ماذا بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان

  • طالبان تسيطر على 85% من أفغانستان.
  • بكين مرتابة من أن وصول طالبان للسلطة سيزيد من خطر الإرهاب.
  • إيران تستعد لمستقبل يحكم فيه عدوها طويل الأمد في أفغانستان المجاورة.
  • انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان يبث الروح في العلاقة بين طالبان والقاعدة.

بينما تهم عجلة الولايات المتحدة  بمغادرة أفغانستان بعد عشرين عامًا، نجد الدول التي قد تكون الأكثر قلقًا من عواقب هذه الخطوة هي أعداء أمريكا الرئيسين: الصين وروسيا و إيران. في الواقع ، بينما يتزايد تهديد الإرهاب للغرب، يمكن قول الشيء نفسه عن الدول الثلاث المذكورة أعلاه.

زعمت جماعة طالبان للتو أنها تسيطر على 85٪ من أفغانستان بعد أن استولت على معابر حدودية رئيسية مع إيران وتركمانستان إلى جانب منطقة واخان المتاخمة للصين. وهذا إنذار بخطر يحدق بـبكين المرتابة من أن وصول طالبان إلى السلطة سيزيد من خطر الإرهاب والتطرف الديني. يمكن أن تصبح أفغانستان مرة أخرى أكبر مصدر للمخاطر على أقصى غرب الصين ولا سيما مقاطعة شينجيانغ المضطربة.

وللتخفيف من هذا الخطر، تجري الصين محادثات لبناء قاعدة عسكرية في ممر واخان النائي في أفغانستان، حيث أفاد شهود عيان برؤية القوات الصينية والأفغانية في دوريات مشتركة. بسبب الروابط التاريخية لطالبان مع جماعات إرهابية مرتبطة بالقاعدة، فمن المنطق أن بكين قلقة بشكل خاص بشأن إحياء حركة تركستان الشرقية الإسلامية الأصولية. وهي جماعة عرقية من الإيغور تنشط في أفغانستان وتستخدمها الصين كذريعة لاستمرار  انتهاك حقوق أقلية الإيغور.

ومن المثير للاهتمام أن حركة طالبان سارعت إلى كسب ود الصين، مؤكدة أنها لن تسمح بعد الآن للمقاتلين الصينيين من الايغور الانفصاليين، الذين لجأ بعضهم سابقًا إلى أفغانستان، بأن تطأ قدمهم البلاد. وذهبت طالبان إلى حد القول إن الصين صديقة وتأمل في التحدث إلى بكين بشأن الاستثمار في أعمال إعادة الإعمار في أقرب وقت ممكن. ومن أجل طمأنة الصين، قالت طالبان إنها ستضمن سلامة المستثمرين والعمال الصينيين إذا عادوا إلى أفغانستان.

صداع روسي من تمدد طالبان

ويمثل خروج الولايات المتحدة من أفغانستان صداعًا لروسيا أيضًا التي تخشى أن يؤدي القتال المتصاعد إلى دفع اللاجئين إلى حديقتها الخلفية في آسيا الوسطى وخلق تهديد جهادي وحتى إثارة حرب أهلية في دولة سوفيتية سابقة.

ودفع تقدم طالبان المئات من أفراد الأمن واللاجئين الأفغان إلى الفرار عبر الحدود إلى طاجيكستان المجاورة حيث توجد أكبر قاعدة عسكرية أجنبية لروسيا بالقرب من الحدود الأفغانية. تستضيف القاعدة حوالي 6000 جندي ودبابة وناقلات جند مدرعة وطائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر.

في مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا في موسكو، أشار ثلاثة من مسؤولي طالبان إلى أنهم لا يشكلون تهديدًا للحي، مضيفين أنهم سيفعلون كل ما في وسعهم لمنع تنظيم داعش من أن ينشط داخل الأراضي الأفغانية.

طهران عاصمة أخرى قلقة من انسحاب القوات الغربية من أفغانستان. بينما أزالت الولايات المتحدة شوكة كبيرة في خاصرة إيران عندما هاجمت طالبان عام 2001، يتعين على إيران الآن أن تستعد لمستقبل يحكم فيه بحرية عدوها طويل الأمد في أفغانستان المجاورة.

يُعد احتمال نشوب حرب أهلية في أفغانستان عاملاً من شأنه أن يعرض المجتمعات العرقية الفارسية والشيعية للخطر ويرسل المزيد من موجات اللاجئين الأفغان عبر الحدود. وأخيراً وليس آخراً، قد يعزز الجماعات الجهادية السنية مثل داعش والقاعدة. في الوقت الحالي، قررت طهران اتباع نهج القفاز المخملي من خلال تنمية العلاقات مع بعض فصائل طالبان وتخفيف نبرتها تجاه الجماعة المتطرفة.

على الرغم من الخطاب الإيجابي لطالبان بأنها لن تسمح للقاعدة بأن تنشط في البلاد، فإن العكس هو الصحيح. يبث انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان الروح في العلاقة بين طالبان والقاعدة، على الرغم من الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان الذي كان من المفترض أن يقطع هذه العلاقات.

لم تبدِ طالبان أي علامة على الانقسام عن القاعدة فمسؤولي طالبان يتحدثون الآن عن استضافة أعضاء القاعدة كـ “لاجئين” – وهو نفس المنطق الذي استخدموه لإيواء الجماعة قبل 11 سبتمبر.

في السنوات الأخيرة، حل تنظيم داعش محل القاعدة باعتباره الجماعة الجهادية الرئيسية في أفغانستان. يبلغ عديد التنظيم حوالي 4500، بما في ذلك العائدين من العراق وسوريا. كان تنظيم داعش أيضًا نشطًا في التجنيد وإن بشكل سري في الجامعات الأفغانية. قدم لأفغانستان مبلغًا ضخمًا يصل إلى 600 دولار شهريًا.

تنظيم داعش في أفغانستان ليس مجرد فرع محلي حسب ما كشف وزير الدفاع البريطاني. كان بعض عملاء الجماعة الإرهابية يتواصلون مع خلايا في المملكة المتحدة وأوروبا الغربية للتخطيط لهجمات محتملة على غرار مانشستر أرينا.

تعمل جماعة طالبان على تغيير صورتها العامة لتحسين شرعيتها وهي تقوم بمبادرات مع الصين وروسيا وإيران لترويض الأعداء المحتملين وأيضًا جذب المزيد من الاستثمار إلى أفغانستان. ومع ذلك، لا ينبغي أن ينخدع أحد فإن تجاهل الغرب لأفغانستان سيؤدي حتمًا إلى مزيد من الإرهاب كما حذر السير أليكس يونغر وهو الرئيس السابق جهاز الاستخبارات البريطاني في المملكة المتحدة.

وللدليل، كشف رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال السير نيك كارتر أن المهمة الأفغانية حالت دون وقوع أحداث 11 سبتمبر أخرى.

الخلاصة: ترك جماعة طالبان تسيطر على أفغانستان هو تمهيد لكارثة تهدد العالم بأسره.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن