أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة

في قريةٍ صغيرة خارج ميلتون كينز، تتدرَّب الكلاب من كل الأعمار والسلالات على اكتشاف السرطان بالشمّ من بين آلاف العينات، ضمن نظامٍ سينقذ الأرواح يوماً ما.

في مقرَّات منظمة كلاب كشف الأمراض، تُجرى تجربة كبيرة تتعلَّم الحيوانات الأليفة فيها اكتشاف سرطان البروستاتا بالشمّ من عينات بول مأخوذة من مستشفى محلي. نسبة نجاح التجربة حتى الآن هي 93%، وفق ما جاء في نسخة "هافينغتون بوست عربي"

تجرِّب المنظمة الخيرية كذلك ما إذا كان يمكن اكتشاف سرطان الثدي بواسطة الكلاب باستخدام شيء بسيط مثل عينة النَّفَس.

تعرف مؤسِّسة المنظمة الخيرية، كلير جيست، البالغة من العمر 52 عاماً، جيداً مدى أهمية حاسة الشم لدى الكلاب في اكتشاف الأمراض البشرية. فقد اكتشفت كلبتها من سلالة اللابرادور الأحمر، ديزي، ورماً منتشراً في ثديها عام 2009، وهو ما لم تكُن كلير لتكتشفه لولا ذلك.

قالت كلير للنسخة البريطانية من "هافينغتون بوست": "لقد أنقَذَت حياتي".

إقرأ أيضا

لاجئ سوري ينقذ حفل زفاف كندي!

في اتفاق مع أنجلينا جولي بيت سيخضع لاختبارات على تعاطي المخدرات سيمكنه من رؤية أطفاله

قدرة خارقة

تستطيع الكلاب اكتشاف السرطان بالشمّ عن طريق اكتشاف تجمُّعات الروائح الصغيرة في العينات الجسدية، بمعدَّل نحو جزء واحد لكل تريليون.

يعادل هذا ملعقة صغيرة من السكَّر في مسبحين حجمهما مطابق للمعايير الأولمبية.

يأمل طاقم عمل منظمة كلاب كشف الأمراض، عبر عملهم الرائد، أن يستدعي الخبراء الطبيون تلك الكلاب لمساعدتهم في اكتشاف السرطان لدى المرضى على نحوٍ أسرع وأكفأ، وربما يؤدي ذلك لإنقاذ حياتهم.

الاكتشاف المبكر ضروري. ففي الحقيقة، تنجو 90% من النساء المشخَّصات بالإصابة بسرطان الثدي في المرحلة الأولى من المرض لمدة 5 سنوات على الأقل. وهذا مقارنةً بنسبة 15% تقريباً من النساء المشخَّصات به في المرحلة الأخيرة من المرض.

وكما تقول المنظمة البريطانية لأبحاث السرطان فإنَّ "اكتشاف السرطان وعلاجه في مرحلة مبكرة قد ينقذ أرواحاً".

"اللامأوى"

تتبع المنظمة الخيرية سياسة "اللامأوى"، ما يعني أن كل الكلاب التي تتدرَّب فيها تنتمي إلى أُسَر حقيقية.

ويوصِّل المتطوِّعون أولاً كلابهم، التي تقضي اليوم في التدريب على اكتشاف السرطان باستخدام مجموعة متنوعة من عينات البول والأنسجة والمسحات. بعد العمل اليومي، تعود الكلاب إلى بيوت أصحابها، وتتمدد على الأريكة وتتمتع بحكِّ بطونها.

ديزي، كلبة كلير جيست، هي إحدى أقدم كلاب المنظمة الخيرية وأكثرها وفاءً.

كانت كلير قد أسَّست المنظمة الخيرية بالفعل في هذا الوقت، وكانت تعمل على مشروعٍ يحدِّد ما إذا كان باستطاعة الكلاب اكتشاف سرطان المثانة عبر شمّ البول، عندما بدأت ديزي بالتصرُّف بطريقةٍ مختلفة عند وجودها مع كلير.

الكشف عن السرطان بالشم

وتوضِّح كلير قائلةً: "أصبحت قلقة، وفي أحد الأيام اصطحبتها في نزهةٍ، وفتحتُ صندوق سيارتي الخلفي كي تقفز، لكنَّها رفضت التحرُّك".

وتضيف: "ظلَّت تدفع صدري، ما جعلني أجد كتلةً. بعد بضعة أيام، قرَّرت الذهاب إلى الطبيب العام لفحصها. شخَّصني بأنَّني مصابة بسرطان منتشرٍ جداً، وأخبرني معالجي أنَّني كنتُ سأستغرق سنوات عديدة للعثور على الكتلة وكان التشخيص سيصبح سيئاً جداً، لو لم تكُن ديزي قد لفتت انتباهي إليها. لقد أنقذَت حياتي".

تعمل ديزي، شبه المتقاعدة الآن، "مستشارةً كبيرة" في المركز، فتُرشِد المتدرِّبين الصغار عبر شهور التدريب الستة.

لقد شمَّت ديزي خلال سنوات خدمتها ما يزيد على 6500 عينة، واكتشفت ما يزيد على 550 حالة سرطان بمعدل نجاح مذهل هو 96%.

لقد حصدت حاسة الشم الاستثنائية لدى ديزي وخدمتها في مجال أبحاث السرطان لها ميدالية الصليب الأزرق. حتى أنَّ الكلبة ذات الـ12 عاماً أصبحت موضوع كتاب، هو "Daisy’s Gift".

يدرِّب روب هاريس، مدير الاكتشاف الحيوي في المنظمة، الكلبة اللابرادور المبجَّلة وأصدقاءها من ذوي الأربع.

الكشف خلال ثوانٍ

في جلسة التدريب العادية يضع هاريس عينات حجمها 1 مم في الأوعية ثم يضعها على سلسلة معدنية في معمل الاكتشاف الحيوي، وتحتوي إحدى العينات على السرطان.

يدخل كل كلب إلى الغرفة وحده بصحبة مدرِّب ويسير حول السلسلة عكس اتجاه الساعة ويشمّ العينات المختلفة.

يستغرق تحديد ما إذا كانت العينة التي أمامه تحتوي على السرطان أم لا أقل من ثوانٍ، وهو أمر مذهل.

والكلاب مدرَّبة على الجلوس أمام العينة ولمسها بأنوفها لتُخبر مدير الاكتشاف الحيوي ومدرِّبها بأنَّها قد وجدت المرض حين تشمه.

إقرأ كذلك 

مشاهد خلابة.. من أكبر كهف في العالم

كارثة إنسانية في قرية مصرية..

مكافأة

ثم يعلِم مدير الاكتشاف الحيوي المدرِّب بما إذا كان الكلب قد شمَّ العينة الصحيحة أم لا، وبحسب هذا، يمكن أن يمنح المدرِّبُ الكلبَ مكافأة.

لا يتوقَّف عمل المركز القيِّم عند اكتشاف السرطان فقط، بل يدرِّب أيضاً كلاب الإنذار والمساعدة الطبية على اكتشاف التغيُّرات الصغيرة في رائحة الأفراد الشخصية، التي يُحدِثها المرض.

ينذرهم هذا بحدث طبي وشيك، مثل انخفاض مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من النوع الأول من مرض السكَّري، أو انهيار الأشخاص المصابين بمرض أديسون.

قالت كلير جيست: "الكلاب تحب الشمّ وتحب إخبارنا بما تجده. نحن نفهم الآن الهبة العظيمة التي تملكها الكلاب لتساعدنا بها. لا أعرف كيف لم نلحَظ هذا كل هذه السنوات".

وختمت حديثها: "أعتقد أن إمكانية هذا هائلة للغاية، ونحن ما زلنا في البداية، نحاول البدء في معالجة الموضوع".