أخبار الآن | ألمانيا – تحقيقات (بسام سعد)
يتطلع الكثير من الشباب السوريين اللاجئين في ألمانيا إلى العمل بالدرجة الأولى، وذلك لتأمين دخل لتلبية متطلبات عائلاتهم بالإضافة لوجود التزامات مادية كثيرة ومتعددة .
وبينما تسمح ألمانيا للاجئين بالعمل بصفة شرعية، تبرز ظاهرة العمل غير الشرعي في السوق السوداء، وذلك للصعوبات التي يمكن أن تشكل عائقاً للعمل بصفة شرعية أبرزها اللغة وشروط التسجيل في مكتب العمل الذي يستغرق وقت طويلا .
ضرورات العمل تعيق طموح الشباب
معظم الشباب السوري في ألمانيا ومنذ وصوله يتملكه هاجس العمل لما يترتب عليه من مسؤوليات مادية تجاه العائلة أولاً .
"محمد صليبي" 28 عاماً مقيم في ألمانيا منذ عام وهو خريج كلية العلوم، يعمل بصورة غير شرعية في ورشة بناء ويكسب من المال ما يستطيع أن يسد رمق عائلته المتواجدة في تركيا، يقول محمد: "بعد وصولي لألمانيا بشهرين أجبرت على العمل لتأمين العيش لعائلتي فأنا المعيل الوحيد لهم بعدما قتلت عصابات الأسد والدي وشقيقي الأكبر"، ويضيف: "أنا مضطر للعمل في السوق السوداء ولا أستطيع الالتزام بقوانين العمل الألمانية".
يبدو أن طموح الشباب السوري بالاندماج تعرقله الاحتياجات المادية، فجأة أصبحوا ملزمين بأي عمل حتى وإن كان لا يتوافق مع تطلعاتهم بعدما اضطروا للهرب من موت منتظر على يد نظام الأسد.
"أحمد المبيض" 25 عاماً، خريج قسم اللغة الفرنسية فيدمشق، غادر دمشق هرباً من الخدمة العسكرية بعدما استدان مبلغا من أقاربه، وبعد مكوثه لستة أشهر في ألمانيا اضطر لقبول أي عمل في السوق السوداء، وهو اليوم يعمل في مغسل للسيارات ويتقاضى أجرا زهيدا يستطيع من خلاله إيفاء جزء من ديونه، ورغم ذلك يعتبر نفسه محظوظاً أنه نجا من الموت ووجد العمل.
تحديات تواجه الحرفيين السوريين
يشترط سوق العمل في ألمانيا إجراء تدريب مهني لمدة ثلاث سنوات بغية إدماج اللاجئين الحرفيين في سوق العمل. ورغم كفاءة الكثير من اللاجئين إلا أن بعض القوانين ومشكلة اللغة تشكل عائقا في تسريع هذه المهمة مما يضطر معظم الشباب لعدم الخوض في هذه المهمة منغمسين في أعمال غير شرعية كخدمات المطاعم والمقاهي والمنازل وقطاع البناء بهدف تأمين دخل جديد يستطيع خلاله إعانة عائلته.
يرى "عهد عثمان" 32 عاماً، ابن مدينة حمص والمقيم في هامبورغ منذ أكثر من عام ونصف، أنه لو اتبع دروة التدريب المهني في ميكانيك السيارات "عمله في سوريا" لمدة ثلاث سنوات لما استطاع إعالة عائلته ولم يتمكن من تأمين المال للم شملهم.
عهد يعمل في ورشة ميكانيك بشكل غير شرعي ويتقاضى أجراً يصفه بالمقبول نظراً لضآلة فرص العمل ضمن هذه الشروط .
تبقى فرص الحرفيين السوريين ضئيلة بالعمل بصفة شرعية، لما تحمله من صعوبات كاللغة والوقت الطويل في مراكز التدريب المهني غير المعتمد أصلاً في سوريا لمزاولة المهن، مما اضطر هؤلاء للبحث عن أعمال لا تشترط اللغة ولا تحتاج للمهارة الفنية.
"رضوان" 22 عاماً، ابن مدينة حلب يعمل في مطعم بأعمال التنظيف، ويتقاضى 3 يورو في الساعة، يقول: "وجودي لمدة ستة أشهر بلا عمل اضطرتني لقبول أول فرصة للعمل دون النظر لطبيعتها"، مشيراً لطبيعة العمل الشاقة والأجر الزهيد الذي يتقاضاه، ولم يقف عند هذا الحد بل أن ثلث أجره يدفعه كأجر مواصلات لبعد مسكنهعن مكان العمل.
المهاجرون القدماء يستغلون العمال السوريين
بعيداً عن استغلال حاجة العامل السوري للمال وصعوبة توظيفه وما يصاحب ذلك من صرف أجور زهيدة وتكليفه بساعات عمل طويلة، بدأت تطفو على السطح حالات الاحتيال من عدم صرف المرتبات أو تأخرها لوقت بعيد في أفضل الحالات .
"عادل" 26 عاماً، عامل من مدينة حماة، كان يعمل في مطعم في مدينة "ساربروكن" قال أنه عمل لمدة ثلاثة أشهر وكان رب عمله "لبناني الأصل" يقوم دوماً بتأجيل دفع مرتباته بحجة أن المطعم جديد وبأنه سوف يعطيه بسخاء عند انطلاق العمل، الأمر الذي اضطر عادل للاستمرار بالعمل كون رب عمله يوفر له مسكن قريب من المطعم ويقدم له الطعام مجاناً. لكنه تفاجأ لاحقاً أن صاحب المطعم أخبره أنه لا يرغب ببقائه وعند السؤال عن مرتباته أخبره أنه لا يدين له بشيء وأن ما قدمه له من طعام ومسكن يعادل ضعف مرتبه.
كثيرة هي روايات الاحتيال من قبل أرباب العمل من المهاجرين القدماء الذين يمتهنون الطرق الملتوية في العمل الأسود.
يذكر أن الحكومة الألمانية قد أصدرت مؤخراً حزمة قرارات متعلقة بالإسراع بتشغيل العمال اللاجئين وإدماجهم في سوق العمل. وحسب تقرير صادر عن المعهد الألماني في مجال الشغل: "المهاجرين الذين قدموا إلى ألمانيا طلباً للحماية ينتمون إلى المجموعات الأقل دخلاً، ولتغيير الوضع يجب التسريع في عملية إدماج المهاجرين في سوق العمل".