أخبار الآن | حمص –  سوريا (أحمد الدمشقي)

بعد إبرام الهدنة وخروج المئات من أبناء حي الوعر في حمص منه دخلت مستجدات وقرارات جديدة على الوضع العام في الحي، حيث بدأ الأهالي بإدخال المواد التموينية دون قيد أو شرط إضافة إلى المحروقات ومواد الوقود وقرطاسية وأدوية. وسيتم إلغاء دفع الضرائب على ما يتم إدخاله، وسيسمح بعودة بعض الأهالي ووفقاً لحالات استثنائية ومحددة منها من له أقارب من الدرجة الأولى في الحي، وكل من يحمل بطاقة شخصية تنص على أن عنوان السكن هو حي الوعر أو يملك إخراج قيد على أنه من حي الوعر، وكل من يملك عقد إيجار لأحد العقارات في الوعر ساري المفعول حتى تاريخ إبرام الهدنة، كما سيتم السماح بخروج بعض الأهالي في حال لم يثبت عليهم شيء وسيصدر وفق ذلك قائمة بالأسماء التي من الموافق على خروجها، وسيتم تطبيق هذه القرارات اعتباراً من الأسبوع القادم، بحسب الناشط مهند الحمود.

المرحلة الجديدة في حي الوعر

وفي حديث خاص لأخبار الآن مع السيد "سليمان شويش" منسق في إدارة الصليب الأحمر للاجئين في بريطانيا وأحد أعضاء لجنة الصليب الأحمر، قال أن المرحلة الثالثة من إدخال المساعدات إلى حي الوعر قد بدأت بالفعل، ودخلت المساعدات إلى منطقتي الوعر والمزرعة، وتم ذلك تحت رعاية فريق الهلال الأحمر السوري في حمص بالتعاون مع مكاتب الأمم المتحدة، وتضمنت المساعدات إدخال 31 قافلة شملت سلات غذائية ومواد غذائية للأطفال وألبسة طبية وبطانيات وبعض مستلزمات المدارس، وغطت هذه القافلة احتياجات 8500 عائلة لمدة شهر، وقدمت بدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الغذاء العالمي واليونيسفوصندوق الإسكان في الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.

ذاكرة الحصار التي لا تنسى في حي الوعر

ويعيش الأهالي ممن ذاقوا الحصار على مدار ثلاث سنوات على وقع هذه التطورات، لكن قصصا كثيرة تختبئ خلف الأحداث ممن غادروا الحي وممن آثروا البقاء فيه، ومن هؤلاء "عماد" 25 عاماً، غادر حي الوعر بموجب الاتفاق المبرم بعد أن كان مقاتلاً في كتائب الأنصار، يقول: "عملت في المجال الإغاثي لأكثر من ثلاثة أشهر، لكن حصار النظام ومحاولاته المتكررة لاقتحام الحي دفعتني إلى حمل السلاح. أصبت في أحد المعارك، وبعد أن تحسن وضعي الصحي قليلاً تزوجت في الشهر الرابع من عام 2014. لكن فقدان عدد من أصدقائي في المعارك على أطراف الحي دفعني للخروج مرة أخرى فأصبت من جديد جراء قصف مدفعي على الحي، أصابتني شظية في الرقبة".

عند إبرام الاتفاق قرر عماد الخروج إلى تركيا حيث يقيم اليوم برفقة زوجته وابنه البالغ من العمر سنة واحدة حيث يتكفل أخاه بمعيشته وعلاجه. لكن الكلف المالية العالية قد تدفعه إلى السفر إلى اوروبا بحثاً عن العلاج والاستقرار.

أما "فتون" البالغة من العمر 30 عاما، فقد كانت من أكثر الناس رفضاً للخروج، قالت لأخبار الآن: "كنت أحاول رفع معنوياتهم من خلال عملي كناشطة في الحي وشاعرة وكاتبة لبعض القصص الثورية". تعرضت فتون لإصابة في حمص القديمة في 31/3/2012 بشظايا قذيفة أدت إلى إصابة شبكية العين، خرجت بعد الإصابة إلى حي الوعر في فبراير 2014، حيث عملت في دار للأيتام تعرضت فيه أثناء عملها لإصابة أخرى بشظايا مدفعية منذ حوالي شهرين، واستقرت هذه الشظية بالقرب من الحبال الصوتية. تقول: "أملي بالعودة إلى الحي شجعني على الخروج إلى إدلب لتلقي العلاج".

من جانبها رفضت "عبير" 25 عاماً، مهندسة، الخروج مع أهلها من الوعر وقالت لأخبار الآن: "أحد أهم الأسباب التي جعلتني أبقى في الحي أن النظام لن يرحمنا في الشمال ولن نكون في مأمن من قصفه وبطشه. أنا آثرت والكثيرين البقاء داخل الوعر أما من خرج فذهب مضطراً بقصد العلاج أو بعد فقدان كل شيء، وأما من بقي ظل لأنه لم يعد يقوى على النزوح". وأرجعت عبير سبب بقاء الآلاف قائلة: "ليست المرة الأولى التي ينزح فيها أهالي حمص من أماكن إقامتهم التي دمرت بشكل شبه كامل في مختلف أنحاء مدينة حمص، نعم يوجد الكثير من الناس تفضل البقاء في مناطقها وإن كانت محاصرة على أن تخرج لمناطق أخرى ترى فيها الشتات، أما بالنسبة للحصار، فهو لم يرفع عن حي الوعر بشكل كامل، لكن الهدنة ساهمت بالبدء بإدخال المواد الغذائية، وبالنسبة لهذه الأمثلة كثيرة، في الغوطة والمناطق المهادنة في دمشق الكثير من الأسر ترفض الخروج، هم لا يرغبون بالعيش تحت الحصار بكل تأكيد لكنهم قد يجدون أن الحصار قد يطال أي مدينة قد يرحلون إليها في سوريا مادامت الحرب قائمة".

وكان الوعر قد شهد يوم 9/12/2015 خروج المئات من حي الوعر الذي يآوي أكثر من 75000 من أهالي الحي ومن أبناء أحياء حمص المدمرة باتجاه الشمال بموجب اتفاق أبرم مع النظام وسمح بدخول بعض المواد الغذائية إلى الوعر المحاصر منذ مارس اذار 2013 والذي كان يضم أكثر من 150 ألف نسمة قبل الحصار، واقتصرت الهدنة على إدخال المواد الغذائية والطبية دون انسحاب الفصائل المقاتلة في الحي. أما من خرجوا من الحي فهم مجموعة من الجرحى ممن عجز مشفى الحي الميداني عن علاج حالاتهم، ورافقهم عائلاتهم. كما خرجت بعض من العائلات التي هجرت من حمص القديمة إلى الوعر منتصف العام 2013. وهناك مقاتلين خرجوا كأفراد، ولم يتجاوز عددهم الثلاثمائة، منهم من المنشقين عن جيش النظام وخرجوا لمناطقهم شمالاً، ومنهم من رفض الهدنة.