أخبار الآن | بغداد – العراق (ادم محمد)

قاسم سليماني او ما يعرف بـ “الطرف الثالث” في العراق .. برز قائد فيلق القدس والذي كان يعيش خلف ستار من السرية لإدارة العمليات السرية في الخارج كالعراق وسوريا إلى العلن خلال السنوات الاخيرة، فقد أصبح الآن الشخصية الأبرز والمتحكمة في اختيار الحكومة العراقية والسيطرة على المحافظات الجنوبية من خلال المليشيات المسلحة التي باتت تتحكم بشكل فعلي في عموم البلاد.

مع انطلاق التظاهرات في الأول من تشرين الأول 2019، المطالبة بمنع التدخل الايراني بالعراق والقضاء على نفوذ طهران بالكامل، جاء سليماني لفض التظاهرات بالعنف خلال استخدام قناصين راح ضحيتها العشرات من العراقيين، فضلا عن مطاردة جميع الناشطين مع اغلاق كامل للمؤسسات الاعلامية التي غطت هذه الافعال، العراقيون بدورهم أكدوا أن قائد فيلق القدس كان وراء هذه الجرائم من خلال الاعتماد على المليشيات الموالية لايران، والأمر الذي تسبب بخروج موجة جديدة من المتظاهرين الغاضبين في 25 تشرين الاول من نفس العام.

ووفقاً لمصادر سياسية عراقية رفيعة فإن سليماني متواجد الآن في العاصمة بغداد منذ اسبوعين ومستمر بعقد لقاءات سرية مع قادة الفصائل المسلحة والكتل السياسية للاتفاق على تسمية حكومة جديدة ذات هيكلية مغايرة وتكون موالية لايران، والانتهاء من فض التظاهرات التي اخذت بالتزايد في الشارع الشيعي بوسط وجنوب العراق.

المصادر تشير في حديثها لأخبار الآن، إلى أن هناك اجتماعاً عقد يوم الاحد – 22 كانون الاول 2019 – برئاسة سليماني مع قادة الفصائل المسلحة وتحالف البناء الموالي لايران بحضور زعيم التحالف هادي العامري، وزعيم دولة القانون نوري المالكي لايجاد مخرج من الازمة الحالية واستمرار النفوذ الايراني في العراق.

وكشفت المصادر عن طرح سليماني سياسة جديدة في العراق لتهدئة الشارع وانهاء التظاهرات بعد الفشل في القضاء عليها بواسطة العنف المفرط، وان سليماني اقترح ايضاً ترشيح شخصية تحظى بقبول لدى المتظاهرين وافشالها فيما بعد داخل قبة البرلمان بهدف كسب المزيد من الوقت لايجاد شخصية موالية لايران تنفذ تطلعات طهران.

هيوا عثمان صحفي ومراقب لملف التدخل الايراني في العراق يتحدث قائلاً إن “ايران تتعامل مع العراق كحديقة خلفية لمنزل وتمارس سياسة الاذلال مع العراقيين عن طريق الطبقة السياسية الحاكمة التي باتت تسيطر عليها بالكامل”.

ويبين عثمان، أن “المواجهة اليوم، بين المتظاهرين وايران لازالت مستمرة وتقف الطبقة السياسية موقف المتفرج في أحسن الأحوال والمتواطئ مع إيران معظم الوقت”.

وتعليقاً على تواجد سليماني الدائم في العراق، يؤكد عثمان لأخبار الآن، أن الظرف الراهن بعد التهديد الحقيقي لنفوذ ايران في العراق أجبر قائد فيلق القدس بالتواجد المستمر في بغداد للاشراف على العمليات الجارية بحق المتظاهرين واعادة ترتيب الاوراق بشأن العملية السياسية”، كاشفاً أن “سليماني يعطي الاوامر عبر تطبيق الواتساب لبعض السياسيين العراقيين في حال تعذر اجتماعه بهم”.

وعقد اجتماع سري آخر بين سليماني ورئيس الجمهورية برهم صالح، مع تحالف الفتح بحضور هادي العامري، وابو مهدي المهندس من اجل الضغط على رئيس الجمهورية لترشيح شخصية موالية لايران اخرى بعد رفض المرشح الاول قصي السهيل من قبل ساحات التظاهرات في عموم العراق.

وبحسب المصادر فإن الاجتماع شهد تعالي في الاصوات بين برهم صالح وهادي العامري بعد رفض الاول المرشح الجديد من قبل تحالف الفتح، مما دفع رئيس الجمهورية إلى السفر لمحافظة السليمانية ملوحاً بالاستقالة.

في المقابل يقول الخبير السياسي مؤيد الجحيشي، إن قرابة الـ 90% من السياسيين العراقيين الحاليين يتبعون ايران بشكل كامل ويعملون على تنفيذ كافة مطالبهم على حساب العراقيين، إذ بدأت خطة ايران بالسيطرة على العراق منذ عام 2003.

ويتابع أن سليماني يرهن تسليم اي منصب في العراق لاي شخصية بالتوقيع على شروط ايران كي يسمح لاعضاء مجلس النواب الموالين لايران بالتصويت عليه من اجل تسلم المناصب العليا في البلاد، فيما ان ما يحصل في العراق من قمع للمتظاهرين او تنفيذ عمليات اغتيال يأتي بأوامر من سليماني شخصياً.

وبحسب الجحيشي فإن ابو مهدي المهندس وابو ولاء الولائي هما القياديان اللذان يعتبران اليد اليمنى لسليماني في العراق الان وينفذان الخطط الموضوعة من قبله.

ومع غياب البيانات الرسمية الموثوقة، بشأن حادثة ساحة الوثبة القريبة من سوق الشورجة وسط بغداد الذي شهدت هجوم مسلحين ملثمين موالين لايران على المتظاهرين هناك، وبخ سليماني قائد تحالف الفتح هادي العامري في اجتماع سري، فيما وصفه بـ “الغبي” لسوء تعامله مع الموقف الذي زاد من رفض التواجد الايراني في العراق.

وبحسب المصادر، فإن سليماني قال للعامري إن “انت جعلت ايران تبدو ضعيفة بهكذا اعمال غبية وغير مدروسة، وانك خيبت املي رغم الدعم الكبير التي تحصل عليه”، في حين رد العامري بالقول “ان ما حصل جاء نتيجة لغياب التنسيق مع القوات الامنية العراقية”.

المصادر تضيف أن سليماني أمر بانسحاب هذه المجاميع المسلحة لتهدئة المتظاهرين تجاه ايران بعد رفع شعارات ترفض التدخلات الايرانية.

وبعد اعوام على تغيير النظام في العراق عام 2003 بهدف رسم لوحة ديمقراطية جديدة لحقبة ما بعد صدام حسين جاءت ايران لتزرع نفوذها بعد صرف ملايين الدولارات لجعل العراق موالياً لحكومة طهران لكن دون جدوى .. وتبقى التساؤلات العراقية المطروحة الان إلى متى يبقى التدخل الايراني في العراق بحسب المراقبين؟

مصدر  الصورة: Photo by Pool / Press Office of Iranian Supreme Leader/Anadolu Agency/Getty Images

للمزيد: 

الأسباب الخفية وراء زيارات قاسم سليماني الأخيرة للعراق ولبنان