إيران تصعد من دورها في اليمن بدعم الحوثيين بصواريخ ذو الفقار البالستية

لم تكن  حركة “أنصار الله” الحوثية في اليمن، المدعومة من إيران، تنتظر رفع الولايات المتحدة الأميركية لها من قائمة الإرهاب في 16 شباط/ فبراير الماضي، حتى تصعد هجماتها المتكررة على المملكة العربية السعودية.

لكن مع بداية هذا العام 2021، الذي شهد بعض التغيير في السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط مع تغيير الإدارة الأميريكة وتولي جو بايدن الرئاسة فيها، حتى بدأنا نشهد نهجاً أكثر حدة في الرسائل الحوثية الصادرة من صنعاء، وكذلك الرسائل الإيرانية.

لطالما نفت إيران دورها وعبثها الطائفي في المشهد اليمني إلى أن أقرت في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2019، وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، بتقديم الحرس الثوري “دعماً استشارياً وفكرياً” لحركة “أنصار الله”.

لكن بالرغم من هذا الإقرار الذي جاء على لسان رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، فإنه أنكر حينها إرسال طهران صواريخ إلى اليمن.

هذا الإنكار رافق دائماً التقارير الدولية والتصريحات الأميركية عن اعتراض شحنات أسلحة وصواريخ إيرانية إلى اليمن أو وصولها لأيايدي الحوثيين عبر تهريبها من ممرات مائية وبرية.

لم يلبث أن وقع الحوثيون أنفسهم في الإقرار بتلقي الدعم العسكري الإيراني، حين صرح ممثل حركة أنصار الله لدى طهران إبراهيم الديلمي بعد لقائه وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في 22 كاون الأول/ ديسمبر من العام 2019، عن تعاون على كل الأصعدة مع طهران، عقب بحثه “سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات العسكرية”.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

كلّلت حركة أنصار الله الحوثية نتائج الدعم العسكري الإيراني، لها حين شنت ما سمته “عملية توازن الردع الخامسة” على المملكة العربية السعودية في الأول من آذار/ مارس الحالي، واستخدمت فيها لأول مرة صاروخ “ذو الفقار” أرض – أرض، البالستي  الإيراني الصنع، إلى جانب 15 طائرة مسيرة ملغّمة.

يعتبر صاروخ “ذو الفقار”  صاروخاً تكتيكياً، وهو أحد أدق الصواريخ الإيرانية البالستية متوسطة المدى، ويمتلك رأساً حربياً انشطارياً يُمكّنه من إصابة عدة أهداف متفرقة على الأرض بشكل دقيق وتسديد ضربة مدمرة للهدف بالكامل وبدقة عالية.

كما يمكن تركيب صاروخ “ذو الفقار” على منصات ثابتة ومتحركة ذاتية الانطلاق، والإفلات من الرادارات وامتلاك تقنيات متطورة لتسديد ضربة دقيقة الهدف، ويتراوح مداه بين 700 إلى 750 كيلومتراً.

بتصعيد الحوثيين لنوعية هجماتهم على المملكة العربية السعودية، واشتداد وتيرة المعارك في محافظتي مأرب والجوف، تكون إيران تصعد بشكل غير مباشر من رسائلها في المنطقة ومن تعكيرها لمياه اليمن وعرقلة أي خطوات نحو استقرار الوضع وتمكن الحكومة اليمنية الشرعية من العمل بفعالية عبر إلهائها بالقتال.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم القاعدة بالمال والسلاح والخبرات العسكرية

لكن اليد الإيرانية في اليمن لا تقتصر على دعم حركة أنصار الله، وتعزيز وجودها وقوتها عبر رجلها العسكري في اليمن، القيادي في الحرس الثوري رضا شهلايي وحوالى 400 من أفراد الحرس الثوري، وفق ما كانت قد أوردته تقارير غربية سابقاً.

فإيران تدعم العدو اللدود للحوثيين عقائدياً واستراتيجياً، ألا وهو القاعدة في جزيرة العرب، هذه المفارقة، مثبتة منذ سنوات، فإيران تؤوي قياديين من القاعدة وعائلاتهم منذ أن بدأت الحرب على الإرهاب في أفغانستان.

ثم في عام 2017، نشرت وكالة الاستخبارات الأميركية وثائق تثبت وجودة علاقات بين القاعدة وإيران، حصلت عليها خلال الهجوم على مقر زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، والتي عرفت باسم وثائق أبوت آباد.

مطلع هذا العام، وتحديداً في 12 كانون الأول/ يناير، أعلن وزير الخارجية الأميركية آنذاك مايك بومبيو أنه وفق وثائق أمنية أميركية رفعت عنها السرية مؤخراً، فإن إيران قد أصبحت “مقراً جديداً” للقاعدة التي تدير من هناك عملياتها في دول عديدة منها اليمن.

تصريحات بومبيو، جاءت عقب شهرين تقريباً على تقرير صحفي أفاد أن عملاء إسرائيليين قد اغتالو أبو محمد المصري، الرجل الثاني في القاعدة المقيم في طهران وابنته مريم، أرملة حمزة أسامة بن لادن في 7 آب/ أغسطس 2020، وهو يوم ذكرى تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، والمشتبه بأن أبو محمد هو العقل المدبر وراءهما.

قد يبدو ذلك غريباً لكثيرين سيتسائلون كيف يمكن لإيران الشيعية دعم حركة أنصار الله الحوثية، وبنفس الوقت دعم تنظيم القاعدة ذي العقيدة السلفية السنية المتشددة، جواب هذا السؤال وجدته أخبار الآن عند قيادي منشق عن القاعدة، أكد أن الهدف لهذه الأطراف الثلاثة سياسي مشترك بنية السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

قيادي منشق عن القاعدة: هدف إيران هو السيطرة على الشرق الأوسط كله

القيادي هذا كان مساعداً لأحد أمراء القاعدة قبل أن ينشق وينسق عودته للمجتمع المدني وينبذ العنف بسبب اكتشافه حقيقة القاعدة وفق ما صرح به لأخبار الآن ونشر في وقت سابق.

حول حقيقة الدعم الإيراني للقاعدة في اليمن، قال مساعد الأمير المنشق إن: الأمر لا يبدو منطقياً حين تجمع هذه الأطراف، لكن كما ذكرت فأن الهدف سياسي وليس دينياً، عندما تكون الأهداف سياسية فالأديان تلغى، هناك شيء مشترك بين تنظيم القاعدة والحوثيين، وأيضاً العدو الرسمي للقاعدة الذي هو إيران”.

وأكد أن “إيران هي من تدعم، تدعم بالسلاح، تدعم بالمال، تدعم حتى بالخبرات العسكرية، هي تدعم ولكن الهدف الأساسي هو كيف تتم السيطرة على الشرق الأوسط بأكمله، وليست أيضاً منطقة حضرموت أو اليمن”.

وأوضح أن إيران “هي الآن تركز على السيطرة على أماكن فيها موانيء أو مطارات تستطيع أن تخدمها، لذلك فإن حضرموت هي من أهم المراكز التي تخدم الحوثيين وتخدم تنظيم القاعدة إن سقطت بأيديهم، ولكن هي الآن بأيدي أمينة لذلك يحاولون زعزعة الأمن بهذه المناطق لكي تسقط تحت سيطرتهم”.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

وكشف أن القاعدة وجماعة الحوثي يخدمون أجندات خارجية تديرها إيران، إذ قال “الكل يخدم لمصلحة أجندة خارجية. إيران تدير المنطقة بأكملها، البعض يقول لا، إيران شيعة وتنظيم القاعدة سنية، عندما نكون في مساجدنا نكون سنيين ولكن عندما نخرج إلى المستنقع لا يوجد هناك قرار سوى أن تعيش”.

وتابع مساعد أمير القاعدة المنشق أنك حينها “تعيش تقاتل من؟ من يكون أمامك، تقاتله للبقاء حياً. فعندما توفر لك إيران دعماً تبقى حياً، وهناك تقوم النخبة الحضرمية في طردك من أماكن سيطرتها، فمن المؤكد أنه لن يكون عندك مجال واحد للتراجع، وليس أمامك إلا “أن تلتحق بالإخوان اللي مسهلين المعركة”.

ووجه أمنية لكل اليمنيين قائلاً “لذلك أتمنى من الكل أن يفهم أن ما نمر فيه، وهو منعطف سياسي وليس له دعوة بالدين”.

شهادة هذا القيادي المنشق تأتي لتؤكد اتهام بامبيو لإيران بأن وزارة الاستخبارات والحرس الثوري يقدمان دعماً لوجستياً للقاعدة، وأنه بحسب بامبيو أيضاً فقد “تغيّر كل شيء عام 2015، وفي ذلك العام سمحت إيران للقاعدة بتشكيل شبكة عمليات أخرى وسمحت لهم بالبقاء في إيران”.

الواقع أن إيران هي مقر لعدد من قياديي القاعدة وعائلاتهم منذ أن شُنت الحرب على أفغانستان وسقطت حركة طالبان، بدأ ذلك في شكل تنسيق استضافة قبل أن يتحول الأمر لإقامة جبرية لهؤلاء، واحتجاز بعضهم في سجون الأمن الإيراني.

إيران توفر المقر لثلاثة من قيادي القاعدة أبرزهم سيف العدل

حالياً، هناك ثلاثة من أبرز قيادي القاعدة في إيران وفق وزارة الخارجية الأميركية التي عرضت مكافآت مالية لكل من يدلي بمعلومات تقود إليهم.

أحدهم هو عزالدين عبد العزيز خليل المعروف باسم ياسين السوري، ميّسر رئيسي للقاعدة يعمل من داخل إيران، ورصدت له مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار.

وهناك عبد الرحمن المغربي، وهو يدير مكتب الاتصالات الخارجية للقاعدة وينسق مع شركائها من داخل إيران، وقد رصدت الولايات المتحدة الأميركية 7 ملايين دولار مكافأة عن رأسه.

تقارير عن تولي سيف العدل زعامة القاعدة من مقره في إيران

أما الأبرز، فهو سيف العدل، قيادي رئيس وعضو مجلس الشوري في القاعدة، والمكافأة عنه تصل إلى 10 ملايين دولار بسبب ضلوعه في تفجيرات السافارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998.

وسيف العدل هو الشخص المتوقع لتولى زعامة القاعدة عقب وفاة الظواهري التي سبقها قتل نائبة أبو محمد المصري في طهران، وكذلك ورد اسمه ليتزعم القاعدة في اليمن بعد أنباء عزل خالد باطرفي ومن ثم تقارير عن تسليمه نفسه واعتقاله.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

سيف العدل

حسب تقرير لصحيفة دايلي ميل البريطانية، نشرته في 25 شباط/ فبراير الماضي، فإن سيف العدل، الضابط السابق في القوات الخاصة المصرية، قد أصبح فعلاً الزعيم الجديد للقاعدة، من مقر إقامته في إيران، حيث يرى باحثون في شؤون الجماعات المتشددة أنه يخضع للحماية الإيرانية حتى لا يتم اصطياده مثلما حدث مع المصري.

وبالرغم من أنه كان سابقاً قيد الإقامة الجبرية في طهران، فإنه خرج بصفقة تبادل أسرى بين القاعدة وإيران، قيل حينها أنه وقيادي آخر خرجا بشرط عدم المغادرة، فيما أفادت أنباء أخرى أنه يستطيع التنقل من وإلى إيران.

ذكرت دايلي ميل كذلك إن سيف العدل يستعد لإحداث تغييرات في القاعدة، ووفقاً لما قاله لها خبير بارز في شؤون الإرهاب للصحيفة، فمن المرجح أن يكون سيف العدل أكثر فاعلية من الظواهري، ولا يقل خطورة عن أسامة بن لادن.

قيادي منشق عن القاعدة: إيران تدعم الحوثيين والقاعدة بالمال والسلاح

إذا، الضلوع الإيراني في اليمين يتضمن مشهدين متناقضين، مشهد فيه دعم على كل الأصعدة لحركة أنصار الله الحوثية، من مدها بالأسلحة والصواريخ البالستية إلى التدريب والتمويل والاستشارات العسكرية وغير ذلك مما يساعدها على الاستمرار في زعزعة الأمن في اليمن والمنطقة باستهداف المملكة العربية السعودية.

هذا المشهد، يديره القيادي رفيع في فيلق القدس التابع للحرس الثوري رضا شهلايي الذي نجا من عملية أميركية استهدفته في نفس الليلة التي نفذت فيها عملية أدت إلى قتل قائز فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في 3 كانون الثاني/ يناير عام 2020.

شهلايي، كسيف العدل، مطلوب من قبل الولايات المتحدة الأميركية باعتباره رجل الحرس الثوري في إيران، وقد وضعت مكافأة بقيمة 15 مليون دولار مقابل معلومات تقود إليه أو إلى تعطيل الآليات المالية للحرس الثوري الإيراني في اليمن والمنطقة.

المشهد الآخر لإيران في اليمن، تدعم فيه القاعدة بالمال والسلاح والخبرات العسكرية، كما أكّد القيادي المنشق عن التنظيم في اليمن، كما تؤوي قيادييها على أراضيها وتوفر الحماية لهم وتسهل اتصالاتهم وتنسيقهم.

الهدف الإيراني هو السيطرة على الشرق الأوسط كله، وفق القيادي المنشق الذي كان مطلعًا على معلومات دقيقة وحساسة لدى القاعدة في اليمن.