دبي، الامارات العربية المتحدة، 7 ابريل 2014، وكالات –

شملت الدراسة النمساوية، من جامعة غراس، 1320 مواطناً من مختلف الأعمار والمنحدرات الاجتماعية والعادات الغذائية. كما اعتمدت نتائج الحملة النمساوية على المقابلات الصحية التي شملت 450 ألفاً، وهي جزء من الحملة الأوروبية للمقابلات الصحية. وتوصلت الدراسة إلى ما هو أكثر من تعرض النباتيين إلى أمراض خطيرة أكثر، وهي نتائج معاكسة لدراسات عالمية أخرى، لأنها لاحظت أن النباتيين يصابون بوعكات صحية مختلفة أكثر من أكلة اللحوم، بل وانهم يزورون العيادات الطبية والمستشفيات أكثر من غيرهم.

تم تصنيف المتطوعين من قبل العلماء حسب بيانات العمر والجنس والتغذية والتدخين والحالة الإجتماعية. وكان معظم المتطوعين من مؤشر جسد- كتلة طبيعي يتراوح بين 22,9-24,9. ثم جرى تقسيم المجموع في أربع مجموعات هي: مجموعة النباتيين، مجموعة أكلة اللحوم الذين يتناولون الكثير من الخضار والفاكهة، ومجموعة أكلة اللحوم الذين يتناولون القليل من اللحم، ثم أخيراً مجموعة أكلة اللحوم الذين يتناولون الكثير جداً من اللحوم.

14 مرضاً مزمناً أكثر لدى النباتيين

تفحص العلماء علاقة عادات التغذية(التغذية النباتية أو الاعتيادية) بـ 18 مرضاً خطيراً ومزمناً من أكثر الأمراض انتشاراً في أوروبا. وتكشفت النتائج عن مفاجأة أولى مفادها أن 14 مرضاً من هذه الأمراض تنتشر بين النباتيين أكثر من انتشارها بين أكلة اللحوم، بل وأن نسبتها أحياناً بين النباتيين تعادل ضعفها بين المتغذين على اللحوم. وتبدأ هذه الأمراض بالأورام السرطانية والربو والسكري وتنتهي بالصداع النصفي وهشاشة العظام.

كانت نسبة أمراض الحساسية بين النباتيين تبلغ ضعفها بين أكلة اللحم وبالضبط 30,6 مقابل 16,7%. وكانت الأمراض السرطانية بين النباتيين 4,8% مقابل 1,8% بين أكلة اللحوم. ثم كانت نسبة جلطات القلب بين النباتيين أكثر منها بين الاعتياديين، وبلغت 1,5% مقابل 0,6%. ويبدو أن النباتيين أكثر عرضة للأمراض النفسية، وخصوصاً الاكتئاب، لأن نسبة هذه الأمراض بينهم ترتفع إلى 9,4% مقابل 4,5%.

المفاجأة الثانية في الدراسة النمساوية كانت، عدا عن الأمراض الخطيرة، كثرة التوعكات التي يصاب بها النباتيون بالمقارنة مع أكلة اللحوم. وكانت المفاجأة الثالثة حاسمة لأنها كشفت أن النباتيين يزورون العيادات الطبية، ويبيتون في المستشفيات أكثر بكثير من الناس الاعتياديين.

رغم كل هذه الاحصائيات حذر البروفيسور كنوب من اعتماد نتائج هذه الدراسة الاحصائية كمسلمات، وقال إن فريق العمل يقف حائراً في كيفية تفسير واثبات العلاقة بين طريقة التغذية وهذه الأمراض. وطالب العالم النمساوي بدراسات علمية مستقبلية تتوصل إلى اثبات هذه العلاقة.

ودراسة ألمانية تؤيدها

دون معرفة بالدراسة التي كانت تجرى في غراس حول علاقة التغذية بالأمراض المزمنة، واعتمادًا على معطيات مماثلة، توصل العلماء من جامعة هلدسهايم الألمانية إلى تفشٍ أكبر للأمراض النفسية بين النباتيين.

وذكرت الباحثة ناتاليا بوركرت، من جامعة هلدسهايم، لصحيفة”دي فيلت” الواسعة الانتشار في فبراير الماضي انها اعتمدت نتائج الحملة الألمانية للمقابلات الصحية، في دراستها وتوصلت إلى أن النباتيين أكثر عرضة للأمراض النفسية والأمراض النفسية-الجسدية من غيرهم. وانطبقت هذه النتائج على العلاقة بين التغذية النباتية والإصابة بداء الشقيقة (الصداع النصفي) والاكتئاب والاضطرابات الذهنية.

وتوصلت الدراسة الألمانية أيضاً إلى أن النباتيين يزورون العيادات الطبية أكثر من غيرهم( وخصوصاً عيادات أطباء الأمراض النفسية)، كما يتعاطون أدوية وعقاقير أكثر من الناس الاعتياديين سواء كانت هذه الأدوية كيميائية مصنعة أو أدوية طبيعية.

دراسات أميركية وبريطانية تتحدث العكس

 والظاهر أن الخلاف حول التغذية النباتية، سواء كان علمياً أو احصائياً، سيستمر لسنوات أخرى طالما لم يجر التثبت من هذه العلاقة علمياً، سواء كانت ايجابية أم سلبية. ونشرت قبل أيام نتائج دراسة بريطانية تتحدث عن نسبة أمراض قلب أقل بنسبة 32% بين النباتيين عنها بين أكلة اللحم. شملت الدراسة 44500 مواطن، من الجنسين، في إنجلترا واسكتلندا وذكرت أن النباتيين تنخفض لديهم معدلات الوفيات بسبب أمراض القلب. وعزت الدراسة تفوق النباتيين الصحي إلى مستويات الكوليسترول المخفضة في دمائهم، وإلى حالات ارتفاع ضغط دم أقل، ووزن جسم أخف لديهم.

 

قارن الباحثون من جامعة أوكسفورد البيانات المأخوذة من 15500 نباتي مع 29400 من المواطنين الذين يعتمدون التغذية باللحم. تابعت الدراسة المواطنين المذكورين طوال 11 سنة، وتبين منها أن 169 شخصاً ماتوا بسبب أمراض قلبية مقابل 1066 شخصاً تلقوا العلاج، خلال نفس الفترة، في المستشفيات بسبب أمراض القلب. وكانت نسبة المتوفين بأمراض القلب أكثر بين أكلة اللحوم. وأظهرت النتائج أيضاً أن النباتيين أقل عرضة لأمراض ارتفاع ضغط الدم، وتنخفض نسبة الكوليسترول في دمائهم، ثم أنهم اقل عرضة من غيرهم للبدانة وعواقبها المرضية.

نشرت نتائج هذه الدراسة في المجلة الأميركية للتغذية السريرية، وجاء فيها أن أمراض القلب هي الداء الأكثر انتشاراً في الدول الغربية، وتتسبب في وفاة 94 ألف شخص سنوياً في إنجلترا وحدها. وتعتبر هذه الإحصائيات من أعلاها في أوروبا رغم أنها لا تشمل 2,6 مليون بريطاني ينجون سنوياً من الموت بسبب جلطة القلب.

فشل كلوي أقل ونسبة سكري أقل

نشرت جامعة لوما ليندا الأميركية، في كاليفورنيا، عام 2013 دراسة حول التغذية النباتية كانت أقل حماساً، وأكثر حذراً في في تعاملها مع الموضوع من الدراسة البريطانية السالفة الذكر. وكانت الدراسة”احصائية” أيضاً وتوصلت إلى ان النباتيين يعانون 12% أقل من غيرهم من الوفيات بسبب أمراض القلب، ويعانون 19% أمراض قلب أقل. المهم في الدراسة أيضاً أنها شخصت حالات فشل كلوي أقل بين النباتيين، وحالات داء سكري أقل مما هي بين المتغذين على اللحم. إلا أن الباحثة جوان سابتا، من جامعة لوما ليند، اعترفت بأن الدراسات العلمية حول تأثير التغذية على الحالة الصحية لجسم الإنسان لا تزال ناقصة. ونشرت هذه الدراسة في مجلة”جاما” الأميركية عام 2013 وشملت معطيات عن 70 ألفاً.

وإلى نتائج مماثلة، توصل الباحثون من جامعة اوكسفورد البريطانية في يناير 2013 ونشروا دراستهم في المجلة الأميركية للتغذية السريرية. شملت الدراسة بيانات طبية وشخصية عن 45 ألف مواطن، وتوصلت إلى أن النباتيين يصابون بأمراض قلب أقل من غيرهم، وانهم يعيشون حياة صحية يومية أفضل من غيرهم أيضاً. على أية حال لايقتصر الخلاف حول التغذية النباتية على جانبها الصحي، وإنما البيئي والاخلاقي أيضاً. ورغم قناعة الكثيرين بأن التغذية النباتية أكثر رأفة بالحيوان، وأقل تلويثاً للبيئة، فهناك دراسات تخالف هذا المنظار أيضاً.