أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سلام العمر)

اضطرت "مها" 16عاما لمغادرة المدرسة دون نية بالعودة إليها وذلك بعد الإساءة التي تعرضت لها من قبل مندوبات "جبهة النصرة" اللواتي زجرنها لإرتدائها شالا ذو لون أحمر وهو ما يدعو للفتنة "على حد وصفهن". 

"مها"، واحدة من عشرات الفتيات في ريف إدلب اللواتي تخلين عن دراستهن بسبب تدخل جبهة النصرة الأخير بلباسهن وحريتهن الشخصية، حيث سيرت جبهة فتح الشام "النصرة" مع بداية العام الدراسي دوريات من عناصر الحسبة التابعة لها إلى مدارس الفتيات في مدينة "كفرنبل" وذلك لتفتيش الطالبات على عدة أمور ممنوعة وفقا لجبهة فتح الشام، وقد ترتب على هذا الأمر التزام بعض الطالبات بهذا اللباس وترك البعض الآخر لمدارسهن.

حصار الطالبات والتوقف عن الدراسة

تقول مها: "لقد داهموا المدرسة بهمجية وكأنهم يهاجمون مجرمين، وراحوا يأمروننا بعدة التزامات وهي: ارتداء اللباس الأسود الكامل الفضفاض، وعدم وضع ربطات للشعر، وعدم ارتداء الأحذية ذات الكعب وعدم وضع أي نوع من الكريمات على الوجه بما فيها واقي الشمس"، وتضيف بأنها لم تكن لتنسى حين هجمت عليها إحدى المندوبات وأمرتها بعدم ارتداء "مثل هذه الشالات" واضعة يدها على رأس مها باشمئزاز في إشارة لشالها، وبعدها قامت بتهديد الطالبات بتنفيذ العقوبة الشرعية واستدعاء ولي الأمر في حال أي مخالفة. 

وتشير مها إلى أن هذه المداهمة لم تكن الأولى، وإنما قامت النصرة سابقا بحملة مماثلة خلال العام المنصرم، ما أدى لترك كثير من الطالبات دراستهن والتزامهن بيوتهن خوفا من هذه الافعال. 

تماما هذا ما تؤكده "روعة" التي تركت دراستها منذ عام على خلفية قيام إحدى مندوبات النصرة بإهانتها عندما قامت بخلع شكلة الشعر (ربطة الشعر) من رأسها ورميها أرضا قائلة لها: "متى ستكففن عن وضع مثل هذه الأشياء الملفتة للنظر".

تسترجع روعة هذه الذكريات بغصة وهي تقول: تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني، إنه من أسوأ المواقف التي واجهتها في حياتي كلها، لم أتمالك نفسي حينها وانفجرت بالبكاء من حزني وغيظي، ومنذ ذلك اليوم قررت عدم العودة للمدرسة ثانية خوفا من مواجهة موقف مشابه”. 

قرارات وغرامات!

إن كانت بعض الفتيات تركن المدرسة لهذا السبب إلا أن بعضهن رضخن مرغمات حفاظا على دراستهن ومستقبلهن الدراسي، وحول هذا الموضوع تقول "ديمة" 17عاما: "لست مستعدة على الإطلاق لأن أتخلى عن دراستي تحت أي ظرف كان، أنا التي تحديت قرار أهلي الذين خافوا علي من القصف وأمروني بعدم الذهاب للمدرسة ولكنني لم أوافق وذهبت للمدرسة، لذلك لن أدع مثل هذا الأمر يؤثر علي، لأن أحلامي أكبر من كل هذه التراهات"، وتنوه ديمة أنها ارتدت اللباس الشرعي لتقي نفسها الإحراج إذا ماعاودوا التفتيش مرة أخرى، وكذلك لكي لايصل الأمر لأهلها عبر تبليغهم من قبل النصرة فتصبح لديهم حجة أخرى لمنعها من الذهاب للمدرسة. 

عمدت النصرة لتبليغ بعض الاهالي الذين لم يلتزمن بناتهن باللباس الشرعي وهددتهم بدفع غرامة مالية إذا لم ينفذن الأوامر الجديدة الخاصة باللباس. 

"أبو محمد" 45 عاما، أحد الحاصلين على تبليغة من النصرة العام المنصرم ولكنه لم يعرها اهتماما وخاصة بعد انشغال الأخيرة بقتالها مع الفرقة 13 في معرة النعمان والذي أدى لتجاهلها هذا الأمر لفترة ليست قصيرة لتعاود الكرة مع بداية هذا العام. 

مداهمات مستمرة لمدارس الطالبات

تقول "أم رامي" 40 عاما: "أنا لست ضد أن تحتشم الفتيات بلباسهن ولكن دون التضييق عليهن إلى هذا الحد"، وبرأيها أن هذا الأمر سيجدي بالنصح والرفق لا بالزجر والأوامر، هذا في الوقت الذي تصيح فيه إحدى الطالبات وتدعى "سهام" 15عاما: عندما سأرتدي اللباس الأسود الفضفاض فما هو الفرق بيني وبين النساء العجائز؟ لن ألبسه لأبدو أكبر من عمري. 

وفي سياق متصل فقد انتقد بعض الرجال أفعال النصرة ومنهم "أبو خالد" الذي صرح قائلا: "إن على النصرة الاهتمام بالأمور القتالية والحرب في هذه الأوضاع، وليس في لباس النساء، وهؤلاء النساء لهن آباء وأزواج وأخوة هم مسؤولون عنهن وليست النصرة!".

وبين أخذ ورد تستمر مشكلة التدخل بلباس فتيات المدارس اللواتي هن وحدهن الضحية عندما يضطررن للتخلي عن آمالهن ومستقبلهن الدراسي وأما الالتزام بلباس لسن مقتنعات به ولم يعتدن عليه يوما.​