عرسال، لبنان، 21 فبراير، (مالك أبو خير، أخبار الآن)

 “طول الطريق من منطقة السحل في القلمون وحتى وصولنا إلى مشارف عرسال في لبنان والطيران لم يتوقف عن قصفنا، كانت هناك عشرات الجثث مرمية على الطريق، لم نستطع سحبها، وتوفى كثير من الجرحى أثناء رحلتنا وقد اضطرنا إلى تركهم دون ان نستطيع دفنهم”، هذه الكلمات كانت لرجل عجوز من منطقة السحل خرج هو وعائلته بعد قصف عنيف دمر منزله ومعظم منازل المنطقة ووصل إلى عرسال بعد أن سجلت ذاكرته مشاهد لن تمحى حتى مماته.

 مئات الأطفال رووا لنا قصصًا مأساوية، منهم من فقد أهله أمام ناظريه ومنهم من أصيب، ومنهم من ما زال يبحث عن بقية أفراد عائلته بعد أن تاه عنهم خلال النزوح.

 حنين فتاة في الحادية عشرة من العمر، حين وصلنا الى عرسال كانت تقف تنتظر الواصلين علها تلتقي أمها التي فقدتها على الطريق أثناء النزوح، ولكننا خرجنا من عرسال وهي مازالت تنتظر، كما شاهدنا نساءً يصلن وقد فقدن أطفالهن وهن أيضا يبحثن بين الواصلين علهن يتلقين بهم. 

 علامات الرعب كانت بادية على وجوه الواصلين من سوريا، فهم بالرغم من وجودهم في عرسال مازال الخوف من طيران يغير عليهم او من اقتحام مفاجئ يكمل ما عجز النظام عن فعله داخل القلمون. 

 أم احمد من حمص تقول: “نزحنا من القصير تحت وابل الصواريخ والطيران ووصلنا إلى القلمون وبقينا هناك حتى بدأت المعارك من جديد، إذ تكرر نفس المشهد مرة أخرى، قصف لم يبقى مكانًا نهرب إليه سوى الطريق المؤدي إلى عرسال، إذ عادت مشاهد النزوح من القصير من جديد، منا من استطاع الركوب في الحافلة وآخرون ساروا مشياً على الأقدام فيما بعض الأطفال أصيبوا بصدمات نفسية من هول ما شاهدوا، ابسط شيء كان رؤيتهم الجثث المرمية على الطريق وقد قسمت نصفين بسبب حجم القذائف وكثرتها”.

 لعل أهل حمص هم أكثر من عانوا النزوح والقتل عبر رحلت بدأت من مدينتهم وصولاً إلى القلمون ومنها الى عرسال. على أطراف المخيم الذي انشأ حديثاً في عرسال جلست مجموعة من النسوة القادمين من حمص، قالت احدهم لنا:” في القصير فقدت زوجي واحد أطفالي، وأثناء النزوح فقدت ابنتي ولم يبقى احد غيري، ويا ليتني مت قبل وصولي إلى هنا، فقلبي لم يعد يتحمل كل هذه الخسارة، فقد خسرت كل شي حتى وطني الآن خسرته وأصبحت لاجئة كغيري في دول اللجوء”.