30 ألف تايلاندي يعملون في إسرائيل غادر الكثير منهم

مع النقص الكبير في اليد العاملة منذ بدء الحرب، يبادر متطوعون من عرب ويهود إسرائيليين من فئات مختلفة إلى مساعدة مزارعين عرب على قطف محاصيلهم في شمال إسرائيل “لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

حضر متطوعون عرب من مدينة حيفا في شمال إسرائيل لمساعدة مزارعين في بلدة باقة الغربية (وسط) في قطف محصولهم الزراعي. وتبعد هذه حوالى أربعة كيلومترات عن طولكرم في الضفة الغربية المحتلة لكن يفصل بينها الجدار الذي أقامته إسرائيل.

خريطة توضح حدود بلدة باقة الغربية

يقول مروان أبو ياسين (55عاما) الذي يزرع 150 دونما من الدفيئات البلاستيكية لوكالة فرانس برس: “كان عندي 16 عاملا تايلانديا فرّ تسعة منهم جراء الحرب. وكان لدي 15 عاملا من إخواننا الفلسطينيين بالضفة الغربية، لكنهم لا يستطيعون القدوم بسبب الإغلاق ومنعهم من دخول إسرائيل”.

عندما هاجمت حركة حماس جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وجد العمال التايلانديون في المزارع القريبة من الحدود مع قطاع غزة أنفسهم على خطوط التماس.

قتل 34 من هؤلاء وأصيب 19 آخرون، وتم احتجاز 24 ونقلهم إلى غزة، وفقا للسلطات التايلاندية، قبل أن يتم الإفراج عنهم في ما بعد.

وأثار هذا الوضع الخوف لدى 30 ألف تايلاندي يعملون في إسرائيل وغادر الكثير منهم البلاد.

ومنذ بدء الحرب في غزة، أوقفت إسرائيل تصاريح نحو 130 ألف عامل فلسطيني يدخلون أراضيها من الضفة الغربية، فيما تعتقل الشرطة الإسرائيلية أي عامل من الضفة المحتلة بقي في إسرائيل.

"لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".. متطوعون لمساعدة مزارعين من عرب إسرائيل

قبل الحرب كان أبو ياسين يزرع 150 دونما (حوالى 15 هكتارا). يقول المزارع الذي بدا عليه الارهاق “أعمل مع سبعة عمال تايلانديين فقط ويشمل عملنا أربعين أو خمسين دونما (…) لا استطيع اليوم العمل في بقية الأرض بسبب نقص العمال.

ويضيف “النفقات لـ150 دونما لكن الدخل سيكون من 40 دونما فقط، ولن يغطي تكاليف الدفيئات من النايلون أو الخشب”.

تعزيز الانتماء

يقوم بعض المتطوعين وقد وضعوا قفازات بلاستيكية برفع شتلات الخيار بأوراقها الخضراء الكبيرة وإسنادها بشكل مستقيم إلى الأعلى بدعامات شبيهة بالأسلاك، فيما يتولى آخرون قطف حبات هذه الخضار ووضعها بأكياس نايلون.

أتى هؤلاء في إطار يوم عمل تطوعي نظمته رابطة خريجي الكلية العربية الأرثوذكسية في حيفا، لمساعدة المزارعين في أراضي بلدة باقة الغربية.

يقول رئيس الرابطة أنور جمال لوكالة فرانس برس إن “أبناء شعبنا من أصحاب الأراضي المتضررين اقتصاديا، منسيون” مشددا على أن المساعدة تهدف إلى “تحصين مجتمعاتنا”.

يشارك في العمل نساء ورجال من فئات عمرية وطبقات اجتماعية مختلفة بحسب جمال.

يقول جريس عويس (63 عاما) العامل في أحد متاجر حيفا “بادرنا إلى ذلك لنعطي من قوتنا القليل لأبناء شعبنا (…) ما نقوم به يعزز الانتماء الوطني في صفوفنا. اذا لم نقدم نحن يد المساعدة فمن سيقوم بذلك؟”.

مثله فعل مدرس الفيزياء المتقاعد يوسف صادر موضحًا “أعتقد أننا سنعود إلى مدينتنا راضين لأننا ساهمنا في تقديم شيء الى مزارعينا”.

وتقول عبير عبدالغني (33 عاما) المحامية من حيفا “تطوعت لأن هناك نقصًا في اليد العاملة لدى المزارعين العرب. يجب أن ندعم بعضنا بعضا في ظروف مماثلة. صحيح أن عمل يوم واحد لا يكفي لكنه يعزز شعوري بالانتماء”.

ويشكّل عرب إسرائيل، وهم أحفاد الفلسطينيين الذي بقوا في أراضيهم بعد قيام الدولة العبرية العام 1948، حوالى 21% من السكان. ويشكون من تمييز وتقاعس الشرطة عن معالجة العنف والجريمة في مجتمعهم.

وقصد متطوعون آخرون حقول الفراولة لكن ما أن بدأوا بقطفها حتى انهمر المطر بغزارة عليهم فلجأوا الى خيمة قريبة.

"لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".. متطوعون لمساعدة مزارعين من عرب إسرائيل

ايمان بالسلام

العمل التطوعي غير محصور بعرب أسرائيل.

ففي حقل مزارع عربي آخر في باقة الغربية، يوضح المتطوع اليهودي غاي(56عاما) الذي يعمل باحثا اجتماعيا إنه بادر الى التطوع “لأن الحقول مليئة بالمحاصيل واذا لم نساعد في قطفها فستتلف”.

ويضيف “ليست المرة الأولى التي اتطوع فيها، لكن هذا التطوع مهم جدًا بالنسبة الي بسبب العلاقات المشتركة بين اليهود والعرب في إسرائيل. علينا أن نؤمن بالسلام ونخوض المسيرة معا”.

يعمل المزارع إبراهيم مواسي (65 عاما) العضو في إدارة مجلس النباتات في إسرائيل على تأمين متطوعين بالتنسيق مع الجمعيات والمنتديات غير الحكومية.

ويوضح “بعد مغادرة العمال التايلانديين إضافة الى منع اخواننا في الضفة الغربية من الدخول، عقدنا اجتماعا كمزارعين بعد اسبوع من اندلاع الحرب وقررنا أن نتوجه الى أهلنا لانقاذ ما يمكن انقاذه من محاصيلهم”. ويعتبر أن “العمل التطوعي يساعد الى حد ما، لكنه لا يسد حاجة المزارعين الى أفراد مهنيين. ولكن ما حيلتنا؟ هذا ما لدينا ويد على يد رحمة”.

وأدى هجوم حماس إلى مقتل 1200 شخص في إسرائيل غالبيتهم من المدنيين قضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.

وتردّ الدولة العبرية بقصف مدمّر لقطاع غزة يترافق مع عمليات برية منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر. وأدى القصف الإسرائيلي الى مقتل 18787 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفق أرقام حكومة حماس.

وينقسم المسؤولون في إسرائيل حول معاودة إصدار التصاريح للسماح لعشرات آلاف العمال الفلسطينيين، من عدمها.

وشهد مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر قبل أيام جدلا بعدما أوصى الجيش وجهاز الأمن الداخلي بذلك في حين أصر ممثل الشرطة وعدد من الوزراء على الرفض عارضين جلب عمال من الهند وسريلانكا.

وأرجأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التصويت على الاقتراح لافتقاره الى الغالبية، بحسب وسائل الاعلام الإسرائيلية.