أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (راغب شحادة)

من اللحظة الأولى لإعلان القوات العراقية بدء معركة تحرير الموصل من قبضة داعش، والتنظيم يشهد تقهقرا في بنيته، فمع انحسار نفوذه في شمال العراق، وفرار عناصره وقياداته نحو الرقعة السورية، بات من السهل الجزم بأن التنظيم يواجه مصيره المحتوم وهو الفناء، إلا أنه مر كغيمة سوداء ألقت بظلالها وحميمها على حاضر إنسان المنطقة وتاريخه.

ولعل الأمر يكون جليا أكثر مع عزم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف الدولي التوجه نحو الرقة لتشدد الخناق على أكبر معاقله في سوريا وتحرير المدينة من قبضته، بعد أربع سنوات شهد فيها الأهالي أبشع أشكال الجريمة والإرهاب المنظمين.

لكن الساعات الأخيرة لمعركة الرقة أو ما أطلق عليها "غضب الفرات" شهدت جملة من الإلتباسات وتراشقا بالتهم بين أطراف الصراع حول سلامة سد الفرات وهو المستوعب المائي الأكبر في سوريا، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مطار الطبقة العسكري يشكل كشفا لخاصرة داعش تمهيدا لدخول مدينة الرقة في أسرع وقت ممكن. وفقا لمحللين.

وللحديت عن تطورات الساعات الأخيرة في هذا الخصوص توجه موقع أخبار الآن بالحديث الى مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، الدكتور ناصر حاج منصور، والذي استهل الإجابة على تساؤلاتنا بالتنويه بأهمية السيطرة على مطار الطبقة العسكري قائلا: 

خاص | ساعة الحسم إقتربت.. الرقة تتخلص من جاهليتها وتتجه نحو المدنية

السيطرة على مطار الطبقة تمت بعملية نوعية كبيرة، من خلال إنزال بري وجوي، وهذا النجاح يعني قدرة قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف على تحقيق المزيد من الإنتصارات في عمليات مشابهة لها ذات خطورة في المستقبل.

إقرأ: العشرات من أسر قادة وعناصر داعش يفرون من الرقة

ويكفي أن المطار كان أحد معاقل داعش وهو يحتل موقعا استراتيجيا بالنسبة للطبقة، ويعني إلى حد كبير إمكانية تطويق المدينة، كذلك إمكانية الإطباق بشكل تام على إحدى ضفتي السد وأقصد هنا سد الفرات وهذا سيسهل عملية تحرير محيط السد أيضا، بالإضافة الى أنه مطار عسكري وتنطوي على ذلك مكاسب عدة بالرغم من الأضرار التي أصابته إلا أنه من الممكن إعادة تأهيله للإستفادة منه بشكل أكبر.

رعب أجوف.. حالة سد الفرات بين الشائعات والحقيقة

خاص | ساعة الحسم إقتربت.. الرقة تتخلص من جاهليتها وتتجه نحو المدنية

يرد الدكتور "حاج منصور" عمّا أشيع في الآونة الأخيرة بشأن حالة سد الفرات المتهالكة بالقول: أعتقد أن خبر انهيار السد كان إشاعة أراد داعش لها أن تكون زوبعة يمكن له من خلالها أن يغطي فرار قياداته، هذا ما أعتقده حقيقة، لأن عمليات الفرار بدأت قبل توجهنا نحو السد وبدء العمليات العسكرية، وحالات الفرار مستمرة حتى الآن من داخل الرقة، خصوصا قيادات الصف الأول في داعش وعائلاتهم. 

بالإضافة الى أن الضغط الذي شكله دخول قوات سوريا الديمقراطية الى الطبقة نتج عنه فرار أعداد كبيرة من قيادات التنظيم في المدينة على غرار ما حدث في الرقة، وربما أن داعش أحس باقتراب ساعة الحسم لذلك بدا الجميع يتحسب لهذه اللحظة.

يؤكد الدكتور"حاج منصور" على سلامة بدن السد بالقول: لا توجد حسب معلوماتي أضرار كبيرة ببنية السد، كل ما هنالك أن إحدى غرف التحكم فيه قد تعرضت للحرق، وهذا ما يمكن تلافيه والدليل أن السد ما زال يعمل ويمد بعض المناطق بالطاقة الكهربائية، فما يثار من زوابع حول السد لا أساس له من الصحة بمكان.

القوى المساندة لقوات سوريا الديمقراطية قي معركة الرقة

الدكتور "حاج منصور" أضاف: قوتان فقط تشاركان بمعركة تحرير الرقة وهما قوات سوريا الديمقراطية، وقوات التحالف الدولي، ولا توجد قوى أخرى تشارك في هذه المعركة، ولكن يجري الحديث عن بعض الفصائل التي تقدم الإسناد على أنها قوى حليفة لكنها باتت في حقيقة الأمر جزءً من قوات سوريا الديمقراطية.

الرقة تتخلص من جاهليتها وتتجه نحو المدنية.. ولكن بإدارة من؟ 

يشرح الدكتور"حاج منصور" قائلا: هنالك عمليات تجري على قدم وساق لتشكيل مجلس الرقة المدني لتسلم إدارة شؤون المدينة فور انتزاعها من قبضة داعش وطرد التنظيم منها، وقد اكتسبت في الآونة الأخيرة تسارعا أكبر، نظرا للتقدم الحاصل في معارك تحرير المدينة، وهذا المجلس يتكون بكليته من أهالي الرقة وريفها، بعض الفعاليات العسكرية والإجتماعية والعشائرية.

سيكون مجلسا يتحمل مسؤولية إدارة المدينة في البداية، ريثما يتم تشكيل مجلس أكبر بعد التحرير، لتتم فيه مراعاة التمثيل الكامل والصحيح لجميع الفئات والمكونات من ريف ومدينة الرقة، وهذا المجلس هو من سيقوم بإدارة شؤون المدينة، وقوات الأمن الداخلي ستأتمر بأمر المجلس، بينما تقوم قوات سوريا الديمقراطية بحماية الرقة من أي عدوان خارجي أو أي محاولات أخرى لداعش أو غيرها الى أن يتمكن المجلس من تشكيل قواته الخاصة به.

قوات سوريا الديمقراطية فيها الكثير من أبناء مدينة الرقة وريفها، ولهم قوة عسكرية قد تقوم بدور الحماية، وربما بعضهم يكون له دور في المجلس المدني.

مشروع تطهير المدينة

يتابع الدكتور"حاج منصور" نحن نعلم أن جميع أهالي الرقة هم الآن تحت سيطرة داعش، والكل مجبر على الإلتزام ببعض الأمور، بشكل أو بآخر، وهذا لا يشكل مسألة بحد ذاتها.

إقرأ: فرق هندسية تؤكد سلامة البنى الإنشائية لسد الفرات في الرقة

ولا يوجد لدى قوات سوريا الديمقراطية أي موقف مبدئي تجاه أحد، فالجميع يعلم أن ثمة الكثيرين من أهالي مدينة الرقة اضطروا بحكم عيشهم تحت سلطة داعش أن يتعاملوا مع دوائر التنظيم، وهذا لا يشكل جريمة حسبما نعتقد.

المهم في هذا الإطار، هل أن فلان ما "تدعشن" أو صار كادرا لداعش بشكل من الأشكال، هل أساء للشعب، هل قتل الناس، هل ذبح، هل سرق، هل تلطخت يداه بدم الأبرياء، هذا ما يجب احتسابه على أنه جريمة، وعليه أن يخضع لمحاكمة عادلة.

ولا يمكن بحال اعتبار أن الشعب "تدعشن" برمته، ولا يمكن أيضا إنكار أن صفوفا من الشباب انضموا لداعش، وقاتلوا لحسابه، وهؤلاء لا يمكننا القول بشأنهم سوى أننا سنضمن لهم محاكمة عادلة، جزاء ما اقترفت أيديهم، هذا الأمر سيكون من اختصاص المجلس المدني، ولربما تشهد ساحة الرقة حالات عفو ومصالحات مجتمعية شاملة.

يجب أن ندرك أيضا أن قسما كبيرا من أهالي الرقة "تدعشنوا" تحت تهديد السلاح، والبعض منهم فعلها تحت ضغط الحاجة والعوز، هذه كلها أمور يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار.

خلاصة القول بهذا الشأن- والتعليق دائما للـ"حاج منصور"- لن يتم احتساب أحد في صفوف داعش إلا من قدم فعلا الولاء لهذا التنظيم الإرهابي، فسفك الدم الحرام وسرق واغتصب وروع الآمنين.

ينهي الدكتور ناصر حاج منصور حديثه إلينا، بالقول: الأولوية في هذه الآونة بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية هو تمهيد الطريق نحو الرقة، حيث تشهد أطراف المدينة بعض المعارك والإشتباكات بعد التقدم الذي حققته القوات في مدينة الطبقة، كما أن تأمين سد الفرات هي ضمن الأولويات القصوى، ما عدى ذلك فكل التحضيرات جارية لبدء العملية الكبرى لتحرير الرقة وريفها.

إقرأ أيضا 

انباء عن مقتل قيادي في تنظيم داعش في الرقة السورية

قوات سوريا الديمقراطية تحاصر الرقة من ثلاث جهات