في أواخر شهر سبتمبر \ أيلول من العام 2020، أعلنت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على وزارة الدفاع الإيرانية بالتزامن مع فرضها عقوبات على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بسبب ما حُكي عم دوره في مساعدة برامج الأسلحة الإيرانية.

لحقها في أكتوبر صدور تقرير تحت عنوان “مادورو وإيران وحزب الله.. وشبكات النفط والشبكات غير المشروعة”، لخبير الأمن العالمي جوزيف حميري، الذي يرأس “مركز مجتمع حر وآمن”، وهو مؤسسة فكرية مقرّها في واشنطن، لتتكشف معلومات عن عمل شبكات تابعة لحزب الله وإيران في فنزويلا، والدول المجاورة في أمريكا اللاتينية.

آخر إسم تمَّ التداول به في الإعلام الكولومبي، ألكس صعب من أصل لبناني، قيل إنّه قيد الإقامة الجبرية وهو معروف بأنّه ذراع حزب الله في فنزويلا، ومقرب من نظام مادورو، وهو ليس أوّل وآخر اسم متورط في هذه السلسلة اللامتناهية والمعقّدة من الترابطات.

حزب الله في فنزويلا محور جرائم ودعامة أعمال النظام المشبوهة

فلائحة العقوبات لوزارة الخزانة الأمريكية التي صدرت بحق شخصيات من النظام الفنزويلي وحزب الله، سلطت الضوء على وجود حزب الله ودوره في فنزويلا وأمريكا اللاتنية وما يحدث هناك. تقرير حميري تحدّث عن “شبكة دعم” وثيقة بحزب الله تنشط في فنزويلا، وتديرها 6 عائلات من أصول لبنانية.

هي ليست فقط شبكة تدعم وتموّل حزب الله اللبناني، إنّما أيضاً تدعم نظام الرئيس الفنزويلي “نيكولاس مادورو” الذي أدخل البلاد في أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وفقاً لتقري حميري. ففنزويلا الغنيّة بالمعادن تعاني من أزمة إقتصادية خانقة دفعت نحو ٦ مليون فنزويلي إلى الهجرة خارج البلاد، وكذلك أزمة سياسية رئاسية فيها رئيسان، نيكولاس مادورو وخوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي، الذي أعلن نفسه رئيساً للبلاد في مايو 2018 إلى جانب مادورو.

تقرير حميري يشير إلى أن هذه العلاقات ليست محط إهتمام في الداخل المحلي الفنزويلي، وأيضاً لصانعي السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، فأمريكا اللاتينية ليست أولوية قصوى لجهود مكافحة الإرهاب المركزة معظمها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويقول التقرير إن “نظام مادورو وحزب الله استغلا تحويل فنزويلا إلى مركز دولي للجريمة المنظمة”. ويضيف أنّ حزب الله كان المسؤول عن تفجير مركز الجالية اليهودية في بيونيس آيريس في الأرجنتين عام 1994، ما أسفر عن مقتل 114 شخص ومئات الجرحى، مشيراً أنه كان أول هجوم من قبل حزب الله خارج لبنان أو الشرق الأوسط. ويتابع التقرير أن حزب الله وسّع نشاطاته من لبنان إلى كولومبيا، وبالتحديد منطقة الحدود المشتركة بين باراغواي والبرازيل والأرجنتين، وأنه لا يزال نشطاً حتى اليوم في تلك المنطقة، وذلك بـ”شبكة دعم” مكوّنة من عائلات عربية، وبالأخص لبنانية وسورية يديرها الأمن الخارجي لحزب الله “الوحدة 910″، المسؤولة عن عمليات خارج الحدود الإقليمية وفقاً للتقرير.

حزب الله في فنزويلا محور جرائم ودعامة أعمال النظام المشبوهة

لماذا “حزب الله” موجود في فنزويلا؟

يقول أميريكو دي غراسيا، وهو نائب فنزويلي سابق عن ولاية بوليفار ، لـ”أخبار الآن“، إنّ “فنزويلا هي من اختارت حزب الله وليس الأخير”.

حزب الله في فنزويلا محور جرائم ودعامة أعمال النظام المشبوهة

ويرجع غراسيا بداية العلاقة عن طريق طارق العيسمي- وزير النفط ونائب سابق للرئيس مادورو- حيث حوّل العلاقات بين الطرفين بعد تقلد هوغو تشافيز الحكم “1998-2013” إلى علاقات رسمية، أسست لبدء شراكة تقوم على تبادل المصالح، فتواجدت جماعات المافيا في فنزويلا، في غرض حماية النظام من أي عدوان خارجي. وفي المقابل، تقدّم له حرية الإستفادة من تهريب المخدرات وتبييض الأموال واستخراج الذهب والمتاجرة به، وفقاً لغراسيا الذي قال أيضاً: “إنْ غزت الولايات المتحدة فنزويلا (لنفترض ذلك)، إنْ وصلت القوات البحرية الأمريكية لاجتياح فنزويلا، فإنّنا سنحول فنزويلا لفيتنام أخرى، هذا هو التهديد، هذا هو الخطاب والرواية السياسية للنظام، باستخدام مَنْ؟ باستخدام حزب الله وجيش التحرير الوطني الكولومبي والفارك وأصحاب السوابق وعصابة لوس سوليس”.

من جانبه قال كارلوس باباروني، مفوض مكافحة الأرهاب والجريمة في حكومة غوايدو الفنزويلية ونائب فنزويلي سابق، لـ”أخبار الآن”: “عند الحديث عن علاقة نيكولاس مادورو بحزب الله، فمن المهم تسليط الضوء على عدة أسماء، بينها غازي نصر الدين، وهو يعمل في السلك الديبلوماسي، وقد عمل على منح الجنسية الفنزويلية لأكثر من 10411 شخص مولودين في إيران ولبنان وسوريا، هذا رقم يلفت الإنتباه بشدّة لا سيما أنّه في العام 2015، أي في الوقت الذي كان يتم فيه إلغاء يومياً جوازات سفر لمواطنين فنزويليين من المقيمين في الخارج ومولودين في فنزويلا، كان يتمّ منح 17 جواز سفر لأشخاص مولودين في لبنان وسوريا وإيران“.

حزب الله في فنزويلا محور جرائم ودعامة أعمال النظام المشبوهة

وأضاف باباروني، في مقابلة حصرية مع “أخبار الآن”، إنّه وبعد تتبع الأثر اكتشفنا أنّ عائلة نصر الدين، وهي مرتبطة بحزب الله، ساعدت بمنح جوازات سفر لأشخاص منخرطين في شبكة متورّطة بقدر كبير جداً في أعمال غير مشروعة، ولها نشاطات ليس فقط في ما يتعلق بغسيل الأموال، بل أيضاً بتهريب المخدرات”.  

 وأردف مفوض مكافحة الأرهاب والجريمة في حكومة غوايدوالفنزويلية: “من المهم التركيز على هذه الشبكة إذ لديها ملف لدى وزارة العدل الأمريكية بسبب علاقاتها ليس فقط مع عصابات مثل لاسيتا “عصابة مكسيكية”، بل أيضاً مع عصابات كولومبية مثل “لا أوفيسينا دل إنفياغو”، هذه الشبكة لم تمارس فقط تهريب المخدرات في فنزويلا، بل هي شبكة ذات خبرة واسعة في غسيل الأموال لمجموعات متعدّدة أو أنشطة مختلفة للجريمة المنظمة“.  

 وأشار باباروني إلى أنّه في العام 2001 تمّ التعاقد بين وزارة التربية والتعليم الفنزويلية وشركة “سليم للتجارة، بعقد قيمته 700 ألف دولار أميركي، وهي شركة تخضع لعقوبات من قبل الخزانة الأمريكية، إذ أدرجت تعاملاتها المالية في إطار عمليات غسيل الأموال عن طريق عائلة بركات على الحدود الثلاثية المشتركة، بين الباراغواي والأرجنتين والبرازيل، وفقاً لباباروني.

 وأكّد أنّ هناك ثلاثة أمور تدل بقوة على أنّ حزب الله لديه أنشطة مباشرة في فنزويلا، أو أنّه مدعوم بشكل مباشر من قبل نيكولاس مادورو، وأنّه بسبب ذلك فهم بحاجة لبقائه في السلطة، وقال: “الأمر الأوّل هو غازي نصر الدين وهو فرد مرتبط بشكل كبير مع حزب الله وهو فنزويلي عمل في السلك الديبلوماسي الفنزويلي، ومن خبرته هذه تمّ إنشاء مصنع لغسل الأموال وتهريب المخدرات، كما ظهرت شركات مرتبطة بعائلة بركات وقامت بدفع  ضرائب لفنزويلا ضمن عقود مع الحكومة الفنزويلية، ليس فقط ضرائب تخصّ الأعمال الخاصة بل أيضاً عقوداً مع الحكومة الفنزويلية نفسها، فنزويلا وبسبب نيكولاس مادورو تحوّلت لأكبر ماكينة لغسل الأموال في العالم، ولهذا نرى أنّ حزب الله ليس هو الوحيد الناشط هنا بل هناك شبكات أخرى”.  

أمّا الأمر الثاني بالنسبة لباباروني، فهو “وجود خطوط تواصل أخرى من طرف حزب الله، مثل شركة معروفة علاقاتها المباشرة مع حزب الله، ولدى جميع أفرادها وثائق فنزويلية صدرت من فنزويلا، لقد منحوهم جوازات سفر فنزويلية عبر المكتب التابع للقنصلية الفنزويلية، أي أنّه مرتبط بشكل مباشر مع المسؤولين الحكوميين في فنزويلا، والأمر الثالث هو ما نراه من أنشطة ومن تواجد أشخاص تتوافق أهميتهم مع توافق المصالح الجيوسياسة والسياسية بالنسبة لحزب الله وإيران وفنزويلا“.

ما هو شكل “شبكة دعم حزب الله” في فنزويلا؟

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة el tiempo الكولومبية، فإنّ خبراء مكافحة الإرهاب يستبعدون وجود معسكرات تدريبية أو جنود أو قادة رمزيين لحزب الله في فنزويلا، لكن حراك الحزب فيها يأتي من خلال عائلات أصولها لبنانية موجوده في فنزويلا ومتربطة بالحزب.

وفقاً لتقرير “جوزيف حميري”، فإنّ هذه العائلات تقوم بعمليات غير مشروعة مثل تهريب المخدرات والسلاح واللاجئين، إلّا أنّ الأخيرة وفقاً له ليست أساسية، فالحزب بحاجة إلى تمويل، ويأتي ذلك عن طريق غسل الأموال بطرق مشروعة أو غير مشروعة.

وقال تقرير حميري إنّ “حزب الله يعمل عن طريق 3 عائلات رئيسية، وهي: “نصر الدين وصالح ورضا”، لكن في الوقت نفسه يقول إنّ هناك عائلات أكثر من ذلك، مشيراً إلى أنّه ليست كلّ العائلات منخرطة في هذا الأمر، إنّما فقط أفراد منها”.

من جانبه أكّد كارلوس باباروني، مفوّض مكافحة الأرهاب والجريمة في حكومة غوايدو ونائب فنزويلي سابق، في تصريحاته للصحيفة الكولومبية، أنّ هذه الأنشطة كانت موجودة حتى قبل وصول هوغو تشافيز للسلطة عن طريق هؤلاء العائلات، لكن تمكنت أكثر بأنشطتها خلال فترة حكم تشافيز. ويضيف باباروني أنّ المشكلة التي تواجهها مؤسسات مكافحة الإرهاب في المنطقة، أنّها لم تشهد سابقاً إرهاباً من مجموعات “أصولية دينية” في منطقة أمريكا اللاتينية، “هذا ليس جزءاً من طبيعة مجتمع أمريكا اللاتينية أو فنزويلا”.

غازي نصر الدين هو مركز الشبكة، صلة الوصل بين النظام الفنزويلي وإيران حزب الله وفقاً لباباروني، والذي قال “إنّه سهل منح جوازات سفر فنزويلية بهويات جديدة للبنانيين وسوريين وليبيين وإيرانيين، أغلبهم متورّط اليوم بأعمال إرهابية، مشيراً إلى أنّ هناك عائلات أخرى متمركزة في مدينتين بشكل خاص، وهما بالينسا وجزيرة مارغريتا بالقرب من ساحل البحر الكاريبي ومن الموانئ، لأن عملهم يعتمد على التجارة”.

وقالت صحيفة el tiempo الكولومبية إنّ نظام مادورو تعاون مع حزب الله في قضية غازي نصر الدين، إسمه الحركي لدى الحزب هو “أبو علي”، وهو ملاحق من قبل وزارة الخزانة الأمريكية منذ العام 2008، وكان مطلوباً من الإنتربول، وشغل القائم بأعمال سفارة فنزويلا في دمشق، وجرت تسميته لاحقاً مديراً للشؤون السياسية في سفارة فنزويلا في لبنان، ومن ثمّ ظهر في البرازيل حيث أعلنت مصادر لمجلة فيغا Veja البرازيلية في العام 2015 أنّ نصر الدين لديه شبكة من تصنيع وتوزيع جوازات سفر الفنزويلية الأصلية التي جرى توفيرها لإخفاء الهويات الحقيقية للإرهابيين.

طارق العيسمي، اسمٌ آخره ذكره باباروني، وهو سياسي وقانوني فنزويلي من أصل سوري، شغل مناصب وزير الداخلية ووزير العدل وحاكم ولاية أراغوا من عام 2012-2017، حيث شهدت الولاية خلال هذه الفترة عمل مؤسسة “القدس لصناعات الملاحة الجويـة العسكرية الإيرانية”، التي تمّ إقرارها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1747 لعام 2007 كمؤسسة إرهابية، عملت بالتعاون مع شركة الصناعات العسكرية الفنزويلية المحدودة، واستمر المشروع المشترك الذي تعمل فيه المؤسسة الإيرانية طوال فترة ولاية العيسمي، والتي انتهت في العام 2017 بانتقاله إلى العمل كنائب للرئيس وفقاً لمعلومات صحفية.

وفي فبراير العام 2017، اتهمت وزارة الخزانة الأمريكية العيسمي بتسهيل شحنات المخدرات من فنزويلا إلى المكسيك والولايات المتحدة، حيث قامت بتجميد عشرات الملايين من الدولارات من الأصول المزعومة تحت سيطرة العيسمي.

وفي تقرير استخباراتي متعلّق بطارق العيسمي، يشير إلى إنّه منح 173 جواز سفر وبطاقة هوية بين عامي 2008 و 2015 لأفراد من الشرق الأوسط، بعضهم على صلة بحزب الله.

أسماء أخرى ذكرها التقرير وهم “سلمان رؤوف سلمان بالمعروف بإسم صامويل سلمان رضا، كولومبي لبناني، وعبد الله صافي الدين وهو مقرب من حزب الله”.

ويقول تقرير حميري إنّه “في العام 2011 تمّ الكشف عن عملية أمنية نتج عنها اعتقال 130 ومصادرة 23 مليون دولار أمريكي كانت مهرّبة إلى لبنان عبر غرب أفريقيا، هذه العملية وفقاً للتقرير كشفت عمليات تديرها شخصيات مرتبطة بحزب الله، ومنها أيمن جمعة الذي تمّ توجيه إليه لائحة إتهامات بتجارة المخدرات من قبل هيئة المحلفيين الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه العملية الأمنية الكبيرة التي وصفها التقرير بـ”العابرة للقارات” بدأت في العام 2008، وكشفت عن شبكة إتصالات معقّدة للتجارة عبر الحدود بين فنزويلا وكولومبيا تقوم بعمليات غير شرعية كغسل أموال وتهريب مخدرات والسلاح”.

حزب الله في فنزويلا محور جرائم ودعامة أعمال النظام المشبوهة

كيف بدأ تواجد “حزب الله” في فنزويلا؟

خلال عقد الثمانينات حركت العائلات المرتبطة بحزب الله ما بين 90 إلى 100 مليون دولار أمريكي في أمريكا اللاتينية، لكن في العقد الأوّل من هذا القرن، ارتفع هذا الرقم ليصل إلى حد مليار ومئة مليون دولار أمريكي في السنة، وفقاً لتصريحات باباروني الذي قال إنّ هذه الأموال لم يتم الكشف عنها “مرت بهدوء”.

في العام 2015، تمّ تأسيس المكتب القومي لمكافحة المخدرات وهي منظمة تابعة لوزارة العدل، إلّا أنّ ذلك كان بيد المافيا المسيطرة على القيادة الإقليمية رقم 5، وهي قيادة إستراتيجية تتبع الحرس الإقليمي الفنزويلي وهيئة التحقيق العلمي الجنائي، وهما الهيئتان الأكثر عنفاً في جهاز الأمن الفنزويلي. وكانت تلك الهيئتان تسيطران على المكتب القومي لمكافحة المخدرات بالإضافة إلى سيطرة عصابة لوس سوليس عليها، وهي تنفذ عملياتها في فنزويلا بتغطية من القيادة العسكرية وفقاً للاكايوس، الذي قال إنّ “هؤلاء أسماءهم معروفة فهم أشخاص ذوي مناصب عليا وصدرت بحقهم عقوبات من الولايات المتحدة ودول أخرى بسبب جرائمهم المرتبطة بتجارة المخدرات وغسيل الأموال”.

“في عام ٢٠٠٩ ومع تأسيس المكتب القومي لمكافحة المخدرات، أسست هيئة أخرى ليتم مِن خلالها غسيل الأموال، مهمتهم شرعنة رؤوس الأموال هذه لصالح الدولة وفي تلك اللحظة بدؤوا يصادرون ممتلكات خاصة”.

يشير غراسيا لأخبار الآن أنه حالياً لا يمكن معرفة عدد مرضى الملاريا في فنزويلا “فكيف بالإمكان معرفة كم الأموال المهربة، المبيضة، أو التي يسرقونها من مناجم الذهب، إذا دخلت صفحة البنك المركزي الفنزويلي فلن تجد حتى أي إشارة تدل على التضخم، ومن الطبيعي ألا تجد أي أرقام تدل على السرقة والنهب أو غسيل الأموال، فتهريب الأموال بالطبع هو نشاط غير قانوني ويتم بسرية”.

إذا بدأت عمليات “تسييس الجريمة” وتشكيل عصابات تخدم السلطة من عامي 2008 و2009، لا يوجد دليل مباشر على وجود أعضاء وعناصر من حزب الله في تلك المنظمات التي باتت مشرعة قانونياً، عمله من خلال العائلات اللبنانية هناك، من حينها بدأت بأنشطتها غير القانونية ومنها إخراج أهالي مناطق بعينها من أراضيهم والاستيلاء عليها.

كيف تجري العمليات؟

تتركز العمليات في ولاية بوليفاروفقاً لغراسيا “هي منطقة استراتيجية بالنسبة لفنزويلا تقع جنوب شرق البلاد فيها عدة مطارات ومركز رئيسي للصناعات ومناجم الذهب، يستغلها نظام نيكولاس مادورو وحزب الله عن طريق إحدى أكبر العصابات في البلاد والتي يتمتع أفرادها بنفوذ كبير في القيادة العليا للجيش الفنزويلي ولهم تحالفات مع جيش التحرير الوطني الكولمبي والفارك، في تهريب المخدرات والذهب”.

– الفارك: “القوات المسلحة الثورية الكولومبية” تأسست عام 1964، كجناح مسلح للحزب الشيوعي وتتبع الفكر الماركسي اللينيني، تأسست الحركة على يد المزراعين الصغار وعمال الأراضي الذين تمردوا على اللامساواة والفجوة الطبقية في كولومبيا، وقد سلكت أسلوب حرب العصابات.

– كارتل دي لوس سوليس، عصابة الشموس، مصطلح استخدم لوصف أعضاء قوات الأمن الفنزويلية الذين يتاجرون بالمخدرات وينتمي لهذه العصابة أفراد من الجيش والقوات البحرية والجوية والحرس الوطني من الجيش الفنزويلي.

“يجري في هذه الولاية غسيل الأموال وتهريب المخدرات والمتاجرة بمعادن ثمينة مثل الذهب والماس ومادة الكولتان مؤخراً، مستغلين موقعها للمتاجرة بتلك المواد براً وبحراً إلى كولومبيا والبرازيل وغويانا وترينيداد، وجواً باتجاه أي مكان في العالم وبالأخص إلى جزر الكاريبي، وفيها ممرات مائية كثيرة والتي تعتبر ممرات طبيعية لتهريب المخدرات” كما قال غراسيا لأخبار الآن.

ويقول تقرير حميري إن غازي ناصر الدين دخل معترك السياسية في فنزويلا مع تولي هوغو تشافير منصب الرئاسة، أصبح له موقع دبلوماسي في سفارة فنزويلا بدمشق حيث قام في عام 2009 بترتيب لقاءات بين نشطاء لحزب الله ومسؤولين فنزويلين في السفارة مستنداً بمعلوماته على تقرير لإدارة مكافحة المخدرات الأميركية، ووفقاً للتقرير فإنه تم فيه “الاتفاق على تبادل المخدرات مقابل السلاح”.

ويقول النائب الفنزويلي السابق عن ولاية بوليفار أميريكو دي غراسيا لأخبار الآن في هذا  الإطار  إن هذه الأنشطة تجري في جنوب أورينوكو وليس فقط في ولاية بوليفار ومناطق الأمازون :” يتم فيها تهريب المخدرات والسيطرة على الأملاك من أجل تنفيذ أنشطتهم الغير قانونية، يمارسون فيها ممارسات قمعية ضد أهالي المناطق الغنية بالذهب حيث يقومون بابتزازهم ويجعلونهم يتخلوا عن أراضيهم الغنية بالذهب مقابل تأمين مستلزمات الحياة، فلذلك يضطرون بالعمل في المناجم وإنشاء مدرجات لهبوط الطائرات، يستخدمون يد عاملة رخيصة ومستعبدة ثم تأتي مرحلة المجازر.

فحين يبدأ السكان الأصليون بممارسة عملهم في المناجم بشكل طبيعي، تقتحم مجموعة مسلحة وهي بالعموم من أصحاب السوابق، فيقتلون اثنين أو ثلاثة من السكان الأصليين بتأييد من القوات الحكومية، وعندها تعرض هذه القوات على السكان الأصليين الحماية، وهكذا يزرعون بينهم الفارك أو جيش التحرير الوطني الكولومبي بين مجموعات السكان الأصليين، أمر يرسخ إنتشار هذه المجموعات وتبدء بأنشتطها غير المشروعة”.

ويشير غراسيا إلى عمل حزب الله في تلك المنطقة، قائلاً إنه “حينما نتحدث عن حزب الله فهذا لا يعني أننا سنرى بشكل رئيسي عرباً بزي عربي يعملون في المناجم، لا هذه قصة خيالية فالأمر ليس كذلك ولن يكون على هذا النحو، فمن يقوم بالعمليات، وهذه الشراكة استراتيجية؟ من يتقنون لغة البلاد ويعرفون المنطقة، فالشهادات التي حصلنا عليها مؤخراً عن وجود حزب الله في باروغواسا لاكتشاف الكولتان، تبين لنا أن المناجم يديرها جيش التحرير الوطني الكولومبي، إذا فهو تحالف استراتيجي بين الجيش وحزب الله وحكومة نيكولاس مادورو”.

منوهاً إلى أنهم “يعملون تحت غطاء شركة كاميميبغ وهي شركة عسكرية مجهولة للبترول والتعدين والغاز، هذه الشركة هي التي تشغل المناجم وترتب الاتفاقيات بينهم، أنا لا أتحدث فقط عن ولاية بوليفار بل عن جنوب أورينوكو وحتى نكوِّن فكرة عنها فنحن نتحدث عن مساحة أرض تبلغ ٥٠٠ ألف كم أي كل مساحة إسبانيا وجزء من أميركا الوسطى ما عدا المكسيك أي أننا نتحدث عن مساحة تبلغ ٣ أضعاف مساحة ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة”.

وعن مناطق إنتشارهم يقول: “ليسوا موجودين فقط في جنوب أورينوكو في ولاية بوليفار ومنطقة الأمازون بل أيضاً في أماكن أخرى فِي جزيرة مارغاريتا وعاصمتها بورلمار وهي مركز عمليات مهم بالنسبة لهذه المجموعات الإرهابية كما أن لديهم شركات تقوم بالعمليات دون أن يكون لها أوراق تسجيل أي أنها شركات وهمية تدير العمل في بعض مناجم الكولتان والذهب والألماس، في باراواسا وسان بيسينتي دي باوول أو عند بحيرة غوري”.

ويضيف غراسيا:” هي مناطق شاسعة التي تمتلك فيها تلك المجموعات الإرهابية نفوذاً وينفذون فيها عملياتهم ويتحالفون إستراتيجياً مع النظام ليس فقط من أجل مكاسب مادية بل أيضاً لبناء ثقل سياسي يشكل تهديداً حقيقياً للدول أخرى تعتقد بخطورة نظام نيكولاس مادورو، فالنظام الفنزويلي يستخدم كل هذه القوى شبه العسكرية، ليس فقط جيش التحرير الوطني الكولومبي أوالفارك أوحزب الله أو أصحاب السوابق أوالقوى المسلحة الوطنية بل أيضاً روسيا وتركيا وإيران وكوبا والصين ليستخدمهم كدرع يسمح للنظام بالبقاء أكثر في الحكم”.

وفيما يخص تواجد لنفوذ بعض الدول الأخرى في فنزويلا يقول غراسيا: “هناك نفوذ بعض الدول في المافيات وهي روسيا، تركيا، إيران، ولكن الصين وكوبا هم أكثر المنتفعين، قد يكون هناك غيرهم، لكن هؤلاء هم المشغلون الحقيقيون لهذه العصابات، كل واحدة من تلك البلاد لها طرقها الخاصة وخصائصها وأساليبها وأجندتها الخاصة، كل واحدة لديها كتالوج عروض خاص بها، يساهمون في (التهريب الماذوري) وكلهم يستفيدون من عمليات نهب فنزويلا وبالطبع يتسببون لنا في مأساة”.

ويختم قائلاً: “تحولت فنزويلا بسبب هذه الأنشطة إلى مصدر لا ينضب لتوسيع نفوذ الإرهاب وتحولت لملاذ آمن للجريمة، ومظلة لتهريب المخدرات ولمصيف لجماعات فارّة من العدالة الدولية، حيث يمكن أن يشعروا بأمان أكثر إذ يحظون بالحماية المطلقة لعمل كل شيء”.