تونس تشهد نقصًا حاد في منتجات الألبان

  • قد يجف احتياطي الحليب الاستراتيجي للبلاد في غضون أيام
  • 500 ألف لتر من احتياطي الحليب لا يزال يتم ضخها في السوق يوميًا

تعاني تونس من أزمة حادة في الحليب، ضمن التأثيرات السلبية التي عصفت باقتصاد البلاد جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تلاه من زيادة التضخم وفاتورة السلع المستوردة.

مؤخرًا، أعلن رئيس نقابة الفلاحين التوانسة الميداني الضاوي أن المخزون الاستراتيجي لمادة الحليب في تونس تراجع إلى ما بين 8 و9 مليون لتر بعد أن كان في حدود الـ50 مليون لترًا.

أزمة متفاقمة

تعاني تونس من نقص حاد في منتجات الألبان، ويحذر المسؤولون من أنه إذا استمر الوضع، فقد يجف احتياطي الحليب الاستراتيجي للبلاد في غضون عشرات الأيام.

في أوائل نوفمبر، عقد الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري اجتماعا لمناقشة نقص الحليب، وأكد فيه الضوي تراجع الاحتياطي الاستراتيجي الوطني من الحليب من 50 مليون لتر إلى 13 مليون لتر وقتها.

أزمة الحليب في تونس.. هل يختفي من الأسواق؟ ولماذا تٌهّرب الماشية للجزائر؟

وأضاف أن 500 ألف لتر من احتياطي الحليب لا يزال يتم ضخها في السوق يوميًا.

وقال فوزي الزياني، عضو المجلس الوطني لنقابة الفلاحيين التونسيين، في بيان له، إن مخزون الحليب المتوفر لن يتجاوز شهر استهلاك في أحسن الأحوال.

وأضاف: “على التونسيين أن يراجعوا عاداتهم الاستهلاكية. فمن هو فوق سن 18 لا داعي لشرب الحليب”.

أزمة الأعلاف والماشية

قال محللون إن مزارعي الألبان التونسيين يجدون صعوبة في تغطية نفقاتهم في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف، والتي تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

وبسبب عدم تغيير سعر الحليب الذي تحدده الدولة (الجملة 1.1 دينار للتر، والتجزئة 1.35 دينار للتر)، اختار العديد من المزارعين بيع الماشية أو ذبحها.

وقال الضوي: “ارتفعت أسعار الأعلاف لتصل إلى 1.4 مليون دينار تونسي (435.600 دولار أمريكي) للطن فيما لم يتغير سعر الحليب منذ 2021”.

تهريب المواشي للجزائر

في غضون ذلك، يبيع عدد غير قليل من مزارعي الألبان التونسيين أبقارهم للجزائر، فمؤخرًا أفاد الموقع الإخباري الجزائري TSA أن الماشية التونسية يتم تهريبها بشكل متزايد إلى الجزائر.

وأفاد TSA: “في الجزائر، يمكن أن تبيع البقرة بسعر أكثر 15 مرة من بيعها في تونس، لذلك يهرع المهربون لشرائها بسعر منخفض ثم يهربونها من تونس”.

أزمة الحليب في تونس.. هل يختفي من الأسواق؟ ولماذا تهرب الماشية للجزائر؟

أزمات متزامنة

بصرف النظر عن الحليب، تشهد تونس انخفاضًا كبيرًا في المعروض في السوق من عدد من السلع الأساسية، مثل زيت الطهي والبيض والسكر والمياه المعبأة.

بالإضافة إلى نقص بعض المنتجات الغذائية، شهدت البلاد أيضًا نقصًا في الوقود خلال النصف الأول من شهر أكتوبر. وشوهدت طوابير طويلة في محطات الوقود في أنحاء العاصمة تونس، حتى أن الكثير من الناس يصطفون ليلا لإعادة تعبئة الوقود.

وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية التونسية بسبب الحرب الروسية، والتي ساهمت بشكل كبير في رفع أسعار المنتجات التي تستوردها تونس من أعلاف ومنتجات غذائية ووقود، مما تسبب في رفع أسعار السلع لمستويات قياسية.

في أكتوبر، ارتفع التضخم في تونس لمدة 13 شهرًا متتاليًا إلى 9.2%، وهو أعلى مستوى في ثلاثة عقود. وحذر الخبراء من أنه في ظل الوضع الحالي، فإن أي زيادة ستهدد معيشة الأسر ذات الدخل المنخفض.

حلول غير مجدية

لتحسين وضع الفلاح، طالب الضاوي بضرورة توفير هامش زيادة للفلاح يتراوح بين 500 مليم و700 مليم في اللتر الواحد من الحليب، مُحذرًا من “التوجه إلى التوريد”.

ورفض الضاوي قرار مركزيات الحليب بزيادة الحليب بسعر 200 مليم فقط، مشيرًا إلى أن الفلاحين يرفضون ذلك قطعيًا، معلقًا “لا ننتظر صدقة”.

وقال أنيس خارباخ، نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ، إن “الدولة تسعى لتجنب أزمة اجتماعية أعمق وتجنب أي مخاوف من خلال زيادة أسعار الحليب. لكنها تخاطر بانهيار في منظومة الألبان التي تساهم في الأمن الغذائي ويوفر آلاف الوظائف”.

وتعهدت وزارة الفلاحة التونسية بإيجاد حل لإنهاء الأزمة بأسرع وقت، بعد تفاقم أزمة انقطاع إنتاج الحليب بشكل كبير، وفقدانه من المحلات التجارية، مما أصبح ينبئ بأزمة حادة.

هل ينقذ صندوق النقد تونس؟

أعلن صندوق النقد الدولي يوم 15 أكتوبر أنه توصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع تونس لتقديم قرض بقيمة 1.9 مليار دولار أمريكي.

وبموجب القرض، يدعم صندوق النقد الدولي برنامج الإصلاح الاقتصادي في تونس، بما في ذلك خفض الدعم وخفض فاتورة الأجور العامة.

الاتفاق النهائي مرهون بموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي من المقرر أن يناقش طلب تونس في ديسمبر.

قال أيمن بصالح، زميل غير مقيم في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إنه حتى مع اتفاق صندوق النقد الدولي، سيظل الانتعاش الاقتصادي في تونس يتطلب إصلاحات عميقة وشاملة لتعزيز الاقتصاد دون التضحية بالأسر الضعيفة.