تستخدم إيران عقوبة الإعدام لنشر الخوف في كلّ أنحاء المجتمع الإيراني، وقد ازدادت وتيرة تلك الإعدامات في أعقاب الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني في سبتمبر العام 2022 أثناء احتجازها لدى الشرطة، وهي الحادثة التي هزّت السلطات.

ونشرت مؤخراً كلّ من منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (Iran Human Rights) ومقرّها النرويج ومنظمة معاً ضدّ عقوبة الإعدام (ECPM) ومقرها في باريس، التقرير المشترك الذي يفيد بإنّ إيران أعدمت 834 شخصاً على الأقل العام الماضي، وهو أعلى رقم سُجّل منذ العام 2015 مع تصاعد عقوبة الإعدام في الجمهورية الإيرانية. وقد وارتفع عدد عمليات الإعدام التي نفذتها إيران شنقاً في السنوات الأخيرة، بنحو 43 % العام 2022. وتلك هي المرة الثانية فقط خلال عقدين من الزمن التي يتمّ فيها تسجيل أكثر من 800 عملية إعدام خلال عام واحد، بعد 972 عملية إعدام العام 2015.

في حديث خاص مع أخبار الآن، شدّد مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود أميري مقدم (Mahmood Amiry Moghaddam)، على أنّ بثّ الخوف المجتمعي هو السبيل الوحيد أمام النظام للاحتفاظ بالسلطة، وعقوبة الإعدام هي أهم أدواته.

ووصف الرقم 834 بأنّه إجمالي مذهل قائلاً: “يُظهر تقريرنا أنّه في العام الماضي تمّ إعدام 834  شخصاً على الأقل، وتلك زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية. على سبيل المثال العام 2022، كان العدد 582، أي أنّ 250 شخصاً إضافياً تمّ إعدامهم مقارنةً بالعام السابق، وتمّ إعدام 500 شخص إضافي عن السنتين الماضيتين. تلك الزيادة الكبيرة في الأعداد لا نجدها في أيّ بلد آخر، ونحن نعتقد أنّ ذلك الإرتفاع الهائل في الأعداد سببه التظاهرات التي حصلت هنا في إيران، والتي طالبت بحرية النساء، وقد بدأنا نلاحظ ذلك الإرتفاع في الاعداد بعد بدء التظاهرات بعدة أسابيع، واستمر طوال السنة، ونحن نعلم أنّ السلطات الإيرانية لا تطبق عقوبة الإعدام على مَنْ يقوم بالجرائم، أو لردع المجرمين، بل إنّ هدفها الرئيسي هو بثّ الرعب في المجتمع لمنع الناس من التظاهر”.

الإعدامات في إيران إلى أعلى مستوياتها.. الشنق في العلن آداة ماضية بيد السلطة

مقدم: سلطات إيران تستغل الانشغال بحرب غزة لتمرير الإعدامات بوتيرة أعلى

وتابع: “رغم أنّ أكثر من نصف المتظاهرين اتُهموا بتهريب المخدّرات، لكنّ الهدف من تنفيذ أحكام الإعدام تلك كان  إخافة وترهيب المواطنين كي لا يشاركوا في المزيد من التظاهرات. لقد ارتفع العدد خلال التظاهرات وبعدها، وعندما أشاح المجتمع الدولي نظره عن إيران، مثلاً بعد بدء الحرب في غزة، لاحظنا ارتفاعاً أكبر في الأعداد. قبل الحرب على غزة كانت تُنفذ عمليتا إعدام في اليوم الواحد، أمّا بعد الحرب على غزة، فأصبحت تُنفذ 3 أو 4 عمليات إعدام في اليوم. إذاً النظام يستغل عدم اهتمام العالم لمضاعفة تلك الممارسات. من بين الذين تمّ إعدامهم 8 محتجين، 6 منهم كانوا في التظاهرة التي تطالب بحرية النساء، و2 من التظاهرة التي حصلت في السنة الماضية”.

وأضاف مقدم أنّ أفراد الأقليات العرقية، ولا سيّما البلوش السنّة من جنوب شرق إيران، يمثلون نسبة أعلى بكثير من الذين أعدموا بتهم تتعلق بالمخدّرات قائلاً: “أُعدم ما لا يقل عن 167 فرداً من أقلية البلوش، وهو ما يمثل 20 % من إجمالي عمليات الإعدام العام 2023، على الرغم من أنّ الأقلية لا تمثل سوى نحو 5 % من سكان إيران. كما تمّ إعدام 22 إمرأة وذلك أعلى رقم في السنوات الـ 10 الماضية، كما أنّهم أعدموا الناس في الأماكن العامة. إذاً هناك ارتفاع كبير في عدد عمليات الإعدام التي نُفذت مقارنة مع السنة الفائتة”.

مقدم: على الأمم المتحدة كسر الصمت

وأعرب مقدم عن قلقه من أنّ عدم وجود غضب دولي على عمليات الإعدام، خصوصاً مع تركيز الاهتمام على حرب غزة بين إسرائيل وحماس، لم يشجع إلّا الجمهورية الإيرانية على تنفيذ المزيد من عمليات الشنق، وقال: “عدم ردّ المجتمع الدولي على عمليات الإعدام في إيران أمرٌ مؤسف، ويرسل إشارة خاطئة إلى السلطات”.

وفي حديثه عبر “أخبار الآن“، طلب من مكتب الأمم المتحدة الخاص بمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC)، كسر الصمت وإيقاف تعاونهم مع السلطات الإيرانية، فقال إنّ “مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدّرات والجريمة الذي يتعاون مع إيران، هم لديهم مكتب في إيران، ويحاولون مكافحة عمليات التهريب، لكنّهم التزموا الصمت ولم يعلّقوا على ذلك الإرتفاع الكبير في الأعداد، وإحدى مطالبنا في ذلك التقرير هو الطلب من مكتب الأمم المتحدة الخاص بمكافحة المخدرات والجريمة،  كسر ذلك الصمت، وإيقاف تعاونهم مع السلطات الإيرانية”.

وقال مدير منظمة معاً ضدّ عقوبة الإعدام (ECPM) رافائيل شينويل هازان إنّ عدم رد الفعل من قبل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة يرسل “إشارة خاطئة إلى السلطات الإيرانية”.

ويتمّ تنفيذ معظم عمليات الشنق في إيران داخل حدود السجن، لكن التقرير قال إنّه في العام 2023، تضاعف عدد عمليات الشنق التي تمّ تنفيذها علناً في إيران 3 مرات مقارنة بالعام 2022، حيث تمّ شنق 7 أشخاص في أماكن عامة.

وقال التقرير إنّ ما لا يقل عن 22 إمرأة تمّ إعدامهن، وهو أعلى رقم سجل خلال العقد الماضي، وتمّ شنق 15 منهن بتهم القتل. وحذّرت المنظمات غير الحكومية منذ فترة طويلة من أنّ النساء اللواتي يقتلن شريكاً يسيء معاملتهن أو أحد أقاربهن يتعرّضن لخطر الإعدام شنقاً.

وفي العام 2023، أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن 15% فقط من عمليات الإعدام المسجلة، فيما أكّدت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان عمليات الإعدام الأخرى بمصادرها الخاصة.

شاهدوا أيضاً: نرجس محمدي تحتفل بجائزة نوبل للسلام خلف القضبان.. فكيف كانت ردّة فعل إيران؟