أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)

مطلع الأسبوع أشيع عن بيان موقع باسم أبي همام الشامي القائد العسكري لحراس الدين بعنوان “المعول الهدام.” وممّا تمّ تناقله على التلغرام، يبدو أنه “يكفر” هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني لسماحه للقوات التركية بدخول ريف إدلب -“المناطق المحررة” – ويدعو عناصر الهيئة إلى “النجاة” بأنفسهم. 

البيان مزور لأنه لم يُبث في قناة حراس الدين الرسمية، شام الرباط، ولم تتناقله القنوات الرديفة التابعة للقاعدة. كما أن اللغة التي كُتب بها ركيكة ومضحكة أحياناً. 

أيا كانت الجهة التي روجت للبيان، فلا شك أن كثيراً من أنصار الحراس ومعارضي الجولاني يريدون لهذا التنظيم أن يخرج من الظل. يريدون منه أن يتخذ موقفاً واضحاً من هيئة تحرير الشام ومسألة التعاون مع تركيا التي لا تزال تثير جدلاً في المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام. 

السواد الأعظم من سكان تلك المنطقة يعتبرون الأتراك محتلين كما الروس. وشهادة طاهر الفرغلي المسربة، وهو أحد كبار قضاة تحرير الشام، لا تزال حاضرة في الأذهان عندما اعتبر تركيا عدواً يجب دفعه. لكن كالعادة، ذهب الجولاني مذهبه ودخل الأتراك إلى “المحرر” وسيروا الدوريات المشتركة مع الروس: العدو الآخر. 

موقف حراس الدين من الهدنة التركية الروسية كان واضحاً في كلمة أبي همّام بتاريخ 7 مارس 2020 والتي كانت بعنوان “يا أهل الشام الثبات الثبات.” فيها، رفض الحراس الهدنة، وتوعدوا باستمرار القتال، وأوحوا على نحو خجول بأن هيئة تحرير الشام ضيّقت عليهم ومنعتهم من الجهاد. 

استمرّ حراس الدين في القتال حتى إنهم هذا الأسبوع سيطروا على قرية في ريف حماة فيما اعتبره إعلام النظام السوري نفسه “فتنة الهدنة.” واستمرت هيئة تحرير الشام في التضييق عليهم ومن ذلك التوتر الذي حصل في أرمناز يوم 19 أبريل الماضي. لكن ظلّ حراس الدين متحفظين في ردهم على الجولاني. وكان أقصى ما دعوا إليه هو الاحتكام إلى الشرع. 

بعد يومين من بيان الشامي المزور، بثت قناة حراس الدين كلمة صوتية لأبي عبدالرحمن المكي بعنوان “مدافعة الباطل.” من الصعب قراءة هذه الكلمة فهي ليست عظة مثل كلمة سامي العريدي، القيادي في التنظيم، والتي كانت بعنوان “رمضان جامعة المتقين” بتاريخ 23 أبريل؛ وهي ليست متعلقة بحدث مثل كلمة الشامي “يا أهل الشام …” 

في الجزء الاول من الكلمة الصوتية، يسوق المكي البراهين الشرعية على تعريف “أهل الباطل” ودرجاتهم. ويخلص إلى أن هؤلاء يشملون كل شخص من غير ملة “المجاهدين” التي عليها المكي. ويضيف أن كل من يقف على الحياد بين “أهل الحق” و”أهل الباطل” هو بالضرورة من أهل الباطل الواجب جهادهم ودفعهم. 

وهنا يحدد المكي طبيعة الصراع بين “أهل الحق” و”أهل الباطل” بقتال “النصيرية” و”النظام الحاكم لسورية وأنصاره.” ويعدد المكي دولاً تقع ضمن تعريفه “لأنصار” النظام السوري. والحقيقة، يغيب من الكلمة التي امتدت نصف ساعة أي ذكر أو تلميح إلى تركيا، أو الهدنة التركية الروسية، أو الدوريات الروسية التركية المشتركة. ومع غياب تركيا، يصبح الموقف من هيئة تحرير الشام أيضاً غير واضح. 

لكن أقرب ما يمكن أن يُقال في هذا المجال هو ما قاله المكي عن “الفتنة”. فربما قصد أن يقول إنه آن الأوان لترك هيئة تحرير الشام من دون حرج الوقوع في فتنة بما أنه “بان الحق .. وعُرف الجانب المستمسك بالحق، والجانب الذي يتمسك بالباطل، حينها لم تعد فتنة، بل الواجب على كل مسلم في هذه الحالة أن يكون في صف أنصار الحق المجاهدين في سبيل الله … ومجانبة الباطل ومقارعة النظام الحاكم لسورية وأنصاره.” 

وهكذا، وللمرة الثانية خلال شهرين يقدم حراس الدين أنفسهم على أنهم هم المعنيون بقتال النظام السوري جهاداً “نيابة عن أمتهم الجريحة”. لكن المختلف في كلمة المكي هو أن تركيا ليست هي المعضلة، بل هيئة تحرير الشام. فهل ينقلب السحر على الساحر؟ بعد أن تلاعب الجولاني بالحراس واتخذهم ورقة للضغط على الآخرين، هل يصبح الحراس ورقة للضغط عليه؟ ربما. 

مصدر الصورة: من إصدارتعزيزات سهل الغاب” screenshot

للمزيد: 

ما الذي كشفه بيان “القاعدة في شبه جزيرة العرب” عن حجم الصراعات الداخلية وعن قيادة القاعدة الغائبة؟