وسط أزمة إنسانية خانقة في إدلب.. هيئة تحرير الشام تسعى لتبييض صورتها دولياً

تسعى جماعة “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على منطقة إدلب في شمال غربي سوريا إلى إظهار أنها أصبحت حركة إسلامية معتدلة، وذلك بغرض الحصول على الدعم من السكان المحليين واعتراف أميركا وبقية دول العالم كمنظمة سياسية لا علاقة لها بالتطرف والقمع، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

وكانت تلك الحركة، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة، قد أعلنت انشقاقها عن تنظيم القاعدة وأنها لم تعد تتبع له، ومع ذلك فإنها لا تزال مصنفة جماعة إرهابية في الولايات المتحدة وعلى قوائم الأمم المتحدة والعديد من دول العالم.

ويرى محللون أن هيئة تحرير الشام كانت براغماتية، إذ أنها أدركت حاجتها إلى حاضنة اجتماعية محلية وإلى اعتراف دولي بها، ولذلك بدأت باستخدام خطاب معاد للتطرف والإرهاب.

وفي هذا الصدد يقول عروة عجوب، كبير المحللين في مركز التحليل والبحوث التشغيلية، وهو مؤسسة استشارية في مجال المخاطر السياسية، إن هدف ذلك التنظيم الذي يقوده “أبو محمد الجولاني” هو ضمان مكانتها بين كوكبة الأحزاب المتنافسة على السلطة في سوريا عقب انتهاء الصراع فيها.

وتزعم تلك الجماعة في الوقت الحالي أن تركيزها منصب على تقديم الخدمات الضرورية لنحو 4 ملايين شخص يسكنون في تلك المنطقة ومعظمهم من النازحين الذين فروا من مناطق نفوذ بشار الأسد، وذلك عبر ما يسمى حكومة الإنقاذ، وهنا يوضح، عبدالله كليدو، الرئيس التنفيذي لإذاعة “راديو فريش” والتي توصف بأنها آخر الأصوات المستقلة في تلك المنطقة: “هذا الفصيل الذى اعتاد مضايقتنا يحاول أن يظهر للناس أنهم معتدلون. إنهم يحاولون تنظيم الأمور بحيث تظهر على صورة دولة”.

وبحسب تقرير “واشنطن بوست” تحاول الحركة إظهار أنها قد أنشأت دولة قادرة على إدارتها، إذ ينتشر عناصر شرطة المرور في الطرقات لتنظيم حركة السير، وتدير عبر حكومة الإنقاذ شؤون التعليم والاقتصاد والخدمات العامة، بيد أنها فشلت في تخفيف مصاعب الحياة اليومية في رقعة كبيرة من الأرض تضم مخيمات مترامية.

فالناس، بحسب التقرير، تشكو الغلاء وارتفاع الأسعار وفرض الضرائب المجحفة على مزارعي الزيتون، بالإضافة إلى مضايقة الإعلاميين والصحفيين المحليين الذين ينتقدون الحركة أو حكومة الإنقاذ التي تزعم أنها تعمل بشكل مستقل عن تلك الجماعة.

ضبابية في تقاسم السلطات

أما في مجال القطاع المدرسي، فتشرف وزارة التعليم على حوالي نصف مليون طالب يدرسون في مبان متهالكة تحتوي على فصول مكتظة.

ويقول وزير التعليم، بسام صهيوني، إن آلاف المعلمين يعملون بشكل أساسي كمتطوعين، لأن الحكومة لا تملك الأموال اللازمة لدفع أكثر من مبلغ رمزي كل شهر. وقال: “إذا تركنا الأطفال دون تعليم، فسيكونون جاهلين وسيسقطون في قبضة التطرف”.

وقال إن المناهج الدراسية في المدارس تشمل مواد أساسية مثل العلوم والرياضيات واللغة الإنكليزية والتاريخ، وتم تشكيلها بالتشاور مع شركاء دوليين مثل اليونيسف، ومع ذلك يقول بعض المدرسين إنه جرى تقديم تنازل واحد على الأقل لإرضاء هيئة تحرير الشام ويتمثل في فصل الجنسين منذ الصف الأول الإبتدائي.

وفي وزارة الداخلية، يبدو التقسيم المضطرب للسلطة بين الحكومة وهيئة تحرير الشام واضحاً، إذ تتحكم الوزارة شكليا في بعض الوظائف الأمنية، مثل تنظيم قواعد المرور وإدارة التحقيقات الجنائية. لكن الأمور الأمنية الأخرى، مثل تلك المتعلقة بـ “الأمن القومي”، فإنها تقع ضمن اختصاص هيئة تحرير الشام، بحسب الوزير أحمد لطوف.

الأمم المتحدة تحذر من الوضع الإنساني في إدلب

وفي أوكتوبر الماضي أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الوضع المزري للمدنيين بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، جراء الضربات الجوية الذي ينفذها النظام، وتفشي فيروس كورونا.

وقال بيان للمنظمة: “يعيش 97 بالمئة من سكان المنطقة، في فقر مدقع، اعتمادا على المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء والخدمات الأساسية الأخرى”.