في مدينة هامبورغ، حكم يوم الخميس على المواطنة الألمانية التونسية أميمة عبدي، التي كانت مع داعش في سوريا، بالسجن لمدة نصف عام إضافي لاعتبارها ضالعة في سبي الأيزيديات، بالإضافة إلى السنوات الـ3.5 التي تلقتها عبدي خلال محاكمة سابقة في العام 2020.

اكتسبت قضية أميمة عبدي شهرة في نيسان/أبريل 2019 بعد أن بثت مراسلة أخبار الآن جنان موسى تقريراً عن محتوى هاتف عبدي والذي حصلت عليه في وقت سابق.

أظهر التقرير أدلة على أن عبدي كانت تنتمي لتنظيم داعش، أنها سافرت مع أطفالها الصغار إلى أراضي داعش في سوريا وتزوجت من أحد أشهر قادة داعش، المواطن الألماني دينيس كاسبرت، المعروف باسم “مغني الراب ديزو دوغ”. بعد نشر التقرير الإخباري، تم القبض على عبدي، التي كانت قد عادت الى هامبورغ، وحُكم عليها بالسجن لمدة 3.5 سنوات في أكتوبر من العام الماضي.

وخلال هذه المحاكمة الثانية، حاول المدعي العام إثبات أن أميمة عبدي (37 عامًا) كانت ضالعة في سبي الأيزيديات بعد أن “استعارت” امرأتين إيزيديتين في العام 2016 من امرأة ألمانية داعشية أخرى لتنظيف المنزل الذي احتلته في مدينة الرقة السورية.

اعترفت عبدي خلال المحاكمة بأنها استخدمت “سبايا أيزيديات” خلال إقامتها في الرقة، فيما اعتذرت للنساء الأيزيديات وقالت إنها تريد أن تنسى الماضي وتواصل حياتها بعد إطلاق سراحها من السجن.

وصرحت عبدي: “بعد إطلاق سراحي، أود أن أفتح محل لتصفيف الشعر وأريد أن ألتقي بأولادي الأربعة في أسرع وقت ممكن”.

وكانت إحدى النساء الأيزيديات، التي تم سبيها من قبل داعش واستخدمتها عبدي لتنظيف منزلها، حاضرة في قاعة المحكمة، حيث قالت المرأة الأيزيدية: “إن المتهمة [أميمة عبدي] ترغب في نسيان الماضي وبدء مستقبل جديد، إلا أننا لا ننعم بمثل هذا الخيار، لا يمكننا أبدًا أن ننسى ما حدث لنا، ما فعله بنا أشخاص مثل عبدي، لقد دمرنا داعش نحن الأيزيديين بسبب ديننا وأصبحنا سبايا لأننا نساء.”

ورغم أن عبدي اعتذرت للنساء الأيزيديات، لم يشعر الكثيرون في قاعة المحكمة بأن عبدي تعني حقًا ما قالته. لا يمكن لأحد – حتى محامي عبدي – أن يضمن أن الاعتذار كان صادقًا وليس فقط وسيلة للهروب من حكم أقسى.

وفقًا للسلطات الألمانية، يتم إعادة تأهيل عبدي من قبل منظمة “Legato”، وهي منظمة ألمانية تحاول القضاء على نزعة التطرف عند أعضاء تنظيم داعش وأنصاره، كما تتلقى عبدي مساعدة نفسية. وبحسب عبدي فإنه “من الصعب الابتعاد عن التطرف بين ليلة وضحاها”.

 

الحكم على أميمة عبدي بالسجن لنصف عام إضافي لاستخدامها سبايا أيزيديات لتنظيف منزلها في الرقة

الجهادي السلفي الألماني برنارد فالك – مصدر الصورة: صفحة فالك على فيسبوك

 

حضور بيرنارد فالك، الجهادي السلفي الألماني المعروف، محاكمة عبدي أثار شكوكا كبيرة حول أن عبدي لم تبتعد عن اوساط المتطرفين بعد. فالك، أمضى 12 عامًا في السجن كعضو في جماعة إرهابية يسارية متطرفة ألمانية، وبعدها اعتنق الإسلام وأصبح منذ ذلك الحين مؤيدًا قويًا للمتشددين المسجونين الذين يدعمون القاعدة أو داعش أو طالبان.

 

الحكم على أميمة عبدي بالسجن لنصف عام إضافي لاستخدامها سبايا أيزيديات لتنظيف منزلها في الرقة

برنارد فالك و محامي أميمة عبدي

لم يكتف فالك بحضور محاكمة عبدي، بل التقى أيضًا – خارج مبنى المحكمة في حديقة مجاورة – بمحامي عبدي، طارق العبيد، لإجراء محادثة خاصة. نشر فالك على صفحته على فيسبوك يوم 13 يوليو رسالة تضامن مع أميمة عبدي جاء فيها: “سواء كنت تتفهم مسار حياة هذه المرأة أم لا، أدعو على الأقل أن يعود أطفالها الأربعة اليها قريبًا.”

خلال المحاكمة، كشفت كاتيا شونبيرخ، التي تعمل مع شرطة هامبورغ وحققت بدقة في قضية أميمة عبدي، كشفت عن المزيد من التفاصيل حول الفترة التي قضتها عبدي في سوريا مع داعش. ووفقًا لكاتيا، كانت عبدي فخورة جدًا بوجودها في سوريا مع داعش وإنجاب طفل من دينيس كاسبرت، أحد أشهر قادة داعش الألمان. “لقد كانت [عبدي] فخورة جدا بذلك،” وفقا لشونبيرخ في المحكمة. كما وأوضحت المتهمة في عدة مناسبات أنها استمتعت بوقتها مع داعش في سوريا. وقالت عبدي “لقد قضيت وقتا رائعا، لست نادمة البتة، كل شيء يحدث لسبب ما.”

وكان سبب مغادرة عبدي سوريا في نهاية المطاف والعودة للعيش في ألمانيا مرتبطًا بزوجها دينيس كاسبرت. نشب شجار بينهما لأن كاسبرت أخبرها أنه يريد أن يحصل على زوجة أخرى. غضبت عبدي وقالت إنها لن توافق على زواجه من إمرأة ثانية، بعدها قامت عبدي بطرد كاسبرت من منزلهما بالرقة حيث كانا يعيشان مع طفلهما وأطفال أميمة الآخرين من زيجات سابقة…

وفي النهاية غادرت عبدي إلى ألمانيا مع جميع الأطفال، بينما قُتل كاسبرت في غارة جوية في سوريا أو العراق. بحسب الشرطية شونبيرخ، لم تكن عبدي تتقبل تواجد أي امرأة أخرى في محيطها، وهذا هو السبب في أن عبدي وكاسبرت لم يكن لديهما سبايا أيزيديات في الرقة لأن عبدي كانت تعلم أنّ أفراد داعش يعتدون جنسيًا على النساء الأيزيديات المستعبدات، وأن عبدي ستشعر بالغيرة لو اعتدى زوجها جنسيا على سيدة أيزيدية.

‎أثناء المحاكمة، تم تعليق الجلسة لبعض الوقت وطلب من الجمهور الخروج من القاعة وذلك للتحدث عن الحياة الجنسية لعبدي وعن مرضها. نظرًا لأن هذه الأجزاء من المحاكمة تم حجبها عن الجمهور، فليس من الواضح ما هو المرض الذي تعاني منه عبدي وما علاقة حياتها الجنسية بالمحاكمة.

كان صوت عبدي عاليا في بعض الأحيان أثناء المحاكمة، وكانت ترفع صوتها وهي تتحدث في القاعة. زعمت عبدي أن كل شيء في حياتها كان طبيعياً إلى أن قامت أحد الصحفيات بنشر تقرير خاص عن محتويات هاتفها الضائع في سوريا، ومنذ ذلك الحين يعتقد الجميع أنها إرهابية، فقد فقدت وظيفتها كمترجمة للاجئين في هامبورغ وتم القبض عليها، وعلقت قائلة “أريد فقط أن أنسى الماضي وأن أبدأ حياة جديدة خارج السجن”.