أخبار الآن | سوريا – درعا (أسامة زين الدين)

لم يتوقف النظام السوري منذ انطلاق الثورة السورية، في آذار 2011 بشكل سلمي احتجاجا على سياساته القمعية وممارسات قوى أمنه، عن البطش بالمدنيين بمختلف الوسائل، بدءا من إطلاق النار الحي على المتظاهرين وانتهاء بالأسلحة الكيميائية على القرى الثائرة، مرورا بالقصف اليومي والبراميل المتفجرة.

وكانت الكلفة البشرية من الضحايا المدنيين عالية جدا نتيجة الصراع بين القوى الفاعلة على الساحة السورية، إلا أن النظام وأنصاره كانوا الأشد تعطشا للقتل وسفكا للدماء بلا منازع وفق تقرير حقوقي أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخرا، والذي رصد الضحايا خلال خمسة أعوام من عمر الثورة، وأحصى التقرير أعداد الضحايا وقاتليها منذ اليوم الأول لها وحتى نهاية الشهر الماضي.

أرقام صادمة ومهولة للضحايا المدنيين

بلغ عدد ضحايا النظام الموثقة بالاسم ما يقارب 180879 ضحية متصدرا قائمة القتل بلا أي منافس قريب، تظهر الأرقام أن ضحايا النظام من المدنيين فاقت بـ 22 ضعفا مجموع ما قتلته كافة القوى على الساحة السورية. من فصائل الثوار وقوى إسلامية وقوات كردية وغارات أجنبية وجهات مجهولة.

بلغ عدد ضحايا فصائل الكتائب الثورية من المدنيين ما يقارب 2669 مدنيا، كما ذكر التقرير أن ضحايا داعش بلغ 1712 مدنيا، وتوزعت أرقام الضحايا البقية البالغة 2895 بين قوات التحالف الدولي، والقصف الروسي إضافة إلى القوى الكردية وجهات أخرى مجهولة.

ضحايا التعذيب وإحصائيات قتلى الأطفال

تابع النظام تصدره الساحق للقتل تحت التعذيب، فقد بلغ عدد ضحاياه 11644 ضحية متفوقا بذلك على كل الجهات الأخرى مجتمعة بمائة وثمانين ضعفا. قتلت الجهات الأخرى تحت التعذيب ما يزيد عن 64 ضحية كان نصيب داعش منها 22 ضحية والقوات الكردية فصائل الثوار 15 ضحية لكل منهما.

ولدى سؤال "أخبار الآن" لقائد في الجبهة الجنوبية، رفض الكشف عن اسمه، عن موقفه من هذه الإحصائيات، صرح أن هناك أخطاء حصلت وتحصل من الفصائل المقاتلة لا ينكرها، ولكن يمكن عدها ضمن الأخطاء الفردية، ولا يمكن اعتبارها سياسة ممنهجة كما هو حال النظام التي فاقت نسبة ضحاياه نسبة الفصائل بمائتي ضعف. مع حرصه على حماية أي مدني بريء وتأكيده على ضرورة حصوله على محاكمة عادلة ونشر هذه الثقافة بين صفوف المقاتلين.

أما بخصوص الضحايا من الأطفال فقد كان النظام المتصدر أيضا لهذه النسبة فقد أنهت آلة قتله حياة 18858 طفلا بريئا، متجاوزا بذلك كل الجهات الأخرى مجتمعة بثلاثة عشر ضعفا، وبلغ عدد ضحايا داعش من الأطفال 229 طفلا. وقتل التحالف الدولي مع القصف الروسي ما يزيد عن 161 طفلا.

وأعرب الطبيب في مشفى درعا الميداني "أبو أحمد" عن عدم استغرابه من هذه النسبة، فقد اعتاد في المشفى على استقبال أطفال استهدفهم النظام في المدارس وأماكن تجمع الأطفال في العيد مؤكدا أن "العالم الأعمى يكيل بألف مكيال ولو أن هؤلاء الأطفال غير عرب أو مسلمين لقامت قيامة العالم ولم تقعد".

ضحايا الإعلاميين والكوادر الطبية

لم تشذ أرقام الضحايا من الكوادر الإعلامية والطبية كثيرا عن غيرها، فقد كان للنظام نصيب الأسد في قتلهم. حيث قتل ما يزيد عن 533 طبيبا ومسعفا، في مقابل 16 على يد الفصائل المعارضة، و15 قتلتهم داعش. أما الإعلاميون فقد قضى منهم 461 إعلاميا على يد النظام و21 على يد داعش.

"عمر" إعلامي في أحد مشافي القرى الشرقية في درعا قال "لأخبار الآن" أن النظام يستهدف المراكز الطبية بشكل ممنهج وهمجي بالبراميل والحاويات المتفجرة، وأن أكثر من ستة مشافي ميدانية خرجت عن الخدمة في معركة عاصفة الجنوب الأخيرة في درعا بعد استهدافها بشكل مباشر من قبل النظام، رغم أنها كانت تعالج الأطفال والنساء والمدنيين.

أرقام لا تحرك الضمير العالمي

"وائل العجي" الناطق الإعلامي باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي أصدرت التقرير صرح لـ"أخبار الأن" أن الشبكة: "تسعى لتوعية الرأي العام العربي والعالمي بأرقام موثوقة عن المأساة السورية، وتتواصل بشكل دائم مع البرلمانات العالمية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام". وأكد أنه لا يوجد تعاون حقيقي فعلي مع المنظمات الحقوقية العربية، وأن التفاعل العربي مع التقارير هو في حده الأدنى.

يذكر أن هذه التقارير الصادمة رغم قسوتها ومناشداتها الدائمة لم تدفع القوى والمنظمات الدولية لأخذ موقف حاسم مما يجري باتجاه إنهاء معاناة الشعب السوري أو فرض مناطق آمنة يلجأ إليها المدنيون على أقل تقدير.