أخبار الآن | القنيطرة – سوريا (خطاب النميري)

أثرت الحرب في سوريا على قطاع الزراعة، فتحولت البلاد من الاكتفاء الذاتي والتصدير إلى عدم كفاية الطلب المحلي، حيث أصبح المزارعون يخشون من الزراعة وتكاليفها بسبب القصف المدمّر الذي أحرق مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، ما جعل من الزراعة بالنسبة للمزارع مهنة قد تفني ماله بلحظات.

صعوبات الزراعة في ظل القصف

يروي "أبو محمد" أحد مزارعي ريف القنيطرة الأوسط، الذي يتحدث عن الصعوبات التي تواجه الزراعة في ريف القنيطرة: "لم أعد أجرؤ على الاقتراب من الأرض التي أفنيت شبابي فيها، بسبب تمركز عناصر النظام ومدفعيته بالقرب منها، واستهداف أي متحرك يقترب منهم، ونزوح غالبية بلدات ريف القنيطرة الأوسط التي تعتبر الخزان الحيوي للخضروات في الأسواق المحلية".

ويضيف: إن ما يعانيه المزارع أيضاً من ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية والأسمدة، والتي تعد أهم مقومات الإنتاج، حيث تتأثر بتقلبات العملة السورية أمام الدولار الأمريكي، الذي يلجأ التجار إلى التعامل به في عمليات البيع والشراء.

ويذكر "سالم" صاحب محل للأدوية الزراعية في ريف القنيطرة: "الارتفاع الكبير في أسعار المستلزمات الزراعية سببه غلاء الدولار أمام الليرة السورية، لأننا نشتري البضائع بالدولار ونضطر إلى بيعها به لتفادي الخسارة، العامل الأهم في الغلاء هو التلاعب بالأسعار من قبل التجار الذين يجلبونها من تركيا بسعر زهيد وبيعها بأسعار خيالية لنا، وتأتي بعض الأسمدة والأدوية من مناطق سيطرة النظام بأسعار زهيدة، لكنهم يرفعون سعرها كما تشاء أنفسهم بحجة التشليح الكبير من حواجز النظام، فيستغلون حاجة المواطن لمآربهم الشخصية دون رقيب أو جهة قادرة على ردعهم".

غلاء الأسمدة ورغيف الخبز

صعوبات انعكست سلبا على تأمين رغيف الخبز، والذي يعتبر ضرورة ملحة وحاجة لا غنى عنها، بغض النظر على الأسعار المرتفعة التي زادت بمقدار عشرة أضعاف عما كان عليه سابقا، حيث تحتاج صناعة الخبز لتوفر كميات كبيرة من الطحين، وتساعد كميات الطحين المقدمة من الإغاثات الخارجية في المناطق المحررة بسد جزء بسيط من حاجة الأفران اليومية.

كما أن قلة الأمطار والتجفاف الكبير الذي حل بغالبية المناطق، دفع المزارع إلى تخفيف الزراعات التي تعتمد على المياه، والتوجه إلى الزراعات البعلية كبديل، لمساندتهم في تأمين بعض الدخل لأطفالهم.

"أبو علي" مزارع يروي معاناة أقرانه بالقول: "إن ارتفاع أسعار المازوت الذي يستخدم لسقاية الأراضي عن طريق الآبار الارتوازية، دفعنا إلى التخلي عن السقاية وترك الأراضي للأمطار التي تهطل في فصل الشتاء، لكن هذا الشتاء مختلف عن المواسم السابقة، فقد أصبحنا في شهر نيسان، ولم تهطل كمية كافية من الامطار تروي المحاصيل، هذا ما دفعنا إلى التخلي عن زراعة الخضروات وباقي الزراعات التي تحتاج الماء، والبدء بزراعة الشعير الذي يتحمل العطش، لأننا نعتمد في معيشتنا على مدخول هذه الأرض".

"أبو يعرب" ناشط إعلامي: "يناشد المزارعون الحكومة المؤقتة أن تحاول ضبط أسعار السوق وتضع حداً لتحكم التجار، وتأمين الأدوية بأسعار تناسب كافة طبقات المجتمع السوري، لإعادة الزراعة السورية إلى سابق عهدها، وتأمين مستلزمات السوق بأسعار لا تتعب كاهل المواطن".

لابد من التعرف على تلك الصعوبات الكثيرة التي تعترض المزارعين في زراعة القمح، أهمها مخاطر القصف الذي تسبب بإحراق الكثير من الأراضي في موسم الحصاد، وخوف المزارعين من تكرار ذلك وضياع تعبهم، فقد احترقت مساحات كثيرة في ريف القنيطرة جراء المعارك الدائرة بسبب القصف العشوائي من قوات النظام المتمركزة هناك، ما أدى لانخفاض مساحات زراعته الى أقل من الربع بسبب استهداف قوات النظام العام الماضي لعدد من المزارعين وخوف البقية من فقدان حياتهم كما حصل مع سابقيهم، فضلا عن الجفاف الذي أصاب الأراضي خلال السنوات الأربع الماضية، حيث يلعب الارتفاع الجنوني بأسعار الوقود ومستلزمات الزراعة، بالإضافة لمشكلة الري وخصوصا الأراضي القريبة من تجمعات قوات النظام والتي تحتاج لاستخراج المياه، وطبعا لما تتعرض له من مخاطر في تأمين الوقود وتشغيل المضخات التي سرقت أغلبها من قبل قوات النظام، مما دعا العديد من المزارعين لاستبدال القمح بمحاصيل أخرى تجنبهم عناء الخوف من القصف وضياع الأموال.