أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (غيث حدادين)

أظهرت وثائق سربت من مكتب المستشارين السياسيين لـرجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين المعروف ب ” طباخ بوتين” في وقت سابق من العام الحالي، إستراتيجية روسيا للتدخل في السياسة الإفريقية، عبر إثارة المشاعر المعادية ضد الغرب وإحياء النزاعات الإقليمية القديمة، بهدف السيطرة الاقتصادية والسياسية على القارة الأفريقية.

وبحسب تلك الوثائق، فإن مشاركة بريغوجين في السياسة الأفريقية ليست سرية، لكن حجم خطط بريغوجين أصبح واضحاً مؤخراً، اكثر من أي وقت مضى.

وبحسب الوثائق المسربة فإن لبريغوجين اهتماماً في 39 دولة، ويعمل مستشاروه السياسيون في 20 دولة على الأقل في الوقت الحالي، وبحسب المشروع الروسي، وبناءً على المعلومات الواردة في وثائق “المكتب الخلفي” (BACK-OFFICE)، زاد عدد الروس الذين يزورون الدول الأفريقية بشكل كبير بأكثر من مرة ونصف منذ عام 2017، وفقًا للبيانات الصادرة عن خدمة الحدود الروسية.

ويحافظ المستشارون الروس في هذه البلدان على اتصال مباشر مع بريغوجين، ويحمل كل منهم هاتفاً خاصاً حتى يتمكن بريغوجين من الاتصال بهم.

ولكل دولة خطة عمل خاصة بها، ولكن الجزء الأكثر تطوراً من الاستراتيجية يتعلق بالمستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا، ويرتبط بشخص بكيمي سيبا، وهو أفريقي، يصفه بعض الصحافيين والباحثين بأنه عنصري ، ويعمل لصالح روسيا.

ويفترض مشروع عموم إفريقيا الروسي أن يتم إنشاء “إمبراطورية إفريقية” ذات يوم في القارة، وتحقيقاً لهذه الغاية، يعمل المستشارون السياسيون لمساعدة مرشحيهم على الفوز في الانتخابات في العديد من البلدان حتى الوصول إلى سلطة زعيم واحد.

والاتجاه ذو الأولوية لبريغوجين هو العمل في البلدان التي ستعقد فيها انتخابات في العامين المقبلين، وتشمل أساليبهم لتحقيق ذلك انتقاد الاستعمار الجديد ومنطقة الفرنك الإفريقي.

وفي كل بلد أفريقي، يوجد أشخاص يعملون لحساب بريغوجين، وتختلف مهماتهم على نطاق واسع من بلد إلى آخر. وفي بعض البلدان، يؤدي الدور الرئيس المرتزقة العسكريون، وفي بلدان أخرى، لا يوجد سوى الاستراتيجيون السياسيون (كما في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي)، أما الدور الثالث فيكون حيث لدى بريغوجين مصالح تجارية بالفعل.

وعلى سبيل المثال، تتعامل مجموعة موالية لبريغوجين مع سياسيين مقربين من ميليشيا “سيليكا” المسلحة في تشاد وبينين، وفي جنوب إفريقيا ، خطط الاستراتيجيون الروس لدعم الحزب الحاكم في انتخابات صيف عام 2019.

وفيما يتعلق باستخدام مواقع التواصل والتكنولوجيا لصالح الاستراتيجية الروسية، فقد حذف موقع فيسبوك مؤخراً حسابات مرتبطة ببريغوجين الذي كان يسعى بنشاط للتأثير على السياسة الداخلية لمجموعة من الدول الأفريقية.

وأعلنت شركة فيسبوك أنها علقت ثلاث شبكات تتعامل مع حسابات روسية “غير موثوقة”. واستهدفت فيسبوك صفحات في ثماني دول عبر القارة الأفريقية، هي مدغشقر وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج والكاميرون والسودان وليبيا.

وجميع تلك الحسابات مرتبطة ببريغوجين، الذي كانت الولايات المتحدة دانته في السابق للتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وتتهمه بإدارة إمبراطورية إعلامية عالمية مضللة وبتمويل وكالة أبحاث إنترنت.

وقال رئيس سياسة الأمن السيبراني على موقع فيسبوك، ناثانيل غليشر، إن روسيا استخدمت حوالى 200 حساب مزيف كانت تستهدف الوصول إلى أكثر من مليون متابع في أفريقيا. وأضاف أن الشبكات التي تديرها روسيا تعمل عن كثب مع السكان المحليين من أجل إخفاء الأصول الحقيقية للمواقع.

وفي السنوات الأخيرة، بذل الكرملين جهوداً كبيرة لحشد الدعم من الحكام الأفارقة. وعقد بوتين منتدى روسي – إفريقي في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، وحضره أكثر من 40 رئيس دولة أفريقي.

ويقود بريغوجين المخططات الروسية في إفريقيا، وتم إرسال مرتزقة من الفاغنر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، كما أنشأت كيانات تابعة لبريغوجين وسائل إعلام في العديد من البلدان الأفريقية وأرسلت “مستشارين” روس للمساعدة في الانتخابات.

وبحسب ما نشر من تقارير في الصحافة العالمية يبدو أن هدف موسكو هو دعم الحكومات القائمة في أفريقيا وتشويه صورة أحزاب المعارضة الموالية للغرب. وبحسب الوثائق المسربة في وقت سابق من هذا العام يتم إعداد جيل جديد من “القادة” الأفارقة و”العملاء” السريين، وطرد القوى الاستعمارية السابقة مثل فرنسا أو المملكة المتحدة.

وكشفت صحيفة ديلي مافريك، والتي تعمل مع وكالة تحقيق مقرها لندن، في أيار (مايو) الماضي، أن التدخل الروسي في جنوب أفريقيا نفذّ من خلال منظمة مرتبطة بـ “طاهي بوتين” يفغيني بريغوجين. وأفادت وسائل الإعلام بأن بريغوجين كان وراء أخطر حملات التضليل في العالم.

وبحسب مراسل صحيفة تايمز البريطانية، فإن روسيا حاولت كذلك التدخل في انتخابات مدغشقر عام 2018، ويبدو أن بريجوزين كان له دور كبير في هذه المحاولة، وكان يهدف في النهاية إلى “التنافس اقتصاديًا” مع الصين والولايات المتحدة في بلدان العالم الثالث. ويرافق السياسيين المدعومين من موسكو رجال مسلحون مرتبطون بمجموعة الفاغنر. وعلى سبيل المثال، في مدغشقر، تولى حماية أحد المرشحين للرئاسة، رجل روسي يدعى كونستانتين.

 

وقال مصدر مقرب من عملية مدغشقر إن “سر بريغوجين هو أنه يبيع بوتين الحلم الذي يريد أن يسمعه عن تزايد النفوذ الروسي في العالم.”

وينشط الروس أيضاً في الكاميرون. ففي عام 2018 التقوا بممثلي الرئيس بول بيا وعرضوا عليه خدماتهم لتوفير المعلومات لحملته الانتخابية، ومن ثم تحييد المزاج الاحتجاجي في كل من الشوارع ومواقع التواصل.

في عام 2018 ، اتهم المستشار الأمريكي الخاص الذي يحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، روبرت مولر، بريغوجين باستخدام شركته في تقديم الطعام لتمويل وكالة أبحاث الإنترنت، التي قادت الحرب الإلكترونية على المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون خلال انتخابات عام 2016.

للمزيد

من يسيطر على الفاغنر من حيث الدبلوماسية والأرباح والدعم؟

سيف بوتين الليبي المسلول لإقتطاع حصة كبيرة من النفط