أخبار الآن | ريف ادلب – سوريا (ابراهيم الاسماعيل)

مع اشتداد وتيرة القصف الروسي وارتفاع عدد النقاط المهددة بالقصف من قِبله، وذلك بعد المجازر الكثيرة التي أحدثتها هذه الطائرات بحق المدنيين من أهالي حلب وحماة وإدلب، كثرت موجات النزوح وزاد عدد النازحين في الشمال السوري وتحديداً تجمع مخيمات "أطمة" الحدودي مع تركيا.

يقبع اليوم ما يقارب الـ 150 عائلة تحت أشجار الزيتون وفي الأراضي الزراعية القريبة من الحدود التركية بدون مأوى يقيهم برد الشتاء وأمطاره المنهمرة، خرجوا منذ أيام هرباً من القصف تاركين خلفهم امتعتهم وبيوتهم وحوائجهم المعيشية.

العائلات في الخيم وبين الأشجار

تتوزع هذه العائلات على تجمعات المخيمات في منطقة أطمة وما حولها من المخيمات الحدودية، حيث ينتمي العديد منهم إلى ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، وهما من النقاط الساخنة حالياً، فالمعارك الدائرة في ريف حلب الجنوبي جعلت من الطيران الروسي مستمر التحليق في سماء المنطقة، مستهدفاً نقاط تجمع المدنيين وبيوتهم السكنية.

"أبو خالد" 50 عاماً، تسبق دموعه الكلمات عند سؤالنا له عن حاله ووضعه في هذا البرد وهذا العراء: "خرجنا من بيوتنا دون أي شيء، انتظرنا الكثير من الوعود ولكن لا أمل في تحقيقها من قبل المنظمات الإغاثية، اشتريت خيمة لي ولأولادي بمبلغ 150 ألف ليرة سورية ولم يبق معي ثمن طعام أجلبه لهم".

لم تتوقف معاناة أبو خالد عند الخيمة فقط، فرقعة الأرض التي بنى عليها خيمته الصغيرة ليست ملكه، وكثر المطالبين له بالابتعاد عنها أو بناء خيمته في منطقة أخرى.

الناشط الاعلامي "أحمد خوجة" أفاد لأخبار الآن عن كثرة العدد وانتشار الأسر من باب الهوى وحتى بلدة أطمة الحدودية: "المخيمات تمتد من منطقة باب الهوى وحتى مخيم أطمة، حيث يعزى سبب النزوح الأول إلى الطيران الروسي ومجازره، والأكثرية بينهم من ريفي حلب وحماة. وفي ظل غياب كبير للإدارة الرشيدة من قبل المنظمات الخيرية والجمعيات الإغاثية تزداد معاناة هؤلاء النازحين يوماً بعد آخر".

في مخيمات "أطمة" .. نازحو حماة وحلب تحت الأشجار

حملات إعلامية لمساعدة النازحين

وقد أطلق العديد من الناشطين الإعلاميين حملات عدة من أجل العمل على تأمين خيام للنازحين أو ملابس تقيهم برد الشتاء، يضيف خوجة: " أطلقنا نحن كإعلاميين ونشطاء إغاثة حملة لمساعدة هؤلاء النازحين، علّنا نؤمن لهم خياما فقط، إلى حين تأمين مواد أخرى تساعدهم على العيش في هذه الظروف الصعبة والبرد القارس".

بعض المنظمات الإغاثية قامت بإعداد جداول بأسماء النازحين من أجل المعونات المقدمة، إلا أن الغالبية منها لم تستطع الاستمرار بسبب ازدياد أعداد النازحين وتوافدهم بكثرة وبشكل مستمر، إضافة الى غياب إدارات خاصة بهذه المخيمات تؤمن طلبات المنظمات الاغاثية والجمعيات الخيرية.

في مخيمات "أطمة" .. نازحو حماة وحلب تحت الأشجار

على أبواب الشتاء .. نقص في كل شيء

الخيم المقدمة من هذه الجمعيات والمنظمات لا تكفي لرد العواصف القادمة والتي قد تجتاح المنطقة في أي وقت، فخيوطها الصغيرة وأوتادها السطحية ستطير تحت هبوب أية عاصفة صغيرة، وهو أمر يقلق النازحين بشدة ويأرق ليلهم البارد في أرض العراء.

قد تجد في بعض الخيام أغطية وقد لا تجد في الأخرى. أطفال صغار حرموا من دفء بيوتهم وها هم اليوم تراهم يلعبون بالطين والماء غير آبهين بالبرد والأمطار الهاطلة التي قد تجرف مع سيولها بيتهم الجديد ويبقون لا حول لهم ولا قوة.

تناشد "أم احمد" وهي تجلس تحت صهريج المياه والجرار الخاص بهم وتتناول طعامها مع أطفالها الصغار وزوجها المتعب: "لا نريد منهم أن يرسلوا لنا البيوت الفاخرة إنما نكتفي بخيمة أستطيع وضع أولادي فيها دون الخوف عليهم من البرد والمياه، نحن هنا دون عمل ودون مال ودون مأوى، هذه الأطفال من يطعمها".

الخطر الآخر المحدق بهم والذي يعاني منه العديد من أطفال النزوح هو انقطاعهم عن الدراسة في ظل غياب المدارس القريبة أو انعدامها في هذه المخيمات المحدثة، الأستاذ "عبد المعين" مدرس لغة عربية في أحد مدارس مخيم الكرامة، يتحدث لأخبار الآن: "المدارس المتواجدة في المخيمات القديمة تستقبل أعداداً هائلة من الطلاب يومياً، وإمكانية استقبال أطفال جدد قد تكون مهمة صعبة، أما بالنسبة للمخيمات الجديدة والمحدثة فلم تُخدم بعد بالمدارس أو المعاهد وما إلى هنالك من أمور ضرورية تخص التعليم".

التقدم الأخير الذي أحرزه النظام في ريف حلب الجنوبي واشتداد المعارك في ريف حماة الشمالي والتي تطال مناطق عدة يسيطر عليها النظام، زادت وتيرة القصف العشوائي للطيران الروسي مدعوماً بالبراميل المتفجرة والصواريخ العنقودية، وهو ما جعل أعداد النازحين تتزايد بشكل كبير.

في مخيمات "أطمة" .. نازحو حماة وحلب تحت الأشجار