الباحثون يحثون على تشجيع الطلاب وخصوصًا الأصغر سنًا على قراءة الكتب المطبوعة أكثر من الأجهزة الرقمية

عادة، يفضل الكثير من الأشخاص، القراءة في الكتب المطبوعة، لأنها توفر تجربة قراءة أكثر راحة، حيث يمكنهم أن يقلبوا الصفحات ويمسكوا الكتاب في يديهم، لكن في المقابل، تقدم الكتب الإلكترونية تجربة قراءة أكثر تفاعلية، وتمكن القراء الذين يفضلون القراءة أثناء التنقل من الوصول إلى مجموعة واسعة من الكتب في مكان واحد، كما توفر ميزات إضافية مثل التنقل السريع وإمكانية البحث عن الكلمات، مما يجعل من السهل العثور على المعلومات بسرعة، كما أن الكتب الإلكترونية غالبًا ما تكون أرخص من الكتب المطبوعة.

ولسنوات عديدة، أظهرت الأبحاث أن قراءة المحتوى المطبوع سواء كان ذلك للمتعة أو للدراسة حسن من قدرة الأشخاص على تعلم القراءة لفهم النص، بيد أن استخدام الأجهزة الرقمية، بما في ذلك الهواتف الخلوية أو الأجهزة اللوحية أو الحواسيب، والدخول المستمر إلى تلك الأجهزة والانواع الجديدة لمواد القراءة أدت إلى إدخال عادات قراءة جديدة.

القراءة الترفيهية

لكن فيما يتعلق بالقراءة الترفيهية في أوقات الفراغ، أيهما أفضل الكتب المطبوعة أم الإلكترونية؟ سؤال عكف باحثون في جامعة فالنسيا الإسبانية على الإجابة عليه من خلال دراسة جديدة.

والقراءة الترفيهية هي قراءة الكتب أو القصص أو المقالات أو أي نوع آخر من الأدب للمتعة وليس للدراسة أو العمل، ويمكن أن تكون القراءة الترفيهية طريقة رائعة للاسترخاء والاسترخاء، بالإضافة إلى تعلم أشياء جديدة وتوسيع آفاقك.

ووجدت الدراسة الجديدة، أن استخدام الأجهزة الرقمية للقراءة الترفيهية في أوقات الفراغ، لا يعود بالفائدة على تحسين مهارة الطالب في قراءة نص وفهم معناه، مقارنة بالقراءة في الكتب الورقية.

وكشفت الدراسة عن علاقة شبه معدومة بين القراءة الرقمية والتحسن في فهم القراءة في أوساط طلاب الصفوف الابتدائية والمتوسطة، ونشرت النتائج في العدد الأخير من دورية (Review of Educational Research).

للوصول إلى النتائج، قام الباحثون بتحليل 25 دراسة حول فهم القراءة منشورة بين عامي 2000 و2022، بمشاركة أكثر من 450 ألف مشارك من 30 دولة حول العالم.

وأراد الباحثون معرفة “هل الأشكال الجديدة من القراءة تؤتي ثمارها؟”، من خلال هذا التحليل التلوي حول العلاقة بين عادات القراءة الرقمية الترفيهية وفهم النص.

وأثبتت المتائج أنه في مراحل التعليم المبكرة (الإبتدائية والمدرسة المتوسطة)، كانت هناك علاقات سلبية صغيرة بين القراءة الرقمية الترفيهية والفهم، بينما وفي مراحل لاحقة (المدرسة الثانوية والجامعة)، أصبحت العلاقة إيجابية بعض الشيء.

وبشكل عام، بغض النظر عن مرحلة التعليم، كان لعادات القراءة الرقمية علاقة أقل مع القراءة الفهم، مقارنة بنتائج القراءة المطبوعة.

ما السر؟

ويعتبر الباحثون أن سبب عدم امتلاك القراءة الرقمية التأثير نفسه مثل قراءة الكتب الورقية في طور النمو يعود لعاملين أساسين.

أولاً، أن القراءة على شاشة قد يشكل إلهاء للقراء، لأن الأجهزة تميل إلى عرض مزايا عدة أخرى، وثانياً يعتبر العلماء أن الإنترنت أرسى أنواع جديدة من القراءة مع مزايا تتضمن محفزات قصيرة وسريعة الوتيرة ومحتوى أقل جودة ومصطلحات أقل تكلفًا.

وشدد مؤلفو الدراسة على وجوب قيام المدرسين والأهل بتشجيع الطلاب، وخصوصًا الأصغر سنًا، على قراءة النصوص المطبوعة أكثر من المطالعة عبر الأجهزة الرقمية.

من جانبها، قالت الباحثة المشاركة في الدراسة ليديا ألتامورا وهي طالبة دكتوراه في جامعة فالنسيا الإسبانية: “باختصار، بالنسبة للأطفال أو الأفراد الذين هم في طور اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة ليصبحوا قراء ماهرين، لا يبدو أن القراءة الرقمية الترفيهية تؤتي ثمارها من حيث فهم القراءة، على الأقل ليس بقدر ما تفعله القراءة المطبوعة التقليدية”

وأضافت أن “النتائج التي توصلنا إليها مثيرة للدهشة بشكل خاص عند مقارنتها بما نعرفه بالفعل عن الارتباط الإيجابي الراسخ بين تكرار القراءة في المطبوعات وفهم النص”.

وتابعت ألتامورا: “نتوقع بأن القراءة الرقمية الترفيهية لأغراض إعلامية كتصفح موقع ’ويكيبيديا‘ أو صفحات تعليمية أخرى أو قراءة الأخبار ستكون مرتبطة بصورة إيجابية أكثر بالفهم، ولكن تلك لم تكن الحال أيضاً”.

واستقراءًا لما هو معروف من الدراسات السابقة، يشير الباحثون إلى أنه إذا أمضى الطالب 10 ساعات في القراءة المطبوعة في وقت فراغه، فمن المرجح أن تكون قدرته على الفهم أعلى بـ6 إلى 8 أضعاف مما لو قرأ على الأجهزة الرقمية بنفس المقدار من الوقت.