تونس.. الانطلاق الرسمي للإستشارة الإلكترونية

انطلقت، السبت، رسميا المنصة اٌلكترونية الاستشارة الشعبية التي دعا إليها رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد ضمن رزنامة من المواعيد لإنهاء المرحلة الاستثنائية التي بدأها سعيد في 25 جويلية 2021 بإقالة الحكومة وتجميد أعمال البرلمان.

ووسط انتقادات لطريقة إجرائها ودعوات المعارضة وبعض المجتمع المدني لمقاطعتها، تبدأ  الخطوة الأولى لبناء الدولة  من جديد وكانت قد  أعلنت وزارة تكنولوجيات الاتصال بتونس عن بدء “عملية تجريبية وتوعوية” في 24 منطقة، وذلك ابتدأ من 1 جانفي 2022 مشيرة إلى أن “المنصة ستكون مفتوحة للجميع من 15 جانفي حتى 20 مارس 2022”. وهو تاريخ عيد الإستقلال تونس على أن تنهي أعمالها قبل موفى شهر جوان 2022 و ستتولى لجنة سيتم تحديد أعضائها وسيتم تنظيم اختصاصاتها  لجمع اقتراحات التونسيين بشأن الإصلاحات التي عرضها  قيس سعيّد الذي يتولى السلطة المطلقة منذ نهاية جويلية من السنة الفارطة.

والجدير بالذكر أن نزار بن ناجي الوزير  تكنولوجيات الاتصال بتونس أوضح أن “الاستشارة الوطنية قد انطلقت يوم 1 جانفي 2022 في فترة تجريبية تمتد على أسبوعين في مرحلة أولى لتقييم المنظومة، ليتم تعديلها في ما بعد، بناءا على جملة النقائص والملاحظات ثم تطلق للعموم بداية من 15 جانفي 2022.

وحسب ما جاء في البوابة  الإلكترونية للاستشارة الوطنية.

تتكون الاستشارة من 6 محاور :

ففي الصفحة الرئيسية لموقع الاستشارة الوطنية يمكن قراءة “لأن رأيك مهم من أجل الإصلاح والبناء، عملنا على تطوير منصة وطنية ، تمكن التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج من إبداء آرائهم في القضايا المتعلقة بالشأن السياسي والانتخابي والشأن الاقتصادي والمالي والشأن الاجتماعي والتنمية والانتقال الرقمي والصحة وجودة الحياة والشأن التعليمي والثقافي”.

كما يحتوي كل محور على 5 أسئلة، إضافة لمساحة للتعبير الحر ليتمكن المشاركين من إبداء آرائهم في المواضيع التي لم تتطرق إليها الأسئلة.

وتتم المشاركة في الحوار عبر المنصة الالكترونية عن طريق الضغط على *1712* رقم بطاقة التعريف الوطنية.#

أو، يطلب من مستخدمي “الإنترنت” التسجيل  في الموقع ببطاقة هويتهم وطلب رمز سري يرسل إليهم عبر رسالة نصية على هواتفهم.

ويذكر أن 45 % فقط من الأسر التونسية لديها اتصال بالإنترنت، ويمكن للآخرين الذهاب إلى لجان أحياء مختلفة للمشاركة.

دعوات وآراء … المعارضة وبعض المجتمع المدني لمقاطعتها

رأي الإتحاد العام التونسي للشغل في الاستشارة الإلكترونية

الهيئة الإدارية للإتحاد العام التونسي للشغل، اعتبرت في بيان بتاريخ 5 جانفي 2022 أن الاستشارة الالكترونية لا يمكن أن تحلّ محلّ الحوار الحقيقي لكونها لا تمثّل أوسع شرائح المجتمع وقواه الوطنية فضلا عن غموض آلياتها وغياب سبل رقابتها ومخاطر التدخّل في مسارها والتأثير في نتائجها واكتفائها باستجواب محدود المجالات قابل لكلّ الاحتمالات قد لا يختلف كثيرا عن نتائج سبر الآراء.

وعبرت الهيئة الإدارية للمنظمة الشغيلة أنّ آلية الاستشارة الالكترونية قد تكون أداة لفرض أمر واقع والوصول إلى هدف محدّد سلفا، علاوة على أنّها إقصاء متعمد للأحزاب والمنظّمات التي لم تتورّط في الإضرار بمصالح البلاد. وفق تعبيرها

أنا يقظ  “منظمة غير ربحية تونسية، تأسست في 21 مارس 2011، ولها دور رقابي وتهدف إلى مكافحة الفساد المالي والإداري وتدعيم الشفافية في البلاد”

دعت “أنا يقظ” إلى مقاطعة الاستشارة الالكترونية معبرة عن تخوفها من أن يتم إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمشاركين يتم استغلالها فيما بعد لغايات انتخابية.

كما عبرت المنظمة عن تخوفها من استغلال موارد الدولة وإهدار المال العام من خلال استشارة إلكترونية صورية خدمة لمشروع شخصي لرئيس الجمهورية، وهو ما سيساهم في تشويه مبادرات الاستفتاءات الشعبية الإلكترونية التي جعلت لتمكين المواطنين من التأثير الفعلي والحقيقي في السياسات العامة أو تقييمها. ودعت المنظمة الرأي العام إلى مقاطعة هذه الاستشارة الوطنية. حسب تعبيرها

اعتبرت  حزب حركة النهضة أن الاستشارة هي مواصلة للانحراف بالسلطة

ووفق بيان بتاريخ 7 جانفي 2022، دعت حركة النهضة التونسيين  والتونسيات إلى مقاطعة الاستشارة الالكترونية، واعتبرتها مواصلة للانحراف بالسلطة وتركيزا للحكم الفردي الاستبدادي وضربا لآليات العمل الديمقراطي، في إطار مشروع أشمل لتفكيك مؤسسات الدولة، وفي إرادة واضحة لقطع الطريق أمام أي فرصة لإدارة الأزمة عبر الحوار والتفاوض كآلية ناجعة في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود والتوافق حول الإصلاحات والبدائل الضرورية”. وفق بيانها

وكان رئيس الدولة التونسية قيس سعيّد،  قد قال في وقت سابق خلال ترأسه اجتماعا لمجلس الوزراء  بتاريخ 29 ديسمبر 2021 “إن السيادة للشعب يمارسها في إطار الدستور فإذا استحال على صاحب السيادة أن يمارس اختصاصات السيادة في ظل نص لم يعد قادرا أو لم يعد ممكنا في إطاره ممارسة السيادة، فلا بد من نص جديد“.

كما اعتبر سعيد “أن تنظيم هذه الاستشارة يندرج في إطار صياغة تصوّر جديد يُمكّن الشعب التونسي صاحب السيادة من التعبير عن إرادته بكلّ حرية”. كما بين أنه بجانب الاستشارة الإلكترونية  أنه ستنتظم استشارات مباشرة في كل معتمدية مع الشعب التونسي على أن تنتهي هذه الإستشارة  في الداخل والخارج  البلاد.

وأضاف سعيد أنه ”سيتم عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها على الاستفتاء يوم 25 من جويلية 2022،  تاريخ الإحتفال بذكرى إعلان الجمهورية  التونسية إلى جانب عدد من الإصلاحات الأخرى التي تتعلق بتنظيم الانتخابات وبكيفية الإشراف عليها بعيدا عن أي تدخل من أي جهة كانت وبعيدا عن هذه القوانين التي وضعوها على المقاس”. وتنتهي يوم 17 ديسمبر 2022 بانتخابات تشريعية مبكرة.

وتابع خلال هذا اجتماع قائلا أن “الدساتير توضع ليست أبدية وأذكرهم ببعض التجارب حول الدساتير التي توضع كبرنامج لمدة معينة وهؤلاء وضعوا البرنامج الذي سيستفيدون منه”، في إشارة إلى الأحزاب التي أشرفت على كتابة الدستور وأهمها حزب حركة النهضة  وهو صاحب المرجعية الإسلامية الذي حظي بأغلبية الأصوات في المجلس التأسيسي المنحل.

واعتبر الرئيس التونسي أن الدستور الحالي لم يعد صالحا، وأقر النص عام 2014 وأنشأ نظاما مختلطا يعطي للبرلمان والحكومة صلاحيات أوسع من رئاسة الجمهورية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أعلن يوم 13 ديسمبر 2021 عن رزنامة مواعيد للخروج من المرحلة الاستثنائية، تبدأ بالاستشارة الشعبية الإلكترونية وتنتهي يوم 17 ديسمبر 2022 بانتخابات مبكرة يتخللهما تنظيم استفتاء يوم 25 جويلية 2022.

ووفق رزنامة رئيس الدولة سيتم تنظيم انتخابات تشريعية وفق القانون الانتخابي الجديد يوم 17 من ديسمبر 2022 أي بعد الاستشارات وبعد التنقيحات التي سيتم إدخالها على القانون الإنتخابي وعلى عدد من النصوص الأخرى. وكان رئيس الجمهورية قد أكّد خلال لقائه يوم 10 جانفي 2022 رئيسة الحكومة أن مبادرة الاستشارة الالكترونية ليست بدعة في العالم بل هي وسيلة للتعرف على الاتجاهات والآراء السائدة حول مواضيع مختلفة وفق طرق وتصورات جديدة.