داعش العراقي في سوريا.. مزيج متفجر

  • أين هي دار الأمن؟
  • رغم صفقاتهم مع الجماعات السورية، قادة داعش العراقيين ليسوا في مأمن
  • لماذا قرروا الإبقاء على هيكل القيادة والسيطرة في إدلب؟
  • القادة العراقيين غير مرحب بهم داخل سوريا
  • العراقيين اختاروا حماية أنفسهم وعوائلهم، ولا يهتمون بالتنظيم ولا بفرعه السوري
  • الخلاف بين الولايتين يزداد بعد تسريب السوريين لمواقع العراقيين

الصراع داخل داعش يترك قادة التنظيم بلا ملاذ آمن

في الـ18 من أبريل/ نيسان الجاري، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن قوات تابعة لها قتلت عبد الهادي محمود الحاج، أحد مسؤولي العمليات الخارجية في داعش والذي خطط لشن هجمات في الشرق الأوسط وأوروبا تشمل اختطاف مسؤولين أجانب، وبعد ساعات، قال منشقون عن التنظيم إن إبراهيم المعن (إبراهيم شيخ موسى)، الأمني العام لولاية الشام والنائب الأول لوالي الشام، قُتل خلال نفس العملية الأمريكية التي وقعت في قرية السويدة التابعة لناحية غندورة في ريف جرابلس التي تُسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري.

ومع أن البيان الأمريكي بجانب تصريحات خاصة حصلت عليها “أخبار الآن” من المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية الأمريكية اكتفت بالإشارة إلى مقتل عبد الهادي محمود الحاج، ولم تشر إلى أسماء القتيلين الآخرين الذين قتلا معه في الهجوم، إلا أن المعلومات المتوافرة حتى الآن تؤكد مقتل الأمني العام لداعش في سوريا إبراهيم المعن، والذي يظهر أن هويته الحقيقية لم تكن معروفة لدى القوات المُغيرة.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

وأكد البيان الصادر عن القيادة المركزية الأمريكية إلى جانب المعلومات التي كشفها منشقون عن داعش من بينهم قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي”، استمرار حالة النزيف القيادي التي يُعاني منها التنظيم خلال الفترة الأخيرة، والتي خسر خلالها ثُلة من كبار قادته بما في ذلك أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر أمير الإدارة العامة للولايات، أهم الهيئات التنفيذية لداعش حاليا، ونائبه إياد الجبوري/ خالد الجبوري وغيرهم.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

 

نفاق داعش

وتأتي الضربات الأخيرة ضد داعش لتفضح ليس فقط ضعف التنظيم ولكن نفاقه ومحاولاته المستمرة لخداع أنصاره، وكانت محاولة داعش للتستر على مقتل أبو سارة العراقي قصيرة الأمد لكنها كشفت طبيعة نفاق وسائل الإعلام وتنظيمهم، إذ يتسابقون مع تنظيم القاعدة في هذا المجال.

فعندما يموت زعيم مثل أبو سارة، يحاول داعش التستر عليه، ويسعون لخداع أتباعهم. فما هو العار الكبير الذي يحاولون إخفاءه؟ يجب أن يكون الأمر سيئًا لدرجة أنهم يشعرون بأنهم مضطرون للاستمرار في الكذب.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

نفاق داعش.. ما هو العار الكبير الذي يحاولون إخفاءه؟

على أن تلك الضربات التي تلقتها قيادة داعش العليا أثبتت عجز التنظيم وذراعه الأمني المعروف بـ”ديوان الأمن العام” عن حماية أمراء التنظيم وفشله في تأمين القيادات الأمنية البارزة كإبراهيم المعن، نائب والي الشام والأمني العام للولاية، كما ألمحت إلى وجود صراع واحتراب في القيادة العليا للتنظيم أدى إلى تشظي تلك القيادة وانقسامها، وانشغال الأمراء والقادة بالبحث عن ملاذ آمن يقيمون فيه.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

قادة داعش العراقيين ودار الأمن المفقود

وفي الحقيقة، فإن البحث عن دار الأمن أو الملاذ الآمن كان الشاغل الأساسي لقادة داعش منذ بدأ سقوط معاقل خلافته المكانية والمدن الكبرى التي سيطر عليها التنظيم خلال عام 2017، فخلال تلك الفترة بدأ كبار القادة ومن بينهم خليفة التنظيم، وقتها، أبو بكر البغدادي الانتقال من الجانب العراقي إلى الأراضي السورية.

ولجأ كبار قادة داعش إلى المناطق التي تُسيطر عليها الفصائل السورية المسلحة في شمال سوريا، وكانت المناطق التي تُسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا)، وجهة مفضلة للقادة والأمراء العراقيين الذين دفعوا آلاف الدولارات لأمني وكوادر الفصائل السورية من أجل الإيواء والحماية، حسبما تُبين وثائق مسربة من أرشيف داعش وتقارير أخرى نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” في وقت سابق.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

قادة داعش دفعوا أموالا للفصائل المسلحة في شمال سوريا من أجل الإيواء والحماية

وحتى الآن، لا تتوفر إحصائية دقيقة عن عدد قادة داعش العراقيين وغيرهم الذين انتقلوا إلى مناطق الشمال السوري وأبرموا صفقات مع الفصائل المسلحة من أجل الأمن والحماية، لكن تتبع عمليات استهداف كبار قادة التنظيم يُبين أن هذه البقعة الجغرافية صارت وجهة مفضلة لهم حتى مع استهداف وقتل أمراء وقادة بارزين في التنظيم.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قُتل أبو بكر البغدادي خليفة التنظيم (الأسبق)، في قرية باريشا بريف إدلب الشمالي، وفي فبراير/ شباط 2022، قتل الخليفة التالي لداعش أبو إبراهيم القرشي في أطمة بشمال سوريا على الحدود مع تركيا، وبين فبراير وأبريل 2023، قُتل عدد من أمراء داعش البارزين بما في ذلك أبو سارة العراقي أمير الإدارة العامة للولايات، ونائبه إياد الجبوري.

وفي أبريل من العام الجاري، قُتل الأمني العام لولاية الشام إبراهيم المعن، وأُلقي القبض على حذيفة اليماني، أحد ميسري ومنسقي عمليات داعش برفقة 2 من مساعديه في شمال سوريا، وبذلك خسر التنظيم مجموعة من أبرز القادة المسؤولين عن إدارة وتنسيق عملياته الخارجية والاتصال بين أفرعه المختلفة خلال فترة قصيرة، وصارت إدلب والشمال السوري دار الأمن المفقود وليس دار الأمن المنشود كما تمنى قادة التنظيم.

معضلة القيادة العراقية للتنظيم

بيد أن العمليات الأمريكية المستمرة ضد قيادة داعش العليا كشفت عن استمرار توافد كبار قادة داعش العراقيين- كأبي سارة العراقي وإياد الجبوري، وهو قيادي عراقي أيضًا- إلى شمال سوريا وتحديدًا إلى مناطق ريف إدلب التي صارت بمثابة أرض الشتات الجهادي التي تؤي قيادة داعش العليا ومنها يُدار التنظيم وأفرعه الخارجية.

وتلفت رحلة كبار قادة داعش وتنقلاتهم بين العراق وسوريا إلى واحدة من القضايا المثيرة للجدل داخل تنظيم داعش والتي تتعلق بالعلاقة بين القادة العراقيين والمعروفين أيضًا بالحجاجي وغيرهم من القادة الأجانب أو غير العراقيين في التنظيم، وهذه القضية ترجع بالأساس لمرحلة مبكرة من عمر التنظيم الذي عانى من خلافات وانقسامات بسبب تلك العلاقة.

وسبق لأبي عمر البغدادي، أمير تنظيم دولة العراق الإسلامية (النسخة الأسبق لداعش)، أن أشار إلى هذا الخلاف في كلمة صوتية له بعنوان “فأما الزبد فيذهب جفاءً”، بثتها مؤسسة الفرقان الداعشية في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2007، قائلًا إن هناك جهات عدة لعبت على إذكاء الخلافات بين العراقيين وغيرهم من الأجانب داخل التنظيم، وأن الفئة الأخيرة أصبحت تتهم بأنها سبب فقدان الحاضنة الشعبية بسبب أخطائها في القيادة وغيرها، حسب تعبيره.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

وظلت مسائل القومية والولاءات العشائرية وكذلك العلاقات الشخصية عاملًا حاسمًا في اختيار قادة وأمراء داعش من قبل القيادة العليا للتنظيم، وبناءً على هذا الأساس أصبح العراقيون هم المكون الحاكم للتنظيم، وصارت بأيديهم مقاليد الأمور التي تمكنوا بها من السيطرة على التنظيم، وهو ما جرى تبريره لأنصار داعش بأنهم المكون الأكثر والأسبق في التنظيم ولا يمكن أن يسبقهم غيرهم إلى قيادتها، بحسب ما يقول أبو الزبير الهلالي الفلوجي، المحسوب على قيادة التنظيم في كتابه “تغيير المناهج كذبة آل الجهم والخوارج”، والمنشور عبر مؤسسات التنظيم المناصرة في وقت سابق من العام الجاري.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

أبو الزبير الهلالي الفلوجي أحد قادة داعش يُبرر تولي العراقيين المناصب القيادية في التنظيم

وفي هذا الإطار، ظهر خلال أكثر من مناسبة أن القادة العراقيين لا يُحبذون تواجد نظرائهم من القادة السوريين والأجانب داخل الأراضي العراقية، إذ يرون أن قيادة التنظيم في العراق يجب أن تبقى عراقية بحتة، بجانب تغليب المكون العراقي على غيره في القيادة الإقليمية خارج العراق وإبقاءه متحكمًا في الأفرع والولايات الخارجية.

ونتيجةً لهذا النهج، أصبح هناك نوع من الازدواج القيادي داخل داعش لدرجة أنه صار عبارة عن تنظيمين لا تنظيم واحد، فهناك التنظيم العراقي المعروف بولاية العراق والذي يتولى الإشراف على مكتب بلاد الرافدين، وهناك التنظيم العام الذي يضم سوريا وباقي مناطق نشاط التنظيم والذي يُدار عبر مكتب الشام (الأرض المباركة) و6 مكاتب أخرى هي بمثابة قيادات إقليمية لداعش يتم إدارتها بالتنسيق مع الإدارة العامة للولايات.

انقسام هيكلي داخل التنظيم

ونتيجة هذا الازدواج القيادي والانقسام الهيكلي في التنظيم، نشأ نوع من التنافس غير المحموم بين القيادة الإقليمية لداعش في العراق (مكتب بلاد الرافدين) والأمراء المنتمين لها وعلى رأسهم والي العراق الحالي أبو خديجة العراقي، عبد الله مكي مصلح الرفيعي، والقيادة الإقليمية لداعش في سوريا وأمرائها.

وهذا التنافس كان موجودًا منذ ما قبل مقتل أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، أمير الإدارة العامة للولايات، الذي عُدّ الرجل الأقوى والأكثر نفوذًا في داعش، لكنه دخل طور جديد بعد مقتل “أبو سارة”، ونجاة عبد الله مكي الرفيعي من هجوم استهدفه في وادي حوارن بصحراء الأنبار العراقية، خلال فبراير/ شباط الماضي.

ووفقًا للمعلومات التي أمكن الحصول عليها عبر منشقين من التنظيم من بينهم القائمين على قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي”، بجانب تقارير فريق الدعم التحليلي الصادرة عن مجلس الأمن الدولي فإن الخلافات انصبت على إدارة الملفات المشتركة بين قيادتي داعش في العراق وسوريا.

وتُعطي تلك المعلومات صورة أفضل عن هيكلية وطريقة عمل داعش على عكس التصورات التقليدية التي تتعامل مع التنظيم باعتباره منظمة أو كيان واحد، وهو الأمر الذي تبين المعلومات المستقاة من مصادر مختلفة أنه غير دقيق، فالتنظيم في الحقيقة عبارة عن تنظيمين أحدهما عراقي والآخر يُسيطر عليه الفرع السوري لداعش وبه ترتبط الشبكة العالمية للتنظيم.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

وبحسب المعلومات فإن التنظيم العراقي يُدار من قبل اللجنة المفوضة ومن قبل مكتب بلاد الرافدين وكلاهما يتكون من القيادات العراقية، وهذا التنظيم يرفض أن يتحكم السوريون أو غيرهم من المقاتلين الأجانب في زمام الأمور داخل العراق، وهذا التنظيم يختص بالعمل داخل العراق وأُنيط به من قبل إدارة خلايا داعش في إيران، لكن هذه السلطة نُقلت، في وقت سابق، إلى الإدارة العامة للولايات.

وأصدرت قيادة التنظيم العراقي، في وقت سابق، قرارًا بنقل غالبية المقاتلين الأجانب إلى الجانب السوري ولم يتبق منهم سوى نسبة محدودة تندرج تحت القيادة العراقية ولا تتولى مناصب قيادية عليا ضمن هيكل التنظيم، وبذلك صارت الأراضي العراقية طاردة وغير مناسبة لإيواء قادة داعش، كما يتمتع التنظيم العراقي باستقلال شبه تام عن بقية الجسد التنظيمي المعروف لداعش.

وعلى الناحية الأخرى من الحدود، يتواجد التنظيم السوري ومكتب الشام (يُعرف أيضًا بمكتب الأرض المباركة) والذي يستضيف الإدارة العامة للولايات والمسؤولة عن متابعة الأفرع (الولايات) الخارجية والتنسيق معها، وهذا التنظيم تناوب على قيادته أمراء سوريين وعراقيين كفايز العقال (سوري)، أمير الإدارة العامة للولايات، ثم شقيقه ماهر العقال، وأخيرًا أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر.

الحرب الداخلية في داعش

ورغم وجود قادة عراقيين نافذين في قيادة الفرع السوري لداعش إلا أنه يُلاحظ وجود نوع من الحرب والتنافس الداخلي بين القيادتين العراقية والسورية، ويبدو أن المجموعة العراقية المتواجدة في بلاد الرافدين تحاول إحكام سيطرتها على مكتب وولاية الشام وجعله مجرد تابعًا لها دون أن تكون قيادة إقليمية على قدم المساواة مع الفرع العراقي.

ووفقًا للأعراف التنظيمية الداخلية فإن كل ولاية مسؤولة عن تسيير وإدارة شؤونها بصورة مستقلة، مع بقاء التنسيق المركزي بين الفرعين العراقي والسوري لداعش في الملفات الكبرى مثل عملية اختيار خليفة التنظيم، وإدارة ملف السجناء والأسرى، وإدارة ديوان الإعلام المركزي.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

ونتيجة تقاسم وتوزيع المهام بين ولايتي العراق والشام، حدث تنازع وخلاف بينهما حول ملف السجناء، واتسم هذا الخلاف بطابع عنيف، إذ أقدمت الخلايا الأمنية التابعة لكل ولاية على تنفيذ عمليات تصفية وقتل وحرق خيام بعض العناصر المنتمين للولايات الأخرى داخل المخيمات والسجون في سوريا، حسبما ذكرت قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” في وقت سابق.

وعلاوة على الاقتتال بين الخلايا الأمنية الداعشية، رفضت ولاية العراق (مكتب بلاد الرافدين) المشاركة بأي مقاتلين في الهجوم الذي استهدف سجن غويران بحي الصناعة في مدينة الحسكة السورية، أواخر يناير/ كانون الثاني 2022، مع أن الهجوم هدف لتحرير أكبر عدد من مقاتلي وعناصر التنظيم دون النظر لانتمائتهم الإدارية.

ولم يقتصر الخلاف بين الفرعين السوري والعراقي على ملف الأسر، بل إن الفرع السوري بدأ بمرور الوقت يُدرك ذاته كتنظيم منفصل عن نظيره العراقي، فأقدم، في مارس/ آذار 2022، على إعلان مقتل أبو إبراهيم القرشي/ حجي عبد الله قرداش خليفة داعش الأسبق، واختيار أبو الحسن الهاشمي بدلًا منه، دون الرجوع لقيادة الفرع العراقي، وهو ما أشعل نيران خلافات إضافية بين العراقيين والسوريين في التنظيم.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

عمليات اغتيال ممنهجة داخل مخيم الهول

ويبدو أن عملية اختيار خليفة داعش السابق أبو الحسن الهاشمي، والحالي أبو الحسين الحسيني القرشي تمت داخل قيادة الفرع السوري لداعش دون الرجوع للقيادة العراقية وعلى رأسها عبد الله مكي الرفيعي، مما يعني أن قادة الفرع السوري سعوا للتحكم في رأس القيادة العليا للتنظيم وتوجيه بصورة كاملة من سوريا.

لكن مخططات الفرع السوري تعرضت لصدمة إستراتيجية نتيجة مقتل عدد من كبار قادة داعش في سوريا، مما أضعف الفرع الأخير وسمح لقيادة الفرع العراقي وعلى رأسهم عبد الله مكي الرفيعي باستعادة جزء من نفوذهم الذي نازعهم فيه الفرع السوري.

وذكرت قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” أن عبد الله مكي الرفيعي المكنى بأبي خديجة العراقي زاد نفوذه في التنظيم، في الفترة الماضية، ونقلت إلى سلطته كتيبة “أنصار العفيفات” المسؤولة عن تنفيذ عمليات الاغتيال والحرق في مخيم الهول، والتي تُنفذ هجماتها بناءً على توجيهات مباشرة من القيادي الأول.

وبنظرة تحليلية إلى سياق الأحداث والخلافات داخل تنظيم داعش، يتضح أن هناك صراع بين قيادة الفرع العراقي وقيادة الفرع السوري، ويسعى كل منهما للتخلص من قادة الفرع الأخر ليضمن بقاء نفوذه وسلطته داخل داعش.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

ومن اللافت للنظر أيضًا أن عملية اغتيال قادة داعش الكبار ترتبط بانتقالهم من العراق إلى سوريا، وهو ما يوحي بأن القادة السوريين في داعش غير مرتاحين لوجود القادة العراقيين بينهم ويعملون على التخلص منهم، فعلى سبيل المثال جرى استدراج القيادي إياد الجبوري من العراق إلى شمال إدلب السورية بواسطة جهاز المخابرات الوطنية العراقي واغتياله في عملية مشتركة مع القيادة الأمريكية المركزية.

وبدورهم، أكد منشقون عن داعش من بينهم القائمين على قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” أن قادة داعش تبادلوا اتهامات بالعمالة والخيانة والجاسوسية والاستهتار بالأمنيات، خلال الفترة الأخيرة، كما اتهموا ديوان الأمن العام بالعجز عن حماية قادة التنظيم.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

قناة فضح عُباد البغدادي تتحدث عن تبادل قادة داعش الاتهامات في ما بينهم

الخلاصة

واستنادًا إلى ما سبق، يمكن القول إن تنظيم داعش الذي يروج لأتباعه أنه تنظيم موحد خلف قيادته العليا قد بات في الواقع تنظيمين منفصلين أحدهما التنظيم العراقي، والآخر السوري، واللذين تجمعهما علاقة غير مستقرة ومضطربة في الوقت الحالي.

ورغم أن كل تنظيم حُدد له نطاق عمل جغرافي ينشط فيه إلا أن القادة العراقيين لداعش واصلوا الانتقال من العراق إلى سوريا بحثًا عن دار الأمن المنشود لهم ولأسرهم، دون الاكتراث بتبعات ذلك على نظرائهم السوريين، وهو ما أدى إلى انعكاسات سلبية على التنظيم السوري الذي تلقى ضربات هو الآخر فقد فيه قادة بارزين به آخرهم إبراهيم المعن، الأمني العام والنائب الأول لوالي ولاية الشام.

دار الأمن المفقود.. حرب داخلية بين العراقيين والسوريين تطيح بقادة داعش

ويظهر من الأحداث الأخيرة أن الصدع والشقاق بين القيادتين السورية والعراقية لداعش يتزايد، مؤخرًا، فيما يتردد على نطاق واسع أن بعض القادة السوريين كان لهم دور في الوشاية بنظرائهم العراقيين للتخلص منهم في ظل التنافس غير المحموم على قيادة التنظيم الذي بات منقسمًا على ذاته في الوقت الحالي.