عرض تلفزيون الآن وثائقياً خاصاً عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، يطرح سؤالاً مركزياً عن مصير القاعدة بعد استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، ويفنّد أسباب عجز وانهيار القاعدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

لم يكن تنظيم القاعدة في مأزق أكبر مما هوعليه اليوم، ولم يكن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في حرج أكبر مما هما عليه اليوم وأنصارهما وأتباعهما، بعد 20 عاماً.. طالبان تستولي على أفغانستان.. ماذا يعني ذلك لتنظيم القاعدة؟

  • استيلاء طالبان على أفغانستان فضح عجز القاعدة و فضح عجز زعيمها أيمن الظواهري.
  • ضعف و عجز بدأ مع لحظة قرر اسامة بن لادن شنّ هجمات 11 سبتمبر.
  • من مفهوم الجهاد العالمي الى الأفول بعد أسامة بن لادن الى التصفية مع الزعيم الحالي.

 

بعد 20 عاماً.. طالبان تستولي على "أفغانستان" فماذا يعني ذلك للقاعدة؟

يتربع أسامة بن لادن إلى جانبه رشاش ربّما لم يستخدمه قط ليرى تنظيمه الذي طمح لإنتشاره العالمي منهاراً، منهكاً، مشتتاً وأكثر.. ملاذه الأخير أفغانستان تلفظه ومن تبقى من مناصريه وتتنكر له بعدما سال لعابها أمام شهوة السلطة، وتحكمت بمفاصل البلاد لتبث الخوف والرعب من جديد.

يتابع بن لادن مشاهد استيلاء طالبان على أفغانستان ويتابع الوعود التي قطعتها طالبان بعدم السماح لأي جهة باستخدام أراضيها لتهديد أمن الولايات المتحدة وعينه على رسائل كثيرة إلى جانب مكتبه روجت للجهاد العالمي الذي كان السبب بالحرب الكونية على الإرهاب لكنها بقيت حبراً يزين الرسائل فقط بعدما تمكنت مجموعات متطرفة كثيرة كطالبان وتحرير الشام تخلت عن شعار القاعدة الفضفاض لتتمكن من تحقيق مصالح ضيقة ومكاسب محلية.

حكما كانت هذه هي حال أسامة بن لادن لو لم يزل على قيد الحياة، جالساً أمام شاشة التلفزيون محاطاً بأشرطة مسجلة له فيها تعليمات واستراتيجيات تكتيكية وخطابات بات متأكداً أنها لم تعد بالنفع عليه ولا على تنظيمه بأي قيمة لا بل كان هي المقررات التي قصمت ظهر البعير لتتوج بها مشاهد دموية سابقة ولاحقة عرّت الإيديولوجية الواهمة للقاعدة وأسسّت لحقبة تاريخية فاشلة ومنهكة بزعامة أيمن الظواهري.

بعد 20 عاماً.. طالبان تستولي على "أفغانستان" فماذا يعني ذلك للقاعدة؟

أفغانستان اليوم تحت قبضة طالبان

ماذا يعني ذلك للقاعدة؟ وماذا يعني لبيعتها؟ ما هي الحاجة اليوم لتنظيم كتنظيم القاعدة إذا ما كان أعضاؤه سيقدمون الطاعة لطالبان؟ ولماذا تحتاج طالبان لتنظيم القاعدة وغالبية فروعه هي مفصولة عن قراره القيادي؟ ببساطة استيلاء طالبان على أفغانستان كشف عدم جدوى القيادة العامة لا في القرار السياسي ولا في الميدان حتى عند أكثر المتحمسين للقاعدة.

إنه مسار إنحداري بامتياز حافل بالفشل والإنكسارات وعناوينها العريضة: القرار الخاطئ.. قرار أسامة بن لادن شنّ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما آل إليه من حرب عالمية على الإرهاب.

افول القاعدة في ظل قيادة الظواهري العاجزة بعد رحيل أسامة بن لادن، والتصفية العامة باستيلاء طالبان على أفغانستان وإثبات عجز وعدم صوابية القاعدة بإيديولوجيتها ومسارها وممارساتها

بعد 20 عاماً.. طالبان تستولي على "أفغانستان" فماذا يعني ذلك للقاعدة؟

صاعق الحادي عشر من سبتمبر

الحادي عشر من سبتمبر.. اللحظة التي خُيل لقادة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن أنها ستغير مجرى التاريخ، هي اللحظات الأكثر رعباً بالنسبة للعالم بأكمله
أربع طائرات كانت تحلق فوق شرق الولايات المتحدة في وقت واحد من قبل مجموعات صغيرة من الخاطفين الإرهابيين.

استخدمت الطائرات كصواريخ عملاقة لضرب مبان في نيويورك وواشنطن، اصطدمت الطائرة الأولى بالبرج الشمالي أما الثانية فقد اصطدمت بالبرج الجنوبي، واندلعت النيران في المبنى وحوصر الناس في الطوابق العليا وبعد أقل من ساعتين انهار كلا البرجين المكونين من 110 طوابق.

الطائرة الثالثة دمرت الواجهة الغربية لمبنى البنتاغون وتحطمت الطائرة الرابعة في حقل في ولاية بنسلفانيا بعد أن قاوم الركاب الخاطفين وسيطروا عليهم، يُعتقد أن الخاطفين كانوا يعتزمون استخدام الطائرة في مهاجمة مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة.

قتلى وجرحى بالآلاف ودمار هائل وذهول عالمي استمر لأشهر وفي المحصلة، ماذا حصد أسامة بن لادن من هذه الهجمات؟ ما هي خلفية الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى اتخاذ القرار بشنها؟

لماذا اختار أسامة بن لادن معارضة والسير عكس المشورة الشرعية المتمثله آنذاك بمفتي القاعدة أبي حفص الموريتاني الذي كان له رأي مخالف ورافض لمثل هذه الهجمات؟ هل تجرأ وأعلن بن لادن مسبقاً عن عزمه شن هذه الهجمات أم أنّه استخدمها فقط كجزء من البروباغندا؟ والأهم هل كان يدرك فعلاً تداعياتها على القاعدة وأفرعها عبر العالم؟

 

مقابل “الجهاد العالمي” أيادِ ملطخة بدماء الابرياء

سجل القاعدة الدموي لم يقتصر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر فبعد هذه الهجمات الدموية وبالتزامن مع بدء القوات الأميركية والبريطانية في أوكتوبر من العام 2001 بشن غارات على أفغانستان بعد أن رفضت حركة طالبان تسليمها أسامة بن لادن وبالتزامن مع وقوع قندهار حصن طالبان أمام القوات الامركية وهروب بن لادن والملا عمر مع زعماء طالبان على متن دراجة نارية كان آلاف المسلمين والأمنين الأبرياء في العالم يدفعون ثمن ارهاب القاعدة وتفجيرات أفرعها في العالم العربي التي كانت تعبث بالحجرو البشر غير آبهة بأرواح الآمنين والأبرياء وحرمة دماء المسلمين ليصبح الإرهاب وتصبح التفجيرات متلازمة لتسمية القاعدة ولتصبح الخلافات والتهشمات واستهداف المسلمين سمة من سمات التنظيم الإرهابي إلى حين شن الغارة على مكان بن لادن في أبوت أباد في مايو من العام 2011.

القيادة العاجزة

من القيادة العامة للجهاد العالمي إلى مجرد فروع تتناتش السلطة وتتألق بالسرقات والأذية والخيانة والتصفيات الداخلية، هي صورة تختصر تنظيم القاعدة، أفراد من دون قادة.. وشايات.. تصفيات .. وانشقاقات باتت تتحكم بأفرع القاعدة ولا سيما في العراق وسوريا واليمن وليبيا والساحل الإفريقي.

مجموعات انشقت عن أفرع القاعدة ومجموعات بايعت أخرى سعياً وراء المال والسلطة.. كل ذلك وسط عجز محكم لزعيم التنظيم أيمن الظواهري المتواري عن الأنظار والذي لا يظهر الا في رسائل مسجلة ومصورة غير مرتبطة بالواقع ولا تمت بصلة بأحوال أفرع القاعدة حول العالم وأحوال قادة هذه الأفرع الذين كانوا يتهاوون الواحد تلو الآخر من دون أن يحرك الظواهري ساكناً.

2020 عام التصفيات بالجملة

قتل أبي محمد المصري الذي كان أحد أهم أعضاء القاعدة المستقرين في إيران في السابع من أغسطس/ آب مع ابنته مريم أرملة حمزة بن لادن في حادث إطلاق نار من سيارة مسرعة في طهران.

في 27 أكتوبر/ تشرين الأول أشار أنصار القاعدة على الإنترنت إلى مقتل أبو محمد السوداني، المسؤول البارز في فصيل “حراس الدين”، فرع القاعدة في سوريا، وقالوا أنه قتل في غارة جوية أمريكية في 15 أكتوبر/ تشرين الأول في بلدة “عرب سعيد” غربي مدينة إدلب الواقعة في شمال غرب سوريا.

ويقال أن السوداني الذي كان شخصية بارزة في القاعدة البارز في القاعدة كان يعتبر من المقربين من زعيم القاعدة أسامة بن لادن أيمن الظواهري.

يونيو /حزيران نشر أنصار تنظيم القاعدة عبر الإنترنت خبر مقتل الشخصية البارزة في التنظيم أبو القسام الأردني (خالد العاروري) في غارة جوية أمريكية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

كان الأردني من بين خمسة من مسؤولي القاعدة الذين أطلقت إيران سراحهم ضمن صفقة تبادل أسرى عام 2015 مع فرع القاعدة في اليمن، وبعد الإفراج عنهم، توجه ثلاثة منهم، بينهم الأردني، إلى سوريا للإشراف على نشاط القاعدة في سوريا.

وفي أواخر عام 2019، قُتل مسؤولان بارزان آخران في تنظيم القاعدة (حراس الدين) في ظروف مماثلة في إدلب، وبحسب ما ورد حينها، قُتل بلال خريسات (المعروف أيضاً باسم أبو خديجة الأردني) في غارة جوية أمريكية في ديسمبر/كانون الأول، وقُتل أبو خالد المهندس (المعروف باسم ساري شهاب، صهيب) في أغسطس/ آب.

كان المهندس أحد مسؤولي القاعدة الخمسة الذين تم إطلاق سراحهم من السجن في إيران وكان رفيق درب زعيم القاعدة السابق في العراق أبو مصعب الزرقاوي.

في الخامس من يونيو/ حزيران 2020 أعلنت الحكومة الفرنسية مقتل زعيم القاعدة في شمال أفريقيا الجزائري عبد القادر دروكدال الملقب بأبي مصعب عبد الودود في عملية عسكرية في شمالي مالي في 3 يونيو.

في 20 إبريل 2020 أعلنت جماعة “أنصار غزوات الهند” الكشميرية الموالية للقاعدة عن مقتل نائب زعيمها وأثنين من عناصرها بعد أيام قليلة من تأكيدها مقتل أربعة من عناصرها.

إلى ذلك أكدت الحكومة الأمريكية في فبراير من العام 2020 أنها قتلت زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قاسم الريمي في عملية خاصة في اليمن دون الكشف عن مكان وتاريخ العملية.

وانتشرت تقارير في أواخر يناير/ تشرين الثاني تتحدث عن مقتل الريمي في غارة جوية بطائرة دون طيار في محافظة مأرب في الثامن والعشرين من ذلك الشهر.

يقول المراقبون أن عمر التنظيمات الإرهابية قد لا يتجاوز 14 عاماً فهل انتهت صلاحية بيعة أفرع القاعدة؟ أم أن الظواهري قرر خط ّالفصل الاخير من فصول تنظيم القاعدة؟

قد يميل مراقبون إلى الإشادة بصمود القاعدة على مر السنوات السابقة معتبرين أن هذا الأمر بحد ذاته إنجاز تاريخي ولكن عن أي نجاح يتحدثون هل تساءلوا في أي مرتبة عالمية يمكن ادراج تنظيم القاعدة اليوم؟ ما هي الإنجازات التي حققتها في السنوات العشرين الاخيرة غير المزيد من التشرذم وتوليد الإنشقاقات؟

قيادة عامة لتنظيم القاعدة لا يقام لها وزن حتى بمرتبة موازية مع أفرعها كالشباب وقاعدة اليمن ليأتي استيلاء طالبان على أفغانستان ليدق المسمار الأخير في نعش القاعدة.

بعد 20 عاماً.. طالبان تستولي على "أفغانستان" فماذا يعني ذلك للقاعدة؟

شكل استيلاء طالبان على أفغانستان فضيحة لتنظيم القاعدة الذي انشغل زعيمه أيمن الظواهري على مدى سنوات وفي خطابات لا تعد ولا تحصى على انتقاد البرغماتية السياسية، التفاوض مع الغرب وتحقيق أي مطلب مقابل الحصوص على مكاسب في السلطة ونقض الإيديولوجيات.

طالبان التي بايعها الظواهري هي نفسها التي لجأت إلى كل هذه البراغماتية السياسية لتحقيق مكسب السلطة وفرض قبضتها على أفغانستان لتفضح بذلك نفاق تنظيم القاعدة وشعاراتها الزائفة.

امبراطورية فارغة والتركة الثقيلة

قد يكون كل ما ذكرناه سابقاً سياقاً تاريخياً تحليلياً مرئياً وظاهراً جلياً بانعكاساته وتداعياته على تنظيم القاعدة وقدرة هذا التنظيم على الإستمرار من عدمه لكن بنظرة تحليلية على جوهر المنطق الذي أسس عليه تنظيم القاعدة منطق العنف لا بدّ من التوقف عند الجوانب الشخصية لقيادات القاعدة ومقاربة الواقع وحقيقة هؤلاء مقارنة مع ما كانوا يدعون إليه ويروجون له.