أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا – (ابراهيم الاسماعيل)

خلّفت آلة الحرب الدائرة في سوريا، على مدى أكثر من أربع سنوات، الكثير من الشهداء الذين تركوا خلفهم أطفالاً ونساء دون معيل أو سند، وهو ما فرض ضرورة تكاتف الجهود للاهتمام بجيل كامل من الأطفال اليتامى.

قدمت بعض الجمعيات والمنظمات الخيرية مساعدات لبعض عائلات الشهداء وأطفالها، من كفالات لليتيم ومساعدات مالية وغذائية للأسرة، وعملت هذه المساعدات على تسيير أمور الكثير من العائلات في المناطق المحررة.

لكن أعداد الأيتام تتزايد مع تزايد وتيرة الحرب والشهداء، الأمر الذي يسبب ضغطاً كبيراً على المنظمات المعنية.

كفالات الأيتام .. غير مستمرة

قدمت الكثير من الجمعيات الخيرية والمنظمات الإغاثية مبالغ مالية شهرية للأيتام أطلق عليها "كفالات الأيتام" بناء على قوائم أعدت مسبقاً من قبل المجالس المحلية أو التنسيقيات الثورية المعنية بالخدمات الإنسانية، وكانت توزع هذه الكفالات بشكل شهري، ويتم تجديد تلك القوائم لمحاولة مواكبة الأيتام في كل منطقة يتواجدون فيها في المناطق المحررة.

لكن تلك الكفالات لم تكن مستمرة وتعرضت لانقطاعها في حالات كثيرة دون تبيان الأسباب.

"أم محمد" "35" عاماً تقول عن الكفالات المقدمة لها: "استشهد زوجي في قصف طال البلدة من الطيران الحربي، كان المعيل الوحيد لي ولأولادي الثلاثة "محمد وغالية وأحمد" كان زوجي يعمل محاميا فقامت جمعية "ساند" الخيرية بتقديم كفالة لأولادي بعد استشهاد والدهم واستمرت الكفالة مدة قصيرة وانقطعت لأسباب لم أعرفها، واليوم تقدم لي جمعية أخرى كفالات مالية أذهب لإحضارها من مدينة كفرنبل".

المستفيدون من الكفالات

عند التوجه بالسؤال لكثير من أسر الشهداء عن الكفالات اختلفت إجاباتهم، فالبعض منهم أخذ ولا يزال يتلقى الكفالات، أما البعض الآخر فلم يحصل على كفالة لطفله أبداً.

وفي المجلس المحلي لقرية الشيخ مصطفى في ريف إدلب، أخبرنا "أبو أحمد" المسؤول عن عملية الإحصاء في المجلس، أن عوائل الشهداء كلها مكفولة من قبل منظمة إغاثية واحدة أو برنامج مشترك بين عدة منظمات، وهي تقدم الكفالات لهؤلاء الأطفال وتدقق في الكشوف حتى لا يتلقى الطفل الواحد أكثر من كفالة.

لم يكن الجواب واضحا، فقد بقيت العائلات التي لا تتلقى كفالات لا تعرف ما هي الأسباب؟!.

"أم صدام" 32 عاماً، استشهد زوجها في ريف حلب في القصف بالطيران المروحي، نزحت إلى تركيا مع عائلتها برفقة ابنها الصغير "صدام" أخبرتنا في حديثها عن الكفالات: "بقيت في مدينة حلب بعد وفاة زوجي ولم أحصل على كفالة لابني الوحيد بسبب عدم وجود اسم لصدام في الجمعيات المعنية، وبعد خروجي إلى تركيا مازلت أبحث عن جمعيات تقدم كفالات لأولاد الشهداء والى الآن لم أستطع تأمين كفالة له".

أنواع الكفالات

تختلف نوعية الكفالة المقدمة لأولاد الشهداء فبعضها يكفل الطعام والشراب واللباس والتعليم والصحة وتبلغ قيمة الكفالة المقدمة شهريا "90 دولارا أمريكيا" أما النوع الآخر فهو كفالات الطعام والشراب فقط وتبلغ "50 دولارا أمريكيا"، وذلك حسب المعلومات التي أفادنا بها السيد "أبو أنس" مسؤول قسم الأيتام في مؤسسة "إعمار الشام" الإنسانية والتي تقدم هذه الكفالات بنوعيها في الغوطة الشرقية المحاصرة.

وأضاف عند سؤالنا له عن مدة الكفالة: "تعتبر هذه الكفالات كرواتب شهرية تقدم الى أبناء الشهداء الذين لم يتم كفالتهم من قبل منظمات أخرى، استطعنا تأمين دفع هذه الكفالات لمستحقيها منذ سنتين الى الآن ومازلنا نقدمها لهم وسنستمر في تقديمها لأنها كفالات مستمرة وليست لمرة واحدة كما يحدث في بعض المنظمات الأخرى".

مساعدات أخرى

تعمل المجالس المحلية وبعض المنظمات الإغاثية على تقديم المساعدات المعيشية كالمواد الغذائية واللباس الشتوي والصيفي لأولاد الشهداء وأسرهم بشكل دوري، حيث تقوم المجالس المحلية في المدن والبلدات في المناطق المحررة بتوزيع هذه المساعدات عند ورودها أو تزويدهم بها من قبل منظمات إغاثية عربية ودولية.

"ابراهيم زيدان" ناشط إعلامي واغاثي من ريف إدلب حدثنا عن المساعدات المقدمة وآلية التوزيع يقول: "يتم تقديم المساعدات كسلل إغاثية للمجالس المحلية في البلدات وهي تقوم بتوزيعها على عائلات الشهداء والعوائل الفقيرة وفق سجلات خاصة بها، بالإضافة الى المساعدات المالية المنفصلة عن كفالة اليتيم والتي يتم تقديمها من متبرعين من الخارج السوري".

قد لا تكون هذه الكفالات مقدمة لجميع أولاد الشهداء إلا أنها تحاول أن تسد بعض الثغرات لدى مؤسسات أخرى في ظل ما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتدمير وتهجير، الأمر الذي زاد من أعداد الشهداء وأسرهم الذين يعتبرون اليوم من أكثر المحتاجين لهذه المساعدات في ظل الغلاء الكبير والمعيشة القاسية وظروفها الصعبة.