السكان يعانون مع أزمة المحروقات في إدلب

تُلقي أزمة المحروقات والغلاء ظلالها على أهالي ريف إدلب بعد موجات النزوح الأخيرة التي عاشوها وتردي الأوضاع المعيشية التي باتت تثقل كاهلهم، ليبدأوا رحلة البحث عن بدائل في كل المجالات وأهمها المحروقات المستخدمة في المنازل كالغاز والكاز.

في هذه الأحوال كان لا بدَّ لهم من العودة إلى الماضي واقتباس الحلول ولو مؤقتا، حيث لجأ بعض الأهالي في أرياف إدلب إلى صناعة مواد بدائية بديلة عن الغاز المنزلي والمحروقات الأخرى، كحل مبدأي يمكنهم من خلاله توفير بعض المال كما يساعدهم في الطهي، إضافة إلى تخزينه حتى موسم الشتاء ليستخدم في التدفئة ويطلق على هذا البديل اسم “الجلّة” التي تُصنع من روث الحيوانات، وقد كانت تستخدم سابقًا في مواقد الطهي والتدفئة قديما.

"الجلّة" تعود إلى مواقد الطهي في أرياف إدلب

وتقول أم محمد لمراسل عيش الآن وهي مهجرة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم في بلدة كللي: “كانت والدتي وأهالي البلدة يعتمدون على الجلّة في مواقد الطهي والتدفئة كما يستخدمونها في التنور في أثناء صناعة الخبز بديلا عن الحطب وأغصان الأشجار، وكما كانوا يستخدمونها في التدفئة وهي عبارة عن روث الأغنام والأبقار يجففونه ويخزنوه إلى حين استخدامه.

وأضافت: “لا تحتاج الجلّة للكثير من الخبرة ليتم صناعتها وانتاجها فهي خليط من الماء وروث الأغنام والأبقار التي تجمع في أكوام ثم يتم تشكيلها في قوالب يدوية وتجفف لتصبح جاهزة للاستخدام”.

"الجلّة" تعود إلى مواقد الطهي في أرياف إدلب

كما تضيف أم أحمد إذ تقول: “المادة الأساسية في الجلّة هي روث الأغنام والأبقار التي نجمعها من الحظائر في أكوام ونقوم برشها بالماء ثم عجنها بواسطة الأقدام إلى أن تتجانس حيث تجتمع النساء حول الكومة وتقوم بتشكيلها بالأيدي على شكل كرات ويطلق على هذه العملية ” التطبيش” ثم توضع تحت أشعة الشمس حتى تجف حيث يتم استخدام بعضها على الفور، فيما تخزن الكميات الفائضة لموسم الشتاء ليتم استخدامها في التدفئة”.

"الجلّة" تعود إلى مواقد الطهي في أرياف إدلب

لم تكن صناعة الجلّة تستخدم كثيرا قبل سنوات إلى أنها عادة مجددا رغم عدم قبول كثير من الناس بهذا النوع من الوقود المستخدم في الطهي والتدفئة، لكن الحاجة دفعت الكثير من الأهالي للعودة إلى هذا الأمر، بسبب الغلاء المفرط في الأسعار وقلة الدخل الشهري الذي لا يمكن الأهالي من خلاله الحصول على أسطوانة غاز أساسية في الاستخدام المنزلي كما تضيف أم عبد الله:

“قبل سنوات شارف استخدام الجلّة على الانقراض، لكن مع سوء الأوضاع الحالية وتردي الوضع المعيشي عدنا لاستخدامها مجبرين فأسطوانة الغاز بات سعرها مرتفع جدا ونحن غير قادرين على شرائها بسبب قلّة الدخل الشهري الذي بالكاد يكفينا للشراء الخبز وبعض المواد الأساسية”.

"الجلّة" تعود إلى مواقد الطهي في أرياف إدلب

فيما تشير إلى أن الجلوس أمام المواقد متعب جدا وما يزيد الأمر سوء الدخان المنبعث نتيجة اشعال الجلّة والرائحة التي يصدرها”.

باتت اليوم الجلّة بديلا عن المحروقات يلجأ إليها للأهالي في كثير من قرى وبلدات ريف إدلب رغم عدم قبولها كمادة أساسية في مواقد طهي الطعام والتدفئة لكن الحاجة أجبرتهم على استخدامها.

"الجلّة" تعود إلى مواقد الطهي في أرياف إدلب