية فإن هذه المساعي بدأت في نهاية 2016 بداية 2017 عندما شعرت الهيئة أن الدور سيأتي عليها بعد داعش الإرهابي الذي تلقى ضربات قوية متتالية من التحالف الدولي وبالتالي كانت هناك حاجة للتأقلم مع الوضع للحفاظ على الجماعة”.

وختم عجوب تصريحاته لأخبار الآن بأن السبيل الوحيد أمام هيئة تحرير الشام حتى يتم رفعها من قوائم الإرهاب، هو العمل على محاربة الإرهاب والقول “بشكل صريح” للمجتمع الدولي إنها شريك فعال بمحاربة الإرهاب بحكم أنها السلطة الأقوى في إدلب الآن.