أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (زكريا نعساني)

دخلَ تنظيم داعش مراوي الفلبينية في شهر مايو آيار الماضي إلى أن وصل الجيشُ الذي أخرجهم من المدينةْ بعد أيام من احتلالِها. نحنُ في أخبار الآن رصدنا عشراتِ القصصْ لنازحينَ فروا من أهوالِ القتلْ بعدَ وصول ِداعش إليهم، واليوم سنتوقفُ عندَ قصةِ شابٍ مسلم آوى في منزله جيرانَهُ المسحيينَ والمسلمين، وتمكنَ بعدَ أيامٍ من الخوف والجوع من الفرار وإياهُم خارجَ المدينة، إلى أن وصلوا إلى ضَفةِ النهر الآمنةْ بعيدًا عن بطشِ داعش.

أينما وجدت الدمار فاعلم  ان داعش مر من المكان، رويات وقص عن فظائع وجرائم ابادة جماعية ارتكبها افراد التنظيم المتطرف تتكشف يوما بعد يوم، ماراوي المدينة الفلبينية التي دخلها افراد التنظيم المتطرف ثم تمدحرهم منها شاهد عيان على الفظائع المرتكبة بحق المدنيين الآمنين فيها 

عرضنا في تقارير سابقة شهادات كثيرة تتحدث عن انتهاكات داعش في مراوي واليوم سنتوقف عند قصة رجل مسلم انقذ من الموت عشرات المدنيين من المسحيين والمسلمين خلال فترة اقتحام داعش للمدينة 

ويقول الشاب لقمان علي "مساء يوم الـ  ٢٣ من مايو ٢٠١٧ بدأ مقاتلو داعش حرق منازل المدنيين، وأحرقوا أيضا مدرسة كبيرة قرب بيتي، وتمكنوا من السيطرة على السجن المركزي للمدينة وإطلاق سراح مئتين من المعتقلين، كما انهم دمروا قسم التحقيقات الجنائية للمدينة، طبعا كان يوما عصيبا جدا، في اليوم الثاني أتذكر أن الاشتباكات انتشرت إلى ١٠ مناطق من المدينة، بعض جيراني المسيحيين سمعوا أنني في البيت وانضموا إلى عالتي خوفا على حياتهم من خطر داعش، وصار بيتي ملاذا للعائلات المسيحية والمسلمين وغيرهم الى أن بلغ عددهم ٧٤ شخصا.

كلما نفذت منا الأغذية الضرورية، كنا نذهب إلى البيوت المهجورة والقريبة إلينا، وكنا نأخذ منهم الأرز والتوابل وهذا ساعدنا كثيرا…."

أوقات عصيبة مروا بها في تلك الأيام، عشرات العائلات المحاصرة داخل منزل صغير يترقبون، في أي لحظة سيدخل افراد داعش المنزل الذي يأويهم  ويرتكب بحقهم الفظاعات

ويضيف لقمان علي "في اليوم العاشر بعد سيطرتهم على المدينة حاول مقاتلو داعش الدخول إلى بيتي وكان عددهم عشرون مسلحا تقريبا، سمحت لثلاثة منهم بالدخول الى ساحة بيتي، لحسن الحظ كانوا يعرفون عائلتي، وبدأوا يلقون محاضرة عن الإسلام كما حاولوا إقناعي للانضمام إليهم، لم أكن أود أن أطيل النقاش خوفا من أن يروا الناس الذين كانوا معي في البيت، ودعتهم  في اليوم الثاني عشرة من سيطرة داعش على المدينة، نفذت منا كل الأغذية التي كانت بحوزتنا،  كنت قلقا كيف سيكون مصير المدنيين الذين كانوا معي، ومن بينهم أطفال صغار، واحد منهم لم يتجاوز الشهر العاشر من عمره، ولم يجد ما يأكل او يشرب لمدة ثلاثة أيام، وقتها قررت أن أخذ بعض من الخطورة لإخراج المدنيين من الوضع السيئ الذي عاشوه معه. وفي صباح اليوم الرابع من يونيو حزيران، قررنا تجاوز خطوط داعش للوصول الى ثكنات الجيش والتي كانت تقع في الجانب الآخر من النهر."

رحلة الموت هاهي بدأت بضع كيلومترات سيجتازها المدنيون للوصول إلى الثكنة العسكرية التابعة للجيش والتي  قد تكون أخطر لحظت يمر بها بشر،  لما تحمله من أهوال وخوف وترقب من مصير مجهول.

وتابع  علي رواية القصة قائلا "مشينا حوالى ٣ كيلومترات إلى أن وصلنا إلى معسكرات الجيش، وفي طريقنا إلى هناك رأينا دمارا هائلا في المدينة، عندما اقتربنا إلى الجسر الذي يربط بين ضفتي نهر آغس اعترضنا مسلحو داعش وكانوا يحاولون توقيفي، عندما اقتربت من قائدهم تعرف علي، وشعرت بارتياح حين علمت بأنه يعرفني، تحدث لقائده الذى كان موجودا في الجانب الآخر من الجسر ودلني على الطريق الآمن."

ويضيف "عندما خرجنا من بيتي كنا ٧٤ شخصا، لكن عند وصولنا إلى ثكنات الجيش وصل عددنا إلى 144  شخصا حيث انضم إلينا عدد من المدنيين في طريقنا إلى الجسر.  ٤٤ من هؤلاء الناس كانوا مسحيين، والباقي كانوا عائلات مسلمة"

رحلة النجاة هذه كانت من اخطر الرحل التي مر بها أهالي مراوي الفارين من جحيم داعش، هكذا وصفها الناجون، ولكن ألم يكن بامكان هذا الشاب الفرار بحياته وترك مئة واربعة واربعين مدنيا يلقون مصيرهم بين يدي داعش؟
ويختم لي بالقول " لما بدأت الاشتباكات في مراوي، كان في بيتي ثلاث عربات للنقل، وكانت كافية لنقل أسرتي وممتلكاتي، إضافة إلى الضغوط التي كانت تأيني من قبل عائلتي للخروج من المدينة المحاصرة، لكن ضميري لم يسمح اللي أن أترك المدنيين المسيحين في هذا الوضع الذي كانوا عليه."

تلك القصة وما تحمله من معاني الأخوة بين أبناء البلد الواحد على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم الدينة كانت واحدة من بين مئات القصص التي عاشها أهالي مراوي خلال الأيام القلية التي دخل داعش مدينتهم، ,وعلى الرغم من ذلك يبقى الأمل بغد افضل هو الشعور السائد بين ابناء مرواي وكل ابناء الفلبين

 

 

إقرأ أيضاً

الجيش الفلبيني يستأصل داعش من مدينة مراوي

الفلبين: انتهاء خمسة اشهر من المعارك في مراوي