بوتين يشن حربًا أخرى للضغط على أوروبا

  • الغزو الروسي لا يعتمد فقط على “القوة العسكرية”
  • تُعتبر أوكرانيا مصدرًا رئيسيًا للمواد الغذائية

“تجويع العالم”- هذا هو التخوف الأكبر لدى عدد كبير من الدول، بسبب إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، والتي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، حيث تُعّد سلة غذاء لعدد كبير من دول العالم.

ويبدو أن الغزو الروسي، لا يعتمد فقط على “القوة العسكرية”، لكنه يلجأ أيضا إلى أساليب مختلفة للضغط على الغرب، والوصول إلى أهداف ما تطلق موسكو عليه اسم “حملة عسكرية في أوكرانيا”.

أستاذ التاريخ بجامعة يل الأمريكية، تيموثي سنايدر، تحدث عن “المخطط” الروسي، مؤكداً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يستعد لتجويع الكثير من دول العالم النامي، كمرحلة تالية في حربه في أوروبا.

وقال سنايدر في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع “تويتر”، إنه في الأوقات العادية، تُعتبر أوكرانيا مصدرًا رئيسيًا للمواد الغذائية. لكن يمنعها الحصار البحري الروسي من تصدير الحبوب.

وحذر من استمرار الحصار الروسي، “الذي قد يتسبب في تعفن عشرات ملايين الأطنان من المواد الغذائية داخل الصوامع الأوكرانية”، ما سيؤدي لحالة جوع عالمية.

وأشار إلى أن روسيا لديها “خطة” يستعد فيها بوتين “لتجويع كثير من دول العالم النامي كمرحلة مقبلة من حربه”.

وفي توقعه لأهداف خطة الرئيس الروسي، قال “المجاعة العالمية هي الخلفية الضرورية لحملة الدعاية الروسية ضد أوكرانيا”، معتبرا أن موسكو تسعي للترويج إلى أن “كييف السبب في خلق تلك الأزمات”.

وأوضح أستاذ التاريخ، أن الفكرة القائلة بأن السيطرة على الحبوب الأوكرانية يمكن أن تغير العالم ليست جديدة. مؤكدا أن ستالين وهتلر حاولا القيام بذلك.

وأضاف: “بالنسبة لستالين، فقد تسببت المجاعة الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي، في مقتل نحو أربعة ملايين أوكراني خلال تطبيق السلطات السوفيتية، تحت قيادة الديكتاتور جوزيف ستالين، سياسة المزارع الجماعية، التي اعتمدتها الحكومة لتغيير الزراعة التقليدية في الاتحاد السوفيتي وتقليل القوة الاقتصادية للفلاحين، إذ أُجبروا على التخلي عن مزارعهم الفردية والانضمام إلى المزارع الجماعية الكبيرة”. موضحا أنا عندما بدأ الناس يموتون بأعداد كبيرة، ألقى ستالين باللوم على الأوكرانيين أنفسهم.

واستطرد أستاذ التاريخ: “كان للنازيين الفعليين أفكار ذات صلة. لقد أحبوا فكرة السيطرة على الزراعة الأوكرانية. كان هذا في الواقع هدف هتلر المركزي للحرب، رغب هتلر في إعادة توجيه الحبوب الأوكرانية من الاتحاد السوفيتي إلى ألمانيا، على أمل تجويع ملايين المواطنين السوفييت.

تجويع وتصدير للاجئين.. معركة أخرى ينشها بوتين في أوروبا
ويبدو أن الأهداف التي تحدث عنها أستاذ التاريخ، تتحقق على أرض الواقع، فقد تسبب الحصار الروسي على أوكرانيا في تهديد لإمدادات الغذائية العالمية، وفي الوقت ذاته تتسارع موجات نزوح الأوكرانيين من البلاد بسبب الغزو الروسي.

وتسببت الحرب المستمرة في إغلاق موانئ البحر الأسود في أوكرانيا، مما يهدد الإمدادات الغذائية، وأدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة.

وقالت الأمم المتحدة، في وقت سابق، إن ما يصل إلى 19 مليون شخص إضافي في العالم، قد يواجهون جوعا مزمنا خلال العام المقبل بسبب انخفاض صادرات القمح والأغذية الأخرى.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي: “إذا لم نتمكن بسبب الحصار الروسي من تصدير موادنا الغذائية، التي صارت الأسواق العالمية في أمس الحاجة إليها، فسيواجه العالم أزمة غذاء حادة وشديدة ومجاعة في العديد من بلدان آسيا وأفريقيا”.

وتتهم أوكرانيا والغرب موسكو باستخدام إمدادات الغذاء كسلاح، وتقول روسيا إن الألغام الأوكرانية المزروعة في البحر والعقوبات الدولية المفروضة عليها هي السبب في تعطيل الصادرات.

وكانت أوكرانيا تصدر ما يصل إلى ستة ملايين طن من الحبوب شهريا قبل الغزو الروسي لها يوم 24 فبراير، والذي تصفه روسيا بأنه “عملية عسكرية خاصة”.

وتراجعت الكميات منذ ذلك الحين لنحو مليون طن بعد أن أُجبرت أوكرانيا، التي كانت عادة ما تصدر أغلب بضائعها عن طريق الموانئ البحرية، على نقل الحبوب بالقطارات إلى حدودها الغربية أو عبر الموانئ الصغيرة على نهر الدانوب، وفقا لـ”رويترز”.

ووفقا لـ”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين“، فقد تسببت حرب أوكرانيا في واحدة من أكبر أزمات النزوح البشري في العالم اليوم.

تسببت حرب أوكرانيا في واحدة من أكبر أزمات النزوح البشري في العالم

وتم تسجيل ما لا يقل عن 4.8 مليون لاجئ من أوكرانيا في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك أولئك الذين عبروا أولا إلى البلدان المجاورة ثم انتقلوا بعد ذلك، حسب بيانات المفوضية.

لكن العدد الإجمالي للذين فرّوا من أوكرانيا أكبر من ذلك بكثير، إذا عبر حدود أوكرانيا أكثر من 7,3 مليون شخص ولم يعودوا إليها، حتى 7 يونيو.

وبحسب الأمم المتحدة، فان 90% من الأوكرانيين الذين فرّوا إلى الخارج هم نساء وأطفال كون الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما مجبرين على البقاء لأن قد يتم تجنيدهم لمحاربة القوات الروسية.

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 8 ملايين أوكرانيين قد نزحوا داخليا بسبب الحرب، وفقا لـ”فرانس برس”.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، غادر أكثر من 1,1 مليون شخص أوكرانيا إلى روسيا ونحو 17 ألف شخص إلى بيلاروس حليفة موسكو، منذ 24 فبراير، ولا توجد أرقام عن عدد العائدين إلى أوكرانيا من هذين البلدين.