أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من ٨ إلى ١٤ أغسطس ٢٠٢١. في حلقة هذا الأسبوع عنوان رئيسي: 

– طالبان تستحوذ على الأراضي الأفغانية، وتدخل كابول 

– الجهاديون من أنصار القاعدة وهيئة تحرير الشام مبتهجون 

– وإن كان ثمة مساحة للتراجع بالنظر لتصريحات الجماعة إلى المجتمع الدولي

ضيف الأسبوع الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان والخبير في الحركات الجهادية. الدكتور صفر ألف كتاباً عن طالبان وهو قريب من المجتمع الأفغاني. 

 

د.محمد صفر ضيف مرصد الجهادية

د.محمد صفر ضيف مرصد الجهادية

 

طالبان في كابول

إذاً، لم يعد مهماً كم ولاية في أفغانستان خضعت لسيطرة طالبان.

لقد دخلوا إلى كابول، حتى ساعة إعداد هذه الحلقة، ظهر الأحد ١٥ أغسطس، هم على أبواب كابول. قيادة الجماعة من الدوحة وجهت مقاتليها إلى عدم الدخول ريثما الانتهاء من مفاوضات “لانتقال السلطة”. 

في ردود الفعل، الجهاديون من أنصار القاعدة وهيئة تحرير الشام مبتهجون ويروّسون منشوراتهم بـ “طالبان تنتصر” ويؤشّرون إلى لفظ “الفتوحات”. فريق من أنصار القاعدة تحديداً لا يزال يُذكّر بتحفظهم على بعض تصريحات طالبان للمجتمع الدولي. ثمة نقاط خلافية في المسألة الطالبانية. أبرزها:

– كيف ستعامل القاعدة؟ طالبان قالت وتنفيذاً لاتفاق الدوحة مع أمريكا إنها لن تسمح للقاعدة وغيرها باستخدام أراضيها لشن هجمات ضد أمريكا وحلفائها

– نقطة أخرى خلافية هي بند مفاوضات تشارك السلطة. لكن حقيقة لم يعد لهذا البند قيمة بعدما حصل في أفغانستان وباتت الجماعة على أبواب كابول. طالبان لا يريدون تشارك السلطة. يقولون إنهم يريدون “نظاماً إسلامياً”. وفيها هذا مسألتان مهمتان للجهاديين: 

– أولاً، ماذا يعني هذا بالنسبة “لفريضة الجهاد” التي يعول عليها الجهاديون ويرون أن طالبان ستعيد لهم مجدهم: خاصة القاعدة. محمد نعيم المتحدث باسم طالبان قال لنا في هذا البرنامج إن الجهاد عندهم يتوقف عند الحدود وبانتهاء “الاحتلال” أي خروج القوات الأجنبية. وهو ما حصل منذ مايو. 

– ثانياً، يخاطب طالبان المجتمع الدولي ويريدون أن يكونوا جزءاً من الأمم المتحدة والمنظومة الدولية. وهو ما لا يُرضي الجهاديين. 

كل هذا يؤثر في الصيغة النهائية لعلاقة الجهاديين مع طالبان. وبدا هذا واضحاً في بعض ردود الفعل التي لفت منها:

– مُنظّر الجهادية هاني السباعي الذي يعيش في لندن في حماية الدولة الإنجليزية، عنون خطبة الجمعة بـ “عزة وكرامة لطالبان وخزي لسلمية بنت أبيها،” ذمّاً بمن يسعون لإحقاق الحقوق من خلال الديمقراطية والتفاوض والسلمية. 

– أبو حفص الموريتاني شرعي القاعدة أيام قرر أسامة بن لادن الهجوم على نيويورك في ٢٠٠١، احتفى بطالبان أيما احتفاء من دون أن يشير إلى القاعدة أو أسامة بن لادن. هل تعمد عدم ذكر القاعدة وبن لادن والظواهري حتى يبقي صفحته بيضاء بعد أن أوحى بأنه أجرى مراجعات بخصوص القاعدة؟ وهو الذي صرّح بمخالفته الشرعية لهجمات سبتمبر؛ أم أنه لم يعد يؤمن حقاً بأيديولوجية القاعدة وتوجهها.

القاعدة التي تريد أن تغزو العالم فهدرت المصادر ولم تحقق شيئاً، فيما ركز طالبان على جغرافيتهم ووصلوا إلى لحظة الآن. يقول الموريتاني: “من طول ما الفنا الهزائم، لم نعد نصدق بإمكانية أن ننتصر!”

– من الجهاديين من ربط بين طالبان والقاعدة واعتبر ما يحدث اليوم استكمالاً لما بدأه الملا عمر، زعيم طالبان، وأسامة بن لادن، ومن والاه. 

– أنصار هيئة تحرير الشام رحبوا أيضاً بطالبان، والقيادي فيها مظهر الويس قال: “الفرحة تغمرنا.” 

– من الجهاديين من استنكر أن يرحب أنصار الهيئة بما تفعله طالبان. علي العرجاني، المنشق عن الهيئة، علّق على السلوك الأمريكي تجاه الحكومة الأفغانية وما اعتُبر تخلياً عنها، وقال: يا جولاني مصيرك قادم ولن تنفعك الدول ولو طال العمر.” 

– أقوى رد فعل مؤيد لطالبان كان ما نُقل عن حساب وريث القسام الذي صار يحتل مساحة واسعة من إعلام القاعدة. يقول: “يا كفار العالم، كما وصلنا إلى كابل، قادمون إلى مقديشو ودمشق و …. وصولاً إلى روما.” ومع اقتراب ذكرى هجمات سبتمبر، يقول الحساب: الذكرى العشرون غير سابقاتها” ويختم بـهاشتاغ “فتح كابل”

 

ونقول: ما يحدث في أفغانستان ليس بمعزل عن العالم. هي ليست حرب أهلية. طالبان باتت تمثل رمزاً للجهاديين وباتت تقوي شوكتهم. 

– في المقابل، ظلّ أنصار المقدسي وأبي قتادة يتبادلون الشتم والسبّ. وفي خضم هذه المناكفات، يعتبر أنصار أبي قتادة، وهم موالون لهيئة تحرير الشام، يعتبرون أن طالبان صارت “معياراً” يقاس عليه. يرد أنصار المقدسي إنهم يفعلون ذلك “لأنهم يعرفون تساهل الطالبان في السياسات الخارجية وأنها سيكون لها تصريحات توافق أهواءهم؛وستحرص على علاقات حسن جوار مع دول كثيرة ؛وستطلب الاعتراف بها ونحوه مما سيوافق أهواء هؤلاء؛ ليُبرّروا به (فعل) حماس مع إيران؛ وهتش مع تركيا” ويختمون: “طالبان لها اختياراتها التي نخالفها فيها … والأصل أنّ معيارنا ليس طالبان ولا غيرها … فلا تحاججونا بالطالبان ولا بغيرها.”

– داعش، في صحيفة النبأ الصادرة الخميس ١٢ أغسطس، ذكروا طالبان مرتين. في جردة أخبار أسفل الصفحة عن هجمات استهدف فيها داعش “مرتدين” من طالبان. 

 

مسألة الشيشاني

لا يزال غير واضح ما انتهت إليه مسألة كتيبة جنود الشام بقيادة أبي الوليد مسلم الشيشاني. آخر ما عرفناه أن وساطة تمت بين الشيشاني وهيئة تحرير الشام التي كانت طالبت الشيشاني بتسليم السلاح أو الخروج من إدلب أو الانضمام إليهم. ونعلم أنه في العيد قال الجولاني، زعيم الهيئة، إن ما حدث مع الشيشاني كان اجتهاداً خاطئاً من أحد أمنييه. هذا الأسبوع، نقل حساب يبدو مؤيداً للهيئة إن الشيشاني ينوي الهجوم على الهيئة. واعتبرت حسابات معارضة أن الأنباء عن هجوم الشيشاني على الهيئة هو تمهيد لهجوم الهيئة على الشيشاني. كتيبة الشيشاني وعلى لسان أحد جنوده، أصدر ما يشبه البيان تناقلته حسابات مناهضة للجولاني يقول فيها: “لا تحاولوا إدخالنا في لعبتكم السياسية القذرة. فإنكم لن تنجحوا في ذلك، فإننا كنا في السابق بعيدين عن المشاكل الداخلية، ولم ولن نتدخل فيها … ونطلب من قيادة هيئة تحرير الشام التحقق قبل توجيه الاتهامات، ومنع مثل هذه التصريحات والإدعاءات غير المسؤولة.”