أخبار الآن | إدلب – سوريا ( متابعات )

يبدو ان هيئة تحرير الشام تعتبر نفسها دولة قائمة بحد ذاتها.. لها قوانينها الخاصة التي تحاول فرضها على المناطق التي تسيطر عليها، وبالتالي فان تلك القوانين تؤثر على كافة مناحي حياة السكان، والصحفيين وكجزء من اي مجتمع تطاله تداعيات تلك القوانين ويتأثر بها .

الانتهاكات التي تمارسها هيئة تحرير الشام والفصائل المتشددة الأخرى على الصحفيين ليست جديدة، وانما تعود الى مراحل تأسيس تلك الجماعات، التي اعتبرت ان الاعلام خصم لها وحاولت ضمه لأفكارها والترويج لمعتقداتها، فكأي جماعة عقائدية تتبنى افكارا معينة تحاول ضم كل من يكون في مناطقها الى كنفها، ومن يعارض او يقول كلمة الحق فبنظرها خائن ومرتد وغيرها من التوصيفات الجاهزة للاتهام.

انتهاكات هيئة تحرير الشام بحق الإعلام خلال شهر حزيران 

في احدث فصول الانتهاكات التي تمارسها هيئة تحرير الشام ” جبهة النصرة” بحق الإعلام في سوريا، وثق المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين في تقريره الدوري الصادر السبت 4 تموز/ يوليو 2020، 11 انتهاكاً ضد الإعلام في سوريا خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي.

وأوضح التقرير أن واقع الحال في شهر حزيران الماضي لم يختلف عمّا كان عليه خلال الأشهر السابقة، إذ شكلت حالة التضييق على الحريات الإعلامية شمال غربي سوريا سبباً مباشراً للانتهاكات الموثقة فيه، والتي كانت أيضاً سبباً رئيسياً لمعظم الانتهاكات التي وثقها المركز على مدار النصف الأول من العام الحالي، خاصة مع انخفاض وتيرة المعارك والقصف.

الجولاني.. تاريخ أسود من التعدي على الصحفيين في إدلب

اقتصرت الانتهاكات الموثقة خلال الشهر الماضي على الاعتداء بالضرب على مجموعة من الإعلاميين في محافظة إدلب، من قبل عناصر أمنية تتبع لـ”هيئة تحرير الشام”، وذلك أثناء تغطيتهم الإعلامية على طريق حلب – اللاذقية الدولي “M4”.

وأشار التقرير إلى أنه مع مضي النصف الأول من عام 2020، يكون المركز السوري للحريات الصحفية وثق في سجلاته وقوع 34 انتهاكاً ضد الإعلام في سوريا، كان منها مقتل إعلاميَين اثنين، وإصابة وضرب 20 إعلامياً آخرين.

 

 

العصا لمن عصا.. هذا ما حدث في “هيئة تحرير الشام

تمكنت “هيئة تحرير الشام”، بعد هيمنتها على المنطقة، من احتلال الصدارة في انتهاك حقوق الإعلاميين والصحفيين، منتزعة اللقب من النظام السوري، وفق الأرقام التي وثقها “مركز الحريات الصحفية” في “رابطة الصحفيين السوريين”.

وبلغت الانتهاكات ضد الإعلاميين 575 في محافظتي حلب وإدلب منذ عام 2011 حتى أيار الماضي، وكان للفصيل العسكري منها النصيب الأكبر منذ عام 2019، حسبما قال مدير المركز، إبراهيم حسين، مضيفًا، “لا يكاد يمر شهر إلا ونسجل فيه انتهاكات جديدة ترتكبها الهيئة”.

الناشط الصحفي “عمر” (اسم مستعار)، لم يكن يعتقد أن انتقاد حكومة “الإنقاذ” المتهمة بتبعيتها لـ”هيئة تحرير الشام” عبر صفحات التواصل الاجتماعي، سيقوده لأيام عصيبة في سجن “العقاب” الشهير، الذي تديره “الهيئة”.

طلب عمر عدم نشر اسمه الحقيقي، فرغم أنه يتحرى الحقيقة في عمله، لا يريد أن يعيد تجربته السابقة، إذ تعرض لـ”كمّ كبير من الإهانات حين توجه طوعًا إلى حاجز للهيئة للاستفسار عن سبب بحثهم عنه”.

جلسة تحقيق تلو الأخرى، أصر خلالها المحققون على غسل دماغ عمر وإقناعه بعظيم ذنبه، مع توسع نطاق التهم من انتقاد “الإنقاذ” إلى “كراهية الإسلام”، فنال خلالها نصيبه من الضرب والتهديد والتخوف من الوصول إلى تهمة “الردة”.

مدير العلاقات العامة فيما يسمى حكومة “الإنقاذ”، ملهم الأحمد، نفى تعرض الصحفيين لـ”أي مضايقات”، مشيرًا إلى “تسهيلات العمل الصحفي”، و”الأريحية” في عمل الوكالات، التي تمتاز بها مناطق سيطرة “الحكومة” عن غيرها، على حد تعبيره.

 

الأوضاع الميدانية للصحفيين شمال غرب سوريا

اعتصم صحفيون وإعلاميون في ساحة الساعة وسط مدينة إدلب السورية، قبل اسابيع، احتجاجاً على ضرب وإهانة مجموعة منهم من قِبَل عناصر تابعة لـ “هيئة تحرير الشام”، وذلك أثناء تغطيتهم لمرور الدورية التركية الروسية المشتركة على الطريق “إم 4” بالقرب من مدينة أريحا جنوب المدينة.

ووجّهت عناصر من الهيئة، إهانات وشتائم للصحفيين والإعلاميين، وحطموا بعض معداتهم، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها لمثل ذلك، فقد تم احتجاز 3 صحفيين لساعات في بلدة معارة النعسان بالريف الشمالي الشرقي لمحافظة إدلب الشهر الماضي، أثناء احتجاجات لمدنيين رفضاً لافتتاح “تحرير الشام” معبراً تجارياً مع الحكومة السورية.

 

 

كما تعرض ناشط إعلامي من ريف حماة في وقت سابق الشهر الماضي ، لاعتداء من قبل عناصر تابعة لـ “هيئة تحرير الشام” على أحد حواجزها المنتشرة غربي مدينة إدلب بسبب الاقتتال مع غرفة عمليات “فاثبتوا”، في وقت عبر “مكتب حماة” الإعلامي عن رفضه لمثل هذه التصرفات، ووجه رسالة للهيئة ببيان رسمي.

وتحدث “مكتب حماة الإعلامي” في بيانه، عن استمرار تجاوزات الفصائل العسكرية بحق الناشطين والمدنيين في المناطق المحررة والتي لطالما تدرج من قبل الفصائل تحت بند “التصرفات الفردية”، مؤكداً تعرض أحد أعضائه للضرب والإهانة.

ولفت المكتب في البيان إلى تعرض عضو مكتب حماة الإعلامي “مصطفى أبو عرب” للضرب والشتم والكلام غير اللائق أثناء مروره مع زوجته على حاجز النمرة الذي يتبع الهيئة تحرير الشام بالقرب من بلدة الشيخ يوسف غربي إدلب،

وتتنوع الأساليب والوسائل التي تتبعها القوى الأمنية بالتعاون مع مكتب العلاقات الإعلامية في هيئة تحرير الشام، لتتبع النشطاء الإعلاميين، وترهيبهم تارة وترغيبهم تارة أخرى، في سياق سياسة فرض نفسها وصية على العمل الإعلامي والمنطقة، وملاحقة كل من يخالف توجهها.

يأتي ذلك في وقت يواصل الذراع الأمني التابعة لهيئة تحرير الشام، اعتقال العشرات من النشطاء من أبناء الحراك الشعبي في سجونه المظلمة، في وقت أفرجت الهيئة عن آخرين خلال الأشهر الماضية، بعد أن اعتقلتهم لأشهر عديدة وجل التهم كانت تعليقات على منشورات على موقع “فيسبوك” أو نشر آراء تخالف أو تنتقد سياسية الهيئة وتهم أخرى من العامل مع الغرب وغيرها وجهت لهم.

 

تحديات كبيرة تواجه الصحفيين شمال غرب سوريا

احتل غياب الأمن ونقص الحريات صدارة المشاكل التي يعاني منها الإعلاميون في شمال غربي سوريا، لما تعنيه من تقييد وتهديد، إلا أن العوائق التي تقف في وجههم كل يوم لم تكن محدودة بذلك وحسب.

واعتبر الصحفي محمد العلي أن أهم المشاكل التي تواجه العمل الإعلامي في إدلب هي غياب الكيان الناظم بين الإعلاميين والصحفيين والناشطين والعاملين بالتصوير والتصميم، يضع “ضوابط حقيقية” تقف في وجه تطاول القوى المسيطرة.

وأشار إلى أن الإعلاميين لم يملكوا كيانًا قديمًا قبل الثورة يمكن إعادة تأهيله، مثل قطاع التربية والصحة والعمل الإنساني، إذ كان حكرًا على وزارة الإعلام، وهذا ما يجرده من صفة “الإعلام الحقيقي”، وفق تقدير محمد.

كما كان لخروج الصحفيين المحترفين إلى خارج سوريا دور في تشكيل العبء على المواطن الصحفي أو الصحفيين الذين مارسوا المهنة وهي ليست من اختصاصهم، حسبما يرى الصحفي إبراهيم الشمالي، الذي قال إن وجود النقابة الناظمة التي تحدد العمل الصحفي وضوابطه المهنية وتضع ميثاق العمل الصحفي تعتبر “من الأولويات” في شمال غربي سوريا.

واعتمدت القوى المسيطرة على إصدار الوثائق والتصريحات للسماح للإعلاميين بالتصوير وتغطية الفعاليات والأحداث في شمال غربي سوريا، مع تميز كل منطقة عن الأخرى بالإجراءات، إلا أن تلك الخطوات لم تحمِ الإعلاميين بالضرورة من الوقوع ضحية لانتهاكات الفصائل بالضرب والإهانة.

وقال صحفيون إن الفصائل غالبًا تحيل الانتهاكات إلى “تصرفات فردية من العناصر” وتلجأ للاعتذار من الإعلامي بعد ذلك، مع غياب الجهة المدافعة عن حقوقه والمطالبة بتعويضه.

وبرأي الصحفيين، فإن إصدار الفصائل لتعميم يأمر عناصرها بالكف عن ملاحقة الإعلاميين والتعرض لهم، هو الحل الممكن في الظروف الراهنة.

 

 

تجمعات صحفية تعاني من الفرقة

شُكّلت في شمال غربي سوريا روابط واتحادات إعلامية متعددة، إلا أن أغلبها لم يدم طويلًا، ومعظمها لم يترك أي أثر، حسب رأي الإعلاميين في المنطقة.

وكانت هناك تجارب عديدة منذ عدة سنوات ولكنها “لم تبصر النور”، على حد تعبير الصحفيين، الذين عزوا فشل تلك التجارب لـ”عدم وجود رؤية استراتيجية، وغياب دعم حقيقي لمثل هذه المبادرات”، مشيرين إلى حاجة النقابة أو الجسم الذي يضم الإعلاميين إلى مكان وموظفين وكوادر تساعد بالتدريب، ولوجستيات ومساعدات وصندوق تكافل يؤمّن للإعلاميين بعض احتياجاتهم.

واضافوا إن حالة التكتلات الإعلامية الحالية لا تعدو كونها تجمعات لأعداد قليلة تقوم على أساس تحزبي ومناطقي، وهذا يعني غياب المركزية في عمل الإعلاميين.

 

رابطة الصحفيين السوريين

منظمة مستقلة لا تتبع لأي جهة حكومية أو حزبية، وتمثل أعضاءها أينما وُجدوا داخل سوريا أو خارجها، و”تسعى إلى أن تكون مظلة جامعة مستقلة للصحفيين السوريين دون تمييز”، كما قال مديرها، الصحفي مصعب سعود.

تضم بين أعضائها إعلاميين ضمن مناطق سيطرة النظام وفي شمال غربي سوريا، وتعمل على تأسيس فرع خاص في مدينة أعزاز، وتقبل منتسبيها ضمن شروط معينة.

للمزيد : 

رائد الفارس.. الصوت الحر الذي أسكته الجولاني