ميليشيات الحوثي تدعي الدفاع عن غزة وتقتل المدنيين في اليمن

لا شيء يضاهي في الحياة إحساس أن يعيش المرء وسط أهله في منزله آمناً مطمئناً، ولكن تُرى بماذا ستشعر عندما تأتي قوة غاشمة خارجية، تجبرك على ترك منزلك وذكرياتك والرحيل بعيداً، ولا تقوى على الرفض أو الاعتراض لأن نهايتك ستكون رصاصة في الرأس أو تفجير منزلك وتحويله إلى ركام يأخذ معه أحلامك أنت ومن معك، ولا يهم إن كانوا نساء أطفالاً شباباً أو حتى كهولاً، فالجميع سيُدفن هنا.

هذا بالضبط ما تفعله ميليشيات جماعة الحوثي بحق المدنيين العُزل في اليمن الذين يستفيقوا يومياً على فاجعة تفجير منازلهم وإزهاق أرواح فلذات أكبادهم. وخير دليل على ذلك ما حدث في أواخر مارس الماضي من تفجير عدد من المنازل في حارة “الحفرة” مدينة رداع بمحافظة اليمن وراح ضحية تلك الواقعة 12 مدنياً وإصابة 5 آخرين بينهم نساء وأطفال كانوا نائمين يومها في بيوتهم ولم يعلموا إنها ستنهار فجأة على رؤوسهم .

تدعي ميليشيا الحوثي الدفاع عن الفلسطينيين في غزة بينما ترتكب أبشع المجازر بحق المدنيين فى اليمن فمجزرة مدينة رداع كما يُطلق عليها والتي لاقت غضب شعبي ودولي حقوقي كبيرين، لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة، فسجل جرائم تلك الجماعة المسلحة مليء بمئات المجازر والانتهاكات الشبيهة منذ بداية الحرب في 2011 وحتى وقتنا هذا .

حُذيفة : ضاع شقى عمري والآن أبدأ من الصفر

وسط حطام منزله جلس حُذيفة صاحب الثلاثين عاماً، وابن منطقة الثعبات بمحافظة تعز يتحسر على الأموال التي جمعها بالكاد ليشيد هذا المنزل، ويهنأ به لمدة 3 سنوات فقط، قبل أن تقرر ميليشيات الحوثي أن تقضي على حلمه هذا وتقوم بتفجير منزله.

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

حُذيفة جمع أموال منزله بالكاد وميليشيا الحوثي فجرته في غمضة عين

“كانت حياتي هنيئة، أعيشها برفقة طفلي وزوجتي، في منزل بالإيجار بعدها قررنا شراء منزل تمليك ليجمع شمل عائلتي، وبالفعل بنينا هذا البيت الجديد، وقضينا فيه أسعد أوقاتنا، قبل أن يتحول إلى ركام ” بهذه الكلمات بدأ حذيفة حديثه لـــأخبار الآن سارداً تفاصيل ما حدث لبيته قائلا: كنا خارج المنزل عندما حدث التفجير وصلنا الخبر فأسرعت إلى الجبل لأرى بالمنظار ماذا حدث، وفعلا وجدت المنزل مُهدم كانت الواقعة أليمة جدا وصُدمنا كثيرا.

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

ضاع حلم عبد الله بتأسيس منزل يضم جميع أفراد أسرته بعد تفجيرات الحوثي

ويتابع: مستقبل العائلة دُمر بالكامل، و ضاعت تحويشة العمر، عشنا في المنزل أجمل ثلاث سنوات ، قبل أن يسيطر الحوثيون على المنطقة بأكملها ومنعونا من الدخول، ليس بيتنا وحده الذي تم تفجيره ولكن هناك قرابة الخمسين منزل في المنطقة،  جماعة الحوثي دمرت كل البيوت، اصبحت حياتنا مدمرة ورجعنا للصفر من جديد ، كنت أعيش بشكل طبيعي مع أولادي أذهب للعمل يومياً على الدراجة النارية ولكن أحوالنا تبدلت تماماً لسنا وحدنا ولكن جيراننا أيضا هم لا يلقون بالاً بحياتنا المذرية والوضع المأساوي الذي نعيشه وهذا كله بسبب المليشيات وحربها العشوائية على هذه المنطقة .

ويضيف : جرائم الحوثي في حارتي ومنطقتي كانت القنص ورمي القذائف ومحاصرة الحياة ، لا تستطيع أن تخرج أو أن تضيء منزلك ، القنص مستمر طوال الوقت والطرقات مقطوعة القتلى في كل مكان حتى الأطفال يقنصوهم ، عشنا في هذه المنطقة مأساة كبيرة فهذه المنطقة محاصرة ومدمرة تماماً منعوا عنا كل شيء وتعرضنا لكل جرائم الحرب على يد تلك الجماعة .

ميليشيا “الحوثي” ترتكب جرائم حرب 

سلوك يَرقى إلى مرتبة جرائم الحرب، هذا هو التوصيف الذي قدمه التقرير الحقوقي الصادر عن المركز الأمريكي للعدالة، في الفترة من مارس 2011 وحتى سبتمبر 2023 ، حيث تعرض خلال تلك الفترة  513 منزلاً من إجمالي المنازل التي جرى تفجيرها، لنهب جميع محتوياتها قبل تفجيرها من قبل جماعة الحوثي.

وأشار التقرير إلى أن 65 % من المهجرين نزحوا إلى مخيمات في محافظات مأرب وتعز والضالع وحجة أو إلى مساكن مهجورة وتسببت أعمال تفجير المنازل في إجهاض 25 إمرأة بسبب الخوف والاضطرار إلى الهروب فيما تعرض الأطفال لانتهاكات جسيمة أخرى.

هذا بخلاف سقوط 51 ضحية جراء تفجير 713 منزلاً تملكهم 1123 عائلة خلال سنوات الحرب في مختلف المحافظات اليمنية منهم 27 قتيلاً بينهم 11 طفلاً و 5 نساء بينما جُرح 24 آخرون ، بينهم تسعة أطفال وسبع نساء وبلغت نسبة المهجرين من ملاك هذه المنازل 89 % .

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

ووفقا للتقرير فإن أعمال تفجير المنازل شملت 15 محافظة يمنية ، تصدرتها محافظة البيضاء بــ118 منزلاً ، تليها محافظة تعز بـــ105 ، ثم الجوف بــ 76، وصعدة بـــ 73 ، وإب بــــ 62 وصنعاء بـــ57، ومأرب بـــ53 ، وذمار بـــ37 وحجة بـــ31، والضالع بـــ23، ولحج بــ22 ، وعمران بـــ21 ، والحديدة بـــ14 ، وشبوة بـــ6 منازل ، وأبين بـــ5 منازل . وجاء في التقرير ان أصحاب تلك المنازل تعرضوا لعدد من الانتهاكات التي طالت حقوقهم في السكن والأمن والسلامة والحق في الاستقرار والحق في الملكية والصحة الجسدية والنفسية دون أن يحصلوا على أي تعويضات من أي جهات حكومية أو دولية ، خصوصاً الضحايا الذين أصبحوا يعيشون في مخيمات النزوح .

ليس هذا فحسب بل رصد فريق الرصد الميداني ، 513 حالة لنهب المنازل وهو ما يمثل 71,64% من الحالات الإجمالية، بخلاف المبالغ الطائلة التي تم نهبها ، كما أن جزء كبير من الضحايا فقدوا وثائقهم الرسمية من مستندات أملاك للعقارات ووثائق شخصية وشهادات مدرسية وجامعية لدرجة أن الأهالي عانوا من صعوبات فى إلحاق أطفالهم بمدراس في المناطق التي نزحوا إليها قسراً فهناك 239 طفل من ضحايا التفجيرات لم يتسطيعوا مواصلة التعليم بسبب فقدات شهاداتهم التعليمية ونزوحهم القسري لمخيمات اللجوء .

عبد الله : منعونا من الخروج حتى لشراء الطعام

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

الميليشيا الإرهابية تفجر المنازل وتقتل المدنيين دون وجه حق

لم يختلف وضع عبد الله كثيرا عن حذيفة، فصاحب الثامنة والعشرين عاماً، كان شاهداً أيضا على انهيار منزله أمام عينيه وضياع حلمه بأن يعيش أمناً رفقة زوجته وأطفاله وبقية أفراد أسرته في منزل واحد ، ” كان لنا منزل نعيش فيه أنا وأخوتي كل منا له شقة خاصة به، وكانت حياتنا جيدة، حتى بدأت معاملة الحوثي الخبيثة معنا، نزح كثير من المواطنين من بيوتهم ومن كان يرفض كانوا يطلقوا عليه الرصاص ويضعوا القنابل بجوار منزله لإجباره على الخروج”، بهذه الكلمات بدأ عبد الله حديثه لــ“أخبار الآن” موضحاً الفرق بين الحياة التي كان يعيشها قبل انتهاكات الحوثي وبعدها .

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

عبد الله يتفقد أركان منزله المُحطم على يد جماعة الحوثي

ويتابع: منزلنا كان مكون من ثلاثة أدوار، نزحنا من المنطقة وسمعنا أن بيتنا تم تفجيره، رأيت بعيني غبار منزلنا المتفجر، تعب العمر كله راح، وأصبحت حياتنا الآن جحيم، أخواتي أستأجروا منازل وأصبح كل منا في مكان وعدت للعمل في مجال اللحام والألمونيوم لتوفير قوت يومي والإنفاق على أطفالي، جماعة الحوثي تركوا الناس تموت من الجوع وكانوا يمنعونا من الخروج حتى من المنزل لشراء الطعام. ويستكمل : ليس بيتنا الوحيد الذي تم تفجيره ، بل منازل الجيران أيضاً والمناطق المجاورة لنا، كانوا يضربوها ويفجروا البيوت، الناس ماتت أطفال ونساء، أعمالهم كلها إجرامية ومشروعهم القتل والدمار ، الحوثي جماعة خبيثة ودنيئة جدا جدا .

” التفجير المتكرر للمنازل بداية من الحرب وحتى وقتنا هذا ، هو سلوك فريد تنتهجه جماعة الحوثي دون غيرها ، فهذا هو أسلوبهم للرد على معارضيهم في الأماكن الواقعة تحت سيطرتهم ، فحادثة الرداع لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة” هكذا بدأ الحقوقي ماهر العبثي ، باحث اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان ، حديثه لــ“أخبار الآن” قائلا : الانتهاكات لا تكون فقط فى تفجير المنازل ، ولكن هو انتهاك مركب يشمل انتهاك الحق في حياة آمنة ، والحق في السكن ، فلم نسمع من قبل ولم يتضمن أى نص قانوني دولي فكرة تفجير منازل المعارضة فى فترات النزاع والحروب.

بأي ذنب قُتلوا؟ "الحوثي" تُفجر المنازل وتقتل أصحابها .. والضحايا : سلالة خبيثة

وتابع : هناك قرابة 727 منزل تم تفجيرهم بنهاية 2023 ، وهذا يدل على عمل ميليشيات الحوثي الممنهج فلم يحدث في تاريخ الحروب اليمنية أن يتم تفجير هذا العدد من المنازل، وبالنسبة لنا كجهة حقوقية تدافع عن حق ضحايا تفجير المنازل فى اليمن على يد الحوثيين ، نقوم برصد كافة الانتهاكات وإعداد تقارير بشأنها وإحالته للنائب العام بالإضافة لتقديم تلك الملفات للمحاكم المحلية والدولية أيضا من أجل محاسبة هؤلاء .