هل تحولت جهود مكافحة الفساد في العراق إلى أداة للانتقام من الخصوم ؟ 

بين فترة وأخرى تخرج لوسائل الإعلام مستندات وتسريبات تبين حجم السرقات الهائل من المال العام لكن الغاية من فتح هذه الملفات ليست محاربة الفساد وإنما لتصفية الحسابات والانتقام من الخصوم خاصة إذا كان توقيت النشر في نهاية عمر الحكومات أو في فترة الانتخابات  

لماذا وضع الكاظمي وفريقه فقط تحت طائلة الاتهامات؟

في العراق كل حكومة تأتي ومعها فريق جديد يحل محل فريق الحكومة التي سبقتها من مستشارين إلى إعلاميين والخ… وهذا ما يعتبره اللاهثون وراء المناصب بأنه إقصاء لهم حيث يبدأون باستخدام اسلوب التسقيط باستخدامهم الوسائل المشروعة وغير المشروعة والغايات كثيرة منها منح هذه الفئة مناصب أو عقود تدر عليهم ملايين الدولارات مقابل السكوت أو الاستمرار بالهجوم بسبب أو بدون سبب

ومنها ما جرى قبل أيام بشأن قضية سرقة أكثر من ملياري دولار من هيئة العامة للضرائب في العراق

العراق..القضاء على الفساد أم على الخصوم السياسيين؟

الهيئىة العامة للضرائب في العراق

الضرائب العامة

فالجميع يتهم الجميع ولم تكن هناك أي جهة على قدر عال من المسؤولية تعترف بالتقصير تجاه جريمة يجب أن تكون سببًا بتغيير جذري في النظام الحاكم الذي تحول إلى وسيلة لتقنين الفساد على حساب مصالح الشعب العراقي  أما بخصوص التحقيقات فهي شكلية ولو كانت هناك تحقيقات جدية لنجح القضاء في استرداد مليارات الدولارات التي سرقت طيلة السنوات الماضية ومحاسبة الفاعلين، 

توجيه الاتهامات للكاظمي وفريقه قبل انتهاء التحقيقات تثبت حقيقة نوايا الجهات التي تسعى لتصفية حساباتها على حساب الصالح العام التي لم نسمع صوتها عن الميزانيات الانفجارية التي بددها الفساد ولم تطالب بمحاكمة رؤوساء الحكومات في وقتها لأنها اما كانت جزء من فريقها أو المستفيدين منها وحتى لو كانت هناك تحقيقات جدية فلن تستطيع أجهزة الدولة المعنية القبض على الفاعلين خاصة إذا كانوا مدعومين من دول إقليمية تسيطر على الشأن السياسي العراقي، وتمتلك ترسانة عسكرية تهدد بها السلم الأهلي إذا أرادت الدولة محاسبتها ،لذلك ما يجري من محاولات للقضاء على الفساد بصورة انتقائية وانتقامية لن تنجح في ردع السرّاق واسترداد المال العام بل على العكس ستسهم في تمكين جهات محمية ومعفاة من الملاحقة القانونية على حساب جهات أخرى 

كل محاولات إصلاح أخطاء النظام السياسي الحالي تفتقر إلى العدالة

إذا عدنا بالزمن الى الوراء وتحديدا الى 2003 حيث قام الحاكم المدني بول بريمر بتأسيس الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث وهو الحزب الحاكم في العراق سابقا التي حل محلها بعد كتابة الدستور عام 2005 قانون الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة ،تعددت التسميات وتغيرت ألية العمل لكن الغاية المعلنة واحدة وهي أبعاد المنتمين لحزب البعث المحظور من الحياة السياسية وحتى الوظيفية لكن العدالة كانت غائبة في التنفيذ فتحول قانون المساءلة والعدالة إلى سلاح لقمع المنافسين في الانتخابات النيابية والانتقام منهم وإبعادهم من المشهد السياسي أو منع الخصوم من الحصول على مناصب ووظائف رفيعة في الدولة،

الانتقائية والفوضوية في تطبيق القوانين و محاربة الفساد والإصلاح الإداري في مؤسسات الدولة  ساهم بولادة طبقة معارضة ومعادية للنظام الحاكم بسبب شعورها بالغبن والظلم وهذا العداء ساهم في غياب الاستقرار السياسي حيث أصبح النظام مهزوزا هزيلا يتأثر من أي أزمة داخلية أو خارجية.