دكتور فيزياء عاطل عن العمل يصرح لأخبار الآن: كيف سأقنع ابني بأهمية الدراسة في تونس؟
يواصل حاملو شهادة الدكتوراه في تونس احتجاجهم على إقصائهم من سوق الشغل وإهمالهم لسنوات طويلة وفي هذا الإطار تنقلت أخبار الآن لمحل “ملاوي” (أكلة شعبية تونسية) يعمل فيه دكتور فيزياء أغلقت في وجهه أبواب العمل في الجامعات التونسية.
وقال دكتور الفيزياء، محمد علي الثامري: “الدكتور هو الشخص الذي أفنى عمره وصحته ليتحصل على شهادة الدكتوراه التي هي أعلى شهادة في العالم في الكرة الأرضية، هذه الشهادة بكل أهميتها ليس لها أي قيمة في تونس وأنا أكبر مثال على ذلك أحمل الشهادة وأبيع الملاوي”.
وتابع:”أنا شاب درس 12 سنة بعد البكالوريا وأنا الآن أشتغل في هذا المحل المتواضع لأنني مجبر ولم يكن أمامي أي خيار آخر رغم أن مكاني الأصلي هو الجامعة وأعلى المراتب في الدولة”.
الدكتوراه في تونس كأنها لعنة تحرم صاحبها من التقدم في حياته وتمثل عائقا أمامه وهذا يجعلني أتسائل ماهو ذنبي؟ هل ذنبي أنني تفوقت وقطفت ثمار تعبي ونجاحي وأصبحت دكتورا”.
وتسائل الدكتور الثامري: “كيف سأقنع ابني الصغير بأن الدراسة مهمة وأن عليه أن يتعلم ليحقق أحلامه وهو يرى أباه الدكتور يعاني ويحرم من حقه في العمل والعيش الكريم”.
كما حمل الثامري رئاسة الجمهورية المسؤولية في ما يمر به وأكد أنه لن يتخلى عن بلاده مهما حدث لذلك دعاه لتحسين ظروفه وانتدابه سريعا في الجامعة التونسية.
ليس محمد علي الدكتور الوحيد المقصى من العمل، أنيس صخيري هو الآخر رغم شهاداته العديدة وجد نفسه في آخر اهتمامات الدولة وقال لأخبار الآن: “درست في عديد الجامعات حول العالم: في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي إسبانيا وللأسف بالنسبة لتونس الشهادة الوطنية للدكتوراه ليس لها قيمة وهي غير مدرجة في السلم الوظيفي يعني الدولة التونسية لا توظف إلا من كان مستواهم أقل من الدكتوراه”.
وأضاف: “من المفروض التعليم العالي يكون هو المصعد الاجتماعي وهو الضمان لمستوى معيشي مرموق لكن في تونس حاليا كلما درست أكثر كلما قلت حظوظك في العمل ولذلك نحن مقصيون”.
وعن الأسباب قال منسق حراك الدكاترة: “الوزارات والمسؤولين الذين لديهم السلطة ليسوا مؤمنين بنا نحن الحل ولسنا المشكل، نحن طاقات مليئة بالمعرفة والقدرة على التغيير، نحن دكاترة في كل المجالات التي تنفع البلاد لكننا نتعرض للإهمال”.
وتابع: “نحن 4000 دكتور مقصي عن العمل وفي نفس الوقت من المؤسف لدينا 2600 أستاذ تعليم ابتدائي وثانوي يشغلون مناصب في مؤسسات البحث والتعليم العالي في تونس هذا إلى جانب الحرفيين والخبراء الذين يدرسون في الجامعات دون دكتوراه أو شهادة علمية”.
سهى بن محمود دكتورة في الكيمياء تواجه رغم شهادتها هي الأخرى ظروف عمل هشة إذ أكدت أن الدولة تعاقدت معها من أجل العمل لسنتين فقط تمنع بعدهم من التدريس في الجامعات التونسية العمومية وقد تساءلت الدكتورة عن مصيرها ومصير سنوات تعبها واجتهادها من أجل تحقيق حلمها في الحصول على الدكتوراه.
وعلى الجانب الآخر أكد النائب في مجلس النواب جهوده الحثيثة على إيصال صوت الدكاترة المعطلين عن العمل وقال لأخبار الآن:”من المؤكد أن الملف قد طرح خاصة وأن أعضاء بالبرلمان كانوا من بين الدكاترة المعتصمين في السابق هذا إلى جانب وجود بعض الأساتذة الجامعيين المتطلعين على ملف الدكاترة العاطلين عن العمل وهذا ما يجعل موضوعهم موضوع مطروح بقوة على مستوى مجلس النواب.”
كما أكد:”المقاربة لن تكون بسيطة لأن عدد العاطلين عن العمل كبير وفي نفس الوقت العديد منهم بصدد إعداد الدكتوره يعني هذا العدد سيتضاعف وحاليا توجد 1000 خطة هي مبرمجة على ثلاث سنوات.”
وشرح:”المقاربة يجب أن تكون من عديد النواحي والحلول عديدة ومن بينها هو مقترح قانون لتنقيح فصل الجامعة الخاصة وبالتنقيح يفرض إنتداب دكاترة وهذه نقطة مهمة جدا والتي تستطيع أن تستوعب جزء صغير من الدكاترة.”
وتابع:”يوجد مطلب آخر للدكاترة وهو تشغيلهم في مؤسسات أخرى وهذا من بين الأفكار التي يمكن درسها يجب في البداية إرساء النظام الأساسي خاصة المتعلق بنظام البحث وهذا ليس صعبا لأنه لدينا بعض الأمثلة مثلا الأنظمة الخاصة بمعهد باستور الذي هو تابع للصحة وأنظمة خاصة في الفلاحة وأعتقد أن هذا الاقتراح ممكن التطبيق أي نظام خاص بالباحثين حسب الوزارات.”
وعن أسباب هذه الأزمة أكد البرلماني أن الإشكالية انطلقت منذ أواخر التسعينات حيث لم يكن عدد حاملي شهادة الدكتوراه بالعدد الذي هو عليه اليوم لأن عدد الطلبة قليل مقارنة بالوقت الحالي لذلك لم يقع تجهيز سوق الشغل ليتلائم مع خريجي شهادة الدكتوراه.
ومنذ ثلاث سنوات، تستمر أزمة الدكاترة العاطلين من العمل، وترافقت مع عشرات الاحتجاجات أمام مقر الوزارة وفي ساحة مقر الحكومة بالقصبة، ومع اعتصام مفتوح نفذه عشرات منهم في يونيو/ حزيران 2020 في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وعجزت قوات الأمن عن تفكيكها حينها.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، كانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أعلنت عن فتح مناظرة لانتداب 1130 دكتوراً باحثاً في جميع المؤسسات الجامعية ومراكز البحث بعنوان سنة 2021، وذلك بترخيص من وزارة المالية، غير أنّ طابور العاطلين من العمل منهم لا يزال قائماً مع توافد دفعات جديدة على سوق العمل