يعتبر حزب الله اللبناني أحد اهم أدوات إيران في نشاطاتها الخارجية وبصورة خاصة في أفريقيا التي تعتبر في الوقت نفسه احدى اهم مراكز تمويل الحزب. وتعد دول وسط وغرب أفريقيا الحديقة الخلفية لحزب الله من حيث الأهمية الاقتصادية بالدرجة الأولى وكذلك لها أهمية كبيرة كمركز للتدريب العسكري لكوادر الحزب.

ينشط الحزب على الأغلب في المناطق الغنية في أفريقيا ذات الثروة والتي يوجد فيها جاليات لبنانية تنتمي في معظمها إلى الطائفة الشيعية وهم بالضرورة متعاطفين مع حزب الله. ويرى معلقون أن الحزب لم يعد حزبا لبنانيا محليا بل أصبح حزبا بأذرع في الخارج وخصوصا في أفريقيا. ويتدخل الحزب في أفريقيا تحت غطاء الاستثمار والشراكات الاقتصادية والمالية لكن نشاطه الحقيقي يتمثل في تهريب السلاح وغسيل الأموال والاتجار بالمخدرات وتعتبره بعض الدول مجرد أداة لتنفيذ أجندة إيرانية.

منذ الثمانينات من القرن الماضي كشفت أجهزة استخبارات وصحف غربية عن نشاطات عديدة لحزب الله اللبناني في أفريقيا. وقد نشطت إيران وحزب الله في أفريقيا وتغلغل نفوذ الحزب في صفوف الجالية اللبنانية التي يقدر عدد أفرادها ما بين 275 إلى 350 ألفا.

وينشط حزب الله بين أفراد الجالية اللبنانية خصوصا عبر لجان لجمع التبرعات وجمع ما يسمى الخُمس من عائدات تجارتهم وتحول جميعا إلى خزينة حزب الله من خلال نقلها عبر أشخاص يسافرون إلى لبنان لتفادي التحويلات بواسطة البنوك ومكاتب الصرافة التقليدية.

حزب الله يوسع نشاطه في أفريقيا

ولا يكتفي الحزب بجمع التبرعات من اللبنانيين في أفريقيا ولكنه يقوم بتجنيدهم للعمل معه أو على الأقل لخدمة أهدافه. وقام الحزب في السنوات الأخيرة بتوسيع نفوذه ونشر المزيد من عملائه في أفريقيا.

تمثل أفريقيا ميدانا جاذبا لحزب الله للاستثمار وغسيل الأموال وتبديلها بسبب وجود المغتربين اللبنانيين بكثرة هناك. وقد أقام حزب الله في نيجيريا على وجه الخصوص مشاريع اقتصادية كبيرة بعضها في تجارة الألماس والذهب. ويلعب رجال أعمال لبنانيون مرتبطين بالحزب دورا أساسيا في تمويل نشاطاته.

ونشاط إيران والحزب في أفريقيا نشاط سهل حيث تفتقر الدول الأفريقية إلى منظومة أمنية قوية ومحكمة يمكنها ضبط التحركات غير المشروعة في البلاد. وهذا ساهم بتيسير خلق أرضية خصبة لنشاط الحزب هناك. وهذا النشاط في أفريقيا وخصوصا في نيجيريا ليس بدون براهين. فقد سبق للسلطات النيجيرية أن اعتقلت خلال السنوات الماضية الكثير من اللبنانيين الذين يعملون لصالح الحزب وكشفت طبيعة أعمالهم. وكذلك جرى اعتقال كثير من الإيرانيين في أكثر من بلد أفريقي ووجهت إليهم اتهامات بالعمل على إقامة شبكة عملاء وتهريب أموال وسلاح.

وقد سعت إيران لتعزيز نفوذها في بعض الدول الأفريقية ونشطت في تهريب الأموال والأسلحة وتدريب المقاتلين. في عام ألفين وتسعة عشر كشفت صحف بريطانية منها صحيفة التلغراف أن الحرس الثوري الإيراني وبالذات فيلق القدس الذي كان يقوده قاسم سليماني أنشأ خلايا سرية في أفريقيا لاستخدامها في السودان وتشاد والنيجر وغانا وغامبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وكذلك يتوسع نشاط إيران وحزب الله بين صفوف الشيعة الأفارقة الذين يتراوح عددهم الآن ما بين 16 مليون إلى عشرين مليون نسمة يعيش كثير منهم في نيجيريا إذ يصل عددهم هناك إلى حوالي ستة ملايين وخمسمئة ألف نسمة ولهم ميليشيا باسم “جيش المهدي” يعتبرها المتابعون الوجه الآخر لجماعة بوكو حرام. وقد كان لإيران دور كبير في نشر التشيع في أفريقيا.

وتقوم إيران بحسب ما ذكرت صحيفة تلغراف البريطانية في الرابع والعشرين من حزيران يونيو 2019 ببناء شبكات من خلايا إرهابية سرية في عمق القارة الأفريقية لاستخدامها حسب الحاجة. وجاءت هذه المعلومات بعد أسابيع قليلة من الكشف عن تلك الشبكات واعتقال عدد كبير ممن تلقوا تدريبات من قبل الحرس الثوري في العراق وسوريا.

لقد سبق وتم إحباط الكثير من عمليات تهريب السلاح والمال. وكشفت السلطات النيجيرية في الأعوام القليلة الماضية عن توقيف وحجز عدة حاويات تنقل أسلحة من ضمنها راجمات صواريخ في صناديق حملت معلومات مضللة على أنها مواد بناء. كما أعلنت السلطات النيجيرية عن اكتشاف أسلحة تم تخزينها في بيوت لبنانيين مغتربين.

وفي آخر أيام العام ألفين وثلاثة تحطمت طائرة تابعة لاتحاد النقل الأفريقي عند إقلاعها من مطار كوتونو في بنين في غرب أفريقيا وكانت تحمل مسؤول العلاقات الخارجيّة في حزب الله اللبناني واثنين من مساعديه وكان بحوزتهم مليوني دولار نقدا وقد كانت تبرعات من أثرياء لبنانيين في نيجيريا مقدمة إلى حزب الله. وهذه الشركة يملكها مغتربون لبنانيون ومسجلة في غينيا وفي عام ألفين واحد عشر تم توقيف سفينة في البحر المتوسط تبين أنها كانت تنقل شحنات من الأسلحة الذخائر واتهم حزب الله بانه وراء إرسال تلك السفينة.

توجد في نيجيريا حركة إسلامية شيعية وهي في حالة صراع مع السلطات. ويتزعم تلك الحركة إبراهيم الزكزاكي وهو معتقل على خلفية اتهامات بالتحريض على القتل والإرهاب. وكان الزكزاكي قد أسس “حزب الله” النيجيري الذي تعتبره الحكومة النيجيرية ذراعا لتنفيذ المخطط الإيراني في أفريقيا الذي يستهدف التوسع وبسط طهران في أفريقيا.

بصمات إيران وحزب الله في أفريقيا باتت واضحة لكن المختصين في الشؤون الإيرانية والأفريقية يرون أنه بالنظر إلى ما تعانيه إيران الآن من أثار مؤلمة للعقوبات وتداعيات جائحة كورونا فإن سياستها في الميدان الأفريقي ليست ناضجة وتعاني من قصور بنيوي جعلها مكشوفة لكل متابعي النشاط الإيراني في الخارج وبالتالي جعلها على المدى البعيد غير قابلة للنجاح.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن