أخبار الآن | مقال رأي

بالرغم من قتل زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبدالملك دروكدال بواسطة قوات فرنسية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الإرهاب ما زال يشكل تهديدًا في شمال وغرب أفريقيا.

إحصائية واحدة فقط تساعد في إدراك تدهور الوضع الأمني حقًا. في السنوات الثلاث الماضية فقط، تضاعف عدد الهجمات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو خمس مرات. طموح الجهاديين جامح واستهداف الدول الافريقية الكبرى أمر لا بد منه. قد يشير الهجوم الأخير في ساحل العاج إلى أنه قد يكون الهدف الرئيسي التالي للجهاديين.

قبل أيام قليلة في شمال ساحل العاج، على مقربة من الحدود مع بوركينا فاسو، جاء ما يقارب 20 إلى 30 من الجهاديين وهم يركبون دراجات نارية وفاجأوا الجنود الذين ينامون في معسكر بكافولو، مما أسفر عن قتل 12 وإصابة ثمانية آخرين. فيما تم قتل إرهابي واحد فقط. وقع هذا الهجوم الجهادي بعد أسبوعين فقط من أول عملية عسكرية مشتركة بين ساحل العاج وبوركينا فاسو عندما تمكن الجنود من قتل ثمانية جهاديين واعتقال 38 آخرين على الحدود بين البلدين. كانت هذه إشارة تفاؤل لتعاون نادر بين الجيران يمكن أن يساعد في الحد من هجمات الجهاديين.

للأسف، رد الجهاديون بسرعة في غضون أسابيع. كيف تفاجئ الجيش بالهجوم بينما جاء الانتقام الجهادي في وقت قصير؟ الأمر ليس مطمئنا.

من المرجح أن يكون تنظيم القاعدة ولا سيما كتيبة ماسينا بقيادة أمادو كوفا، وراء الهجوم الانتقامي. ومن المثير للاهتمام، أن وسائل إعلام تابعة للقاعدة هددت ساحل العاج قبل أيام قليلة بقولها إنها لم تتعلم درسا من هجوم غراند بسام 2016، والذي كان آنذاك الهجوم الإرهابي الوحيد المسجل في هذه الدولة الهادئة. في الواقع، وفي حدث صادم للغاية، استهدف جهاديو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي غراند بسام، وهو منتجع شاطئي شهير بالقرب من أبيدجان يرتاده المغتربون والسياح، مما أسفر عن قتل 19 شخصًا.

بالرغم من التحذيرات الجادة والتفصيلية من قبل فرنسا في يناير 2016 ومن قبل المغرب في مارس، أن الجهاديين كانوا يخططون لشن هجمات على الشواطئ المكتظة بالسياح والوافدين، فإن أجهزة الأمن في ساحل العاج لم ترفع مستوى الأمن في غراند بسام.

كما لم تتدخل الشرطة خلال الهجوم وانتظرت وصول القوات الخاصة لمدة ساعتين. من الواضح تمامًا أن العقل المدبر للهجوم على الشاطئ جاء من مالي وغادر بعد بضعة أيام بعد الهجوم.

لقد حذرنا في يوليو 2015 بعد العمليات العسكرية المناهضة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي نفذتها ساحل العاج ومالي على الحدود من أن الجهاديين سوف ينتقمون من ساحل العاج في الأشهر القادمة. بعد هجوم غراند بسام، قررت ساحل العاج إنفاق 122 مليون يورو على مكافحة الإرهاب وعززت فرنسا تمثيلها العسكري في البلاد من 500 إلى 900 جندي. رد الفعل السريع أعاد الثقة بالمجتمع الدولي، وللإثبات، استثمرت الإمارات 5 مليارات دولار لتطوير برنامج سياحي طموح جداً. وفي حين لم تكن هناك هجمات في البلاد حتى قبل بضعة أيام، لم يكن لدى الجماعات الإرهابية قواعد في المنطقة منذ عام 2017 فحسب، بل كانت هناك خلايا نائمة أيضًا.

من المثير للاهتمام أن الجهاديين ليسوا فقط من ساحل العاج، ولكن أيضًا من الماليين والبوركينيين. لا يخضع الجزء الشمالي من البلاد لسيطرة السلطات بالكامل، ولا سيما حديقة كومو الوطنية، وهي مكان مثالي للاختباء عند حدود بوركينا فاسو. في أواخر العام الماضي، وضعت فرنسا هذه المنطقة على قائمة المواقع التي يجب تجنبها في ضوء المخاطر الأمنية. وبحسب ما ورد، كان هناك جهاديون يختبئون هناك خلال الأشهر التسعة الماضية بعد ملاحقتهم من قبل قوات بوركينا فاسو.

ساحل العاج هي الدولة الرئيسية في المنطقة، وتشترك في حدود يبلغ طولها 800 كيلومتر مع بوركينا فاسو ومالي التي يعتمد كلاهما عليها لنقل البضائع من وإلى الخارج. إن الوضع الأمني المتدهور في كلا البلدين المتجاورين هو علامة خطر كبيرة لساحل العاج. علاوة على ذلك، فإن ساحل العاج شريك عسكري مهم للغاية لفرنسا، فهي تستضيف ثاني أكبر قاعدة فرنسية في إفريقيا بعد جيبوتي مع 900 جندي. أخيرًا، سترحب ساحل العاج بأكاديمية مكافحة الإرهاب الجديدة التي تبلغ تكلفتها 34 مليون دولار، والتي ستفتتح في غضون بضعة أشهر بالقرب من أبيدجان وتمولها فرنسا جزئيًا. إن التقارب من فرنسا الذي يُنظر إليها على أنها العدو الرئيسي، وخاصة من قبل القاعدة، يجعل ساحل العاج أكثر من هدف.

أخيرًا وليس آخرًا، هناك مشكلة تحت الرادار وهي العدد الهائل من الأسلحة المتداولة في البلاد، والتي تقدر كميتها ب350 طنًا. من المنطقي أن يسرق الجهاديون أو يقوموا بشراء بعضًا من هذا لاستخدامها في الهجمات المستقبلية

كانت بوركينا فاسو خالية من الإرهاب قبل خمس سنوات ولكن في عام 2019 قُتل أكثر من 1800 شخص في هجمات جهادية. لا ينبغي للسياسيين في ساحل العاج التقليل من المخاطر واعتبار الهجوم الأخير أنه هجوم واحد فقط.

في الواقع، تعمل كتيبة ماسينا عادة في وسط مالي، ووجودها بعيدًا جدًا عن قاعدتها ربما يعني أنها موجودة لتبقى. إن ساحل العاج جائزة كبيرة للجهاديين ولا يمكن أن تقع في الفوضى. ومع ذلك، فإن الانتخابات الرئاسية القادمة يمكن أن تزعزع استقرار البلاد وتفتح المجال للجهاديين.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن

إقرأ المزيد:

التوسع الخطير لتركيا في البحر الأبيض المتوسط