أخبار الآن | الحسكة – سوريا (عبد الرحيم سعيد)

تشهد محافظة الحسكة منذ ما يقارب الشهر أزمة غذائية واقتصادية حادة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار كافة المواد وخاصة الغذائية منها، فأسعار المواد الأساسية "كالرز والزيت وكافة الخضروات" تضاعفت بشكل لم يعد بمقدور المواطن تحمل أعباء معيشته حتى ولو كانت عائلته صغيرة، فالعائلة المكونة من أب وأم وطفلين عليها كي تستطيع العيش وتوفير مستلزماتها تأمين مبلغ لا يقل عن مائة وخمسين ألف ليرة سورية شهرياً.

ارتفاع الأسعار المرعب

لا تزال الأسعار بارتفاع مستمر ليس بسبب ارتفاع الدولار فقط ،بل لأن المستودعات بدأت تصبح فارغة والطرق مقطوعة والمعابر مغلقة، والتاجر يستغل الوضع ليرفع أسعار البضاعة المتبقية في مستودعاته. ومما يزيد هذه الأزمة تعقيداً، قوانين "الإدارة الذاتية"، فعملية تفتيش الشاحنات تستغرق وقتاً طويلاً، وعدم تسهيل إدخال المواد الغذائية للمدن الخاضعة لسيطرتها، وفرض الضرائب والأتاوات من قبل حواجزها وحواجز النظام على الشاحنات التي تدخل المحافظة.

"أبو مريم" أب لطفلين يعاني معاناةً يعانيها غالبية سكان المحافظة، فهو لم يعد قادراً على شراء الكثير من الحاجيات ويقتصر على الضروري فقط وبكميات قليلة: "مصروفي في الشهر لا يقل عن مائة ألف ليرة، وهذه النقود تصرف فقط للضروريات. إن طبخت زوجتي الحساء فعليّ أن أبحث عن اللحم لأنّ سعر اللحم أصبح غالياً" ويضيف: كنت في السابق نذهب أنا ورفيقي للمطعم الحساب لم يكن يتجاوز الثلاثة آلاف، أما الآن فسبعة وثمانية آلاف قد لا تكفي.

معاناة أرباب العائلات

لا تقتصر المعاناة على المواد الغذائية فقط، فالألبسة أيضاً مرتفعة الثمن، لذلك فالألبسة المستعملة لها الأولوية عند الأهالي.

"رودي أبو أحمد" أب لطفل ويسكن في بيت للآجار، يصرف في الشهر ما لا يقل عن مائة وخمسين ألف ليرة بسبب كثرة التزاماته، ومصروف أطفاله، فعلبة الحليب "400 غرام" كان سعرها 700 ليرة وأصبحت حالياً بـ 1650 ليرة، أمّا الحفاضات فكان يشتريها بـ 650 ليرة والآن بـ 1350 ليرة. هكذا أصبحت الأسعار "يقولها رودي لنا بصوت مرتفع محركاً يديه وبملامح منزعجة من هذه الأسعار"، فهو قبل عدة أيام ذهب للسوق لشراء شيء للغداء ولكن كل شيء كان غالياً ما عدا الفول الأخضر الذي لا يحبه، و لكنه اضطر لشراء كيلو ونصف بـ 150 ليرة.

 ويستذكر معنا رودي ذكرى بعيدة عندما كان يعمل في بيروت، وكان يرسل مبلغ 2000 ليرة لأبيه في سوريا وكان يكفيه لمدة عشرة أيام، أمّا الآن فلا تكفيه لمصروف يوم واحد.

أزمة اقتصادية تطال الجميع

هذه الأزمة وغلاء الأسعار لم تؤثر على المواطن المستهلك فقط، بل التجار وأصحاب المحلات لهم نصيبهم أيضاً، فالكميات التي كانوا يبيعونها سابقاً لا يبيعونها حالياً إلا ما يقارب نصفها، ونسبة الفائدة انخفضت عندهم لأن الاسعار مرتفعة أصلا وهم لكي يبيعوا مضطرين لخفض فوائدهم، إضافة إلى فقدان عدد من المواد المستهلكة كثيرا من السوق وبالتالي توقف بيعها كـ "سكر الشاي و الزيت النباتي".

"سمير" صاحب محل لبيع الخضروات في "عامودا" لم يعد دكانه كما كان سابقاً مليئاً بأنواع الخضروات، فهو يقتصر الآن على بعض المواد الأساسية المتوافرة، فالزبون بات يسأل عن السعر أولاً.

سمير يعاني ما يعانيه المستهلك، فالبضاعة لا تنفق معه وإيراداته اليومية قلّت على عكس ما أصبح يصرفه على تأمين مستلزمات عائلته، يقول: "في مثل هذه الأوقات كانت تتوافر عندي كل الخضروات والفواكة، ولم تكن تنقطع عنا، أما الآن فعلى سبيل المثال لا يوجد عندي موز لأنّ الزبائن لا يشترونه فسعره غالي بـ 1350 ليرة، وأتذكر أني بعته في رأس سنة 2015 بـ 225 ليرة"، ويكمل: أصبحت الغرامات "الجرامات" القليلة تفرق معنا، فسابقاً لم نكن نحاسب الزبون عليها، أما الآن فالأسعار مرتفعة وهذه الغرامات أصبحت تؤثر على فوائدنا. أعرف عدداً من زبائني لم يساوموني منذ سنوات على الأسعار أمّا الآن فقبل الشراء يسألون عن السعر أولاً وقد يشتري وقد لا يفعل.

تجدر الإشارة إلى أنّه ليست فقط المواد الغذائية قد ارتفعت أسعارها، فبناء العقارات توقف بشكل نهائي  تقريباً في المحافظة بسبب ارتفاع أسعار مواده، فكيس الاسمنت وصل سعره إلى ستة آلاف ليرة، و هومستمر حتى اليوم في الارتفاع، وغير متوافر إلا بصعوبة، وليس للمواطن ما يفعله إلا الانتظار فحتى الهرب واللجوء لم يعد متاحا فالحدود مغلقة بوجهه، وليس بانتظاره إلا الجوع هنا أو فوهة سلاح حرس الحدود إن فكّر في الخروج.

لائحة بأسعار المواد الرئيسية في الحسكة:

"البندورة 600" ليرة، البطاطا "450" ليرة، الباذنجان "700" ليرة، الموز "1350" ليرة، كيلو الفروج الحي "1500" ليرة، كيلو اللحم "2600" ليرة ، الرز "800" ليرة، السكر مفقود، والزيت سيفقد أيضاً بعد أيام إن بقي الحال هكذا.

أزمة اقتصادية ونقص في المواد الغذائية في الحسكة