أخبار الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة (بيانات تحليلية- نسمة الحاج)

تجسد خوف إيران من اهتزاز قبضتها الحاكمة على المنطقة في التخبط ومحاولات التدخل المتكررة التي بدرت من النظام الإيراني في العراق ولبنان في الآونة الأخيرة، بعد اندلاع احتجاجات شعبية حاشدة في كل من البلدين، مما مثل تهديداً بالنسبة لإيران، فالإطاحة بالسلطة السياسية سواء في العراق أو في لبنان يعني أن تفقد إيران حلفاءها وبالتالي سيطرتها على المنطقة، لذا فقد اتجه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، في زيارات سرية ومتكررة، إلى بغداد وبيروت، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

قاسم سليماني في بغداد

كشفت مصادر مطلعة لرويترز، أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، كان متواجداً في اجتماع سري عقد بالعاصمة العراقية بغداد، في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول، مع قيادات الحشد الشعبي، وقائد تحالف الفتح هادي العامري، وطالب الأخيرين بالاستمرار في دعم رئيس الوزراء العراقي المتنحي، عادل عبد المهدي، ذلك لأن الإطاحة بعبد المهدي تعني فقدان إيران نفوذها المتزايد منذ عام 2003 في بغداد، والذي تعتبره مضاداً للهيمنة الأمريكية بالمنطقة.

وفي هذا السياق، فإن الوثائق السرية الإيرانية التي تم تسريبها مؤخراً من أرشيف الكابلات الاستخباراتية التابعة للنظام في طهران، كشفت أن لرئيس الوزراء العراقي المتنحي، عادل عبد المهدي، علاقة وثيقة بطهران، تعود جذورها إلى الوقت الذي شغل فيه منصب وزير النفط في العراق في عام 2014، وأكدت الوثائق أنه وصل إلى منصبه الأخير، بمباركة من إيران، التي تعتبر العراق، بالإضافة إلى لبنان وسوريا، دول حاسمة بالنسبة لأمنها القومي.

ولم تكتف إيران بذلك، حيث أكد مسؤولون أمنيون عراقيون لرويترز، أن جماعات مدعومة من إيران نشرت قناصة على أسطح البنايات في بغداد لمحاولة إخماد الاحتجاجات، كما دأبت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية على وصف الاحتجاجات بأنها “أعمال شغب” واستمرت في المحاولة بربطها بجهات خارجية بمختلف الطرق السياسية والأمنية والإعلامية، مما أجج غضب الشارع العراقي، وخرج آلاف العراقيون منددين بالنفوذ الإيراني في بلادهم، وأحرقوا القنصلية الإيرانية ثلاث مرات تعبيراً عن غضبهم، ورفعوا هتافات مثل “إيران برا برا وبغداد تبقى حرة”، ليعلق المرشد الإيراني علي خامنئي، على ذلك بأنه “مؤامرة من الأعداء تهدف إلى التفريق بين إيران والعراق”.

 

زيارات سليماني، لبغداد لم تتوقف حتى بعد استقالة رئيس الوزراء العراقي عبد المهدي

في الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول، الجاري، وافق مجلس النواب العراقي على استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، الذي أعلن عنها يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، ليتجه قاسم سليماني مجدداً إلى العراق خلال 48 ساعة، حيث التقى بقيادات الحشد والميليشيات وقادة عسكريين، للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات الموالية لنظام إيران لخلافة عبد المهدي، حسبما صرح مصدر سياسي مقرب من دوائر القرار في بغداد، لوكالة فرانس برس.

قاسم سليماني في بيروت

وعلى صعيد آخر، يمثل لبنان عنصراً مهماً بالنسبة للنظام الإيراني للإبقاء على نفوذه في منطقة الشرق الأوسط، وبالرغم من وجود الممثل والوكيل الأهم للحرس الثوري وللنظام الإيراني في لبنان، حزب الله، والذي يعمل على مراعاة مصالح إيران والإبقاء على سيطرتها على المنطقة، إلا أن سليماني سجل زيارة إلى بيروت بعد اندلاع الحراك الشعبي في لبنان، قبل شهرين. وحلل خبراء مطلعون على الشؤون الإيرانية في الشرق الأوسط أن الزيارة جاءت بهدف مد يد العون لحزب الله للإبقاء على الحكومة الحالية، والإبقاء على حلفائهم بطبيعة الحال، أما السيناريو الآخر فهو عدم رضى النظام الإيراني عن الدور الذي يمارسه حزب الله في إدارة الوضع الداخلي في لبنان، خاصة وأن مواطنين لبنانيين من مناطق موالية لحزب الله، شاركوا في الاحتجاجات.

 

الحرس الثوري.. شر القبضة الإيرانية في المنطقة