9/11 يوم أحدثت القاعدة فجوة مؤلمة في التاريخ 

تقترب الذكرى العشرين لوقوع الهجمات التي يسهل وصفها بأنها غيرت مجرى التاريخ، ألا وهي أحداث الحادي عشر من سبتمبر. في صباح ذلك اليوم من عام 2001 كان العالم مع مشاهد ما تزال ارتداداتها تهزه بطرق متنوعة.

لم تكن هذه الهجمات الأولى لاستهداف القاعدة للولايات المتحدة أو مصالحها في دول مختلفة، وصحيح أن القاعدة استهدفت الولايات المتحدة، فإن تداعيات هجماتها أتت بويلات مستمرة على العالم الإسلامي بشكل عام والعرب وخصوصاً المسلمين منهم بشكل خاص.

تسلسل زمني لأبرز هجمات القاعدة وفروعها وأكثرها دموية

زعيم تنظيم القاعدة السابق اسامة بن لادن

نورد في هذا التقرير أبرز الهجمات وأكثرها دموية التي نفذتها القاعدة أو فروعها في كل من السعودية واليمن وأندونيسيا.

منذ 1992، نفذت القاعدة هنا وهناك عمليات صغيرة لم تنجح في غالبيتها، وفي عام 1996، أعلنت القاعدة ما سمته الجهاد لطرد المصالح والقوات الأجنبية من الأراضي الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تعمل على توسيع المساحة الجغرافية لنشاطاتها وتكبير وقع عملياتها.

تسلسل زمني لأبرز هجمات القاعدة وفروعها وأكثرها دموية

اياد اغ غالي زعيم جماعة انصار الدين التابعة لتنظيم القاعدة

سبق أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي راح ضحيتها حوالي 3 آلاف شخص، تفجيران متزامنان في السابع من آب/ أغسطس عام 1998، استهدفا سفارتي الولايات المتحدة في كل من كينيا وتنزانيا، وعرفا بتفجيري نيروبي ودار السلام.

قتل في هذين التفجيرين 224 شخصاً وجرح ما لا يقل عن أربعة آلاف آخرين، وتسبب في ضرب واشنطن للسودان وتدمير مصنع الشفاء للأدوية حيث كانت تُصنع ما نسبته 50٪ من أدوية السودان، وفي وقت لاحق العام الماضي، قضت المحكمة العليا الأميركية بأن السودان ملزم بدفع تعويضات تأديبية عن التفجيرين.

لم تكتفِ القاعدة بأفرادها في تنفيذ الاعتداءات، بل عملت على تشكيل شبكات تنسيق دولية مع حركات وجماعات أخرى ترتبط معها بالفكر وأحياناً بالتمويل أيضاً، وقامت هذه الحركات والجماعات بتنفيذ اعتدءات مختلفة في مواطنها حيث تأسست.

تسلسل زمني لأبرز هجمات القاعدة وفروعها وأكثرها دموية


أحد الهجمات الارهابية التي نفذتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة ضد قوات حفظ السلام في مالي

فأندونيسيا على سبيل المثال، كانت مسرحاً لاعتداء دامٍ تبنته القاعدة الأم والجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا، ففي الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2002، فجّر انتحاري بقنبلة داخل حقيبة ظهره نفسه في ملهى بجزيرة بالي الأندونيسية، ولم تلبث سيارة مفخخة أن انفجرت أمام الملهى نفسه، أدت إلى قتل 202 من السياح وجرح 209 أشخاص آخرين.

أبرز الهجمات في السعودية

في المملكة العربية السعودية نفذ فرع القاعدة وانتحاريوها عدة هجمات، أبرز الهجمات، أولها ما عرف بتفجيرات شرق الرياض في 12 أيار/ مايو عام 2003، حين قام 9 انتحاريين بتفجيرات متزامنة في 3 مجمعات سكنية مستخدمين 4 سيارات مفخخة، وراح 26 شخصاً من جنسيات مختلفة، فضلاً عن الانتحاريين التسعة، وأصيب أكثر من 160 شخصاً.

وفي يوم من أيام شهر رمضان المبارك، أحد الأشهر الحرم لدى المسلمين، وصادف ميلادياً الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، هاجمت 3 مجموعات من مسلحي القاعدة مجمع المحيا غرب الرياض.

قامت مجموعة باقتحامه مستخدمين الرصاص وقنابل يدوية، فيما أطلقت مجموعة أخرى قذائف أر بي جي على المجمع لتسهيل دخول انتحاريين بسيارة مفخخة، أسفر الهجوم عن 18 قتيلاً و122 جريحاً، غالبيتهم من العرب والمسلمين ومعظمهم أطفال.

تسلسل زمني لأبرز هجمات القاعدة وفروعها وأكثرها دموية

جانب من الهجمات الارهابية التي نفذتها أجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة ضد القوات العسكرية الأجنبية في مالي

وفي 21 نيسان/ أبريل عام 2004، قاد انتحاري مركبة ملغمة بـ 1200 كيلوغرام من المواد المتفجرة، محاولاً اقتحام البوابة الرئيسة لمجمع إدارات الأمن العام في شارع الوشم بالعاصمة الرياض، وحين فشل استهدف حائطاً جانبياً، ونجم عن العملية قتل 5 أمنيين، وطفلة وقع عليها سور حديقة منزلهم، وإصابة 200 آخرين، توفي بعضهم لاحقاً ليرتفع عدد القتلى إلى 11 شخصاً.

تحول فرع القاعدة بالسعودية بعد ذلك لاستهداف الغربيين بشكل خاص، ومن أبرز الهجمات التي نفذها، هجوم على مقر شركة هلبيرتون الأميركية النفطية ومجمعاتها السكنية، وهو ما عرف بهجوم الخبر الذي أستطاع فيه المهاجمون في 29 أيار/ مايو 2004 قتل 22 شخصاً واتخاذ 45 رهينة قبل أن تقوم القوات الخاصة السعودية بالسيطرة على الوضع صباح اليوم التالي خلال عملية خسرت فيها بعض أفرادها. 

اليمن.. حيث الحكاية مستمرة والضحايا يمنيون 

أما أبرز العمليات في اليمن، فقد بدأها فرع القاعدة قبل أن يندمج مع فرعها في السعودية بهجوم على المدمرة الأميركية يو أس أس كول وهي راسية في خليج عدن في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2000، ما أسفر عن قتل 17 جندياً أميركياً وإصابة 39 آخرين.

بعد ثماني سنوات، في 18 أيلول/ سبتمبر عام 2008، نفذت حركة الجهاد الإسلامي في اليمن التابعة للقاعدة هجوماً على السفارة الأميركية في صنعاء بقذائف المورتر، أدت إلى قتل 19 شخصاً، منهم 6 من الشرطة اليمنية و7 يمنيين مدنيين، و6 مهاجمين، فضلاً عن 16 إصابة.

في عام 2009، أُعلن اندماج فرعي القاعدة في السعودية واليمن تحت مسمى القاعدة في شبه جزيرة العرب، إثر ذلك قويت القاعدة في اليمن لأسباب عديدة، أبرزها أسباب قبلية وجغرافية.

استمرت القاعدة في اليمن في عملياتها، وانبثق عنها تنظيم أنصار الشريعة الذي نفذ واحدة من أشرس الهجمات بتاريخ اليمن، تفجير السبعين ويعرف كذلك بتفجير صنعاء وهو هجوم انتحاري نفذ في 21 أيار/ مايو عام 2012 بميدان السبعين خلال التدريبات الاستعدادية لاحتفالات الوحدة اليمنية، ما أدى إلى قتل 120، غالبيتهم من الجنود.

تسلسل زمني لأبرز هجمات القاعدة وفروعها وأكثرها دموية

جانب من آليات التفخيخ والتفجير التي يتبعها تنظيم القاعدة في اليمن

كما شكلت عملية اقتحام مستشفى العرضي داخل مجمع وزارة الدفاع اليمنية في العاصمة صنعاء بصمة سوداء في صفحة القاعدة عند اليمنيين، ما دفعها لتقديم بيان اعتذار، لم يستطع إعادة الضحايا للحياة.

ففي 5 كانون الأول/ ديسمبر عام 2013، تنكر مسلحون من القاعدة بثياب عسكرية ودخلوا المجمع مدعوين بسيارات مفخخة وانتحاريين. ولم يتوجه المهاجمون لمبنى وزارة الدفاع، بل إلى المستشفى حيث فتحوا النيران والقنابل ولاحقوا الموجدين لتصفيتهم. سقط 56 شخصاً غالبيتهم من الجهاز الطبي ومدنيين وعسكريين وقضاة، وجرح 215 شخصاً آخرين.

وفي 9 آب/ أغسطس عام 2014، ذبح أفراد من القاعدة 15 جندياً يمنياً بالسكاكين بمنطقة حوطة أحمد بن زين بمدينة شبام بمحافظة حضرموت، وهي العملية التي عرفت بمجزرة الحوطة، وقام فيها عناصر التنظيم بإلقاء جثث الجنود في الشارع أمام المواطنين، وهذه الهجمات هي غيض من فيض من الاعتداءات التي نفذتها القاعدة في جزيرة العرب في اليمن.

وبالرغم من دحر القاعدة وإخراجها من عدد من المحافظات والمدن جنوب اليمن وقتل أبرز قيادييها وانشقاق عدد كبير من القياديين والأفراد، فإنها تستمر في تنفيذ هجمات بين فترة وأخرى، يذهب ضحيتها دائما يمنيون عسكريون ومدنيون لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الصراع العالمي الذي تشنه القاعدة.